التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

ما هي أهداف زيارة الوفد الإسرائيلي الأخيرة إلى السودان 

كشفت مصادر إعلامية عبرية، أن طائرة إسرائيلية حطت في العاصمة السودانية الخرطوم الأسبوع الماضي، وقالت إن الطائرة انطلقت من مطار “بن غوريون”، وتوقفت في شرم الشيخ في مصر للحصول على مسار طيران، ومن هناك اتجهت إلى السودان.

ولم تكشف عن أسماء المشاركين في الوفد الإسرائيلي الذي يزور السودان أو طبيعة عملهم.

من جهتها قالت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، في نبأ مقتضب، إن وفدا إسرائيليا وصل العاصمة السودانية، فيما لاذت الخرطوم بالصمت، بينما لم تذكر هيئة البث، مزيدا من التفاصيل حول زيارة الوفد الإسرائيلي.

هذا الصمت من كلا الجانبين حول تفاصيل الزيارة، تستبطن منه عدة أوجه حول الدور الإسرائيلي في دعم المكون العسكري الذي ابتدر معه عملية التطبيع بعد أن أقدم رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، في خطوة مفاجئة بلقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو في 3 فبراير/ شباط 2020، في أوغندا.

وتعليقاً على هذه الزيارة يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الطاهر ساتي، أن زيارة الوفد الإسرائيلي إلى الخرطوم جاءت “لعرض وساطة تل أبيب في حل الأزمة السودانية”.

وقال ساتي: “تختلف مهام هذا الوفد الإسرائيلي الذي زار الخرطوم في أن مهامه سياسية أكثر منها أمنية، وجاء للتوسط لحل الأزمة السياسية”.

وأشار إلى أن الوفد الإسرائيلي ناقش مع واشنطن سبل حل الأزمة، بما يحقق مصالحه من التطبيع مع السودان.

ولفت ساتي، الذي يرأس تحرير صحيفة “اليوم التالي” السودانية، إلى أن “الوفد الإسرائيلي لديه مهام أخرى تتعلق باستكمال عملية السلام والتطبيع مع الخرطوم”.

كما ذكرت مصادر سودانية أن دخول إسرائيل على خط الوساطة في الأزمة السودانية لا يخلو من حسابات أمنية واستراتيجية للكيان الصهيوني، الساعي إلى تطبيع علاقته مع الخرطوم المترددة، والتي يتهددها إقصاء المكون العسكري من إدارة المرحلة الانتقالية وتسليم السلطة للمدنيين بشكل كامل.

وقالت ذات المصادر إن تل أبيب، بالتنسيق مع واشنطن، دخلت في مفاوضات ثنائية مع المكون العسكري، الذي لا يرفض تطبيع العلاقات معها على عكس المدنيين الرافضين لذلك.

وأشارت المصادر إلى أن تل أبيب ستحاول الضغط على قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان لتقديم تنازلات أكبر للمكون المدني، تضمن استمرار الشراكة معه وبالتالي الإبقاء على حظوظ التطبيع قائمة.

ولم يعد سرا أن تزور الوفود الإسرائيلية الخرطوم، أو أن تتلقى تل أبيب دعوات من واشنطن للطلب من المكون العسكري السوداني العودة إلى المرحلة الانتقالية بقيادة مدنية.

وتأتي الزيارة في ظل أزمة سياسية حادة يعيشها السودان، منذ أن أعلن الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي حالة الطوارئ، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات باعتبارها “انقلابا عسكريا”.

ومنذ استقلال السودان في 1956، لم تنشأ أي علاقات ثنائية بين تل أبيب والخرطوم، بل شاركت الأخيرة في الحروب التي شهدتها المنطقة العربية ضد إسرائيل، وأرسلت جنودا للقتال في حربي 1967 و1973، كما شارك متطوعون سودانيون في حرب 1948.

وأثار الإعلام الإسرائيلي عاصفة من التساؤلات حول تأثير سيطرة الجيش على مقاليد الأمور في السودان، في ظل قلق دولي على تطورات الأوضاع. وفي اليوم التالي من إجراءات الجيش السوداني في السادس والعشرين من أكتوبر الماضي، قالت هيئة البث “في إسرائيل، جرت عدة مشاورات بشأن الانقلاب”.

وأضافت “حسب مصادر معنية بالموضوع، من المرجح أن تؤدي التحركات الأخيرة إلى تأخير انضمام السودان الرسمي إلى اتفاقات أبراهام (اتفاقيات التطبيع)”.

وتساءلت صحيفة جروزاليم بوست العبرية “هل يضر انقلاب السودان بالعلاقات الإسرائيلية؟”. وتعكس الرغبة الأميركية في حل الأزمة السودانية ضرورة العودة إلى المسار المدني خلال المرحلة الانتقالية وصولا إلى الانتخابات.

وفي السابع عشر من نوفمبر الماضي، أفاد إعلام عبري بأن ممثلة واشنطن لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد طلبت من وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، “التدخل” في أزمة السودان، والعودة إلى “المرحلة الانتقالية بقيادة مدنية”.

وتمحور الطلب الأميركي حول ضرورة ضغط إسرائيل “لتشكيل حكومة في السودان، وإنهاء الانقلاب العسكري”. وفي الثالث والعشرين من نوفمبر الماضي، اتهمت وزيرة الخارجية السودانية السابقة مريم المهدي إسرائيل بـ”دعم” ما وصفته بـ”الانقلاب العسكري” الأخير في بلادها.

وفي دليل واضح على دعم إسرائيل لانقلاب العسكر في السودان كشفت وسائل إعلام عبرية، عن أن لقاء الوفد الإسرائيلي في العاصمة الخرطوم الأسبوع الماضي كان مع قادة العسكر فقط.

وفي هذا السياق قالت قناة “كان” العبرية، إن مسؤولين حكوميين في الخرطوم عبروا عن استيائهم من زيارة الوفد الإسرائيلي الأسبوع الماضي للعاصمة السودانية، والتي تضمنت لقاءً فقط بالعسكريين.

كما نقلت الهيئة العبرية عن مصدر في الخارجية السودانية قوله، إن الانطباع العام أن إسرائيل تدعم الجيش والانقلاب الذي قاموا به.

وكانت “القوى الشعبية لمقاومة التطبيع في السودان” (قاوم) أصدرت الأسبوع الماضي بيانا، نددت فيه بزيارة الوفد الإسرائيلي للبلاد.

وقالت “قاوم” إنها ترفض كل علاقة مع هذا الكيان انطلاقا من مبادئ أهل السودان النابعة من عقيدتهم والمتسقة مع كل قيم الإنسانية والفطرة السوية التي ترفض التعامل مع المعتدي والظالم والمغتصب. وتمكين عدوها من نفسها مهما كانت براعة الحيل ونفاق المخابرات.

كما أكدت أن ما أقدمت عليه حكومة الفترة الانتقالية بشقيها العسكري والمدني، من بسط العلاقة مع إسرائيل لم ولن يجني منه السودان أي فائدة بقدر ما جنته تل أبيب من فوائد لا تحصي ولاتعد. مشددة على أن تلك الخطوات كانت دون تفويض شعبي ولا سند قانوني.

ويرى محللون أن زيارة الوفد الإسرائيلي في هذا التوقيت الذي يشهد تصاعد الاحتجاجات في البلاد، تأتي في إطار دعم المكون العسكري الذي سار في مشروع التطبيع بكل جرأة. خلافاً للمكون المدني الذي لم يكن راغباً في العلاقة مع إسرائيل.

وتعد هذه الزيارة الأحدث لوفد إسرائيلي ديبلوماسي إلى الخرطوم، وما رافقها من ترحيب حارّ حرصت عليه الطبقة العسكرية السودانية الحاكمة، دليلاً إضافياً على أن التطوّرات الأخيرة في هذا البلد لم تُغيّر شيئاً في تطلّعات حُكّامه، وإن كان التنافس على السلطة تحت السقف الأميركي لا يفسد للودّ قضية في كلّ ما يتّصل بالعلاقات مع إسرائيل.

وعلى رغم أنه لم يَصدر عن أيّ من المسؤولين الإسرائيليين أيّ تصريح في شأن أهداف الزيارة ونتائجها، إلّا أنه يمكن استنباط دلالاتها من سياقها الحسّاس جدّاً بالنسبة إلى تل أبيب، حيث تتزاحم التطوّرات الشاغِلة للكيان العبري، وعلى رأسها تَوجُّه الإدارة الأميركية إلى التخفُّف من كلّ ما يثقل على توجّهاتها الدولية التي باتت تتقدّم مصالح أتباعها في المنطقة.

وبالنسبة إلى تل أبيب، ليس الوساطة كما يروج له، بل إن تعزيز علاقاتها مع الدول المُطبِّعة عموماً، يفيدها في منْع تعاظم المخاطر الأمنية عليها، في ظلّ تَعذُّر القدرة الذاتية لديها على صدّها، والتوجُّه «الانكفائي» النسبي الأميركي عن المنطقة، ضمن مُحدّدات خاصة لا تتساوق تماماً مع المصالح الإسرائيلية.

وفي الحالة السودانية خصوصاً، باتت إسرائيل، التي كان السودان مثار قلق لها بوصْفه ممرّاً لتعزيز قدرات أعدائها في الدوائر المحيطة بها وعلى رأسها قطاع غزة، تَنظر إلى هذا البلد باعتباره خطّاً دفاعياً عن أمنها، ناهيك عن ما يمكن أن يفيدها به استخبارياً ودفاعياً، ربطاً بجغرافيّته المترامية وساحله الطويل على البحر الأحمر.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق