خلفية وأسباب تكثيف أنشطة داعش بالتزامن مع الأزمة السياسية في بغداد
-وسط اضطراب الأزمة السياسية بشأن تشكيل حكومة جديدة في العراق، هاجمت المليشيات التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، صباح 21 كانون الثاني / يناير 2022، ثكنة للجيش العراقي في شمال بغداد. وحسب مصادر حكومية فقد قتل 11 جنديا عراقيا قُتل أثناء نومهم. وتقع الثكنات على بعد 120 كيلومترا شمال بغداد عاصمة العراق. واجتذب هجوم تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي على الثكنات شمال بعقوبة في محافظة ديالى اهتمامًا إعلاميًا وسياسيًا بسبب طبيعته الفتاكة وكثرة الخسائر في صفوف الجيش العراقي. والسؤال المطروح الآن هو، ما هي أسباب التحركات الجديدة لداعش ولماذا حدثت العملية المميتة الأخيرة بالقرب من بغداد؟
تكثيف هجمات تنظيم الدولة الإسلامية
على الرغم من تدمير الخلافة المزعومة لداعش وأبو بكر البغدادي في عام 2017 بجهود قوات الحشد الشعبي والجيش العراقي، لا تزال بقايا هذه المجموعة الإرهابية وخلاياها الصغيرة موجودة في العراق، حيث قامت الخلايا السرية للتنظيم بشكل متكرر بمهاجمة قوات الأمن ومحطات الطاقة وحتى التجمعات العامة والمناطق الريفية في السنوات الأخيرة، لكن الجدير بالذكر أنه في الأشهر الأخيرة من عام 2021، مع مغادرة المحتلين الأمريكيين، كانت أنشطتهم غير مسبوقة فيما يسمى بالمناطق “المتنازع عليها”. إذ نفذت عناصر من تنظيم داعش الإرهابي، في الشهرين الأخيرين من عام 2021، هجمات غير مسبوقة في مناطق شمال كركوك ومحافظة نينوى. وأفادت الأنباء أن قاعدة لواء البيشمركة الكردية 126 على الحدود بين كركوك وأربيل تعرضت للهجوم في الأيام الأخيرة، مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة خمسة. خلال هذا الوقت، هاجم إرهابيو داعش قاعدة اللواء الخامس بالقرب من منطقة كالاجو في إقليم كردستان العراق في السليمانية، مما أسفر عن مقتل أكثر من خمسة من قوات البشمركة وإصابة خمسة آخرين. كما اكدت مصادر ميدانية مقتل اربعة من عناصر البيشمركة الكردية واصيب سبعة اخرون في الهجوم الارهابي الذي وقع قرب قرية قره سالم بناحية التون كوبري. وفي هجمات أخرى، داهم عناصر من تنظيم داعش الإرهابي منزلاً في قرية خدرجيجه في جبال قره جوخ، مما أسفر عن استشهاد 13 مدنياً وعسكريا في محاولة لإظهار قوتهم. في الوضع الجديد، نرى أن تنظيم داعش استهدف ثكنة للجيش العراقي في محافظة ديالى، ما أسفر عن مقتل 11 جنديًا عراقيًا. لا شك أن تكثيف عمليات داعش وتغيير آليتها الهجومية في مراحل مختلفة يعتمد على متغيرات وسياقات محددة تحتاج إلى تحليل.
تمهيد الطريق لتعزيز تنظيم الدولة الإسلامية في خضم أزمة القوى السياسية العراقية
يأتي هجوم داعش الأخير على قاعدة للجيش العراقي شمال بعقوبة في وقت كان التركيز الرئيسي للحكومة العراقية والتيارات السياسية على مسألة تشكيل الحكومة الجديدة. مما لا شك فيه أن أجواء الفراغ والأزمة السياسية مهدت دائمًا الطريق أمام حركة الجماعات الإرهابية. في السياق الحالي، يبدو أن النزاع على تشكيل الحكومة الجديدة قد وفرت أيضًا مثل هذه الأجواء لتنظيم داعش الإرهابي للاستفادة من إهمال الجيش العراقي من أجل تجديد وتقوية قواته. بشكل عام، يمكن القول الآن أن الأزمة السياسية في بغداد، بسبب مبالغة بعض التيارات السياسية، وجهت ضربة لتماسك ووحدة القوات العسكرية العراقية في مكافحة الإرهاب، وعلى وجه الخصوص جماعة داعش الإرهابية. أولئك الذين استخدموا أمن العراق كلعبة سياسية في الصراع على السلطة في المنطقة الخضراء هم أيضًا عامل رئيسي في إعداد الجماعات الإرهابية لتحركات جديدة في الوضع الحالي.
خسائر الجيش والبيشمركة ضد داعش وعجز الإرهابيين عن مواجهة الحشد الشعبي
هناك نقطة أخرى يجب مراعاتها عند تحليل ترتيب هجوم داعش على الجيش العراقي وهي تجنب المجموعة الإرهابية مواجهة قوات الحشد الشعبي. في الواقع، في العامين الماضيين، لعبت قوات الحشد الشعبي في أجزاء مختلفة من العراق دورًا مهمًا في قمع وتدمير فلول داعش، مما أدى إلى التضييق على نشاطات داعش في وسط وشرق وجنوب العراق. في حالة الصراع هذه الذي نشهد فيها فراغًا في السلطة، نجد أنهم اختاروها وقتا مناسباً لأنشطتهم السرية. النقطة التي يجب مراعاتها هي أن جميع هجمات داعش على الحشد الشعبي لم تفشل فقط، بل تم تدمير بقايا هذه المجموعة في مناطق مختلفة. وهذا يشير إلى أنه على عكس مزاعم الأمريكيين وما يسمى بالتحالف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية، فإن الجيش العراقي وقوات البيشمركة ليس لديهم ما يكفي من التدريب والقدرات للتعامل مع فلول تنظيم داعش الإرهابي، وتُظهر خسائرهم الكبيرة في مواجهة هجمات داعش بوضوح أن الجيش العراقي هو ضحية للعبة سياسية للسياسيين المقربين من واشنطن.
المصدر/ الوقت