المقاومة صمام أمان الشعب اللبناني.. والضغوط الخارجية فصل فاشل من فصول الاستعمار
قال المفتي الجعفري الممتاز في لبنان الشيخ أحمد قبلان في كلمة له أنه إذا كان من مدخل لهذا البلد فهو أن يتذكر الجميع أن لهم موعدا مع الله، وأنه لا ناصر لهم إلا الحق والعدل وغوث الناس، وأن الظلم والفساد واللعب بأوجاع الناس وجوعها واحتكار أسواقها وحاجاتها وتفكيك بلدها ليس إلا وقودا للنار والفتن والخراب.
واعتبر قبلان أن “فك الاشتباك السياسي في هذا البلد يحتاج إلى ثمن سياسي، وأن البلد تحكمه المصالح الوطنية، وليس اللعب بالزواريب، وخاصة اللعب بزواريب القضاء والرشاوى الدولية. وهذا يفترض بالقوى السياسية دفع هذا الثمن السياسي، فحل مشاكل البلد يمر جبرا بالسياسة، وأي تسوية كبيرة تمر حتما بالسياسة، وليس بالقضاء والتهم السياسية والثأر السياسي، إلا أن حل مشكلة البلد تحتاج زعامات أكبر من عوكر وتوابعها، وهذه مشكلتنا الرئيسية”.
ولفت إلى أن “مشكلة البلد الرئيسية أنه يعاني من أكبر حصار وهجمة أميركية، ومن يفترض به المواجهة أو أخذ خيار سياسي كبير لا يريد تعكير مزاج عوكر حتى لو احترق البلد. وأكثر من يمارس السياسة في البلد يريد رضى عوكر، وسيخوض الانتخابات النيابية بعين عوكر وتحالفاتها، حتى لو مات الناس جوعا وقهرا، وهذا أخطر مؤشر في الموسم الانتخابي المفصلي. والمطلوب تسوية سياسية انقاذية قبل حرق البلد. فنحن الآن في وسط اشتباك سياسي محموم، وما فعله المجلس الدستوري أنه أعاد الكرة الملتهبة للسياسيين، فهم من يستطيع إطفاء النار، أو هم من يحرقون البلد”.
وأكد أن “الحل بالسياسة لا بالقضاء، وإزاحة البيطار الذي حول القضاء إلى سوق انتيكة يمر بتسوية مع من يحميه بالسياسة، وكذا الحال مع مفاصل الجسم القضائي والإداري؛ ما يعني أن التسوية السياسية الآن في مأزق، وساعد الله الناس، كل الناس، مسلمين ومسيحيين، لأن التسوية تحتاج إلى زعامات، زعامات رجال، ولكن للأسف أكثر من في البلد شارب لحليب ملوث بالتبعية والخوف والمصالح”.
أما بخصوص الحياد فتساءل: “أي حياد والذئب ينهش الغنم، وأي حياد والنار الدولية الإقليمية تحرق الأخضر واليابس، وأي حياد وواشنطن تقود أكبر حصار خانق للبلد والناس، أي حياد والإسرائيلي يستبيح السماء والحقول البحرية ويتهيأ لأكبر حرب تجاه لبنان، أي حياد وعين صندوق النقد الدولي على الحدود الشرقية وليس على مدافع اللعبة النقدية وكمين المصارف، أي حياد وجمهوريات الأوكار الدولية الإقليمية في الداخل اللبناني تقود أخطر معركة إنهاك وتمزيق للبلد وسيادته”، لافتا إلى أنه “علينا أن نتذكر جيدا أن مشكلة البلد الكارثية تمر بالمشغل الدولي، وخاصة واشنطن، وكفانا تضييعا للحقيقة وغسلا للوجوه، وإذا كان من كلمة بخصوص الحياد أقول: لا للحياد الأعور، لأنه يطلب من الضحية ما لا يطلبه من الجلاد، ومن أمن الذئب على غنمه، فقد حكم بضرورة ذبح الغنم”.
عقاب لبنان اقتصادياً بهدف إرضاخه والمقاومة صمام الأمان
ديبلوماسي غربي سبق ان زار لبنان أسرَّ الى احد مستقبليه انّ العقوبات المفروضة على لبنان والحصار الاقتصادي والأزمات الاجتماعية وهبوط العملة الوطنية اضافة الى التوترات المتنقلة بين منطقة وأخرى… مردّها الى الشروع في عملية ابتزاز لبنان وشعبه بغية الرضوخ الى الخيارات الاميركية والإسرائيلية التي تهدف الى ترسيم الحدود وفق الأجندة الاميركية التي تعمل على تمكين الكيان الغاصب من الاستفادة من أكبر قدر ممكن من الثروات الغازية والنفطية والتي هي وفق القوانين الدولية تدخل ضمن السيادة اللبنانية. وفي هذا الإطار أشار العميد أمين حطيط وهو الذي شغل موقع رئيس اللجنة اللبنانية العسكرية التي تحققت من الانسحاب الاسرائيلي في العام 2000، أشار الى انّ الاشكالية الاساسية المتعلقة بهذه العملية هي ان لبنان يلتزم وثيقة دولية أممية ويعتبرها مرجعية صالحة للترسيم مقابل «إسرائيل» التي تريد ان تكون الولايات المتحدة الاميركية هي المرجعية وهي المعروفة بانحيازها الكبير والشديد الى جانب «إسرائيل» وبالتالي يستبعد الوصول الى حلّ يرضي الطرف اللبناني.
ومن أبرز هذه الخيارات التي تمّ اعتمادها هو تحويل الاقتصاد اللبناني من اقتصاد منتج الى ريعي واعتماد سياسة الاقتراض وإغراق البلاد بالديون وفق أجندة مرسومة تفضي بالنتيجة الى قبول لبنان بتوطين اللاجئين الفلسطينيين مقابل إلغاء ديونه وحلّ مشاكله الاقتصادية.
ولكن عبر التاريخ استطاعت قوى المقاومة في لبنان إسقاط كلّ المحاولات التي كانت ترمي الى نزع هويته الوطنية وانتهاج خيارات تنسجم مع المنطق والتاريخ ومن أبرز هذه المحطات:
أ ـ إسقاط اتفاقية 17 أيار التي كانت تهدف الى إلحاق لبنان في المعسكر الصهيوني.
ب ـ طرد المحتلّ الصهيوني من معظم الأرض اللبنانية وفرض معادلات رادعة عليه.
ج ـ اعتماد خيار المقاومة كضامن وحيد لحماية لبنان وحقوقه المائية وثرواته النفطية والغازية.
هـ ـ اعتماد خيار المواجهة العسكرية في مواجهة غزوات التكفيريين التي هدفت لإلغاء الكيان اللبناني.
و ـ الدفاع عن الخيارات العربية التي يأتي في مقدمتها رفض التطبيع مع العدو الصهيوني والدفاع عن فلسطين قضية العرب المركزية.
أمريكا تراهن على الانتخابات وستفشل
إنّ الولايات المتحدة الأميركية ومن خلال كلّ الخيارات التي استخدمتها حتى الآن لم يعد أمامها إلا تغيير موازين القوى وذلك عبر الانتخابات المقبلة والرهان على انفضاض حلفاء حزب الله عنه، وتقليب الشعب اللبناني وتالياً بيئته عليه والشيء المضحك هو لعب دور المنقذ للبنان، بانتهاج سياسية كيّ وعي الشعب اللبناني، والترويج لمقولة انّ المقاومة هي سبب الانهيار، وأنّ التطبيع وتدوير الزوايا بالتنازل عن جزء من الثروات الوطنية هو السبيل الأنجع للإنقاذ، إلا أنه وفق منطق التاريخ، فإنّ واشنطن التي لم تستطع تحقيق مآربها فيما مضى، والتي لم يبقَ أمامها من الخيارات سوى الرهان على الانتخابات النيابية، ستغرق مرة أخرى في أوهامها وانّ شعب المقاومة وبجميع أطيافها سوف يريها فصلاً جديداً من فصول خياراتها الفاشلة.
المقاومة ضرورة شعبية
نعم المقاومة ضرورة تحرير وحماية بلد وسيادة واستقلال، هذه المقاومة لم تكن تحتاج إلى تبرير يوم كانت بيروت محتلة، وهي كذلك اليوم لا تحتاج إلى أيّ تبرير، كما أن سيادة وبقاء لبنان يرتبط إلى حدّ بعيد بأصل وجود المقاومة. والشعب اللبناني يعي تماماً أن ضرورة وجود المقاومة اليوم هو أكبر وأعظم لأنّ التهديد أكبر وأعظم.
كلنا نذكر هدنة 1949، التي حولها المحتل الإسرائيلي إلى أشلاء وخرائط احتلال وحرب أوطان، وهو لا يعترف إلّا بمصالحه الدمويّة وعقليته العدوانيّة ومشاريعه التوسعيّة.
وهل احتلال الكيان الإسرائيلي لجزء من لبنان في العام 1978 ثمّ غزوه للبنان واحتلاله لعاصمته عام 1982 اعتراف بهدنة، أم رقص على أشلائها؟ ثمّ أين كانت الشرعيّة حين كانت آلة الحرب الإسرائيلية تسرح وتمرح في المؤسّسات الدستوريّة؟ وتعيّن وتعزل وتهوّد كلّ شيء؟ فهل نسينا الأمس القريب، أم تناسينا؟ أم إنّ هناك مشروعاً دوليّاً إقليميّاً، وظيفته تبييض إرهاب “تل أبيب” واحتلالها لفلسطين، ويجب أن يكون لبنان جزءاً منه، وعضواً من هويّته الجديدة، ولو على أشلاء الرسالات السماويّة والمبادئ الدوليّة. بالحقيقة، هذا ما يتمّ العمل عليه وهو أمر لا يمرّ في لبنان، وستظلّ إسرائيل كيانًا محتلًّا وعدوًّا غاصبًا، وسنعمل بكلّ الطاقات والامكانيات لردعها ونزع أنيابها.
في الواقع نحن لا نعلم بالغيب ولا نرى المستقبل أو ما سيكون عليه الوضع بعد يوم أو أسبوع أو أقل أو أكثر و لكن ما نعرفه جميعاً هو التاريخ. ومن خلال نظرة سريعة للتاريخ سنجد أن ما من أرض احتلت الا و قاوم أصحابها المحتل بكل ما يستطيعون وبتضحيات كبيرة جداً و لنا في الحملة الفرنسية على مصر و احتلال الجزائر ثم حرب المليون شهيد لتحرير الجزائر وقبلها المقاومة الفرنسية للمحتل الالماني خير أمثلة. وخلال هذه الأحداث لم نسمع من البلدان المحتلة أحداً يدين المقاومة الا المتعاونين مع المحتل وفي التاريخ صور و عبر كثيرة لا مجال لذكرها.
المصدر/ الوقت