التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

جلوس الأمير الشاب على عرش الوالد… سياسة خاطئة ومسار وعر 

بعد الإعلان عن تدهور الحالة الصحية للملك سلمان بن عبد العزيز العاهل السعودي، والزيارة الأخيرة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الدول الخليجية بالتزامن مع التطورات السريعة في المنطقة، هنالك إشارات مختلفة على توفر الأرضية لجلوس ولي العهد السعودي الشاب على عرش والده.

تدهور الحالة الصحية للملك سلمان

تزايدت الشائعات حول إمكانية جلوس محمد بن سلمان علی العرش في السعودية، عندما أعلن “مجتهد”، الكاشف المعروف عن أسرار آل سعود، في تغريدة أن الديوان الملكي السعودي يستعد لإعلان حكم بن سلمان. بالطبع، لم تكشف المصادر السعودية بعد عن التوقيت المحدد للإعلان.

في ضوء التطورات الأخيرة في السعودية وجهودها لتغيير سياستها الخارجية، وكذلك التحركات المشبوهة لابن سلمان، يمكن الاستنتاج أن الأنباء المنشورة عن تحقيق ولي العهد السعودي الشاب لحلمه قد تكون صحيحةً.

بدأ محمد بن سلمان جولةً إلى الدول الخليجية في الأسابيع القليلة الماضية. وبصرف النظر عن الدوافع وراء جولة ابن سلمان، مثل تحسين صورته أو عدم التخلف عن الإمارات في السياسة الإقليمية والخارجية، تُظهر الأدلة أن الهدف الرئيسي لولي العهد السعودي كان تقديم نفسه على أنه الملك الرسمي للسعودية.

وفي العواصم الخليجية، أصدر ابن سلمان عددًا من البيانات المشتركة حول الشؤون الخارجية، بما في ذلك لبنان وأزمة العلاقات مع هذا البلد، وكلها تشير إلى أن الدول الخليجية متحالفة مع الرياض.

وبناءً على ذلك، يعتقد بعض المراقبين أن محمد بن سلمان ربما يكون قد أخذ البيعة من مشيخات الخليج الفارسي للتعاون معه في المرحلة التالية، وبعد إعلان حکمه علی السعودية.

جهود ابن سلمان في مجلس التعاون لتقديم نفسه كحاكم للسعودية

الأمر الآخر الذي يعزز فرضية بداية حکم بن سلمان هو غياب الملك سلمان عن المراسيم الرسمية، وآخرها الدورة الثانية والأربعون لمجلس التعاون. وقد أظهرت أجواء القمة أن الجهة الوحيدة المهتمة هي السعودية، وأن المشاركين توقفوا في الرياض لفترة وجيزة جداً.

كذلك، بينما توقع السعوديون عقد القمة بشکل مختلف وبحضور مکثف للقادة بعد اتفاق المصالحة بين السعودية والبحرين والإمارات مع قطر، وكذلك زيارة ابن سلمان للدول الخليجية، إلا أن الأمر لم يكن كذلك، وحتى أمير الكويت وملك عمان لم يحضرا الاجتماع.

كما ذكرنا، تغيب الملك سلمان عن اجتماع مجلس التعاون للمرة الأولى منذ توليه منصبه في السعودية، وتولى ابن سلمان إدارة الاجتماع دون أن يوضح سبب عدم حضور والده.

تشير التقارير الواردة من الديوان الملكي السعودي إلى أن الملك سلمان في حالة صحية سيئة، ويتلقى حاليًا العلاج الطبي في مدينة نئوم. ولهذا السبب، قد يعلن الأمير الشاب حکمه رسميًا في السعودية في أي لحظة.

بطبيعة الحال، فإن إلقاء نظرة على التطورات في السعودية منذ عهد الملك سلمان وولاية نجله محمد للعهد، يظهر أنه خلال هذه السنوات، كانت شؤون البلاد خارج سيطرة الملك إلى حد كبير، وعمليًا كان محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للسعودية. وعلى وجه الخصوص، فإن التغييرات التي أجريت في هذا البلد تحت مسمى برنامج “الإصلاحات”، تتعارض مع نهج الملك سلمان الحذر.

طريق ابن سلمان الخاطئ في الوصول إلى عرش السعودية

لم يستطع محمد بن سلمان إخفاء تعطشه لعرش والده منذ يوم انتخابه ولياً للسعودية، بمساعدة الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنير والانقلاب ضد ولي العهد السابق محمد بن نايف.

بالطبع، يعتقد الكثيرون أن الطريقة التي استخدمها ابن سلمان لتحقيق هذا الهدف، حتى لو تحقق، فستخلق له مشاكل جمة في المرحلة المقبلة من الحکم.

تزايدت حملة القمع ضد المعارضين المحليين بشكل كبير في السعودية بعد ولاية عهد الأمير بن سلمان في عام 2017، وشملت منتقدي محمد بن سلمان نفسه بالإضافة إلى منتقدي النظام السعودي.

كما أن اعتقال الأمراء السعوديين على نطاق واسع كان بأمر من ولي العهد السعودي الشاب وعديم الخبرة والمتعطش للسلطة، وأشهرها کان اعتقال شخصيات وأمراء سعوديين بارزين في فندق ريتز كارلتون بالرياض عام 2017.

ومن أهم الشخصيات السعودية التي تم اعتقالها في عهد بن سلمان وبناءً على أوامره، محمد بن نايف. الأمير ابن نايف، الذي بدأ حياته المهنية الأمنية في أواخر التسعينيات، أصبح وليًا للعهد للسعودية في عام 2015، لكنه فقد منصبه في عام 2017 بانتخاب محمد بن سلمان. حتی أنه لم يُسمح له بالسفر منذ عزله، وفقد مساعديه وهاتفه المحمول أيضًا.

