التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, أكتوبر 10, 2024

الانفتاح على دمشق وعلائم النصر 

لم يعد أحد يجادل بأن سوريا انتصرت في معركتها ضد الإرهاب، وأن كل الجلبة التي أحدثها الغرب وبعض الدول العربية لم تتمكن من اسقاط النظام السوري، الذي استطاع الحفاظ على مكانته بعد مرور أكثر من 10 سنوات على الأزمة، فالإرادة السورية هي التي انتصرت، في مواجهة حصارها وعزلها وإضعافها. فكان لقرار الصمود والمواجهة، ثم الانتصار، نتائجُ وثمارٌ حان موعد قطافها، على الرغم من أنّ واشنطن أرادت إسقاط النظام في سوريا، لكن ثباتَ دمشق وقيادتها، ودعمَ الحلفاء، ساهما في إفشال كل المخطّطات التي نفّذتها جماعاتٌ إرهابيةٌ بدعمٍ أميركي وتمويلٍ عربي.

الصمود السوري ساهم في عودة الانفتاح على سوريا، فكان العرب بدايةً، واليوم يبدو أن المناخ الدولي أصبح جاهزاً لإعادة التواصل مع دمشق، فهل نوايا الغرب هذه المرة صادقةأم أن هناك مخطط جديد لابعاد سوريا عن محور المقاومة؟.

منذ نهاية الانتخابات الرئاسية في يوليو الماضي، طوى الغرب ملف سوريا سياسياً، بل وأعادت بعض الدول الكبرى علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، وعلى رأسها الصين التي توجت عودتها بزيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى دمشق ولقائه الرئيس السوري، بشار الأسد، وأعقبت زيارة الوزير الصيني عدد من الزيارات الدولية لدمشق ووفود عربية أخرى، في تأكيد للانفتاح على دمشق وطي صفحة الحرب.

وفي سياق الانفتاح الدولي على دمشق، قال المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، إنه لمس في مباحثاته مع مسؤولين عرب وأمريكيين وأوروبيين، إمكانية للانفتاح على العملية السياسية في سوريا، مشيراً إلى أنه خلال عدة لقاءات في عدد من الدول العربية ومع الأمريكيين والأوروبيين، رأى أنّ هناك فرصة جادة لبحث إمكانية تطبيق مقاربة خطوة بخطوة بهدف بناء الثقة. وشدّد بيدرسون على أنّ من الأهمية تحديد الخطوات المرتبطة بطبيعة الأمر بالوضع الإنساني والاقتصادي بشكل دقيق.

وركّز بيدرسون الذي التقى بوزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، على أهمية عودة دمشق إلى المحيط الإقليمي والدولي، بالتوازي مع مسار اللجنة الدستورية، الأمر الذي يعتبر محاولة دولية لتخفيف الضغوطات الاقتصادية على دمشق من أجل البدء بالعملية السياسية، وإثبات حسن النية من كل الأطراف.

ويرى مراقبون أنّ تصريحات بيدرسون عن انفتاح غربي على دمشق، يعني موافقة الأمم المتحدة على ذلك، مشيرين إلى أنّ الانفتاح يعتبر فرصة لتقريب دمشق من المحيط الدولي، وبالتالي السعي إلى تسويات الملفات السياسية لطي صفحة الصراع في سوريا.

الواضح أنّ العلاقات الدبلوماسية السورية مع العالم تتخذ منحى تصاعدياً يوماً بعد آخر، لا سيما بعد دعوة الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبون، الجامعة العربية لضرورة تمثيل دمشق من جديد في اجتماعات جامعة الدول العربية، ما يرجّح أن تكون العودة عبر البوابة العربية، الأمر الذي يؤكّده تشديد تبون على ضرورة عودة مقعد دمشق في الجامعة.

