صلاة للجمعة في الشارقة ويوم عمل في باقي الإمارات.. رسالة واضحة لصانعي القرار!
دخل قرار الإمارات تغيير عطلة نهاية الأسبوع للسبت والأحد حيز التنفيز وشهد أمس الجمعة أول يوم جمعة تداوم فيه المؤسسات الحكومية والشركات بواقع نصف دوام وكانت الأمارات اعتبرت أن القرار الجديد سيسهم “في تعزيز الترابط الأسري والتلاحم المجتمعي، وتحسين حياة الموظفين، خاصة مع تمديد عطلة نهاية الأسبوع لتكون يومين ونصف”.
القرار أثار موجة من التأييد والرفض
حظيت الخطوة الإماراتية بتفاعل واسع عبر المنصات العربية وتنوعت تفسيرات المعلقين لها. فثمة من يصف تحويل الإجازة الأسبوعية من الخميس إلى السبت بـأنه قرار “مستفز لمشاعر المسلمين ويخالف “المحاذير الشرعية”. ودفع القرار بالبعض إلى التنبيه بعدم جواز تحويل العطلة، باعتبار الجمعة يوما للصلاة يخصّ المسلمين مثلما يخصّ يوم السبت اليهود ويوم الأحد المسيحيين.
على النقيض، شن آخرون هجوما حادا على منتقدي القرار، واتهموهم “بنشر المغالطات والاصطياد بالمياه العكرة”.
وبدوره صرح المجلس الإماراتي للإفتاء بأن توحيد صلاة الجمعة على “مستوى الدولة لا يتنافى مع الشريعة الإسلامية”.
وفي ردهم عن سؤال ما إذا يوم الجمعة يوم عمل أو عطلة، أشار أعضاء المجلس إلى أن “بعض الآيات القرآنية تقتضي جواز العمل يوم الجمعة”. كذلك يصف البعض القرار بأنه “بادرة جيدة وخطوة ضرورية لوضع الإمارات في قائمة الاقتصادات الكبرى في العالم”.
وتساءل كثيرون ممن يطالبون بتغيير عطلة نهاية الأسبوع إلى السبت والأحد، عما حققه نظام اعتماد يومي الجمعة والسبت عطلة لنهاية الأسبوع.
ويعتبر خبراء اقتصاديون أن “تغيير إجازة نهاية الأسبوع سيكون له إيجابيات كثيرة منها رفع إنتاجية العمل في القطاع الحكومي، وتقليل التفاوت في الوقت بين المنطقة وبقية دول العالم ما يساهم في تفادي البلاد خسائر اقتصادية بملايين الدولارات”.
من جهة أخرى، سخر آخرون من حجة تنشيط الاقتصاد والتواصل مع البنوك العالمية.
وقالوا إن “الفارق في التوقيت بين الدول العربية وبين الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة يتجاوز 6 ساعات”، وإن “تلك التبريرات الاقتصادية تهدف لحجب الأهداف الإيديولوجية التي تسعى لتغريب المجتمعات العربية”.
كما عبر المعارضون للخطوة عن خشيتهم من أن تحذو دول عربية أخرى حذو الإمارات.
الشارقة رفضت القرار الحكومي
قررت إمارة الشارقة تقليص أسبوع العمل الرسمي ليصبح 4 أيام فقط وإعلان 3 أيام عطلة نهاية الأسبوع، وذلك بعد يومين على قرار الإمارات نقل عطلة نهاية الأسبوع من الجمعة والسبت إلى السبت والأحد.
وقال المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة حينها إنه تقرر “تغيير نظام العمل الأسبوعي في الإمارة تماشياً مع رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز موقعها التنافسي لمختلف القطاعات وبما يدعم بيئة الأعمال والسوق الاقتصادي”.
وحسب البيان، فإن النظام الجديد الذي سيطبق على الجهات الحكومية في الإمارة “يصبح نظام العمل الأسبوعي 4 أيام عمل ابتداءً من يوم الاثنين وحتى يوم الخميس، وتصبح عطلة نهاية الأسبوع أيام الجمعة والسبت والأحد”.
وفي يوم أمس توافد العديد من الإماراتيون على إمارة الشارقة لأداء صلاة الجمعة بعد قرار أبوظبي إلغاء عطلة الجمعة وتحديد وقت صلاة الظهر. وذلك في تعبير ضمني منهم لرفضهم لهذا القرار ولتأييد قرار الشارقة في الإبقاء على عطلة يوم الجمعة.
الغارديان ترصد أول جمعة عمل في الإمارات
نشرت صحيفة غارديان البريطانية (The Guardian) تقريرا عن تغيير دولة الإمارات عطلة الجمعة منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي قالت فيه إن بعض الشركات الخاصة استمرت بنظام العطلة يوم الجمعة كما هو الحال في دول الخليج الأخرى.
وأضافت أن الشركات انقسمت، حيث انتقل بعضها إلى عطلة نهاية الأسبوع على الطراز الغربي.
وأشارت إلى أن الناس أصبحوا يجمعون بين العمل وصلاة الجمعة، حيث تنتقل البلاد إلى عطلة نهاية الأسبوع يومي السبت والأحد.
وقالت إن الموظفين وأطفال المدارس كانوا يهرولون بين العمل والدراسة وصلاة الجمعة في أول يوم جمعة ينفذ فيه نظام العطلة الأسبوعية الجديد في الإمارات.
وأضافت أن المساجد بدت مزدحمة، حيث وصل المصلون كالمعتاد يحملون سجادات الصلاة، قبل أن يعود الكثير منهم في وقت لاحق إلى المكاتب.
وأوضحت أن استطلاعا للرأي أجرته شركة “ميرسر” (Mercer) للموارد البشرية أظهر أن من بين 195 شركة استطلعت آراءها كانت 23% فقط منها مستعدة للعمل يوم الجمعة بعد أداء الصلاة، وأكثر من النصف ستعتمد عطلة نهاية الأسبوع يومي السبت والأحد.
قلق من تأثير عدم التزامن مع دول المنطقة
ووجد استطلاع “ميرسر” أن ما يقارب ثلث الشركات كانت قلقة من تأثير عدم التزامن مع دول أخرى في المنطقة.
ونقلت عن البريطانية راشيل كينغ (27 عاما) -التي تعمل في مجال الضيافة وتعيش في دبي منذ 6 أشهر- قولها إنها تفضل أخذ إجازة نهاية الأسبوع يوم الجمعة، مضيفة أنه اليوم الذي يعرفونه ويحبونه جميعا، إذ يذهبون خلاله إلى أماكن معينة مفتوحة والقيام بأمور أخرى.
وقالت الصحيفة إن الإمارات أعلنت تغيير عطلة نهاية الأسبوع فجأة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث كانت تصارع المنافسة المتزايدة في الأعمال التجارية الدولية من دول الخليج الأخرى، خاصة السعودية.
ونسبت إلى رنا (موظفة في شركة لتنظيم المناسبات) القول إنهم يعملون كثيرا مع مصر السعودية.
ولاحظت غارديان أن الحي المالي في دبي كان هادئا بشكل غير معتاد يوم الجمعة، حيث تعمل أعداد كبيرة عن بعد، ولا سيما في ظل ارتفاع عدد الإصابات بـ”كوفيد-19″، ويقوم العديد من الأطفال أيضا بالدراسة عبر الإنترنت.
وسائل إعلام ونشطاء يفضحون سبب تغيير العطلة
حسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية فإن “دولة الإمارات أدخلت سلسلة من الإجراءات لتغيير التقاليد الإسلامية لجذب الجالية الأجنبية“.
وذكرت الصحيفة أن من هذه التغييرات التي تعد انقلابا في السياسة هي عدم تجريم الزنا، واستهلاك الكحول بدون ترخيص، وترخيص الماريجوانا.
وأشارت إلى أن آخر هذه التغيرات هو إلغاء الإمارات لعطلة الجمعة الذي يعتبر أهم يوم صلاة للمسلمين.
كما كشف عن إنتاج شركات عالمية آلاف الأفلام الإباحية وذلك تحت أعين السلطات.
وجاء الكشف عن هذه الفضيحة لدولة الإمارات من قبل المغرد العماني الشهير “الشاهين” في سلسلة تغريدات عبر حسابه “تويتر”.
وقال “حتى مطلع العام 2011، كانت الدولة المجاورة (الإمارات) من أكثر دول الشرق الأوسط تخلفًا في مجال أمن الاتصالات والسلامة المعلوماتية، بعكس جيرانها”.
وأضاف إن ذلك كان “بالرغم من جودة خدمات الاتصالات والإنترنت المقدمة وفق أفضل المعايير العالمية”.
وأردف الشاهين “إلا أن بنيتها التحتية (الإمارات) كانت هشة جدًا وسهلة الاختراق للغاية”.
وذكر أنه “بعد الأحداث الإرهابية في مدينة مومباي، توصلت السلطات الهندية إلى أن تنسيق العمل الإرهابي بالكامل تم في دبي وباستخدام هواتف بلاك بيري”.
ووفق الشاهين “عجزت الجهات الأمنية في دولة الجوار (الإمارات) وعلى مدار عام كامل عن تقديم أي أدلة تفيد السلطات الهندية”.
وبين أن ذلك “لعدم امتلاكها للإمكانيات الفنية أو الخبرات البشرية اللازمة”.
ونوه إلى أن الإمارات كانت تعاني في هذا الوقت من مشكلة أكبر تمثلت في وصول عدد الأفلام الإباحية المنتجة.
وذلك من شركات إخراج عالمية بقصد البيع والتوزيع على أراضيها قد تجاوز الأربعة آلاف فيلم.
وبين المغرد العماني الشهير أن بعض مخرجيها تعمدوا ترك زجاجات مياه “جيما” و”مسافي” ببعض لقطاتها.
فلسفة عطلة نهاية الأسبوع
ظهرت فكرة “نهاية الأسبوع” بشكلها الحالي لأول مرة في القرن التاسع عشر وتحديدا مع انطلاق الثورة الصناعية في بريطانيا.
فقد دأب البريطانيون على العمل بانتظام لكي يتمكنوا من الاستمتاع بيوم الأحد الذي يعد يوما مقدسا وعطلة رسمية في البلاد.
لكنهم تعودوا أيضا على التغيب عن العمل يوم الاثنين الذي ارتبط بالكثير من الأنشطة الترفيهية. وعُرفت تلك الممارسة الشعبية بيوم “الإثنين المقدس”.
ولاحقا، اضطر بعض أرباب العمل لإعطاء العمال إجازة نصفية يوم السبت مقابل ضمان حضورهم يوم الاثنين، واستغرق الأمر عقودا قبل أن تمد إجازة السبت من نصف يوم إلى يوم كامل في عدد من الدول الغربية.
يبدو أن رسالة المصلين في يوم الجمعة الماضية في إمارة الشارقة وصلت بشكل واضح إلى صانعي هذا القرار وهو أن الشعب لا يزال يعتبر يوم الجمعة يومهم المبارك و عيد المسلمين ولا يجوز أن يكون يوم عمل حتى ولو نصف دوام، وربما تشهد الأيام أو الأسابيع المقبلة تغيير بعض الإمارات الأخرى لهذا القرار وتتخذ خطوات مشابهة لخطوة إمارة الشارقة.
المصدر/ الوقت