الهجوم على البعثات الدبلوماسية؛ لعبة امريكية في قلب بغداد
في الأيام القليلة الماضية، عقب أزمة العراق بعد انتخابات 10 أكتوبر 2021، هاجمت مجموعات مجهولة مقرات الأحزاب السياسية والبعثات الدبلوماسية في أحداث غامضة.
أساس القصة هو أنه في هجمات مختلفة، أولاً، تعرضت مقرات الائتلافات السنية لهجوم من قبل مجهولين، ثم في مساء يوم 13 كانون الثاني (يناير) 2022، تعرضت السفارة الأمريكية لهجوم من قبل قوة مجهولة بصاروخين صدتها منظومة الدفاع الجوي “سيرام” المتمركزة في المنطقة الخضراء. أثارت هذه الموجة من الهجمات مجموعة واسعة من ردود الفعل من مختلف التيارات السياسية. من ناحية أخرى، نفت جماعات المقاومة صراحة أي تورط لها في الهجمات، واصفة إياها بالفتنة والعملياتية مع أهداف محددة وراء الكواليس. من ناحية أخرى، عزت بعض التيارات، مثل مقتدى الصدر وتيارات مقربة من الأمريكيين، الهجمات إلى جماعات المقاومة. لكن السؤال الآن ما هي اهداف الهجمات الغامضة الأخيرة وفي مصلحة أي من التيارات السياسية؟
– توسيع الصدع بين الصدر وبين الإطار التنسيقي الشيعي
من أهم اهتمامات الولايات المتحدة الأمريكية في مشهد التطورات السياسية والميدانية في العراق في الوقت الحاضر هو نهج التيارات المعادية للولايات المتحدة تجاه بعضها البعض ودخولها في تحالف. في غضون ذلك، دعت كل من فصائل المقاومة والتيار الصدري في السنوات الأخيرة صراحة إلى إخراج المحتلين الأمريكيين، لكن واشنطن تعتزم الآن التآمر لمهاجمة المواقع الدبلوماسية والمقرات، في ظل الخلافات بين مقتدى الصدر الإطار التنسيقي الشيعي، تسعى واشنطن أن تستخدم هذا الخلاف لإحداث الانقسام ومنع تشكيل التوافق في البيت الشيعي. مما لا شك فيه أن استجابة مقتدى الصدر السريعة لهذه الأحداث، والتي كان موضوعها الأساسي انتقاد جماعات المقاومة، كان بالضبط ما توقعه الأمريكيون.
– تقليل الضغط على الولايات المتحدة للانسحاب من العراق
في الآونة الأخيرة، وعلى الرغم من الإعلان عن انتهاء العمليات القتالية الإرهابية الأمريكية في العراق نهاية عام 2021، انتقد جزء كبير من الرأي العام العراقي والتيارات السياسية، برود الحكومة المركزية في تنفيذ الاتفاق ودعوا الحكومة إلى الجدية في تنفيذ قرارها، وقد أدى ذلك إلى ضغوط واسعة النطاق من أجل انسحاب القوات الأمريكية. ونتيجة لهذا الاتجاه، يبدو أن الأمريكيين يحاولون الآن تخفيف الضغط على موضوع الانسحاب من العراق من خلال تصميم الهجمات الغامضة الأخيرة من ناحية، ومن ناحية أخرى، تأمل واشنطن أن تكون هذه الهجمات هي الأساس في تهيئة الظروف اللازمة لهم للبقاء في العراق.
– محاولات لإثارة موضوع نزع سلاح المقاومة
على مدى السنوات القليلة الماضية، حاول الأمريكيون جنبًا إلى جنب مع وسائل الإعلام العربية والصهيونية أن يجعلوا مسألة نزع سلاح مجموعات المقاومة جزءًا من أجندة الحكومة العراقية. في الوضع الحالي، ومع الهجمات الغامضة الأخيرة، تحاول تغيير أولويات الحكومة العراقية المستقبلية من طرد القوات الأمريكية إلى ضرورة نزع سلاح فصائل المقاومة من خلال إظهار القمع في ذهن الجمهور. يسعى الأمريكيون إلى جعل مسألة نزع سلاح الجماعات المقاومة على رأس أولويات السياسة العراقية من خلال عدم إظهار قدرة الحكومة على السيطرة على جيشها، لا سيما من خلال التقديم التعسفي للجماعات التابعة لمجموعة الحشد الشعبي. خططهم الشريرة لإضعاف محور المقاومة.
– التأثير السلبي على العلاقات بين بغداد وطهران
هدف آخر محدد لواشنطن في التخطيط للهجمات الأخيرة هو تمهيد الطريق لتأثير سلبي على العلاقات الجيدة بين إيران والعراق. يحاول الأمريكيون، إلى جانب اللوبي الصهيوني العربي، تصوير مجموعات المقاومة المعروفة بأنها مقربة من إيران وعامل في انعدام الأمن والأزمة في العراق، من أجل تصوير طهران على أنها سبب المحنة الحالية في العراق. حتى الخطة الكبرى لواشنطن تتضمن أن يضع الرئيس المقبل للحكومة العراقية على جدول أعماله خطة لتقليص العلاقات مع إيران. وتأتي هذه الدعاية في سياق أنه في السنوات القليلة الماضية كان الهدف العملياتي لمجموعات المقاومة العراقية هو القوات والقواعد العسكرية الأمريكية والقوافل، ولم تكن السفارة هدفًا عسكريًا لها.
مما لا شك فيه أنه إذا أرادت فصائل المقاومة العراقية مهاجمة السفارة الأمريكية وإظهار قوتها فلن تكون هناك إمكانية لأمريكا لمواجهة ذلك. لذلك، فإن تصميم هجوم بصاروخين دمرهما نظام “سيرام” يشبه إلى حد كبير سيناريو معد مسبقًا.
المصدر/ الوقت