آخر أمل كاذب لواشنطن في الحفاظ على وجود عسكري في العراق
في الجولة الأخيرة من المحادثات الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن في 26 تموز / يوليو 2021، اتفق الجانبان على انسحاب القوات الأميركية من العراق بنهاية العام الجاري (2021). وقالت دانا سترول مساعدة وزير الدفاع في حوار مع الجزيرة مؤخرا إن الحكومة العراقية طلبت من القوات الأمريكية البقاء في العراق.
يأتي هذا البيان في وقت أثار فيه الرأي العام العراقي والتيارات السياسية من مختلف طوائفه وألوانه، في السنوات القليلة الماضية، ضرورة انسحاب قوات الاحتلال الأجنبية، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول أخرى، كمطلب وطني. وهكذا، فإن تصريحات أحد قادة القوات الإرهابية الأمريكية في المنطقة حول طلب بغداد بإبقائهم في العراق قد تصبح قضية صعبة على الساحة السياسية خلال الأيام المقبلة.
شكوك حول طبيعة طلب بغداد لواشنطن
حقيقة أن دانا ستيرول، نائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي، في مقابلة مع قناة الجزيرة، أشارت صراحةً إلى طلب الحكومة العراقية لبقاء القوات الأمريكية، تثير شكوكين رئيسيتين. الأول أن المسؤولة العسكرية الأمريكية لم تحدد في بيانها ما إذا كان الطلب رسميًا وأن الحكومة العراقية طلبت ذلك رسميًا، أو ما إذا كان مجرد قولٍ من مسؤول حكومي. الشبهة الثانية هي أن ستيرول لم تحدد في تصريحاتها ما إذا كان الطلب يتعلق بتواجد المستشارين أو أن الهدف هو الحفاظ على العدد الكبير من القوات والمعدات التي نشرتها في القواعد العسكرية مثل عين الأسد. ولا يخفى على أحد أن الحكومة العراقية قالت مراراً وتكراراً إن بعض القوات الأمريكية ستبقى لتدريب القوات العراقية على شكل قوات الناتو، ولا يتردد أحد في تقديم مثل هذا الطلب. لكن حقيقة أن الحكومة العراقية طلبت رسميًا بقاء القوات الأمريكية في البلاد بالمعدل الحالي يبدو غير مرجح نظرًا للمشاعر المعادية للولايات المتحدة السائدة في العراق. وحتى لو تم تقديم مثل هذا الطلب، فلا بد من النظر في تداعياته في مجال السياسة والحكم في العراق.
بقاء القوات الأمريكية في العراق والقضايا الثلاث الرئيسية
بافتراض صحة تصريحات نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي دانا سترول في مقابلة مع قناة الجزيرة، تبرز ثلاث قضايا مهمة:
الالتزام القانوني للحكومة العراقية بسحب القوات الأمريكية: حتى إذا تم تأكيد طلب الحكومة العراقية ببقاء الولايات المتحدة في العراق، فمن المهم ملاحظة أن إخراج القوات الأجنبية يتجاوز إرادة شخص أو رئيس مجلس الوزراء، وقرار الإخراج مدعوم قانونياً بمستويين. على المستوى الابتدائي، في 5 كانون الثاني (يناير) 2020، وافق مجلس النواب العراقي بأغلبية الأصوات على ضرورة إخراج القوات الأجنبية، وسيُلزم أي شخص في مجلس الوزراء بتنفيذ القانون. على المستوى الثاني، أكد الاتفاق الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن في تموز (يوليو) 2021 على انسحاب القوات الأمريكية بنهاية العام الجاري. لذلك، فإن الحكومة العراقية ملزمة بشكل أساسي بتنفيذ مثل هذا الاتفاق بحلول نهاية هذا العام، أي خلال العشرين يومًا القادمة.
إجماع كل التيارات السياسية على انسحاب القوات الأمريكية: أوضحت نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة للجميع أن التيارات السياسية المعادية لأمريكا فازت بأكبر عدد من الأصوات. على الرغم من وجود خلاف بين تيار الصدر ولجنة التنسيق الشيعية – المكونة من غالبية الأحزاب الشيعية – حول تشكيل حكومة جديدة، إلا أن الجميع اتفقوا على موضوع إخراج المحتلين الأمريكيين من العراق، ولا يوجد تردد في هذا الأمر. لذلك يمكن التأكيد بجرأة على أن رئيس الحكومة العراقية الجديد، من أي مجموعة كان، يجب أن يجعل طرد القوات الأجنبية من البلاد أولوية في خططه.
تأكيد السيناريو الوهمي لهجوم الطائرات المسيرة على منزل مصطفى الكاظمي: على صعيد آخر، فإن قضية طلب الحكومة العراقية لبقاء القوات الأمريكية في البلاد تعزز سيناريو تورط واشنطن الخفي في التخطيط لهجوم وهمي على منزل مصطفى الكاظمي. بعد ما يقرب من أسبوعين من الحادث، تقدم البنتاغون بمثل هذا الطلب، مؤكدة أن مثل هذا السيناريو يهدف إلى الاحتفاظ بقوات أمريكية في العراق، وهي أحدث محاولة لواشنطن للقيام بذلك. لكن تجدر الإشارة إلى أن المجتمع السياسي العراقي على دراية كاملة بمثل هذه السيناريوهات الوهمية.
ومع مثل هذه التصريحات من قبل مسؤول عسكري أمريكي، يبدو أن فرص الكاظمي في إعادة رئاسة الحكومة تتضاءل أكثر من أي وقت مضى.
المصدر/ الوقت