وكان هذا الأمير السعودي قد اعتقل في مارس 2020 بتهمة التخطيط للانقلاب على محمد بن سلمان، وهو حاليًا في حالة صحية سيئة. حتى أن هناك أخبارًا نشرت مؤخراً عن وفاته في السجن.

و”أحمد بن عبد العزيز” و”فيصل بن عبد الله” و”بسمة بنت سعود” من بين أبرز الأمراء السعوديين الآخرين الذين يقبعون في السجن بأمر من ابن سلمان.

وإضافة إلى اعتقال أمراء سعوديين، فإن عددًا من المفتين والمبشرين السعوديين هم من بين شخصيات سعودية بارزة قد سجنوا في عهد ابن سلمان بتهمة حرية التعبير. وحسب مصادر معارضة سعودية، فإن العديد منهم يتعرضون لتعذيب شديد.

“جمال خاشقجي” هو أبرز منتقدي سعودي قُتل بوحشية في أكتوبر 2018 بأمر من محمد بن سلمان. وفي الواقع، كانت هذه الجريمة بمثابة فترة عزلة طويلة لولي العهد السعودي الشاب، وخاصةً في المجتمع الغربي.

إضافة إلى ذلك، يقر محمد بن سلمان نفسه أنه يغير القوانين التي يتم بموجبها إصدار الأحكام في المحاكم.

يعيش محمد بن سلمان في أجواء خاصة يحدد بموجبها الأولويات وأساليب التخطيط، ولا يهتم بتحديات البلاد من بطالة وفقر ونقص في السكن والخدمات وفساد الأجهزة الحكومية ومعاناة الشعب من القهر والظلم، وسيزداد الأمر سوءًا في الأيام المقبلة.

ومن بين التغييرات غير العادية والدراماتيكية التي قام بها ابن سلمان بذريعة إجراء إصلاحات في السعودية، يمکن الإشارة إلی السماح للسائحين الأجانب بشرب الكحول في الفنادق والوجهات السياحية في السعودية، إنشاء المزيد من النوادي الليلية، وإمكانية حرية الملابس والعلاقات بين الجنسين لجذب السائحين.

كما أن المهرجانات الغنائية بمشاركة مطربين أوروبيين وأمريكيين، من بين الأنشطة الأخرى للهيئة العامة للترفيه في السعودية خلال هذه السنوات. وتستضيف السعودية حالياً أكبر مهرجان موسيقي في الشرق الأوسط، بمشاركة مطربين من جميع أنحاء العالم.

وقد أثارت هذه التغييرات الرمزية غضب الشعب السعودي، وكذلك جزء كبير من مؤسسات المجتمع السعودي المحافظ.

إضافة إلى ذلك، فإن أكبر انتقاد لابن سلمان في الداخل والخارج، هو استمرار الحرب العبثية في اليمن. فإضافة إلى أن سجل حقوق الإنسان في السعودية يزداد سواداً بسبب قتل المدنيين اليمنيين، أثارت تكلفة شراء الأسلحة بمئات المليارات من الدولارات للسعودية في هذه الحرب احتجاجات قوية.

وبينما تظهر أبعاد جديدة كل يوم من هزيمة السعودية في الحرب اليمنية، ووصول صواريخ أنصار الله إلى الرياض؛ لم يتمكن محمد بن سلمان حتى الآن من إيجاد مخرج من هذا المستنقع، أو على الأقل تقليل الإنفاق المالي والسياسي السعودي.

تحديات ابن سلمان قبل الحکم وبعده

من ناحية أخرى، تربط السعودية حاليًا علاقات سيئة مع الأردن، كما أن علاقات الرياض مع مصر تعيش أجواءً متوترةً. والعلاقات بين السعودية والإمارات شديدة البرودة رغم المحاولات العديدة للتکتم علی ذلك.

كما أن للرياض علاقات سطحية مع قطر، وعلاقاتها مع الجزائر والعديد من دول المغرب العربي ليست على مستوى جيد. إضافة إلى ذلك، نرى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، الحليف الاستراتيجي للسعودية، لم يجرِ حتی محادثة هاتفية واحدة مع محمد بن سلمان.

حسب ما قيل، نجد أن محمد بن سلمان يستعد للجلوس على عرش السعودية بينما يواجه موجة تحديات وانتقادات من الداخل والخارج. كذلك، فإن الأمراء السعوديين الذين يجب أن يبايعوا ابن سلمان، هم الآن إما في السجن أو تحت الإقامة الجبرية.

کما يظهر غياب الملك سلمان عن كل المشاهد في السعودية أن مهامه قد انتقلت إلى ابن سلمان، وهو في الواقع الملك غير الرسمي للسعودية. وقال دبلوماسي غربي، تحدث لوكالة فرانس برس شريطة عدم الكشف عن هويته، إن أي اتفاق مع الديوان الملكي لن يتم إلا من خلال مكتب ولي العهد، ولا توجد هناك صورة للملك العجوز.

وعليه، فإن الإعلان الرسمي عن حكم محمد بن سلمان مرجح جدًا في المستقبل القريب؛ ولكن كما سبقت الإشارة، فإن طريقه الخاطئ لتحقيق هذا الهدف قد جعل الطريق وعراً لولي العهد الشاب، وسيكون التحدي الأكبر الذي سيواجهه منذ اليوم الأول لتوليه العرش، هو الانتفاضة الشعبية وانقلاب الأمراء.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق