دلالات ونتائج الهجوم السيبرانيّ الذي تعرضت له “إسرائيل”
شكّل تعرض عدد كبير من المواقع الحكوميّة التابعة لـ”إسرائيل” إلى هجوم سيبراني -هو الأكبر من نوعه- صفعة للكيان العنصريّ وأحدث ضجة واسعة في الشارع الصهيونيّ، حيث اعتاد الإسرائيليون كل فترة على أنباء اختراق شركاتهم ومؤسساتهم وقرصنة خوادهما، في ظل تعتيم كامل من قبل حكومة العدو على معلومات الاختراق الأخير وحجم الأضرار الكبيرة الذي ألحق بها بعدما اخترق قراصنة عبر الإنترنت مواقع مؤسساتها الإلكترونيّة، وحصلوا بما لاشك فيه على قد غير معروف من المعلومات الهامة وتسببوا بإرباك غير مسبوق للإسرائيليين.
“هجوم إلكتروني واسع النطاق ضدنا”، هكذا وصفت صحيفة “هاآرتس” العبريّة الحادثة التي أدت إلى تعطل عمل مواقع إسرائيليّة هامة من ضمنها وزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة العدل ووزارة الرفاه ومكتب رئيس حكومة العدو، قبل أن تعود للعمل تدريجيّاً، وزعمت تل أبيب أنّ للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة دور في هذا الهجوم لعد أن اتهمت طهران مؤخرا واشنطن وتل أبيب بشنّ هجوم إلكتروني عطّل نظام توزيع الوقود لديها، في وقت يدعي فيه الكيان أنّه “لاعب قويّ” في مجال الحرب الإلكترونيّة التي تشكل جزءاً أساسياً من “قوته الناعمة” ضد الدول المساندة للمقاومة والرافضة لاحتلاله، لكن هذه السمعة التي تحاول تل أبيب إلصاقها بنفسها تشوهت بشدة في المدّة الأخيرة التي تلقت فيها “إسرائيل” ضربات سيبرانيّة موجعة وفقاً لتقارير عربيّة وعبريّة.
وفي هذا الخصوص، لم تستطع تل أبيب إصلاح المشاكل التي تسبب بها المخترقون فبالرغم من استعادتها إمكانيّة الوصول إلى موقع الحكومة الإسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية التي تحتلها العصصابات الصهيونية، إلا أنّه لا يمكن الوصول إليها من الخارج، وفقاً لمنظمة “نتبلوكس” المتخصصة في مراقبة حركة الإنترنت في أنحاء العالم، والدليل ما نشره صحفيون أجانب حول عدم قدرتهم على النفاذ إلى مواقع العديد من الوزارات التابعة لحكومة العدو، فيما اكتفت وزارة الاتصالات بالقول أنّها أجرت ما أسمته “تقييما للوضع مع إدارة الطوارئ بالوزارة”.
ولا يخفى على أحد أنّ “الحرب الناعمة” باتت من أكثر الأسلحة الحديثة فعاليّة وخطورة بالأخص على الكيان الصهيونيّ الذي يرى أنّها لا تقل عن الحرب العسكريّة، حيث تشير تحليلات أنّ “إسرائيل” ربما أخفت حقيقة الضرر الذي تسبب به الاختراق وعتمت عن جميع ما تم الوصول إليه من معلومات وتفاصيل سرية من معظم الوزرات ومؤسسات الدولة والأجهزة الأمنيّة والاستخباراتيّة الإسرائيلية بعد هذا الهجوم الذي وحد وجهة نظر المسؤولين الإسرائيليين حول أنّ اختراق خوادم المؤسسات الحساسة ينضوي تحت أهداف استراتيجيّة ضد الكيان.
ومن الجدير بالذكر أنّ هذا الهجوم السيبرانيّ الخطير جاء بعد أن أعلن الحرس الثوري الإيرانيّ الأحد الفائت مسؤوليته عن إطلاق صواريخ على هدف إسرائيليّ استراتيجيّ في إقليم كردستان العراق في رد على الاعتداءات الإسرائيليّة ضد إيران، الشيء الذي وتر الإسرائيليين بشكل كبير خاصة عقب فشلهم في إحباط الهجوم الإلكترونيّ رغم امتلاكهم الوحدة رقم 8200 والتي تعد من أخطر الوحدات الإسرائيليّة، وتعمل تحت مظلة جهاز المخابرات الداخليّة أو ما يطلق عليه ”الشاباك”، وهي المسؤولة عن قيادة الحرب الإلكترونيّة وجمع المعلومات الاستخباريّة، وتقوم دائماً بتجنيد عدد كبير من الشباب ليشكلوا أكبر جيش الكترونيّ لنشر الفكر الصهيونيّ والتوغل في أعماق العالم الإسلاميّ وتسميم ثقافة وفكر المسلمين وضرب قيمهم الأخلاقية والإنسانية والعقائدية، وهم يعملون بهدوء على بث الفتن وترويج الإشاعات واستهداف الناشطين والمثقفين وتأجيج فتن مذهبية دينية.
أيضاً، ومع كل اختراق تتعرض له المؤسسات الهامة التابعة للعدو، تزعم حكومة العدو الصهيونيّ المستبد، أنّ مجموعة القراصنة لم تتمكن من الوصول إلى قاعدة البيانات الخاصة بالمواقع المخترقة، وتزعم دوماً أنّ “المعلومات التي بحوزتهم ليست ذات قيمة كبيرة، وبالتالي لن تتسبب بضرر كبير”، بينما يحذر خبراء الحماية الإلكترونيّة من أن المعلومات والتفاصيل التي يتم تخزينها عقب عملية القرصنة لمثل هذه الوزرات الحساسة، لا شك أنّها مؤثرة ومهمة للغاية وستتسبب بضرر عميق.
نتيجة لكل ما ذُكر، يعكس الهجوم السيبرانيّ الأخير حجم تردي حال هذا الكيان “المنفوخ” إعلاميّاً عبر الدعم الأمريكيّ والغربيّ ةمن خلال وسائل الإعلام الكبرى التي يسيطر عليها اليهود في العالم، ناهيك عن أنّ تل أبيب فقدت مصداقيتها في الشارع الإسرائيليّ وبالأخص في المجال السياسيّ والعسكريّ والإلكترونيّ، مقابل تعاظم قوة الجبهة المعاديّة لهذا الكيان اللقيط.
المصدر/ الوقت