وترافقت كل هذه الدعوات المباشرة وغير المباشرة مع تأكيد جدي من الولايات المتحدة على نيتها تخفيف عقوبات قانون قيصر على مؤسسات الدولة السورية، واقتصارها على بعض الشخصيات الأمنية، الأمر الذي من شأنه وقف نزيف الاقتصاد السوري.

واليوم اعلان بيدرسون، أنه لمس في مباحثاته مع مسؤولين عرب وأميركيين وأوروبيين إمكان الانفتاح على دمشق، يؤكد للجميع أنه لم يعد أمام المجتمع الدولي حل سوى الحوار مع دمشق والتوقف عن معاداتها، فالدولة السورية أثبتت أنها لن تتخلى عن حلفائها في احلك الظروف، وولكونه لا مجال لمحاربتها من جديد، فالحل هو الحوار على امل أن يحصل الغرب على بعض المكاسب.

بيدرسون وبحسب مصادر مطلعة بحث في دمشق إمكانية عقد جولة سابعة من اجتماعات لجنة مناقشة تعديل الدستور، حيث كان من المتوقع أن تعقد منتصف هذا الشهر، إلا أن المصادر رجحت أن يتم تأجيل هذه الجولة إلى ما بعد أعياد الميلاد ورأس السنة، وربما إلى مطلع شهر شباط المقبل.

وخلال اللقاء الذي عقده في دمشق أشار وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى الدور التخريبي للنظام التركي وممارساته العدوانية “من خلال عدم التزامه بمخرجات أستانة وسياسات التتريك في المناطق التي يحتلها أو قطع المياه عن أهلنا في الحسكة، في انتهاك فاضح للقانون الدولي الإنساني”.

من جانبه، عرض بيدرسون مجريات جولته الأخيرة في عدد من الدول، واستمرار الجهود لعقد الجولة المقبلة للجنة مناقشة الدستور.

وأضاف في حديث مع الصحافيين: “رسالتي أن هناك إمكانية أخرى للبدء باستكشاف السبل الممكنة للبدء بالمضي قدماً في هذه العملية”، آملاً أن تنتقل تلك المباحثات إلى جنيف “في المستقبل القريب”.

وأمل بيدرسون الذي سيلتقي رئيس الوفد الحكومي إلى اللجنة الدستورية، الحصول على “أخبار إيجابية في المستقبل القريب”، بعدما فشلت آخر جلسة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية في تشرين الأول/اكتوبر الماضي في إحراز أي تقدم.

يذكر أن المبعوث الأممي كان قد زار دمشق في وقت سابق في الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، قبل بدء الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي انتهت من دون التوصل إلى أيّ اتفاق.

وفشلت جميع جولات التفاوض التي قادتها الأمم المتحدة في جنيف خلال السنوات الماضية، في تحقيق أي تقدم. وفي خطوة بديلة، انطلقت منذ العام 2019 محادثات حول الدستور برعاية الأمم المتحدة، إلا أنها لم تحقق أيضاً أيّ تقدم.

وبعد عزلة فرضتها دول غربية وعربية على سوريا، برزت خلال الفترة الماضية مؤشرات انفتاح عربي تجاه دمشق، بدأت مع إعادة فتح الإمارات سفارتها في دمشق عام 2018، وصولاً إلى زيارة وزير خارجيتها لشهر الماضي لدمشق ولقائه الرئيس الأسد.

كما شملت بوادر الانفتاح على سوريا، الانفتاح الأردني الأخير الواسع عليها، فضلا عن مؤشرات دولية أبرزها، قرار المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (إنتربول) بإعادة التعاون مع سوريا ودمجها في نظام معلوماتها.

رغم كل هذا الانفتاح يجب أن نقول بصراحة، أن مجمل المؤشرات السابقة، لم تنعكس بعد إيجابا على المواطن السوري، الذي ما زال يعيش بغالبيته تحت خط الفقر، لكنها بالتأكيد أوقفت إلى حد ما، مسلسل الانهيار الفظيع.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق