ترسانة الکيان الصهيوني للأسلحة الكيماوية والصمت الغربي المريب
يحاول الکيان الصهيوني منذ نشأته زيادة قوته الرادعة، وفي نفس الوقت قدرته العسكرية ضد دول المنطقة، وكذلك ضد الفلسطينيين، من خلال الحصول على المعدات والأسلحة المختلفة، ليكون قادراً على متابعة أهدافه العدوانية في المنطقة بالاعتماد على هذه القدرة.
حدَّد الکيان عقيدته العسكرية على أساس الحرب الاستباقية باستخدام أي نوع من الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل والأسلحة البيولوجية والكيميائية. وبذلك، رفض الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية(NPT) ومعاهدة عدم انتشار الاسلحة الكيماوية، على الرغم من امتلاكه رؤوسًا حربيةً نوويةً وأسلحةً كيميائيةً مختلفةً.
وعلى الرغم من امتلاك واستخدام جميع أنواع القنابل والأسلحة الكيماوية وغير الكيميائية ضد شعب فلسطين ولبنان وسوريا، إلا أنه لم يتم معاقبة أو تقييد الکيان الإسرائيلي بسبب دعم الدول الغربية القوية له.
سجل استخدام الکيان الإسرائيلي للأسلحة الكيماوية
يعرّف مكتب الكونغرس لتقييم التكنولوجيا، الکيان الصهيوني بأنه قادر على شن الحرب الكيميائية وله برنامج حرب بيولوجية غير معلن، وأن هذا الکيان استخدم الأسلحة الكيماوية ضد الناس العاديين في أوقات مختلفة وخلال حروب مختلفة.
في شباط (فبراير) 2001، استخدم الکيان الإسرائيلي الغازات السامة ضد سكان قطاع غزة، مما تسبب في اختناق العديد من النساء والأطفال ونوبات التشنج. وفي 2 آذار (مارس) 2001، عاد مرةً أخرى إلى استخدام الغاز في قرية “البيرة” في قطاع غزة.
کما استخدم الکيان الإسرائيلي في عدوانه على لبنان وقطاع غزة أسلحةً محظورةً، وأربعة أنواع من الأسلحة غير المعروفة ضد اللبنانيين. وتشمل هذه الأسلحة القنابل العنقودية القادرة على تدمير الناس، القنابل الفسفورية التي لها القدرة على إحراق أي عنصر لتدمير المنازل، قنابل غير معروفة تنبعث منها غازات مجهولة ذات رائحة كريهة، والقنابل الكروية التي تتحول إلى 300 شظية بعد الانفجار ويمكن أن تغطي مساحة 200 × 400 متر.
إضافة إلى ذلك، فإن الإصابات التي لحقت بالفلسطينيين خلال قصف قطاع غزة هذا العام، تعكس أيضًا حقيقة أن الکيان الصهيوني استخدم اليورانيوم والأسلحة الكيماوية في هذه المنطقة.
وكما قال الأطباء النرويجيون في حديث لقناة “العالم”: “تم اكتشاف آثار اليورانيوم المنضب في المناطق التي تعرضت للقصف في قطاع غزة، ما يعني أن المحتلين استخدموا مواد كيميائية في الهجوم على غزة”.
وخلال حرب الکيان الإسرائيلي التي استمرت 11 يومًا ضد غزة في مايو 2021، استهدف جيش الاحتلال قطاع غزة بصواريخ تحتوي على مواد كيميائية وسامة.
وفي هذا الصدد، أفادت مصادر طبية في غزة باستشهاد عدد من الفلسطينيين بعد استنشاقهم غازات سامة أطلقها الجيش الإسرائيلي على غزة. وبحسب هذه المصادر، كانت هناك علامات واضحة على جثث المتوفين نتيجة استنشاق هذه الغازات السامة.
سوريا مثال علی السلوك الغربي المتناقض فيما يتعلق بالأسلحة الكيماوية
بعد اتهام الحكومة السورية باستخدام أسلحة كيماوية عام 2013، قررت الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، أن يكون لها وجود عسكري في سوريا، بدعوى أن الحكومة السورية قد تجاوزت الخطوط الحمراء.
وهكذا، في خضم الأزمة السورية، أصبح ذلك ذريعةً لزيادة الضغط السياسي والعسكري على البلاد، ونتيجةً لهذه الضغوط، وافقت حكومة بشار الأسد على قبول بروتوكول حظر انتشار الأسلحة الكيماوية، وبالتالي تم تدمير جميع الأسلحة الكيماوية في هذا البلد.
وبينما لا يوجد دليل على أن الحكومة السورية استخدمت أسلحةً كيماويةً ضد المتمردين المدعومين من الخارج، قال المتحدث باسم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي: إن “ما يستشهد به مسؤولون إسرائيليون وغربيون كدليل، لا يفي بالمعايير المطلوبة من قبل الأمم المتحدة”.
ولكن في الوقت الذي دمرت فيه سوريا أسلحتها الكيماوية بإشراف مفتشين دوليين، نشرت روسيا وسوريا تقارير مختلفة حول حيازة الإرهابيين أسلحةً كيماويةً. هذا في حين أن الکيان الإسرائيلي هو أقرب نظام من سوريا يمتلك هذه الأسلحة ويمکنه نقلها إلى الإرهابيين.
وعلى الرغم من إثبات حقيقة أن الکيان الإسرائيلي يستخدم الأسلحة الكيماوية، إلا أن الکيان لم يتعرض لأي ضغوط لتفكيك الأسلحة الكيماوية وتبني بروتوكول منع الانتشار.
المعايير المزدوجة في استخدام الأسلحة المحظورة
يأتي استخدام الکيان الإسرائيلي للأسلحة المحظورة، فيما يؤكد الصحفي الأمريكي سيمور هيرش في كتابه “اختيار شمشون”، نقلاً عن وكالة الأمن والاستخبارات الأمريكية: “يعود برنامج الأسلحة الكيماوية والبيولوجية الإسرائيلية إلى الستينيات، وإضافة إلى ذلك، قامت إسرائيل في الثمانينيات بتجهيز بعض الدول، مثل تايوان، بأسلحة كيماوية، ونقل تكنولوجيا الأسلحة الكيماوية إلى دول أخرى”.
كما اختبر الکيان الصهيوني أسلحةً كيماويةً في صحراء النقب، حسب التقييم الاستخباراتي الأمريكي، لکن لم تقابل هذه الإجراءات على مدار السنوات برد فعل من القوى الغربية، وخاصةً الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا، وقد لجأت هذه الدول إلى نوع من المعايير المزدوجة في سلوكها.
وفي هذا الصدد، أشارت سارة ولاستون، عضوة مجلس العموم البريطاني التي عارضت الحرب في سوريا في بداية الحرب، إلى الموقف المزدوج للدول الغربية تجاه استخدام أسلحة الدمار الشامل، وقالت: “إن الولايات المتحدة وهي ترسل أسلحةً خطرةً إلى السعودية، تعتزم مهاجمة سوريا بذريعة استخدام أسلحة الدمار الشامل، وهذا أمر غير مقبول لدى الرأي العام”.
وأضافت: “لقد استخدمت الولايات المتحدة والکيان الإسرائيلي الأسلحة الكيماوية كلما رؤوا ذلك مناسبًا، وقد ثبت استخدام الفسفور الأبيض من قبلهم ضد شعوب غرب آسيا عدة مرات، ولا شك أن الفسفور الأبيض سلاح كيماوي لأنه يحرق المصاب حتى عظمه؛ هذا سلاح فتاك، لكن لا أحد يجرؤ على القول إنه سلاح كيميائي، لأنه استخدم من قبل الولايات المتحدة والکيان الإسرائيلي، وهذا يثبت أن هذه سياسة مزدوجة”.
بدورها شددت زهرة أرشدي، نائبة ممثل إيران لدى الأمم المتحدة، في اجتماع عقد الشهر الماضي في مجلس الأمن الدولي حول غرب آسيا، على أنه: “لمن دواعي القلق البالغ أن الولايات المتحدة، بصفتها الطرف الوحيد في الاتفاقية الذي لا يزال يمتلك الأسلحة الكيميائية، لم تمتثل لالتزاماتها بشأن الموعد النهائي لتدمير الأسلحة الكيميائية، ولم يتحقق هذا الهدف حتى الآن؛ ومن العقبات الأخرى في هذا الصدد الافتقار إلى شمولية الاتفاقية، ولتحقيق هذا الهدف النبيل، يجب إجبار الکيان الإسرائيلي على الانضمام إلى هذه الاتفاقية دون أي شروط مسبقة أو تأخير”.
المصدر / الوقت