الاقتصاد السعودي يستثمر في الخارج ويقترض للبنية التحتية في الداخل!
أعلن وزير المالية السعودي “محمد الجدعان” أن المملكة من الممكن أن تقترض لتمويل بعض مشاريع البنية التحتية، فيما سيتم تمويل مشروع حديقة الملك “سلمان” من الميزانية العامة.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها “الجدعان”، لموقع “العربية” الإخباري السعودي.
وأوضح الوزير أن المملكة سحبت تريليون ريال من الاحتياطي في سنوات عجز الميزانية السابقة عدا الاقتراض.
كما لفت “الجدعان” إلى وجود تنسيق مع وكالات التصنيف الائتماني لعدم تأثر التصنيف بزيادة الدين العام.
وحول توزيع فوائض الميزانية العام المقبل، قال “الجدعان” :”في سنة 2022 جميع الفوائض ستذهب إلى الاحتياطيات، وفيما بعده سيتم النظر في التحويل إلى صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني”.
حيث إن وزارة المالية السعودية، توقعت أن تحقق المملكة فائضاً بداية من العام المقبل 2022، بنحو 90 مليار ريال، مقارنة مع 85 مليار ريال عجزا في 2021، فيما تدور تقديرات بأن يصل حجم الدين العام إلى 938 مليار ريال في 2022.
استثمارات في الخارج واقتراض في الداخل!
يقول محمد بن سلمان إن صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي) يستهدف النمو ليصبح صندوقا ضخما، وبالتالي لن يحول أرباحه في الوقت الحالي إلى ميزانية الدولة، وسيستهدف زيادة نمو حجم الصندوق، بأكثر من 200% في السنوات الخمس المقبلة.
وتابع: وفي المستقبل لن تتجاوز المصروفات من هذا الصندوق نسبة 2.5%، وسيكون هو بمثابة نفط جديد للمملكة إضافة إلى مصادر دخل أخرى من التنوع في الاقتصاد، من مختلف استراتيجيات الاستثمار الأخرى للمملكة بما فيها النفط.
ولكن في تقرير لصحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أظهرت البيانات أن صندوق الاستثمارات العامة التابع للمملكة – ويخضع تحت سيادة ولى العهد محمد بن سلمان – أنفق مليارات الدولارات خارج البلاد التي تشهد أزمة اقتصادية طاحنة جراء أزمتي انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها، أنه وعلى الرغم من المعاناة الاقتصادية، وفرض المملكة إجراءات تقشفية على شعبها، أنفق صندوق الاستثمارات العامة منذ بداية عام 2020 فقط 325 مليار دولار على صفقات خارجية
إذاً المواطن السعودي أمام إنفاق في الخارج وتقشف وغلاء في الداخل وتخبط في سياسات الأمير المقامر بأموال الشعب السعودي.
وليس فقط هذا ما يحدث بل تتم سرقة أموال الصندوق وتخصيصها لأمور شخصية ربما وفي هذا السياق أصدر موقع “Foreign Lobby” الأمريكي تقريراً قال فيه إن صندوق الثروة السيادي السعودي استأجر شركة ”Teneo“ للاستشارات في نيويورك مقابل 2.7 مليون دولار من أجل المساعدة في تهدئة مخاوف المستثمرين الأمريكيين من الاستثمار في السعودية وكذلك من أجل مكافحة الأبواق الإعلامية التي تنتقد ابن سلمان داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
كما أضاف الموقع إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يستخدم ثروات المملكة لتلميع صورته لدى الغرب وتخفيف حدة الانتقادات التي يتم توجيهها إليه، وأوضح أنه سيناط بشركة الاستشارات مكافحة الصحافة التي تنتقد ابن سلمان على خلفية جرائمه بحق النشطاء السلميين وقمع حرية الرأي والتعبير.
عمل محمد بن سلمان منذ توليه ولاية العهد في انقلاب أبيض عام 2017 حتى الآن، على شخصنة خزينة المملكة وإدارتها بالشكل الذي يحقق أهدافه وأطماعه الشخصية. ولم يكتف بأموال الدولة بل طالت سرقاته المواطن أيضاً وذلك من خلال فرض ضرائب مرتفعة في ظل الصعوبات الاقتصادية وهذا سبب حالة كارثية على مستوى المعيشية في المملكة.
ففي عهد ابن سلمان أصبح المواطن زبون الدولة وعليه أن يدفع لخزينتها عبر نظام الضرائب الجديد، و تحولت المؤسسات الخدمية إلى شركات جباية، والمؤسسات العسكرية إلى شركات أمنية تحمي مصالح الأمير فقط وتتجسس لحسابه الخاص.
أما صندوق الاستثمارات العامة فقد تحوّل إلى محفظة شخصية له يتصرف بها حسب مصالحه الشخصية فسيطر على ثروات الوطن وأدرجها في ميراث عائلته وحوّل المسؤولين الحكوميين إلى مندوبين لشركته الخاصة.
مشروع نيوم الاسطوري والعجز الذي سببه
أعلن محمد بن سلمان عن مشروع “نيوم” أو ما تسمى بـ “المدينة الضخمة” في أكتوبر عام 2017 ، وجاء ذلك بعد مرور أربعة أشهر فقط على تعيينه وليًا للعهد في خطوة أثارت الجدل آنذاك ولم تولّد معارضة داخل العائلة المالكة فحسب، بل فرضت أيضًا على محمد بن سلمان إقناع السعوديين الذين يعانون من البطالة المرتفعة وهم مجتمع فتيّ بصورة أساسية، بأن العرش هو حقٌّ له. ويمثل نيوم مشروعاً استثمارياً ضخماً على الساحل الشمالي الغربي من المملكة بتكلفة تقدر بـ500 مليار دولار وسط تشكيك كبير من خبراء اقتصاديين. ويأتي المشروع في إطار استراتيجية وضعها محمد بن سلمان بهدف تحقيق انفتاح اقتصادي وللحد من الاعتماد على عوائد النفط ولتخفيف القيود الاجتماعية الصارمة. وحسب ماهو مخطط له فإن هذا المشروع سيكون منطقة استثمار خاصة مستثناة من أنظمة وقوانين الدولة الاعتيادية، كالضرائب والجمارك وقوانين العمل والقيود القانونية الأخرى على الأعمال التجارية، ما عدا الأنظمة السيادية، مما سيتيح للمنطقة القدرة على تصنيع منتجات وتوفير خدمات بأسعار منافسة عالمياً.
شكوك في جدوى مشروع نيوم
يشكك بعض موظفي “نيوم” والمسؤولون السعوديون في جدوى المشروع، وفي هذا السياق قالت صحيفة “لوبينيون” إن صندوق الثروة السيادي ووزارة المالية السعودييْن استثمر أكثر من مليار دولار في البنية التحتية الأولية والمخططات وعقود الاستشارات ورواتب الموظفين، رأس المال الذي يقول بعض المسؤولين السعوديين إنه كان من الممكن استخدامه بشكل أفضل في أماكن أخرى. يقول مسؤولون آخرون حاليون وسابقون، إنهم غير مقتنعين بأن المستثمرين الأجانب سيشترون بعض مقترحات “نيوم”. كما أنهم يشكّون في قدرة المملكة على تحقيق أهداف المشروع ويقول مسؤولون آخرون، إنهم غير مقتنعين بأن المستثمرين الأجانب سيشترون بعض مقترحات “نيوم”. كما أنهم يشكّون في قدرة المملكة على تحقيق أهداف المشروع.
محاولات انعاش من ابن سلمان
تحدثت شبكة بلومبرغ عن حافز السعودية لإنشاء نظام اقتصادي جديد بقيمة 29 مليار دولار من خلال دمج الصندوقين، و تؤكد هذه الشبكة أن هناك مخاوف من أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سيستخدم هذه المبالغ الضخمة لدفع مشاريعه الخيالية المتعثرة.
كما تؤكد بلومبرغ أن للصندوقين استثمارات كبيرة في شركات سعودية منها 8.5 مليارات دولار في أسهم البنك الأهلي السعودي و 4.3 مليارات دولار في أسهم مصرف الراجحي.
وفي هذا المقال ، تشير بلومبرج أيضًا إلى رؤية 2030 محمد بن سلمان ، التي مرت 5 سنوات على إنشائها ، وتؤكد أن هذه الرؤية بعيدة تمامًا عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي في السعودية. إلا أن أحد أهداف هذه الرؤية ، التي تم تقديمها في عام 2016 ، كان أنه بحلول بداية عام 2020 سوف تستغني السعودية تمامًا عن عائدات النفط وسيتمكن السعوديون من العيش من دون نفط، وهذا ليس فقط غير صحيح. ، لكن الحقائق الحالية تظهر الاعتماد المتزايد للاقتصاد السعودي على نفطه.
وعود على الورق!
هل نسي ابن سلمان وعوده وخطاباته السابقة؟! ففي عام 2016 وعد ابن سلمان، بمستقبل واعد للنهوض بالمملكة، وقال إن أزمات البلاد تكمن في الاسكان والبطالة، لكن “الفرص أمامنا أكبر بكثير من هذه القضية، طموحنا سوف يبتلع هذه الأزمات وغيرها”.
وقال ابن سلمان، في لقاء متلفز آنذاك: “طموحنا كيف يكون اقتصادنا أكبر! كيف نخلق بيئة جذابة في وطننا! فإذا ارتفع النفط سوف يخلق داعم قوي لخططنا”. وأكد ابن سلمان بتصريحاته في عام 2016 لو النفط توقف في المملكة في 2020 نستطيع أن نعيش!.
وفي عام 2017، عاد ولى العهد بتكرير تصريحاته قائلا: “اقتصادنا سيكون أقوى في تلقى الصدمات، دون اتخاذ إجراءات صعبة!”.
وماذا حدث بعد كل تلك الخطابات؟ وجد المواطن السعودي نفسه في عام 2021 أمام أكبر موجة غلاء في تاريخ المملكة، حيث ارتفعت الضرائب الجمركية حتى على السلع الغذائية، صحيح أن أزمة كورونا ضربت معظم اقتصادات دول العالم ولكن التخبط الاقتصادي داخل المملكة يسير بها إلى الهاوية نعم صحیح أن كل الدول تمر بأزمات، لكن حينما يكون القرار بيد شخص ليس فقيه بالاقتصاد، ولا في السياسية، فهذا أمر کارثي ونتائجه وخيمة.
كيف للعقل البشري أن يستوعب أن الاقتصاد السعودي جيد وقوي في الوقت الحالي؟ نرى السعودية تستثمر هنا وهناك وتقدم قروض للبنوك المركزية في مصر وباكستان ولكن عندما يتعلق الأمر بأبسط مقومات الحياة في الداخل السعودي أي توفير البنية التحتية نراها تلجأ للاقتراض! فهل هذا منطقي وهل يمكن تصديق ما يحدث؟! أم أن قريباً سنسمع إفلاس المملكة وانهيار الاقتصاد بشكل علني؟!.
المصدر/ الوقت