التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 2, 2024

أمريكا تعترف: تهديد إيران غير مجدٍ والتنفيذ مکلف للغاية والخيار العسکري غير مطروح 

ربما سمعتم مراراً تصريحات من المسؤولين الأمريكيين بأن نافذة الدبلوماسية ليست مفتوحةً إلى الأبد، أو أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة.

المبعوث الأميركي الخاص لإيران روبرت مالي ووزير الدفاع لويد أوستن من بين أولئك الذين أظهروا الطبيعة الحقيقية لليانكيين في الأسابيع الأخيرة، وهددوا، على حد تعبيرهم، إيران.

بحسب خبراء في المنطقة، كلما اقتربنا من موعد الجولة السابعة من المحادثات النووية في فيينا؛ تكرر واشنطن هذا النوع من المناورة السياسية أكثر فأكثر بنکهة التهديد العسكري، لأن الأميركيين عانوا من “ارتباك استراتيجي” أمام اقتدار الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

على مدى العقدين الماضيين، حاول الأمريكيون بكل الوسائل الممكنة احتواء المقاومة، وفي كل مرة كان الفشل من نصيبهم. وفي هذا الصدد، كتبت مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في تقرير عن الوضع الحالي: “عقود من استخدام البيت الأبيض لأدوات مثل العقوبات والتهديدات والاغتيالات لا طائل من ورائها، والإيرانيون(مقاومة المنطقة) يزدادون قوةً ويتعذر إيقافهم”.

جزء يسير من الارتباك في الإستراتيجيات الأمنية الأمريكية

لدى صحيفة نيويورك تايمز رواية مثيرة للاهتمام حول الارتباك الاستراتيجي للأميركيين هذه الأيام.

تقول الصحيفة إن “المسؤولين الأمريكيين أبلغوا نظرائهم الإسرائيليين أن الهجمات المنتظمة على المنشآت النووية الإيرانية قد تكون مرضيةً من الناحية التكتيكية، لكنها تأتي بنتائج عكسية في نهاية المطاف، حيث أعادت إيران بناء منشآتها بشكل أسرع وأكثر تقدمًا من ذي قبل”.

ويضيف التقرير أنه يجب أن نقبل أن الإيرانيين يحولون التهديد إلى فرصة، ويزدادون قوةً كلما أصيبوا ويعودون إلى الميدان بضغط أكبر.

ويورد التقرير أمثلةً على عدة عمليات تخريبية قام بها الصهاينة، ويتابع: “لقد تورطت إسرائيل في اغتيال علماء نوويين مثل الشهيد محسن فخري زاده، وتخريب بعض المواقع النووية الإيرانية. ولم يؤثر هذا النوع من العمليات العمياء على تقدم البرنامج النووي الإيراني فحسب، بل زاد أيضًا من قدرة طهران التقنية والمعرفة المحلية لإعادة الإعمار بشكل أسرع وأكثر تقدمًا؛ وفي هذا الصدد، يمكن أن نذكر زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60٪ واستخدام أجهزة طرد مركزي أكثر تطوراً بعد تخريب عملاء تل أبيب في موقع نطنز وتيسا في كرج”.

بعد الهروب المهين لإرهابيي القيادة المركزية الأمريكية من مطار كابول، أصبح الضعف الاستراتيجي للأمريكيين في المنطقة أكثر وضوحاً من أي وقت مضى. حيث سجلت كاميرات وسائل الإعلام الدولية هزيمة وانهيار الهيمنة العسكرية الأمريكية أمام أعين العالم.

کما أدرك الكثيرون أن قوة النمر الأمريكي كانت فارغةً، وأن الحقائق الميدانية تختلف اختلافًا جوهريًا عن أفلام الهوليوود. ويعتقد العديد من الأمريكيين أنه بعد 20 عامًا من احتلال المنطقة، أُجبروا على الإعلان عن الهزيمة الميدانية وقبول الخسارة.

كتبت مجلة نيوزويك بعد الضربات المتکررة للجيش الأمريكي: هل يسمع بايدن رسالة مغادرة مطار كابول والهجوم على قاعدة التنف في سوريا وعين الأسد والحرير في العراق؟ هل فهم ضرورة انسحاب الولايات المتحدة من سوريا والعراق عاجلاً؟

لقد أرادت الولايات المتحدة كبح نفوذ إيران بذريعة داعش، لكنها فشلت وتعززت إيران وزادت قوةً. ومع الهجمات المتتالية على القوات الأمريكية، برز سؤال كبير ألا وهو، هل كان احتواء إيران يستحق هذه التکاليف؟

الجواب على هذا السؤال معروف لمسؤولي البنتاغون. عندما هدد ترامب بمهاجمة إيران عند 52 نقطة، كتب الجنرال ذو الخمس نجوم ألكسندر ميلي في مقال: “البنتاغون لن يسلم الزر النووي لرئيس الولايات المتحدة”. لقد لمح القائد الأمريكي إلى أن توجيه ضربة لإيران بهذا المستوى سيکون له ثمن باهظ بالنسبة لهم.

التداعيات المکلفة

يقول المثل اللاتيني إن تأثير انعكاس الضوء أكثر إيلامًا من الإشعاع المباشر. بعد 20 عامًا من المغامرات غير المجدية في المنطقة، أدرك المسؤولون الأمريكيون أن تكلفة بناء ملجأ تجسس على طول حدود إيران باهظة للغاية.

وفي هذا الصدد، كتب معهد واتسون للشؤون العامة والدولية بجامعة براون في تقرير، أن تكلفة الحرب الأمريكية في أفغانستان منذ خريف عام 2001 وحتى نهاية عام 2020 بلغت حوالي 2.26 تريليون دولار. کما تسبب إنفاق مبالغ طائلة وعدم تحقيق الإنجازات الضرورية، في إرباك الأمريكيين استراتيجياً في المنطقة.

كشف قائد سلاح البحرية التابع للحرس الثوري، مؤخراً، عن 9 ضربات ثقيلة واستراتيجية وجهتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأمريكيين؛ وتجدر الإشارة إلى أن هذه الصفعات الثقيلة تلقاها الجيش الإرهابي الأمريكي في البحر وفي مياه الخليج الفارسي فحسب!

لكن السؤال المهم الذي يفرض نفسه هنا هو، لماذا عشية المفاوضات مع مجموعة 4 + 1، فإن الولايات المتحدة وعلى الرغم من إدراكها لعواقب التهديدات غير المثمرة؛ عادت مرةً أخرى إلى نظرية العصا والجزرة، ومن ناحية تهدد طهران من البحرين، ومن ناحية أخرى تردع الكيان الصهيوني عن مواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في واشنطن؟

يمكن تصور سيناريوهين لهذا الأمر:

1. دخل الأمريكيون محادثات فيينا كمراقب وهم يعرفون جيداً أن الدبلوماسيين الإيرانيين لن يقعوا في فخ “اتفاق مؤقت”. وتوصل فريق بايدن إلى استنتاج نهائي مفاده أن طهران لن تقدم أي مقترحات سوی رفع جميع العقوبات وأنه لا يوجد خيار آخر لإحياء الاتفاق النووي، ولن يتمكنوا من الدخول في المفاوضات، ولن يكون لديهم الحق في تقديم مقترحات جديدة، حتى يعود البيت الأبيض إلى ساعة الصفر في عام 2015. وهكذا، من خلال إعطاء إشارات إيجابية، بما في ذلك إزالة خيار التهديد العسكري، يمهد الأمريكيون الطريق لأنفسهم، وتعلم طهران جيدًا أن واشنطن لا تستطيع تحمل تداعيات استخدام العصا.

2- السيناريو الثاني ملفت أكثر. الأمريكيون قلقون جداً من أن توجيه وإدارة الإجراءات العمياء للکيان الصهيوني ستُحسب عليهم. وقال قائد إرهابيي القيادة المركزية في قاعدة التنف، مؤخرًاً، إنه يعتبر الضربة على هذه القاعدة رد إيران على الهجمات الصهيونية في سوريا. وأضاف القائد العسكري إن الطائرات المسيرة كانت مليئةً بالمحامل والشظايا وتم إرسالها عمداً للهجوم، وأنهم كانوا يدفعون ثمن تصرفات تل أبيب.

يعاني الأمريكيون من ارتباك أمني شديد، وتهديدات وزير الدفاع الأمريكي من البحرين تكتيك للاستهلاك المحلي أمام الانتقادات الشديدة من الحزب الجمهوري المنافس، أکثر من کونها ذات عمق استراتيجي في مواجهة المقاومة في المنطقة. ويمكن اعتبار إغلاق ملف إيران في وكالة المخابرات المركزية وتجنب “الحرب المباشرة” واللجوء إلى “حرب الظل”، جزءًا من استراتيجيات إدارة بايدن الأمنية.

هذا الارتباك الاستراتيجي في الأمن الخارجي لا يقتصر على الأمريكيين. فالكيان الصهيوني هو الآخر في حالة التثبيت، وإظهار أسنانه ليس دليلاً على قوته. وقالت قناة I24 الصهيونية في تقرير: “لقد اخترق الإيرانيون طبقات مختلفة من المخابرات الإسرائيلية لسنوات. وتُقارن القوة الإلكترونية المتقدمة لإيران بقوة الولايات المتحدة”.

القوة السيبرانية هي واجهة “القوة الذكية” لجمهورية إيران الإسلامية في المنطقة فحسب. وفي التقييمات الأجنبية، تعتبر قوة الكيان الصهيوني في الجو. وشهدنا أن المقاومة الشعبية في المواجهة الأخيرة في الأراضي المحتلة بأقل الإمکانات، استهدفت وقطعت الذراع الإستراتيجي للکيان(سلاح الجو).

وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة يديعوت أحرونوت: المقاومة الإسلامية شلّت الجيش الإسرائيلي في السماء، حيث توقعنا أن تكون له اليد العليا. وأضافت الصحيفة “لو لم يوافق نتنياهو على خطة وقف إطلاق النار، لكانت الملاجئ تحت الأرض مقبرةً لثمانية ملايين صهيوني”.

لأول مرة منذ عام 1977، فقدت عقيدة بيغن فعاليتها تمامًا أمام القدرات السيبرانية والصاروخية للمقاومة. وفقًا لهذه النظرية، ستبذل إسرائيل قصارى جهدها لضمان عدم وصول الجهات الإقليمية الفاعلة الأخرى إلى قدرة ردع تتجاوز الکيان الصهيوني.

وبقدر ما ارتبك الأمريكيون استراتيجياً في المنطقة، عانى الكيان الصهيوني أيضًا من التآكل من ناحية أخرى، وهذا الوضع يفرض المزيد والمزيد من التكاليف عليه. وعملية الشهيد فادي الاستشهادية في القدس هي مثال بارز على هذا الادعاء.

قد لا يكون المحللون قد فهموا رسالة هذه العملية الصغيرة ولکن المثمرة جيدًا، لكن قادة الكيان الصهيوني يدركون جيدًا أنه بهذه العملية، دخلت اللعبة مرحلةً جديدةً. بحيث أنه من الآن فصاعداً، يشعر الکيان الإسرائيلي بالتهديد المتمثل في تسليح الضفة الغربية بأكملها.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق