التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

فرنسا تواصل محاربة الحجاب… هل النساء المحجبات تهديد لفرنسا حقاً 

– في الأشهر الأخيرة، شن السياسيون ووسائل الإعلام الفرنسية هجمات واسعة النطاق على “مريم بوجيتو”، الرئيسة المنتخبة للاتحاد الوطني للطلاب في جامعة السوربون في عام 2018، بل واتهموها بالنزعة الانفصالية.

بدأت الهجمات على مريم بوجيتو بعد أن ظهرت على التلفزيون الفرنسي مرتديةً الحجاب. حتى أن البعض وصف مريم بأنها “غير أنثى” بسبب الفستان “الحشيم” الذي كانت ترتديه، ووصف اختيارها هذا بأنه إهانة للجامعات.

معارضة مريم بوجيتو لم تنته عند هذا الحد. بحيث أنه بعد عامين من الحادث، رفض أعضاء اللجنة البرلمانية الفرنسية للتحقيق في تداعيات فيروس كورونا حضور جلسة استماع لممثلي الشباب، بسبب حضور مريم. حتى أن وزير الداخلية الفرنسي “جيرار كولومب” وصف مريم بوجيتو بالانفصالية.

مكافحة الحجاب لها تاريخ طويل في أوروبا. وفي هذا الصدد، اضطر مجلس أوروبا مؤخرًا إلى إزالة إعلاناته على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تشجع على احترام حق المرأة المسلمة في ارتداء الحجاب.

وتأتي هذه الخطوة التي اتخذها مجلس أوروبا في أعقاب احتجاج فرنسا، وتعدّ واحدة من أحدث خطوات ضغط أوروبا على النساء المسلمات المحجبات.

وفي 15 يوليو/تموز، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومقرها لوكسمبورج، حكماً يمنع ارتداء الحجاب الإسلامي في مكان العمل، مؤکداً أن هذا القرار لا يشكل أي تمييز ضد الأقلية المسلمة في أوروبا، بل على العكس يساعد على منع الصراعات الاجتماعية.

وجاء القرار رداً على شكوى قدمتها امرأتان مسلمتان تعيشان في ألمانيا. کانت إحداهما تعمل كممرضة في دار لرعاية المسنين والأخرى موظفة في صيدلية، وقد طلب أرباب العمل منهما خلع حجابهما.

وزعمت محكمة العدل الأوروبية أن أرباب عمل المرأتين أثبتوا أن قرار نزع حجاب الموظفتين كان ضروريًا، لخلق حياد ديني في مكان العمل لجميع الموظفين.

كان هذا الحكم خطوةً جديدةً في الضغط على المسلمات المحجبات، ويأتي ذلك بعد عدة خطوات اتخذتها دول مثل فرنسا وألمانيا وبلجيكا والدنمارك وبلغاريا ضد المسلمات في منعهن من ارتداء الحجاب.

والجدير بالذکر أن النساء المسلمات في هذه البلدان يواجهن مشاكل تتعلق بالحق في التعليم والعمل والرياضة.

المسلمون رواد إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية

ترك الأوروبيون معظم مستعمراتهم في منتصف القرن العشرين، وعادوا إلى أراضيهم بهزائم عسكرية واقتصادية ثقيلة.

خاصةً بعد الحرب العالمية الثانية، عندما دمرت الحرب قارة أوروبا وقتل فيها الملايين من سكانها، لذلك كانت هذه الدول تبحث عن عمالة لإعادة بناء القارة العجوز.

عندها ذهب آلاف الأشخاص من الدول العربية والإسلامية إلى الدول الأوروبية بحثًا عن مستقبل أفضل، واستجابوا لاحتياجاتها العمالية.

لکن هذه الجماعات العربية والإسلامية لم تأت إلى الدول الأوروبية وحدها، بل جلبت معها أيضًا عاداتها ومعتقداتها الدينية، وكان من أكثر الأشياء التي جلبوها معهم الحجاب الذي ترتديه النساء المسلمات.

وبعد ذلك امتدت مواجهة الغرب للحجاب الإسلامي إلى حدود الاتحاد الأوروبي، وشهدت شوارع أوروبا وجود النساء المحجبات. والغربيون، الذين حاربوا الحجاب في البلدان الإسلامية لسنوات، باتوا يشهدون الآن أن حجاب النساء المسلمات أصبح تحديًا كبيرًا للثقافة الأوروبية.

