سياسي لبناني: اللبنانيون يريدون تعزيز العلاقات مع إيران والشرق
في ظل الضغوط والحصار الخانق الذي فرضته أمريكا على لبنان، وكذلك حملة العقوبات الواسعة التي شنتها مؤخراً دول الخليج الفارسي ضد هذا البلد، يعاني اللبنانيون من وضع اقتصادي ومعيشي مزري، من جهة أخرى، تتزايد موجة المؤامرات الغربية – الأمريكية – العربية في لبنان بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في هذا البلد.
وفي هذا السياق، تحدث “كمال شاتيلا” رئيس المؤتمر الشعبي الناصري اللبناني، عن آخر المستجدات والأوضاع في لبنان، واصفاً الأوضاع في البلاد بالكارثية، وانتقد الولايات المتحدة بسبب الحصار السياسي والاقتصادي الذي تفرضه على لبنان. و أشار إلى قضية تفجير مرفأ بيروت، قائلاً إن التحقيق في القضية تجاوز المسار القضائي الى المسار السياسي وهذا الأمر فضيحة كبيرة. لأن اللبنانيين وأهالي الضحايا لهم الحق في معرفة الحقيقة كما هي.
كما أعلن كمال شاتيلا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بلد إقليمي كبير بوجه الصهيونية والاستعمار. استطاعت الثورة الإيرانية الناجحة أن تحقق تقدما صناعيا ونوويا وعلميا وتكنولوجيا. كما أنها كانت دائما على استعداد لمساعدة لبنان في مشاريع الكهرباء والمياه والتقنية وخاصة الأدوية ، وهي تقدم كل ذلك دون أي شروط سياسية ، إلا أن بعض الأطراف اللبنانية داخل وخارج البلاد يعارض مثل هذه المساعدة لأسباب مختلفة من بينها الضغط الأمريكي.
وأشار إلى ان الوضع في لبنان كارثي لعدة أسباب. حيث تخلت الطبقة السياسية، التي استولت على السلطة في لبنان منذ عام 1992 باتفاق إقليمي ودولي ، عن الدستور في إطار التوافق الوطني وصاغت دستورها الخاص ، الأمر الذي يقوض فعليا استقلال لبنان ويؤكد الطائفية. كما ان قانون الانتخابات النيابية يتعارض مع الدستور ونتائجه الكوارث التي نراها.
وأوضح ان الناتو دعم الطبقة الحاكمة في لبنان، واليوم نراه ينتقدها. لقد حاصرت الولايات المتحدة لبنان سياسياً واقتصادياً. واشنطن تبحث عن الفساد في لبنان ولا تريد إقامة توازن رادع بين المقاومة اللبنانية والعدو الصهيوني ليتمكن العدو من احتلال لبنان من جديد. تحاول الولايات المتحدة تقديم دستور فيدرالي كبديل للإجماع الوطني اللبناني الذي يؤكد على وحدة لبنان وعروبة لبنان واستقلاله ، ولكن مع ذلك ، فإن المعارضة الشعبية اللبنانية للمشروع الأمريكي مستمرة وتتزايد ، لذلك واشنطن لن تكون قادرا على إكمال جميع الأجزاء الجهنمية لهذا المشروع.
أما عن مبادرة حزب الله لإحياء الحكومة، فلا بد أن أقول إن هذا القرار صائب بما ينسجم مع رغبات الشعب، رغم أننا لا نملك حكومة جيدة ، لكنه في كل الأحوال هو أفضل من فراغ سياسي.
ولفت شاتيلا الى ان إجراء الانتخابات في موعدها يواجه العديد من الصعوبات، ومن أهم أسباب ذلك شعور القوى السياسية الحاكمة بأن قواعدها الشعبية باتت مهزوزة. غالبية الناس الذين انتفضوا ضد هذه الطبقة السياسية الحاكمة طالبوا بالتغيير واستعادة الوحدة الوطنية بديلاً عن النعرات الطائفية ، وأعلن قسم كبير منهم أنهم ضد قانون الانتخابات الحالي لأن هذا القانون غير دستوري.
قانون الانتخابات الحالي هو قانون طائفي، بينما يؤكد الدستور على وجود برلمان وطني ولا مكان في قانون الانتخابات لأغلبية الطبقات المتوسطة والفقيرة، هذا القانون للأثرياء، لذلك يستاء الناس من المشاركة في الانتخابات ومترددون في الالتفات إلى أهمية الحاجة إلى انتخابات تمهد الطريق لتغيير أفضل.
أما بالنسبة للأمريكيين الذين شجعوا حكام لبنان على تمرير قوانين انتخابات غير دستورية على مدى الثلاثين عامًا الماضية ، فلديهم مجموعاتهم الخاصة في جمعيات يمولها الغرب وفي حزب القوات اللبنانية ومجموعات أخرى تابعة له. هؤلاء هم المعارضون الرئيسيون لوحدة لبنان واستقلاله واستقراره. حيث مسؤول أمريكي كبير قال هذا العام إن أكثر من 10 مليارات دولار أنفقت على جمعيات أجنبية وفشلت. تظهر المؤشرات أنهم سيفشلون في المستقبل أيضاً. وكما كشفت وزارة الداخلية قبل أسابيع ، فإن بعض هذه الجمعيات ما زالت مرتبطة بالعدو الإسرائيلي.
وعن تسييس ملف مرفأ بيروت، قال إن القوى الوطنية والإسلامية اللبنانية طرحت أسئلة قانونية حول التحقيق الذي أجراه قاضي انفجار بيروت طارق البيطار ، منها: لماذا لم يتم استدعاء جميع مسؤولي المرفأ؟ وايضا اين صور الاقمار الصناعية الفرنسية والأمريكية عن هذا الانفجار ولماذا لم يسلموا هذه الصور؟ إن القضاء لم يجيب على هذه الأسئلة المبررة والقانونية ، وهذا يدل على أن القضاء سيواصل إجراءات التحقيق بالطريقة نفسها التي كان عليها من قبل.
يبدو أن هذا التحقيق تحول من المسار القضائي إلى المسار السياسي، وهذه فضيحة لأنه من حق كل اللبنانيين وأهالي ضحايا تفجير ميناء بيروت أن يعرفوا الحقائق كما هي.
لبنان بلد عربي مستقل ، وأبوابه بطبيعة الحال مفتوحة للدول العربية. للبنان مصالح واسعة ومتشابكة مع الدول العربية ، وهذا أمر طبيعي. نحن نعلم أن دول الخليج (الفارسي) ساعدت لبنان ، لا سيما في تضامنها معه في مواجهة آثار الحروب الإسرائيلية. مجلس التعاون الخليجي يطلب بناءً على المبادرة العربية الكويتية بألا يكون لبنان منصة لانتهاكات أمنية وسياسية ضد بعض أعضائه.
يقوم الدستور اللبناني على أساس الحريات العامة والحق في حرية التعبير ، ويؤكد الدستور أن لبنان لن يكون أبداً مكاناً للاستعمار والصهيونية ضد سوريا والدول العربية. نحن نؤيد الحق في حرية التعبير لكل حزب سياسي لبناني ، لكننا بشكل عام لا نتفق مع انتهاك الأمني لأي دولة عربية أو إسلامية.
أعلنا أنه إذا كان مجلس التعاون الخليجي يطالب تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بلبنان ، فإن أول قرار يجب تنفيذه هو القرار 242 ، الذي يؤكد انسحاب الكيان الصهيوني من جميع الأراضي اللبنانية ، بما في ذلك حقول شبعا وتلال كفر شوبا والغجر.
لكن إذا كان الهدف من القرارات الدولية هو تحقيق التوازن في الردع بين لبنان والعدو الصهيوني ، فإن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو “إذا كانت المقاومة محدودة ، وضعف ميزانها الرادع ، فما الضمان الذي يملكه مجلس التعاون الخليجي بأن العدو الصهيوني لن يحتل أراضينا ولن يصل إلى بيروت كما فعل عام 1982؟” ندعم سياسة دفاع وطنية موحدة وحقنا في الدفاع عن الوطن وتحرير مزارع شبعا.
يمتنع الغرب تقديم أسلحة متطورة للجيش اللبناني تماشيا مع مصالح العدو الصهيوني ولا يسمح لأية دولة بتسليح جيشنا الوطني،وهذا يتطلب نقاشاً جدياً مع مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً أن العدو الإسرائيلي بدأ في نهب الغاز والنفط اللبناني على حدودنا البحرية ، وفي هذا الوضع نحتاج إلى قوة دفاعية لردع العدو. ندعو إلى أفضل العلاقات الأخوية مع الدول العربية في الخليج الفارسي، ونطلب منهم تفهم الوضع في لبنان بعناية في إطار الوحدة والعروبة والاستقلال.
أمريكا التي تآمرت على وحدة وسيادة سوريا ، لا تزال تحاول بشكل محموم استبدال نظامها السياسي الوطني بنظام تابع لواشنطن ، وكالعادة ترتكب أكبر الجرائم بموجب ما يسمى بـ “قانون قيصر” ضد سوريا ، والذي بموجبه يمنع إقامة أي علاقات مع سوريا على المستوى الدولي وبما أن أمريكا لديها عناصر في لبنان فهؤلاء يقاومون إقامة العلاقات مع سوريا.
برأيي ينبغي عدم ممارسة الضغوط لفتح الباب أمام العلاقات اللبنانية السورية ، لأن الدستور اللبناني يؤكد على إقامة أفضل العلاقات مع سوريا. نحن وجميع الأحرار وطنياً وسياسياً نضغط لإعادة العلاقات الأخوية مع سوريا. نحن (سوريا ولبنان) أشقاء لنا مصالح مشتركة ، وأعتقد أن إحياء هذه العلاقات سيتحقق قريباً ، خاصة وأن العلاقات بين سوريا والدول العربية آخذة في التحسن. سوريا تغلبت على أخطر المؤامرات الاستعمارية الصهيونية ووقفت في وجه الأمريكيين والأعداء الآخرين.
وعن العلاقات بين إيران ولبنان، قال شاتيلا، إن إيران بلد إقليمي كبير بوجه الصهيونية والاستعمار. استطاعت الثورة الإيرانية الناجحة أن تحقق تقدما صناعيا ونوويا وعلميا وتكنولوجيا. كما أنها كانت دائما على استعداد لمساعدة لبنان في مشاريع الكهرباء والمياه والتقنية وخاصة الأدوية ، وهي تقدم كل ذلك دون أي شروط سياسية.
وأضاف، لكن نرى أن بعض الأطراف اللبنانية في الداخل والخارج تعارض هذه المساعدات لأسباب مختلفة، منها ضغوط أمريكا والأشخاص الذين يحتكرون الوقود والدولاء. إذا جرى استطلاع رأي في لبنان، فسنرى أن الأغلبية توافق على إقامة علاقات وتعاون مع الشرق كله وليس إيران فقط. الغرب يدعم الكيان الصهيوني ويحاصر لبنان وسوريا، ولكن لن تستمر هذه السياسة بفضل وحدة القوى الوطنية والإسلامية.
المصدر/ الوقت