التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

عباس ومنهج الخنوع لـ”إسرائيل”.. رواتب عائلات الشهداء والأسرى عنوان للمساومة 

على الرغم من التعامل الإسرائيليّ المهين والمُذل مع السلطة الفلسطينيّة برئاسة محمود عباس، إلا أن الأخير بعث رسالة سريّة إلى تل أبيب، مفادها أنّ “رام الله مستعدة للتفاوض بشأن تغيير سياسة السلطة الفلسطينيّة فيما يتعلّق بدفع أموال لعائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين”، وفقاً لما كشفه مُحلِّل الشؤون السياسيّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، ناحوم بارنيع، نقلاً عن مصادر سياسيّة إسرائيليّة وأمريكيّة وصفها بالرفيعةٍ، حيث يفتح عباس كل أبواب التعاون مع الصهاينة ويستحديم جميع الأساليب الضاغطة ضد شعبه، مستجدياً العدو الباغي لأنّ السلطة تعتبر مقاومته “أمراً خاطئاً”، وتعلن دوماً استمرارها في التنسيق الأمنيّ مع العدو وملاحقة المقاومين في الضفة الغربية في تعنت غير مسبوق بالسير على منهج الخنوع الذي لم يجلب لها سوى الخيبة والهزيمة والاستحقار أمام الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.

رسالة بدون جواب

في الوقت الذي يعترف فيه الإسرائيليون دائماً بعدم رغبتهم بالسلام أو حتى التفاوض مع السلطة، ومع الواقع الذي يفرضه العدو في العاصمة الفلسطينيّة المحتلة القدس وحصار قطاع غزة وجرائمه الشنيعة وخطوات التصعيديّة الكثيرة بدءاً من جنايات القتل والإعدام الميدانيّ ومروراً بطرد الأهالي من ديارهم وحرمانهم من لقمة عيشهم وليس انتهاءاً عند الاعتداء على المقدسات والنشاطات الاستيطانيّة المخالف للشرعيّة الدوليّة، تشير المعلومات إلى أنّ محمود عباس قام بتعيين مسؤولٍ عن المحادثات مع الصهاينة، وهذا ما قابت به أيضاً الولايات المُتحدّة الأمريكيّة بطلب من السلطة الفلسطينيّة، فيما لم تكلف حكومة العدو الإسرائيليّ برئاسة نفتالي بينيت نفسها بعناء الردّ حتى على رسالة السلطة الفلسطينيّة حتى تاريخ نشر هذا المقال.

وكالعادة، لا يتعلم عباس أنّه “من المستحيل أن يجني من الشوك العنب”، والدليل أين الفائدة من العلاقات الأمنيّة مع القيادات الصهيونيّة مقابل وقوف السلطة الفلسطينية في وجه توحيد الصف الفلسطينيّ لمنع تحدي الاحتلال الغاصب وعرقلة مقاومة التطبيع والتهويد والضم والاستيطان المتصاعد، ورغم ذلك تتهم الحكومات الإسرائيليّة بحسب الإعلام العبريّ، تهمة “الإرهاب” إلى السلطة الفلسطينيّة وتؤكّد أنّها تُساعِد بسخاءٍ، عائلات المقاومين الذين الذين سُجنوا أوْ استشهدوا وتصفهم تل أبيب بـ “الإرهابيين” ، ويرى الإسرائيليين أنّ هذه الخطوة من قبل السلطة هي بمثابة “جائزة ومحفّز للإرهاب”.

وقد تابعنا من قبل كيف أنّ عباس رضح للإملاءات الإسرائيليّة ووافق على أخد السلطة الفلسطينية قرضاً مالياً بقيمة ( 800 مليون شيكل) من قبل الكيان الصهيوني، مقابل إغلاق الحسابات البنكية العائدة للشهداء والأسرى في البنوك الفلسطينية، فيما يتم تسديد القرض من عائدات الضرائب الفلسطينيّة، وإنّ الشروط التي وضعها الكيان الصهيوني حينها لتسليم السلطة الفلسطينية هذا القرض، كانت لضمان عدم وصول الأموال لعائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين، وذلك من خلال إيعاز السلطة الفلسطينية للبنوك، بإغلاق جميع الحسابات البنكية لعائلات الشهداء والأسرى بشكل تام.

خطيئة مُكررة

بما أنّ بينت يرفض لقاء محمود عبّاس، تطلب السلطة الفلسطينية أن تتنازل من ناحية دفع الرواتب لعائلات الشهداء والأسرى، ما يؤكّد من جديد أن الضفة الغربيّة لو لم تكن مرهونة بقرارات السلطة الفلسطينيّة المتعاونة مع العدو الغاصب، لما وصل الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين لهذا الحد، وإنّ حركة “فتح” مستمرة في ارتكاب “خطيئة تاريخيّة” لا تغتفر وفقاً لغالبية الفلسطينيين، من خلال اعتقادها بأنّ وجود علاقة مع الكيان الغاصب ربما تصب في مصلحتهم، في الوقت الذي يثبت فيه التاريخ والواقع أنّ الصهاينة يتمادون أكثر فأكثر في عدوانهم الذي لا يمكن أن يوقفه إلا القوة والوحدة والمقاومة.