فرنسا العدو الأول للحجاب في أوروبا

كانت فرنسا منذ البداية العدو الأول للحجاب في أوروبا.

لطالما كان الفرنسيون فخورين بقوانينهم التي يرونها امتدادًا طبيعيًا للثورة الفرنسية، ليصبح هذا البلد أرضًا للحرية والمساواة. لكن القوانين التي يقدسها الفرنسيون أصبحت، من ناحية أخرى، وسيلةً للتمييز وإهانة الآخرين.

في عام 2003، اعتبرت الحكومة الفرنسية أن الخلافات حول الحجاب هي السبب وراء تمرير قانون يحظر استخدام الرموز الدينية(مثل الحجاب) في المدارس والأماكن العامة في البلاد، بينما تم تسجيل 1200 منازعة بسبب الحجاب حتى العام الماضي، 24 منها فقط أدت إلى التدخل القضائي.

قيود القانون الفرنسي علی النساء المحجبات

وصفت الحكومة الفرنسية حملتها على الإسلام بأنها محاولة لتحرير المرأة المسلمة، لكن هذه التصرفات من قبل المسؤولين الفرنسيين حرمت المرأة المسلمة من حقوقها في التعليم والعمل والأنشطة الرياضية ومرافقة الأطفال في المخيمات.

وفي هذا الصدد، كتب الباحث الفرنسي إيمانويل تيراي في دراسة بعنوان “الحجاب: الهستيريا السياسية”: “هناك قدر كبير من الحساسية تجاه ارتداء النساء للحجاب لأنهن وحدهن عرضة للسياسات العلمانية للحكومة الفرنسية. لكن المسؤولين الفرنسيين لا يتعاملون مع الراهبات الكاثوليك أو اليهود بنفس الحساسية”.

إستخدام المرأة کسلعة في الأفلام والإعلانات الإباحية ليس مهماً بالنسبة للأوروبيين

بينما يعتقد الأوروبيون أنهم يسعون للدفاع عن المرأة من خلال محاربة الحجاب، إلا أنهم لا يفعلون شيئاً تجاه الاتجار الحقيقي بالنساء مثل الدعارة، أو إستخدام المرأة کسلعة في الأفلام والإعلانات الإباحية.

ينتظر العديد من المهاجرين إلى الدول الأوروبية سنوات للحصول على الإقامة في هذه البلدان، حتى يتمكّنوا أخيرًا من التنقل والسفر والتخلص من السياسات الداخلية لهذه البلدان، والتي تؤدي أحيانًا إلى ترحيل المهاجرين، ولكن إذا کانت النساء المهاجرات محجبات، فسوف يواجهن العديد من التحديات.

کما يزعم مكتب الجنسية الفرنسية أن الحجاب يشكل عقبةً رئيسيةً أمام اندماج المسلمات في المجتمع الفرنسي، وأن الحجاب يتعارض مع قيم الجمهورية الفرنسية. ولهذا السبب، تواجه المسلمات اللواتي يتقدمن للحصول على الجنسية الفرنسية العديد من المشاكل والتحديات في هذا الصدد.

شروط صارمة لحصول المرأة المحجبة على الجنسية الأوروبية

بحسب دراسة أجريت بهذا الشأن، اتضح أن مكتب الجنسية الفرنسية يخلق ظروفًا صعبةً في مجال التحقيق والاستجواب مع المسلمات.

بمجرد دخول النساء المسلمات إلى هذا المكتب، يُطلب منهن تقليص ملابسهن وخلع الحجاب. إذا تمت الموافقة على هذا الطلب، فستكون هذه نقطةً إيجابيةً لهؤلاء النساء، ولكن في حال معارضة هذا الطلب، سيتم تسجيل درجة سلبية في ملفهن.

لكن لا ينتهي الأمر عند هذا الحد. إذا وافقت المرأة المسلمة على طلبهم بخلع الحجاب، فسيُطلب من الموظفين الذكور في المكتب حضور الاجتماع لقياس رد فعل المرأة المسلمة. وأي رد فعل سلبي للمرأة المسلمة، يتم تسجيله على أنه درجة من عدم الرغبة في الاندماج في نمط الحياة الفرنسي.

ويری وزير التعليم الفرنسي “جان ميشيل بلانكير” أن الحجاب الإسلامي غير مرحب به في المجتمع الفرنسي.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق