التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

هل ستتحقق رؤية “الشام الجديد” 

وصل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى عمان في 25 آذار / مارس 2022 للقاء مسؤولين أردنيين؛ وبحسب مصادر إخبارية، فقد توجه مصطفى الكاظمي لحضور الاجتماع الرباعي بحضور العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في العقبة بالأردن.

وتأتي زيارة الكاظمي للأردن في وقت تستمر فيه بغداد في مواجهة فراغ في تشكيل الحكومة الجديدة. على صعيد آخر، أعلن “تحالف انقاذ الوطن” ترشيح جعفر الصدر رسميًا لمنصب رئيس وزراء العراق. هذه الأحداث تعني أن الكاظمي في الأشهر الأخيرة من رئاسته. ومع أخذ ذلك بنظر الاعتبار، يمكن التساؤل الآن ما هي أهداف سفر الكاظمي إلى الأردن لحضور الاجتماع الرباعي مع قادة الإمارات والأردن ومصر، وإلى أي مدى يمكن تحقيق أهداف هذا الاجتماع؟

خطوة نحو تعزيز مشروع الشام الجديد

هذه المرة تم إضافة ولي العهد محمد بن زايد إلى قائمة قادة العراق والأردن ومصر. لكن يمكن النظر إلى أساس الاجتماع الأخير في العقبة على أنه استمرار لجهود تعزيز مشروع “الشام الجديد”، الذي كشف النقاب عنه في 23 آب / أغسطس 2020، رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. في الواقع، بعد 23 آب (أغسطس) 2020، سافر الكاظمي إلى مدينة عمان للقاء القادة السياسيين للأردن ومصر.

في الوقت الحاضر، الهدف الرئيسي للكاظمي وقادة الدول العربية الثلاث الأخرى هو تمهيد الطريق لتنفيذ مشروع الشام الجديد. تاريخيًا، ترتبط جذور المشروع ارتباطًا مباشرًا بعلاقات العراق الاقتصادية الوثيقة مع مصر والأردن في الثمانينيات. أصبح الأردن شريان الحياة الاقتصادي للعراق في ذلك الوقت، حيث كان بمثابة قناة لواردات وصادرات النفط عبر ميناء العقبة. كان الملك حسين في ذلك الوقت أقرب حليف للديكتاتور العراقي صدام حسين، الذي كثيراً ما كان يسافر إلى بغداد أثناء الحرب. خلال ذلك، قامت مصر بنقل أكثر من مليون مواطن إلى العراق خلال الثمانينيات لملء الوظائف التي تركها العراقيون شاغرة بعد إجبارهم على الالتحاق بالقوات المسلحة. بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، شكلت الدول الثلاث مجلس التعاون العربي إلى جانب اليمن الشمالي؛ حيث كان لكل منهم دوافع سياسية لإنشاء هذه المنظمة. أراد جميع الشركاء تحقيق التوازن مع مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية.

أيضاً، خلال التسعينيات، استمرت التجارة بين مصر والأردن على الرغم من حقيقة أن العراق كان يخضع لعقوبات دولية شديدة. كان العراق ثاني أكبر سوق صادرات لمصر في إطار برنامج النفط مقابل الغذاء التابع للأمم المتحدة. وظل الأردن معتمداً على النفط العراقي وطلب موافقة الولايات المتحدة. بعد عام 2003، بعد الغزو الأمريكي، كانت مصر والأردن أول دول عربية تقيم اتصالات مع العراق الجديد. في السنوات الأخيرة، اتخذت الدول الثلاث مرة أخرى خطوات مهمة لإعادة بناء العلاقات الاقتصادية. في عام 2017، دعت مصر العراق إلى تصدير نفطه إليها بعد أن أوقفت السعودية تصدير نفطها.

على الأقل منذ عام 2017، كانت الدول الثلاث تنسق بقوة من أجل مشروع طاقة مشترك كبير لربط حقول النفط العراقية في البصرة بالعقبة عبر خط أنابيب يمكن أن يمتد إلى مصر. في غضون ذلك، يبحث العراق أيضًا عن شركات مصرية وأردنية لمشروعات إعادة الإعمار الكبرى التي يحتاجها بعد أربعة عقود من الحرب. كما توجد خطط لربط العراق بشبكات الكهرباء الأردنية والمصرية لتقليل اعتماده على الكهرباء الوارد من إيران. وبشكل عام، فإن الهدف المركزي للخطة هو التبادل الحر لرأس المال والتكنولوجيا والتجارة والاستثمار بين الدول الثلاث العراق والأردن ومصر. وبذلك، ستكون مصر “مصدرا هاما للخدمات الاجتماعية والعسكرية”، وسيكون العراق “مصدرا هاما للنفط”، وسيكون الأردن “رابطًا جغرافيًا”. كنتيجة، يسعى المشروع من نواحٍ عديدة إلى إحياء مجلس التعاون العربي الذي تعطل لمدة 30 عامًا بسبب عدم الاستقرار والغزو الأمريكي للعراق.

فيما يتعلق بالأهداف الاقتصادية لهذا المشروع، يمكن ذكر قضية الطاقة والاقتصاد كمبدأ مهم لمشاركة الأطراف في مشروع الشام الجديد. في الواقع، تواجه الدول الثلاث مشكلة انخفاض السيولة وتعتزم تلبية احتياجاتها الاقتصادية من خلال هذه الخطة. وكجزء من الخطة، سيتم طرح موضوع خط أنابيب نفط بطول 1700 كيلومتر من البصرة إلى ميناء العقبة في الأردن ومن هناك إلى مصر بتكلفة 18 مليار دولار، وتبلغ طاقته التحويلية مليون برميل يوميا كما تم اقتراحه. في نفس السياق، تتوقع الأردن ومصر أن يسلم العراق النفط إليهما بخصم خاص (16 دولارًا أقل من سعر خام برنت اليومي)، مقابل استيراد بغداد للكهرباء من مصر والأردن. بالمعنى الدقيق للكلمة، فإن خطة الشام الجديد هي نوع من التعاون المتبادل بين النفط والاستثمار والاتفاقيات الاقتصادية بين الدول الثلاث.

على الصعيد السياسي، يرتبط سبب دعم محمد بن زايد ولي عهد الإمارات كمهندس للعديد من المعادلات في العالم العربي بمحاولة فصل بغداد عن إيران من خلال حوافز مثل تصدير الكهرباء إلى العراق. من خلال حضور الاجتماع الرباعي الأخير، يعتزم بن زايد تمهيد الطريق لبغداد لتقترب من العالم العربي، وبالتالي منع طهران من زيادة نفوذها في العراق. لكن بعض الشخصيات السياسية العراقية تعتبر الخطة مفيدة لتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي للعراق، وترى أن خطة “الشام الجديد” يمكن أن تحل جزءاً كبيراً من مشكلة البطالة والعمل لدى المواطنين العراقيين.

تحديات وعقبات مشروع الشام الجديد

على الرغم من أن مشروع الشام الجديد يتمتع بقدرات ودعم كبيرين على المستوى السياسي العراقي، سواء أكان رئيس الوزراء الكاظمي مستمرًا أم لا، إلا أن هناك أيضًا قيودًا كبيرة على تنفيذ المشروع والتقدم فيه. وفي هذا الصدد، يمكن ذكر المحاور التالية كقيود على تنفيذ مشروع الشام الجديد:

1- في البداية، تركز خطة الشام الجديد بشكل رئيسي على التعاون الاقتصادي والتكنولوجيا والاستثمار بين الأطراف، ولكن من الناحية العملية، يكفي التركيز على المستوى الحالي للتبادلات بين الدول الثلاث. يبلغ إجمالي الناتج المحلي للدول الثلاث العراق ومصر والأردن 500 مليار دولار، لكن حجم التجارة بين العراق ومصر يبلغ 1.2 مليار دولار، والعراق والأردن نحو مليار دولار، ومصر والأردن أقل من مليار دولار. ليس من الواضح كيف تعتزم الدول الثلاث مساعدة بعضها البعض من حيث الاستثمار والتبادلات الاقتصادية مع هذا المستوى الضعيف من التجارة. حيث يحتاج العراق متطلبات صناعية لا تمتلكها كل من مصر والأردن.

2- بحسب خطة الشام الجديد، تريد دولتا الاردن ومصر نقل النفط العراقي إلى بلادهما بخصم خاص يقل بمقدار 16 دولاراً عن السعر العالمي لنفط برنت. بناءً على أي نوع من التعاون والاتفاق الاقتصادي بين دولتين مستقلتين أو أكثر، لا يبدو طلب القاهرة وعمان هذا منطقيًا. حتى لو وافقت الحكومة العراقية على مثل هذا الطلب، فإن البرلمان العراقي والرأي العام لن يسمحوا بالتأكيد بتخصيص الثروة الوطنية للبلاد لهم بهذا المعدل.

3- على المستوى الثالث، يحتاج تنفيذ خطة الشام الجديد إلى تسهيل ووجود طرق اتصال بمستوى مقبول، لكن ما نشهده الآن هو عدم وجود مجال اتصال مهم للتعاون بين هذه الدول الثلاث. الأردن، بصفته جهة الاتصال بين الدول الثلاث، لم يضع حتى الآن أي بنية تحتية على جدول أعماله لتنفيذ هذه الخطة؛ نتيجة لذلك، يبدو أن أهداف هذه الخطة لن تتحقق، على الأقل في المدى القصير.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق