انتقادات واسعة لانتخاب الإماراتي “الريسي” رئيساً للإنتربول.. سمعة المنظمة الدولية على المحك
انتُخب الخميس الماضي في اسطنبول اللواء الإماراتي أحمد ناصر الريسي المتّهم في فرنسا وتركيا بممارسات تعذيب، رئيسا للإنتربول، وفق ما أعلنت المنظّمة.
وقالت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الانتربول) عبر “تويتر”، “انتُخب السيد أحمد ناصر الريسي رئيسًا”. ومنصب الرئيس فخري، فيما يتولى تسيير الأعمال الأمين العام للمنظمة.
وعقب انتخابه غرّد الريسي على تويتر “أتطلع إلى تولي منصبي الجديد وخدمة قوات الشرطة حول العالم بنشاط متجدد مع تقديم نهج جديد لخدمة جميع مكوّنات المنظمة على أفضل وجه”.
وأضاف “سأحرص على أن تكون المنظمة أكثر شفافية وتنوعا وحزما في أداء رسالتها لضمان أمن وسلامة الجميع. سررت اليوم بانتخابي رئيسا للإنتربول، فهذا المنصب يشرّف مسيرتي المهنية عبر خدمة المواطنين في جميع أنحاء العالم، نيابة عن دولة الإمارات”.
من جهته قال يورغن شتوك، الأمين العام للإنتربول “في هذه المرحلة تبقي اتهامات فقط ونحن ندرك جيدا. هناك أيضا افتراض البراءة. أريد القول أن الجمعية العامة اليوم اتخذت قرارا وانتخبت السيد الريسي رئيسا للانتربول. سأواصل عملي مع اللجنة التنفيذية، لقد أدخلنا في اسطنبول إصلاحات مهمة بشأن حوكمة المنظمة، وتحديداً اللجنة التنفيذية مما يعزز بقوة المساءلة والنزاهة والشفافية وحيادية المنظمة”.
أما النائب الفرنسي عن الحزب الحاكم جوليان لافيريار فقد قال “لا يمكن أن يرأس المنظمة التي تلاحق المجرمين رجلا متهما بارتكاب جريمة. للأسف، أظهرت الدول الأعضاء في المنظمة أن الأمر ممكن وانتخبت هذا المرشح الذي سيتسبب في شعور المنظمة بالعار”.
كما أن انتخابه أثار غضبا واسعا بين النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي. حيث أدان النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي انتخاب الريسي، بسبب اتهامه بقضايا انتهاكات وتعذيب داخل الإمارات، لمواطنين إماراتيين وأجانب.
وتداول النشطاء تقريرا لجريدة “الغارديان” أشار إلى أن الإمارات دفعت 50 مليون دولار كتبرع لمؤسسة داعمة لأنشطة الإنتربول وهو ما أثار شبهة حول ذلك التبرع خاصة مع انتخاب الريسي كرئيس لها، كما تناول أيضًا شهادة مواطنين بريطانيين تعرضوا للاعتقال والتعذيب بواسطة الريسي.
وأشار النشطاء أيضا إلى وجود عدة قضايا في تركيا وفرنسا ضد الريسي، أقامها أتراك وأفارقة بسبب تعرضهم للتعذيب في الإمارات على يد الريسي على خلفية منشورات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وشكك النشطاء في عدالة المنظومة العالمية بعد انتخاب الريسي، قائلين إن هذا الانتخاب يؤكد أن كل مؤسسة دولية تعمل من أجل صالحها فقط ويحركها المال، وأن قيم العدل والإنسانية وحقوق الإنسان، هي شعارات فقط تتغنى بها تلك المؤسسات حينما يكون ذلك في صالحها فقط.
وتخوف النشطاء من تبعات ترؤس الريسي للإنتربول، فيما نصح البعض بالاطلاع يوميا على القائمة الحمراء في حالة إذا كان الشخص مطاردا من بلده أو معارضا، قائلين إنهم يتوقعون بعد الآن تعاونا كاملا بين الإنتربول وبين الأنظمة العربية “الديكتاتورية”، مضيفين أنهم يتوقعون تزايد المصاعب التي سيواجهها النشطاء بعد الآن في السفر والتنقل.
وكتب ثلاثة نواب أوروبيين من بينهم رئيسة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي ماري أرينا في رسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، “نحن مقتنعون بشدة بأن انتخاب اللواء الريسي سيسيء إلى مهمة وسمعة الإنتربول وسيؤثر بشكل كبير على قدرة المنظمة على أداء مهمتها بفعالية”.
ورُفعت شكاوى عدة في قضايا “تعذيب” ضد الريسي في الأشهر الماضية في فرنسا حيث مقر المنظمة، وفي تركيا الدولة المضيفة للجمعية العامة للإنتربول.
ويتهم “مركز الخليج لحقوق الإنسان”، وهو منظمة غير حكومية، في إحدى هذه الدعاوى، اللواء الإماراتي بارتكاب “أعمال تعذيب وحشية” ضد المعارض أحمد منصور المعتقل منذ 2017 في “زنزانة مساحتها أربعة أمتار مربعة بدون أن تكون مجهزة بفراش أو حماية من البرد” ولا “إمكانية الوصول إلى طبيب أو مرافق النظافة والمياه والمنشآت الصحية”.
ورأى الأستاذ في جامعة “إي أند أم” في تكساس إدوارد ليمون المتخصص في الأنظمة الاستبدادية أن انتخاب اللواء الريسي “سيوجه إشارة إلى الأنظمة السلطوية الأخرى” بأن استخدام الإنتربول لملاحقة معارضين في الخارج “ليس مشكلة”.
من جانبها، دانت الباحثة الخليجية في هيومن رايتس ووتش هبة زيادين انتخاب الريسي قائلة على تويتر إنها اختارت “ممثل أكثر حكومة سلطوية في الخليج” مضيفة “إنه يوم حزين لحقوق الإنسان وسيادة القانون في كل أنحاء العالم”.
وخلص تقرير بريطاني نشر في آذار/مارس إلى أن الإمارات استخدمت نظام النشرات الحمراء، مذكرات البحث عن مطلوبين دوليا، للضغط على معارضين.
وكانت التشيكية ساركا هافرانكوفا، المرشحة الوحيدة الأخرى لرئاسة الإنتربول قد دعت صباح الخميس على “تويتر” الجمعية العامة إلى “توجيه رسالة واضحة لمجتمعاتنا، مفادها أن الإنتربول مؤسسة جديرة بالثقة”. وأضافت أن أنظمة المنظمة تشمل “التصدي لاعتقالات وتوقيفات تعسفية والتنديد بالتعذيب”. وتابعت “لنثبت للعالم أن الإنتربول ليست للبيع”.
ويأتي اختيار الريسي رغم علامات الاستفهام المحاطة به لرئاسة المنظمة الدولية تتويجًا لجهود دبلوماسية وضغوط مادية قامت بها الإمارات لتصعيد مرشحها على رأس هذا الكيان الشرطي العالمي، ما أثار الكثير من المخاوف بشأن احتمالية استغلال هذا المنصب لتبييض وجه الدولة الخليجية دوليًا بجانب إساءة استخدامه للانتقام من المعارضة والنشطاء، الأمر الذي يضع سمعة المنظمة على المحك ويشكك في نزاهتها وحيادتها بحسب ميثاقها العام.
المصدر/ الوقت