الغواصات أخطر قضية فساد أمني في تاريخ “إسرائيل”
صادقت الحكومة الإسرائيلية، الأحد، على تشكيل لجنة تحقيق حكومية في صفقة شراء غواصات وسفن حربية ألمانية، يشتبه في حصول ضباط كبار ومقربين من رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو على رشاوى لتمريرها.
جاء ذلك، استجابة لاقتراح تقدم به وزير الدفاع بيني غانتس بدعم من وزير الخارجية يائير لابيد، بعد 5 سنوات من الكشف عن القضية.
وامتنع رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، خلال الجلسة الأسبوعية، عن التصويت على قرار التشكيل، فيما عارضته وزيرة الداخلية أييلت شاكيد من حزب يمينا، وحظي القرار بتأييد 26 صوتاً في الحكومة.
وجاء في قرار التكليف بتشكيل لجنة التحقيق أن تتولى اللجنة، التحقيق في العمليات المتعلقة بشراء آليات بحرية والصفقات المرتبطة بها، والتي تمت في الفترة بين عامي ٢٠٠٩ و٢٠١٦، وتتضمن شراء سفن الحماية من نوع ساعر 6، وشراء غواصات من فئة AIP، وشراء سفن مضادة للغواصات.
وتتعلق “صفقة الغواصات” أو القضية 3000 بالتحقيق في عمولات مزعومة في صفقة لشراء 6 غواصات من شركة تيسنكروب الألمانية، وكذلك الموافقة على بيع ألمانيا غواصتين من نوع “دولفين” وسفينتين مضادتين للغواصات إلى مصر.
ويشتبه في حصول ضباط كبار ومقربين من رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو على رشاوى لتمرير صفقة الغواصات عام 2012.
وقد صوت 26 وزيرا لصالح الاقتراح، مقابل وزيرة الداخلية أيليت شاكيد التي صوتت ضده، في حين امتنع رئيس الوزراء نفتالي بينيت عن التصويت، حسب قناة “كان” الرسمية.
وقال بينيت، مبررا رفضه التصويت، إنه يخشى استخدام القضية لغرض تغذية المناكفات السياسية والخلافات والكراهية.
وكان وزيرا الدفاع بيني غانتس والخارجية يائير لبيد من بين المبادرين لتشكيل هذه اللجنة، على خلفية شبهات فساد ومخالفات أمن قومي، قد يكون نتنياهو متورطا فيها حيث يُتهم بأنه أبرمها من خلال وسطاء ومقربين منه، دون استشارة الجهات الأمنية والعسكرية ذات الاختصاص.
وبمجرد تعيين نتنياهو رئيساً للوزراء عام 2009، شرع في سلسلة من صفقات شراء الغواصات والسفن بمليارات الدولارات، على الرغم من معارضة الجيش والمؤسسة الدفاعية.
وقال نتنياهو عندما تفجرت القضية في فبراير/شباط 2017 “تعزيز القوة الأمنية لإسرائيل هو الاعتبار الوحيد الذي وجهني لشراء الغواصات”، وفق المصدر ذاته.
وفق لوائح الاتهام المقدمة في القضية، طالب ضباط كبار وأشخاص مقربون من نتنياهو بتقاضي رشاوى للمضي قدماً في تلك الصفقات.
وكانت النيابة العامة وجهت في ديسمبر/كانون الأول 2019 لائحة اتهام ضد مقربين من نتنياهو بالقضية ذاتها، لكن لم يدرج اسم الأخير على لائحة المشتبه بهم.
انتقادات حادّة
وحسب القانون الإسرائيلي، تعقد اللجنة جلساتها بصورة علنية ومفتوحة، ما عدا الجلسات التي تناقش قضايا أمنية سرية. وبعد إصدار اللجنة تقريرها النهائي يتوجب على الحكومة مناقشته في جلساتها العادية.
واللجنة ليست لجنة تحقيق جنائية، لكن في حال توصلت لاستنتاجات بوجود شبهات جنائية، تحول الملفات إلى المستشار القضائي للحكومة لمعالجتها، بما فيها الطلب من الشرطة فتح تحقيق ومتابعته من قبل النيابة العامة.
وبذل العديد من الساسة الإسرائيليين جهوداً لتشكيل اللجنة منذ سنوات، إلّا أن الحكومات السابقة برئاسة نتنياهو تمكنت من إجهاض تلك المحاولات على الرغم من الانتقادات الحادة من قبل مسؤولين أمنيين سابقين في الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية الأخرى المطالبة بالتحقيق في كيفية اتخاذ القرارات بشراء عدد أكبر من المطلوب من الغواصات على حساب منظومات قتالية أخرى.
وطالب المسؤولون السابقون تحديد المسؤول عن هذه القرارات، وكيفية اتخاذها بعيداً عن وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وقائد سلاح الجو والأجهزة المختصة بشراء الأسلحة للجيش، وكيف لم يتم عرضها على المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية.
“فساد أمني”
وتحوم شبهات حول أن رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك، بنيامين نتنياهو، كان في وضع تناقض مصالح عند إبرام تلك الصفقات، لأن أحد أفراد عائلته كان على علاقة مع حوض بناء السفن الألماني “تسنكروب”، الذي وقع عليه الاختيار لتوريد الصفقات المشار إليها، فضلاً عن أن نتنياهو كان شريكاً له في بعض أعماله في مرحلة سابقة.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، الأحد، عبر تويتر، إن صفقة الغواصات هي أخطر قضية فساد أمني في تاريخ إسرائيل.
وأضاف لبيد: “وعدت ألا ألتزم الصمت أو أرتاح حتى يتم تشكيل اللجنة وأوفينا”، وذلك قبل تصويت الحكومة خلال جلستها الأسبوعية في وقت لاحق على تشكيل لجنة تحقيق حكومية في القضية بعد نحو 5 سنوات على الكشف عنها.
وتابع: “قضية الغواصات والسفن هي أخطر قضية فساد أمني في تاريخ إسرائيل، ومن الضروري قلب كل حجر للوصول إلى الحقيقة”.
وبينما تطفو قضية الغواصات على السطح، أبرمت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، صفقة بقيمة 3 مليارات يورو (3.4 مليار دولار) لشراء 3 غواصات متطورة من ألمانيا.
وقالت حكومة الاحتلال إنّ الغواصات التي تعمل بالديزل والكهرباء من فئة “داكار” ستنتجها مجموعة “تيسين كروب” الألمانية، ومن المتوقع أن يتم تسليمها في غضون 9 سنوات، مؤكّدةً أنّ “الحكومة الألمانية سوف تغطي جزءاً من تكلفة الغواصات”.
ومن الجدير ذكره أنّ سلاح البحرية في جيش الاحتلال يعاني من نقاط ضعف مزمنة، فبحسب التقرير السنوي لـ”غلوبال فير بور”، فإنّ “ترتيب قوة سلاح البحرية الإسرائيلي عالمياً بناءً على عدد كبير من المؤشرات هو 44، بينما تحتل دول أخرى في المنطقة مراكز أكثر تقدماً مثل مصر 12، وتركيا 18 وإيران 22″، حسب منهجية الترتيب للموقع نفسه.
كما أنّ الصفقة تتزامن مع تعاظم القلق الإسرائيلي من تطور قدرات البحرية الإيرانية التي تحدت الأسطول الخامس الأميركي أواخر العام الماضي.
المصدر / الوقت