التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, أكتوبر 31, 2024

مسلسل فرنسيّ يثير جدلاً وسخطاً كبيرين في الجزائر.. لماذا 

_ضجة وسخط كبيرين في الجزائر، أثارهما المسلسل التلفزيونيّ “الجزائر.. سريّ” من إنتاج قناة “آرتي” الفرنسيّة الألمانيّة حتى قبل عرضه بسبب تطاوله وفقاً للجزائريين على مؤسساتهم الأمنيّة واتهامها بالفساد، حيث هاجمت وسائل الإعلام الجزائريّة وبالأخص وكالة الأنباء الرسميّة المسلسل والإعلام الحكوميّ الفرنسيّ بقولها: “إن وسائل الإعلام في فرنسا لا تيأس من أمانيها في رؤية الفوضى تحط من جديد على أراضي بلادنا”.

تعتقد الجزائر ربما أنّ الفيلم يجب أن يكون مرتبطاً بفرنسا التي تؤكّد وسائل إعلامها الحقيقة السياسة لبلادهم، من خلال حديثها الدائم بأنّه عندما يتعلق الأمر بالتسامح مع الاستبداد، فإن المثال السيء يأتي من الأعلى في إشارة إلى “قصر الإليزيه”، حيث اعتاد الرئيس الفرنسيّ، إيمانويل ماكرون، التعامل مع الطغاة والديكتاتوريين، خاصة عندما يكونون زبائن جيدين لصناعات الأسلحة الفرنسيّة، كما أنّ ماكويل ووزير خارجيته يرفضون رؤية الواقع الاستبداديّ الدمويّ لنظام ما، لأنه يشتري أسلحة فرنسيّة، ويصمتون في وجه جرائم ديكتاتور لأنّه “زبون جيد”.

وتروي حلقات المسلسل الفرنسيّ “الخيالي” المكون من 4 حلقات والذي وصفته القناة بأنّه “يحبس الأنفاس”، وأن أحداثه تدور في ما أسمتها “كواليس عالم الذكاء والسياسة الواقعية”، قصة اختطاف تاجر أسلحة ألمانيّ، ليباشر ملحق بالسفارة الألمانيّة التحقيق ومن ثم يكتشف أن القصة أكثر تعقيداً مما تبدو، وأن الخاطفين ليسوا من جماعة “إرهابية” لمتشددين إسلامويين، إنما الأمر متعلق بصفقات فساد مرتبطة بقيادات عسكريّة وأمنيّة جزائريّة تظهر في المسلسل ببزات الجيش الجزائريّ.

“استقرار بلادنا يزعج وسائل الإعلام الرسميّة الفرنسيّة”، هكذا وصفت الجزائر المسلسل الذي اقتبسه كاتب السيناريو الفرنسيّ الجنسيّة والجزائريّ الأصل، عبد الرؤوف ظافري، من رواية للكاتب الألمانيّ، أوليفر بوتيني، وهو من إخراج الفرنسيّ، فريديريك جاردان، وبمشاركة عدد من الممثلين الفرنسيين ذوي الأصول الجزائريّة، ولا ننسى أنّ قصة المسلسل تروي علاقة بين ضابط ألمانيّ بقاضية تحقيق جزائريّة، قدمتها الأحداث على أنّها قريبة لمدير المخابرات الجزائريّة.

وعلى هذا الأساس، وصفت وكالة الأنباء الجزائريّة هذا العمل بـ “الخيالي، والحاقد، والرديء”، معتبرة أنّ الإعلام الفرنسيّ التابع للحكومة لا يريد الاستقرار للجزائر، والتي عانت من جرائم الفرنسيين وربما ما زالت، فمن منهم يستطيع أن ينسى جريمتي تلغيم الحدود، وإجراء التجارب النوويّة في الصحراء الجزائريّة، اللتان ما تزالان تحصدان أرواح الأبرياء إلى يومنا هذا.

“من يقتل من؟”، سؤال وجهته الجزائر عبر وسائل إعلامها، وذلك في إشارة إلى ما كان يطرح من تساؤلات في وسائل الإعلام الفرنسية خلال سنوات القتل والعنف، والمجازر الرهيبة، التي عرفتها الجزائر في تسعينات القرن الماضي، حول المسؤولية عن تلك العمليات، والذي كان وما زال يثير غضب السلطات الجزائرية، والتي كانت تعتبره اتهاما مبيتاً ضد الجيش والأمن الجزائري، فيما تؤكد السلطات الجزائرية دائما أنها “أعمال إرهابيّة” تقف وراءها جماعات متطرفة إسلاميّة، وأشارت الجزائر إلى أنّ وسائل الإعلام الفرنسيّة بسطت السجاد الأحمر في تلك الفترة للجبهة الإسلاميّة للإنقاذ المنحلة، وهو الحزب المسؤول عن مقتل ما يزيد عن 200 ألف شخص.

وفي هذا الخصوص ذكرت الوكالة الجزائريّة أنّه ينبغي على هذه المؤسسات الإعلاميّة التي ترحب بحركة “رشاد” الإرهابية، وريثة الجبهة الإسلامية للإنقاذ، أن تستخلص العبر من فشل “الربيع العربيّ” الذي تحول بالفعل إلى فوضى وإبادة جماعية في سوريا وليبيا، داعية وسائل الإعلام الفرنسية لنبذ تلك الفكرة المتداولة لسنوات عدة والتي مفادها أن رشاد والجبهة الإسلامية هما حركات ثوريّة، وهي نظرية أخرى تمت تغذيتها بشكل واسع في وسائل الإعلام الرسميّة في فرنسا لمحاولة توفير ظروف الفوضى في الجزائر “وهي فوضى لا يريد الجزائريون عيشها مجددا” يقول الجزائريون.

ومن الجدير بالذكر أنّ الجزائر نالت استقلالها عن فرنسا عام 1962، بعد حرب طاحنة دامت سبع سنوات، وأنهت قرناً أو أكثر من الاستعمار الفرنسيّ، الذي انتقده في وقت سابق الرئيس الفرنسيّ، “إيمانويل ماكرون”، في ظل سعيّ جزائريّ حثيث نحو رد الاعتبار بعد ما عانته من إجرام المستعمر الفرنسيّ لرسم علاقات مختلفة مع فرنسا، وهذا ما يجعل العلاقات بين فرنسا والجزائر تصطدم دائماً بالتاريخ الفرنسيّ الأسود والجرائم البشعة التي ارتكبها الفرنسيون بحق هذا البلد و31 بلداً آخر، في الفترة الزمنية الممتدة بين عامي 1534 و 1980.

خلاصة القول، يوماً بع آخر تؤكّ باريس أنّها ليست جادة بالفعل في طي تاريخها القذر وجرائمها الكثيرة إبان فترة استعمارها، خاصة في الجزائر التي ينظر شعبها إلى فرنسا باعتبارها “عدواً تقليديّاً”، بعد ما عانته البلاد من دمويّة المستعمر الفرنسيّ، وإنّ تصرفات الفرنسيين لا توحي أبداً بأنّهم يرغبون في عودة المياه إلى مجاريها بين البلدين، وعلى كافة المستويات، والدليل هو تصوير المسلسل المذكور في المغرب التي طبعت مع الصهاينة وتعاونت معهم ضد جارتها وشقيقتها، مما أعطى بعدا سياسيّاً آخر للقضية.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق