تنافس الأكراد على رئاسة قصر السلام… الأرضيات والخيارات الرئيسية والآفاق المقبلة
إلى جانب أزمة ما بعد الانتخابات في وسط وجنوب العراق، أصبح المشهد السياسي لإقليم كردستان ساحة مواجهة ومبارزة للتيارات الرئيسية، بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021.
وعلى الرغم من أنه في شمال العراق، على عكس الجنوب، هناك تأييد لصحة التصويت والانتخابات، إلا أننا نرى الآن أن الأحزاب السياسية التي فازت في الانتخابات تواجه خلافات جدية حول تقسيم المناصب والسلطات في بغداد، وخاصةً حول موضوع ترشيح رئيس جديد.
لا يزال حزب الاتحاد الوطني يعتبر الرئاسة نصيبه الشرعي في السلطة، لكن الحزب الديمقراطي، مع تأكيده على فوزه بأكبر عدد من المقاعد بين الأكراد، يرى أنه ينبغي أن يتقلد السلطة في قصر السلام.
وفي مثل هذا الوضع، فإن السؤال المطروح الآن هو، ما هي أسباب التوتر بين الحزبين فيما يتعلق بموضوع الرئاسة؟ وما هي الشخصيات السياسية التي من المحتمل أن تتنافس على هذا المنصب في بغداد؟
مجالات الخلاف بين الحزب الديمقراطي وحزب الاتحاد الوطني على رئاسة الجمهورية
تأتي هذه التوترات بشأن تولي کرسي الرئاسة في بغداد بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، في الوقت الذي فاز فيه الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، بقيادة مسعود بارزاني، بـ 33 مقعدًا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتحالف الكردي المعروف بـ “التحالف الكردستاني” (نتيجة تحالف الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير(جوران) حصل على 16 مقعداً، وحزب “حراك الجيل الجديد” الكردي بزعامة “شاسوار عبد الواحد” على 9 مقاعد نيابية.
في غضون ذلك، كما في الانتخابات البرلمانية العراقية السابقة في 2018، واجه الحزبان، الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني والحزب الديمقراطي لكردستان العراق بزعامة مسعود بارزاني، تحديات وخلافات.
فمن جهة، يرى حزب الاتحاد أن رئاسة قصر السلام هي النصيب التقليدي للحزب في تقسيم السلطة في الإقليم، ويجب أن يشغل هذا المنصب تحت أي ظرف من الظروف.
ومن جهة أخرى، خلافاً لمواقف حزب الاتحاد الوطني، يرى الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي أن قاعدة تقسيم السلطة على أساس رئاسة الإقليم للحزب ورئاسة الجمهورية في بغداد للاتحاد، هو نتيجة لاتفاق استراتيجي بين زعيمين كرديين يتمتعان بشخصية كاريزمية، هما جلال طالباني ومسعود بارزاني، وبعد وفاة جلال طالباني انتهت صلاحيته.
ومن وجهة نظرهم، ونظراً للتغييرات في معادلات القوة وموقع كل حزب في الانتخابات النيابية العراقية، لم يعد بإمكان السياسة الاستمرار على أساس معادلة خمسين- خمسين.
ويشير قادة الحزب إلى أنه لم تتمكن جميع الأحزاب الكردية في إقليم كردستان من الفوز بإجمالي 33 مقعدًا، لذا فمن حقهم غير القابل للتصرف أن يتقلدوا المنصب الأهم المخصص للأكراد.
ويری الحزب الديمقراطي أنه بعد وفاة جلال طالباني عام 2017 لم يعد هناك أساس للتحرك في نفس الاتجاه، وفي عام 2018 کان ينبغي انتخاب مرشحهم فؤاد حسين رئيساً للجمهورية.
ولذلك، يسعى هذا الحزب الآن بإصرار إلى تغيير هذا التقليد وإقامة قاعدة جديدة في بغداد، نتيجة تعاونه مع التيارات الرئيسية التي فازت في الانتخابات، والتي بموجبها سيتولى مرشح هذا الحزب رئاسة قصر السلام.
إصطفاف برهم صالح ونشيرفان بارزاني للتنافس علی رئاسة قصر السلام
في الأسابيع الأخيرة، وعقب إعلان النتائج الأولية لانتخابات 10 أكتوبر، تحدث أعضاء رفيعو المستوى في الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني بتصريحات مختلفة حول مستقبل رئاسة الجمهورية.
أعضاء الحزب الديمقراطي يتحدثون باستمرار عن تغيير المعادلة وتعيين أحد المنتسبين للحزب، ويتحدث أعضاء حزب الاتحاد الوطني عن إعادة تعيين رئيس العراق الحالي برهم أحمد صالح رئيساً لقصر سلام.
في غضون ذلك، من بين القضايا التي أثيرت، هي أن الحزب الديمقراطي اقترح أن يتولی حزب الاتحاد الوطني رئاسة محافظة كركوك بدلاً من رئاسة قصر السلام، لكن هذه القضية عارضها قادة حزب الاتحاد الوطني.
في الواقع، يعتقد هذا قادة الحزب أن سقوط محافظة كركوك في أيدي الحزب الديمقراطي سيزيد من نفوذ الحزب بين الأكراد، وسيوجِّه ضربةً كبيرةً للأصوات الانتخابية للحزب على المدى الطويل.
ومع ذلك، هناك الآن خياران جادان بين الأكراد لتولي منصب رئاسة الجمهورية. على عكس الفترة السابقة في 2018، عندما رشح الحزب الديمقراطي أحد قياداته من الدرجة الثانية لرئاسة قصر السلام، في الوضع الحالي، يبدو أنه ينوي ترشيح نيجيرفان بارزاني، الزعيم الثاني للحزب، إلى مجلس النواب العراقي.
من وجهة نظر الحزب، يتمتع نيجيرفان بشعبية خاصة بين المواطنين والأحزاب العراقية، وبعد نجاحه في إدارة شؤون إقليم كردستان يمكن قبوله في بغداد أيضًا.
الآفاق المقبلة
وهکذا، في المستقبل القريب، يمكننا أن نشهد تنافساً يحبس الأنفاس بين أحمد صالح ونيجيرفان بارزاني، وهما تكنوقراطان كرديان بارزان.
وبالنظر إلى عدد المقاعد، فضلاً عن التحالف المحتمل للحزب الديمقراطي مع مقتدى الصدر ومحمد الحلبوسي، يبدو من المرجح أن لدى نيجيرفان فرصة كبيرة لكسر القاعدة التقليدية لتقاسم السلطة بين أكراد العراق.
ومع ذلك، فإن الاتحاد الوطني الكردستاني لديه أيضًا القدرة على تغيير المعادلات، ويمكنه تغيير المعادلات لصالحه في الأشهر القليلة المقبلة. بل إن هناك احتماليةً أن تؤدي التسوية بشأن محافظة كركوك إلى تغيير المعادلة في بغداد، وإعادة انتخاب برهم صالح رئيساً لقصر السلام.
المصدر / الوقت