وتأتي تلك الأنباء، في وقت خذلت فيه السلطة الفلسطينيّة هذا الشعب وأعادت غرز خنجر الحقد الصهيونيّ والخيانة العربيّة في ظهر قضيّتهم من خلال تنسيقها الكبير مع الأجهزة الأمنيّة التابعة للعدو لمنع إطلاق يد المقاومة وعرقلتها في لجم العدوان الصهيونيّ على الشعب الفلسطينيّ، ومنع توجيه البنادق باتجاه العصابات الصهيونيّة المعتدية، ثأراً لدماء شهداء فلسطين وحماية لأبناء الضفة الغربيّة المحتلة والمستهدفة، فيما تُصعد قوات الاحتلال جناياتها باستهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم.

لذلك، ليس بغريب أن نسمع من رئيس الوزراء الإسرائيلي تعهّدات بعدم التخلّي عن موقفه الرافض لإقامة دولة فلسطينية –تخيلوا-، والدليل قوله: “طالما أنا رئيس الحكومة فلن يكون هناك تطبيق لاتفاق أوسلو بين الإسرائيليين والفلسطينيين عام 1993، التي تتضمّن إقرار تل أبيب بحق الفلسطينيين في إقامة حكمٍ ذاتيٍّ”، وهذا سير على نهج الدولة المزعومة، والذي يدعي أنّ أرض فلسطين هي مهد الشعب اليهوديّ، وفيها تكونت شخصيته الروحيّة والدينيّة والسياسيّة، وهناك أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيماً حضاريّة ذات مغزى قوميّ وإنسانيّ جامع، وأعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، ويزعم الإعلان أنّ اليهود نُفيوا عنوة من بلادهم، ويعتبرون أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في “إسرائيل” وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين، وبينيت باعترافه من الجناح اليمينيّ، ويعارض إقامة دولة فلسطينية ويدفع عن كيان الاحتلال، ولن يسمح بمفاوضات سياسية على خط الدولة الفلسطينية، وليس مستعداً للقاء أيّ من قادة السلطة الفلسطينية.

ويشار إلى أنّ محمود عباس اعترف مراراً وتكراراً أنّ الكيان الصهيونيّ “دمر ما تبقى من عملية السلام”، إلا أنّه وفي الوقت نفسه يبعث الرسائل باستمرار ويلتقي المسؤولين الإسرائيليين لإجراء مباحثات في قضايا مهمة، لكن رئيس السلطة مُصر على أنّ إجراءات بناء الثقة ودعم السلطة ليست بديلاً بأيّ حال من الأحوال عن مفاوضات سياسيّة، بدل أن تتخذ موقفاً واقعيّاً وصارماً إزاء القضايا المصيريّة، لضمان حقوق الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العنصريّ العسكريّ.

نتيجة لكل ما ذُكر، تحولت العلاقات بين السلطة الفلسطينيّة والعدو الصهيونيّ المُستبد، إلى علاقة “حب من طرف واحد” في وجه حالة الإجماع الوطنيّ الرافضة للتسوية والمفاوضات مع عصابات الاحتلال، خاصة أن تل أبيب بكل ما أوتيت من قوّة خلق أمر واقع على الأرض لإقامة الدولة العنصريّة المزعومة على أراضي الفلسطينيين، مع تمسك شديد من قبل الفصائل الفلسطينية باستمرار وضوح منهجهم التفاوضيّ في أيّ مباحثات، ويرتكزون في ذلك بالفعل على مصلحةَ الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة، لإنهاء الانقسام والاتفاق على استراتيجية وطنية ناظمة للعلاقات الفلسطينية – الفلسطينية، ولطبيعة المواجهة مع سالبي الأرض وسارقي التاريخ وقاتلي الأبرياء، فيما يساهم الرئيس عباس بتطبيق “مشاريع إسرائيل” التي تهدف إلى تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة من خلال التعاون اللامحدود مع الإسرائيليين وكما يرغبون كأداة رخيصة تستعمل ضد إرادة هذا البلد المحتل وتطلعاته، وإنّ الرسالة الأخيرة خير برهان على أنّ السلطة الفلسطينيّة لن تكون في يوم من الأيام ممثلاً شرعيّاً لمطالب الفلسطينيين الذين يعيشون الويلات على أراضيهم المسلوبة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق