التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

دور قوة الطائرات بدون طيار في زيادة المنافسة الإقليمية لتركيا 

في السنوات الأخيرة، خطت تركيا خطوات كبيرة في تطوير القدرة على إنتاج طائرات بدون طيار عسكرية ومدنية، والذي تقوم به شرکة “بايكار” في الأساس.

في بداية حكمه، كان هدف أردوغان هو تحويل تركيا إلى قوة إقليمية. وفي هذا الإطار، عززت تركيا وجودها العسكري أينما وجدت مساحةً لنفسها نتيجة غياب الدول الأخرى. وتشمل هذه المناطق شمال سوريا والعراق وليبيا وناغورنو كاراباخ.

في الوقت نفسه، أدى الانخراط في العديد من الحروب الإقليمية إلى زيادة مجال عمل تركيا لاختبار هذه الأسلحة في ساحات المعركة، ورفع مستوى القدرات.

تدعي تركيا الآن أن الطلب على طائراتها العسكرية بدون طيار قد زاد بشكل كبير، بسبب القدرة التنافسية لطائراتها المسيرة مع منتجات مماثلة من دول أخرى. وهناك دول مثل بولندا وأوكرانيا وقطر وتونس، إلى جانب جمهورية أذربيجان، من بين المتقدمين لشراء هذه الطائرات الحربية بدون طيار.

ومع ذلك، بالإضافة إلى تحقيق إيرادات اقتصادية وعرض قوة أردوغان المحلية في إظهار انخفاض الاعتماد العسكري على الغرب، فإن أداء تركيا في بيع الطائرات بدون طيار العسكرية لدول مختلفة، يستخدم أيضًا للتأثير على التنافس الجيوسياسي لأنقرة مع المنافسين.

وبعبارة أخرى، أدى بيع الطائرات العسكرية التركية بدون طيار إلى حساسية أو تصعيد التوترات مع خصومها الإقليميين. على سبيل المثال، بينما كانت تركيا وروسيا لاعبين متنافسين في الحروب في سوريا وليبيا في السنوات الأخيرة، أدى تحرك أنقرة لبيع طائرات عسكرية بدون طيار إلى أوكرانيا إلى تفاقم الخلافات مع موسكو.

إن هجوم مجموعة من الانفصاليين على عربة مدرعة في “دونباس” شرق أوكرانيا بإطلاق صاروخ من مركبة جوية بدون طيار تركية الصنع، يدل على حقيقة أن الجيش الأوكراني بات يستخدم معدات جديدة للحفاظ على التوازن.

وبعد ذلك، المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الذي أعرب قبل بضعة أشهر عن قلقه بشأن بيع طائرات تركية بدون طيار لأوكرانيا بعد اجتماع بين أردوغان والرئيس الأوكراني زيلينسكي، قال يوم الخميس الماضي إن “الأحداث الجديدة في دونباس تثبت شرعية مخاوفنا. قلنا من قبل إننا قلقون من هذا الأمر. لدينا علاقات جيدة وخاصة مع تركيا. لكن لا شك في أن استخدام الجيش الأوكراني للطائرات المسيرة التركية سيكون له عواقب سلبية.”

وبالإضافة إلى قضية أوكرانيا، يمكن أن نذكر زيارة أردوغان الدورية لإفريقيا الأسبوع الماضي، والتي ترافقت مع إبرام عقود بيع أسلحة، وخاصةً الطائرات العسكرية بدون طيار، إلى دول أفريقية.

قبل رحلته من اسطنبول إلى أنغولا، قال أردوغان للصحفيين إن تركيا تسير على الطريق الصحيح لتصبح الشريك التجاري الأول لأفريقيا. وهذا يعني أن تركيا في طريقها إلى مزيد من الانخراط في صراعات وأزمات أخرى في إفريقيا، في منافسة مع قوى دولية وإقليمية أخرى.

وفي خلفية هذه الرحلة الدورية، كانت مسألة بيع الطائرة بدون طيار التركية Bayraktar TB2 إلى المغرب وإثيوبيا مهمةً للغاية. وبحسب ما ورد، فقد اشترى المغرب 13 طائرة بدون طيار من طراز TB-2 للاستلام في أبريل، وعدد غير محدد من منصات الإطلاق.

ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام المحلية، قام المغرب بعمليات الشراء هذه كجزء من عقد بقيمة 70 مليون دولار مع شركة بيرقدار، الشركة المصنعة للطائرات بدون طيار التي يرأسها صهر أردوغان.

وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول، ذكرت وكالة رويترز أن إثيوبيا حصلت أيضًا على عدد غير محدد من الطائرات التركية بدون طيار، على الرغم من أن المسؤولين الأتراك أو الإثيوبيين لم يؤيدوا علنًا إبرام هذه الصفقة.

بالنسبة لتركيا، بعد إبرام العقود مع حلفاء مثل أوكرانيا وقطر وأذربيجان، سيكون هذا البيع نقطةً أخرى في سلسلة التصدير الناجحة للطائرات بدون طيار لهذا البلد.

ومع ذلك، في حال إتمام هذه الاتفاقية، ستتعرض تركيا لمنافسات إقليمية مكثفة في شمال وشرق إفريقيا، بسبب المخاوف المتزايدة بشأن استخدامها في صراعات مثل الحرب في إقليم تيغراي، والتي تشهد وجود جهات فاعلة مثل إثيوبيا والمغرب ودور الإمارات في المنطقة. حيث تعتمد إثيوبيا على القوة الجوية لمهاجمة المتمردين في هذه المنطقة.

من ناحية أخرى، لا ينبغي أن ننسى أن إثيوبيا لديها أيضًا خلافات خطيرة في الخلاف حول سد النهضة مع مصر والسودان، وسوف يرى المصريون بلا شك تحرك تركيا لبيع أسلحة عسكرية لإثيوبيا كخطوة نحو الإضرار بمصالحهم، وهو ما قد يؤدي إلى تقويض عملية خفض التصعيد غير المتزايدة بين تركيا ومصر.

من غير الواضح كيف يمكن لاتفاق الطائرات بدون طيار التركية مع إثيوبيا أن يغير الجهود لاستعادة العلاقات مع مصر. وکان أردوغان قد عرض التوسط في النزاع بين الطرفين حول بناء سد النهضة على النيل، بعد وقت قصير من زيارة وفد إثيوبي لأنقرة في الصيف. وقد حدث هذا بعد أن اتجهت التحركات الدبلوماسية ببطء نحو تطبيع العلاقات بين الأتراك والمصريين.

وهکذا، يُعتقد أن المغرب أصبح قاعدةً رئيسيةً للطائرات بدون طيار في شمال إفريقيا، مع الدور التركي. لا تزال تستخدم الرباط المنصات المصنوعة في الولايات المتحدة والصين والکيان الإسرائيلي، لكن يُعتقد أن منصات المراقبة هذه غير مسلحة.

ومع ذلك، بعد غارة جوية غامضة في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها في 8 أبريل، تصاعدت التكهنات بأن المغرب ربما يكون لديه طائرات مسيرة مسلحة.

على مدى عقود، واجه المغرب مجموعةً انفصاليةً على جبهة البوليساريو تسعى لاستقلال الصحراء الغربية عن الرباط. وبعد عقود من الهدوء، أعلنت جبهة البوليساريو في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 أنها ستستأنف الأعمال العدائية ضد قوات الأمن المغربية.

وعلى الرغم من أن تركيا دعت رسميًا إلى حل دبلوماسي لكلا الصراعين، ولکن يبدو أن بيع الطائرة بدون طيار هو جزء من المحاولات لاستعادة درجة معينة من النفوذ الإقليمي.

على عكس أجزاء أخرى من إفريقيا، حيث تدور مصالح تركيا حول المكاسب التجارية والقوة الناعمة، فإن تدخل تركيا في شمال وشرق القارة جزء من التنافس الجيوسياسي، والذي تلعب فيه القوة الصلبة دورًا أكثر أهميةً.

تتنافس تركيا على النفوذ ضد منافسين مثل الإمارات العربية المتحدة وروسيا وفرنسا، وتبحث عن شركاء محتملين. وكان لأردوغان في السابق علاقات جيدة مع الحكومتين الإسلاميتين السابقتين في مصر والسودان، لكن كلتاهما شهدتا انقلاباً بدعم من خصوم ترکيا.

ومنذ ذلك الحين، استخدم أردوغان القوة التركية من خلال التدخل العسكري في ليبيا لإنقاذ حكومة الوفاق الوطني كحليف لها في ذلك الوقت، وللحفاظ على القاعدة العسكرية في الصومال.

وعلى الرغم من أن أنقرة تسعى إلى تقليل المنافسة مع مصر وحلفائها في الخليج الفارسي، إلا أن هناك مؤشرات على أن بيع طائرات تركية بدون طيار قد يسبب مشاكل لبعض هذه المبادرات.

بالنسبة إلی المغرب، كانت لتركيا علاقات أكثر قتامةً مع هذه المملكة مقارنةً بعلاقاتها الأقوى نسبيًا مع جارة الرباط الجزائر. منذ حصولهما على الاستقلال في الستينيات من القرن الماضي، كان البلدان، المغرب والجزائر، على خلاف حول نزاعات حول الصحراء الغربية ومزاعم بالتدخل في شؤون بعضهما البعض.

وفي الآونة الأخيرة، مع قطع الجزائر للعلاقات الدبلوماسية مع المغرب في أغسطس، عادت هذه التوترات إلى الظهور. وبعد ذلك بوقت قصير، أغلقت الجزائر مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية، وأعلنت أنها ستتوقف عن توريد الغاز الطبيعي إلى المغرب من خلال خط الأنابيب المغاربي-الأوروبي بدءًا من أول نوفمبر 2021.

بالنسبة لتركيا، تعتبر الجزائر شريكًا مهمًا بفضل موقعها باعتبارها رابع أكبر مورد للطاقة وحليف دبلوماسي لأنقرة في ليبيا. وبينما قللت وسائل الإعلام الحكومية من تأثير مبيعات الطائرات بدون طيار للمغرب على العلاقات مع الجزائر، تم تسليط الضوء في الجزائر على موقف تركيا الغامض بشأن الصحراء الغربية.

مع احتمال حدوث مزيد من الاشتباكات بين جبهة البوليساريو والمغرب، فإن أي دور للطائرات التركية بدون طيار في الأعمال العدائية، يمكن أن يخلق مشاكل للعلاقات مع الجزائر.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق