التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

فضيحة الأمريكي المجرم.. تغير في النظرة الكردية لواشنطن 

مع تحديد نهاية عام 2021 موعدًا نهائيًا للانسحاب النهائي للقوات الأمريكية الكامل من العراق، وجعل اتفاقية الانسحاب هذه قيد التنفيذ، دعم مسؤولون سياسيون في حكومة إقليم كردستان بشكل علني وسري للتخلي عن دعم قوات الاحتلال الأمريكي. لكن في الآونة الأخيرة، وجهت فضيحة كبيرة لمواطن أمريكي في الإقليم ضربة كبيرة لتقارب حكام أربيل من واشنطن.

وتروي القصة أن وزارة العدل الأمريكية أعلنت في بيان لها في 18 فبراير 2022 اعتقال روس راجيف البالغ من العمر 53 عامًا بتهمة اختطاف وتعذيب مواطن من إقليم كردستان العراق. وبحسب البيان، فإن المواطن الأمريكي، الذي اتهم أيضا بالاتجار غير المشروع بالأسلحة في العراق، وأمر قوات كردية بخطف المواطن وإلحاق الأذى الجسدي والنفسي به. تشير الدلائل إلى أن راجيف سعى إلى إنشاء مصنع أسلحة في إقليم كردستان العراق عام 2015، ولكن أحد موظفيه كان قلقًا من هذا المشروع. ونتيجة لذلك، أمر راجيف الجنود الأكراد بخطف المواطن المحتج حتى لا يجرؤ الآخرون على التدخل في مشروعه. احتجز الجنود الأكراد المواطن الكردي لمدة 39 يومًا في مجمعهم العسكري، واستجوبه السيد راجو عدة مرات وأمر بتعذيبه، كما وهدده الخاطفون بقطع أحد أصابعه. واتهمت وزارة العدل الأمريكية المواطن الأمريكي بتعذيب مواطن كردي شخصيا من خلال ربك حزام حول رقبته مرة واحدة على الأقل. اتهم القضاء الأمريكي راجيف بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، ولكن الآن أصبحت عواقب هذا الحادث والأبعاد الخفية لعدم مقاضاة مثل هذا المجرم في المحاكم العراقية ذات أهمية خاصة.

خضوع عراقي غير معلن لشروط واشنطن

مما لا شك فيه أن عدم محاكمة مدير شركة أمريكية في القضاء العراقي وإحالته إلى وزارة العدل الأمريكية يمكن أن يُنظر إليه على أنه استمرار لتحكم واشنطن السري في قرارات العراق في السنوات التي تلت عام 2003. على مدار السنوات منذ عام 2003، قتلت القوات الأجنبية، ولا سيما القوات الأمريكية، مدنيين في غارات جوية، وأنشأت مراكز احتجاز خاصة، واعتدت وداهمت منازل المدنيين والشخصيات السياسية، وتعاونت مع مافيات المخدرات والجماعات الإرهابية مما هدد أرواح وممتلكات من المواطنين العراقيين، لكن مع هذا كله كانت محاكمة هؤلاء الجنود خارجة عن اختصاص المحاكم العراقية.

في السنوات التي أعقبت عام 2007، خلال المفاوضات بين واشنطن وبغداد لإبرام “اتفاقية سياسية وأمنية واقتصادية”، حصلت على تنازلات خاصة في السر، يمكن الإشارة إليها بقوانين الاستسلام. وبموجب بنود الاتفاقية التي أقرها الطرفان بشكل نهائي في عام 2009، لا يحق للحكومة العراقية أو القضاء العراقي استجواب القوات أو المواطنين الأمريكيين، وتمتد هذه الحصانة حتى إلى شركات الدعم الأمنية، والمدنية، والعسكرية الأمريكية. وحتى بعد ذلك، فإن الحكومة العراقية لا تحدد صلاحيات القوات الأمريكية وليس لها الحق في تحديد وتقييد حركة المنطقة الواقعة تحت سيطرة قواعدها العسكرية أو طرقها.

الإساءة للأكراد ورغبة القوات الأمريكية في البقاء في المنطقة

يمكن النظر إلى إحالة قضية راجيف إلى وزارة العدل الأمريكية على أنها استمرار لتلك الاتفاقية الجائرة وقدح بالاستقلال الوطني للعراق. في الواقع، تدرك الحكومة الأمريكية بوضوح المطلب العام للمواطنين العراقيين بطرد القوات الأجنبية، وخاصة الأمريكيين، وكذلك محاكمة المجرمين الأجانب من قبل القضاء العراقي. لكن على الرغم من هذا المطلب، فإننا نرى الآن الأمريكيين يتسببون بجريمة ضد مواطن كردي نفذها امريكي بإسم راجيف، وهي مجرد مثال واحد من العديد من الأمثلة على مثل هذه الجرائم. يشار إلى أنه حتى الآن لم تتخذ حكومة الإقليم والسلطة السياسية لهذه الدائرة الفيدرالية أي موقف من هذا الحادث. في الواقع، أدى تسييس القادة السياسيين الأكراد وآمالهم الوهمية في الحصول على دعم واشنطن إلى استمرار واشنطن في إساءة استخدام رغبة الأكراد الخاصة في إبقاء القوات الأمريكية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، مما أجبر سياسيي الإقليم على التزام الصمت.

تشوه الصورة الأمريكية عند أكراد العراق

في الأشهر والسنوات الأولى التي تلت عام 2003، عندما احتل الجيش الأمريكي وحلفاؤه العراق، توهم قسم كبير من المجتمع والمواطنين في إقليم كوردستان أن واشنطن وجورج دبليو بوش (رئيس الولايات المتحدة) كمنقذين لهم. في هذه المرحلة، كان الأكراد يدعمون الأمريكيين بقوة، وكانوا حريصين إلى حد كبير على استمرار وجود واشنطن في المنطقة. في البداية، كان من المهم ملاحظة أن مثل هذا المطلب لم يقتصر على القادة السياسيين، بل أن الرأي الكردي العام كان يرى الأمريكيين كمقذين لهم من ديكتاتورية صدام حسين. لكن في السنوات الأخيرة، خاصة بعد نشوء الأخيرة، لم تتلاشى فقط الصورة المنقذة للجيش الأمريكي بين مواطني الإقليم، ولكن جزءًا كبيرًا منهم اعتبروا الجيش الأمريكي عاملاً في انعدام الأمن والاستقرار في الإقليم والعراق والمنطقة. في خضم هذه الموجة من التحول في الرأي العام الكردي تجاه التواجد الامريكي، تسبب الحادث الأخير، جريمة راجيف، في تشوه كبير بالصورة الأمريكية في ذهن الرأي العام الكردي في العراق.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق