“إسرائيل” في دائرة التهديد وليس السنوار.. الشعب والمقاومة في مواجهة الإرهاب
بأعلى صوتها ومستندة على الدعم الشعبي في فلسطين، هددت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” الإسرائيليين بأن أي هجوم على زعيم حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار “سيؤدي إلى حرب فورية”، عقب تصاعد المطالبات الصهيونيّة باغتيال الشخص الذي يوصف من قبل الإعلام العبريّ بأنّه يشكل خطراً حقيقياً على مستقبل “إسرائيل”، ودعوة نواب ومسؤولين سابقين وصحفيين إلى اغتياله، مبررين ذلك بمسؤوليته على عملية الطعن التي وقعت الخميس المنصرم، في مدينة إلعاد، قرب يافا “تل أبيب” وسط فلسطين، وأدت إلى مقتل وإصابة إسرائيليين نتيجة الاحتقان الشعبي من المنهج الصهيونيّ المتطاول على حقوق ومقدسات الشعب الفلسطينيّ وتنفيذ اعتداءات يندى لها جبين الإنسانية.
تهديدات خطيرة
في ظل التهديدات الإسرائيلية المباشرة وغير المباشرة باغتيال السنوار الذي خرج من السجون الإسرائيلية عام 2011 وتسبب في تغييرات جذرية على الساحتين الفلسطينية والإقليمية بطريقة خلقت معادلات جديدة ليست بمصلحة الكيان، أشار عضو المكتب السياسي لحركة حماس، عزت الرشق، إلى أن حملة التهديدات والتحريض الإسرائيلية ضد السنوار أو أي من قيادات الحركة، لا تخيف حماس ولا تخيف أصغر شبل فيها، في تأكيد جديد على أن رجال محور المقاومة لو كانوا يأبهون بالتهديدات والاغتيالات، لما تحركوا بكل حرية وسهولة وشجاعة، وإنّ تهديدات العدو بالنسبة لهم “جوفاء ولا قيمة لها بالمطلق”، في وقت تؤكّد فيه فصائل المقاومة الفلسطينيّة أنّ محاولة فرض أيّ معادلات جديدة من قِبَل الاحتلال على غزة باتت وراء ظهور الفلسطينيين، ليبقى المجاهدون الكُثر كالسنوار أبرز عناوين القلق والارتِباك والرّعب والهزائم للعصابات الصهيونيّة الإجراميّة، وعنوانهم العريض “المقاومة أقوى.. ومستمرة”.
وإنّ التهديد الذي أطلقته “حماس” ليس بغريب على الإسرائيليين حيث إنّ عبارة “أي هجوم على السنوار سيؤدي إلى حرب فورية”، تدركها تل أبيب بالكامل، ومنذ مدّة طويلة وقد وصف العدو الصهيونيّ المجرم رئيس المكتب السياسيّ وقائد حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، بالذكيّ والمر الذي حقق لحماس إنجازات غير مسبوقة باستخدام أبسط الأدوات، وإنّ أحد أعضاء البرلمان (الكنيست) الإسرائيليّ قالها منذ منذ أشهر: “إنّ السنوار يتلاعب بالصهاينة، ومن الضروري اغتِياله حتّى لو جاء ذلك على حساب خوض حرب”، وذلك عقب الحرب الأخيرة التي شنّتها الآلة العسكريّة للكيان على غزة قبل مدة، والتي تركت تل أبيب في صدمة من نتائجها على مختلف المستويات بعد الرد الحازم للفصائل الفلسطينيّة، وقد اعتبر الإعلام العبريّ أنّ “إسرائيل” فشلت في قتل المئات من مقاتلي المقاومة الإسلاميّة حماس بـ”سلاح سرّي”، وفي تقارير أخرى أشار إعلام العدو إلى أنّ ما فعله رئيس حركة “حماس” في غزة، يُشكل “صفعة قاسية على وجه الكيان”.
“التهديدات الإسرائيليّة هي محاولة فاشلة لطمأنة المستوطنين المذعورين، ولا تزيدنا إلا إصراراً على الدفاع عن القدس والأقصى، حتى زوال الاحتلال عن آخر شبر من أرضنا”، رسالة واضحة ومختصرة للكيان الإسرائيليّ وعصاباته، وإنّ “إسرائيل” ومحلليها لا يجدون أي خيار لمواجهة المقاومة وقد قالوها بشكل مباشر: “لا يُوجد خِيارٌ آخَر.. إنّه عدوٌّ لدود يتلاعب بِنا بقسوة”، وإن ما يجري اليوم يعبر عن حجم الغضب الإسرائيليّ من الانتصار الفلسطينيّ المتجدد والذي كان السنوار بطله بامتياز، فمنذ حرب الأحد عشر يوماً على غزة تصاعدت نبرة التهديد الصهيونيّة بالاستمرار في سياسة الاغتيالات للتخفيف من حجم الهزيمة المدويّة، ليقوم السنوار وقتها بزيارة بيوت الشهداء وأحياء القطاع، وقد اعتبر محللون صهاينة تلك الزيارة “ترسيخاً للنصر الذي حقّقته المقاومة”.
وكلما حاول العدو إخفاء هزائمه في فلسطين أكّد بشكل أكبر حجم ضعفه وانهياره، ويمكن اعتبار التهديدات الإسرائيلية الأخيرة ذات دلالات ضعف كبيرة، لأنّ العدو يعتقد أنّه في حال استطاع أن يقضي على بعض القيادات البارزة يمكنه أن ينهي منهجاً مقاوماً لا يمكن أن يميل قد أنملة عن أهدافه في القضاء على الاحتلال البغيض والعنصريّ، وإنّ المقاومة كما تقول الوقائع لا تأبه أبداً من أيّ خطوة إسرائيليّة لأنّها وباعتراف العدو باتت تملك مفاتيح اللعبة وأصبحت في قوة رادعة للغاية، وقد شهدت الأشهر الماضيّة على ذلك.
ومن الجدير بالذكر، أن معركة “سيف القدس” التي ألحقت هزيمة عسكريّةً ومعنويّة غير مسبوقة في جميع الأوساط الإسرائيليّة وأدت بشكل كبير إلى إسقاط حزب الليكود وزعيمه نِتنياهو من الحكم، دفعت أجهزة الأمن التابعة للعدو الغاصب لأن تعمل بشكل مستمر لجمع المعلومات عن البطل السنوار وشريكه المهم في حرب غزة، زعيم كتائب “القسام”، المُجاهد محمد الضيف، ولكن تل أبيب فشلت فشلاً ذريعاً في خططها العدوانيّة لسبين، الأول لأنّها فشلت في الوصول إليه، وثانيّاً لأنّ القيادتين العسكريّة والأمنيّة للكيان القاتل تعلم جيداً أنّ تلك الغلطة ستكون ذات تأثير أبعد مما يتخيلون وأنّ الرد سيكون مُؤلماً ومُدمراً.
ومن الجدير بالذكر أنّ اغتيال الشهيد يحيى عياش (أحد أبطال جناح القسّام) عام 1996، كلَّف العدو الصهيونيّ الباغي أكثر من 100 قتيل ونحو الألف جريح، سقطوا جميعهم إثر تنفيذ 4 عمليات استشهاديّة من قبل زملائه الجهاديين في القدس والخضيرة وتل أبيب المحتلة، وفي 12 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2019، أطلقت “سرايا القدس” الذراع العسكريّ لحركة الجهاد الإسلاميّ أكثر من 400 صاروخ وقذيفة على مدن ومستوطنات غلاف غزة، ثأراً لاغتيال الشهيد بهاء أبو العطا، أحد أبرز القادة الميدانيين للحركة، وقد دفع ذلك نتنياهو إلى الاختباء ضمن أقرب الملاجئ، والقائمة طويلة.
وفي حال ارتكبت تل أبيب غلطة تاريخيّة كبرى وتجرأت على اغتيال السنوار رغم شبه استحالة ذلك، لا شك أنّها ستدفع ثمن فعلتها بأضعاف، وستذوق أمر من طعم الهزيمة التي ذاقتها في معركة “سيف القدس” على كل المستويات، لذلك من المستبعد جداً أن تقدم القيادة الصهيونيّة على هذه المُقامرة الخطيرة، ويجب أن تضع في بالها مسألة “الفرق بين صاحب الأرض والمحتل”، وأن تذكر نفسها بأنها هي من تحتل الأرض وتغتصبها، وهي من تصنع المكائد في واشنطن وتطبقها، لأن الغباء الأعمى أن يرتدي الوحش المضرج بدماء الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء، ثوب الضحيّة، وإن المقاومين سيفعلون كل ما بوسعهم لإنهاء وحشيّة عدوان الاحتلال المتزايد والمستمر، وهكذا فعل كل من سُلبت أراضيهم تاريخيّاً.
دعم شعبيّ
“الشعب الفلسطيني دعم بشكل كبير زعيم حماس من خلال مسيرة وإعلان أن التهديد باغتيال قادة المقاومة سيحول المنطقة إلى جحيم على الكيان الصهيوني”، وذلك ضمن تجمع جماهيريّ ردا على تهديدات المحتلين للسنوار، في ظل تمادي قوات المحتل الباغي بجرائمها ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، وارتكابها أبشع الجرائم الإرهابية في قتل وإعدام وتعذيب الفلسطينيين.
ومع وصول الوقاحة الإسرائيلية إلى “إعلان إرهاب الدولة” ناهيك عن الإجرام والاستخفاف الصهيوني بأرواح الفلسطينيين لحد لا يمكن السكوت عنه أبدا، لا يُخفي الفلسطينيون أنّ أيّ محاولة من قبل الكيان الصهيوني لاغتيال السنوار هي “لعب بالنار” وأنّهم لا يهتمون بتهديدات العدو الصهيوني وقادته، فيما يثبت التاريخ والواقع بأن الصهاينة يتمادون أكثر فأكثر في عدوانهم الذي لا يمكن أن يوقفه إلا القوة والوحدة والمقاومة.
حرب قريبة
قالها الصهاينة يوماً: “لا يوجد زعيم فلسطينيّ من الممكن أن يتنازل عن حق العودة”، بيد أن السنوار في رسالته للإسرائيليين خلال لقاء السنوار مع النخب الفلسطينية في ضوء تطور الأوضاع على صعيد القضية الفلسطينية، والانتهاكات الإسرائيلية في القدس والضفة، ويوم القدس العالمي، أوضح أن “صورة اعتداء جنود الاحتلال على المسجد الأقصى ممنوع أن تتكرر”، مُهدداً بأنّ من سيأخذ تكرار صورة اعتداء الاحتلال على المسجد الأقصى فهو نفسه من أخذ باستباحة آلاف الكنائس والمعابد اليهودية على امتداد العالم.
وبعد الخطوة الجريئة –كما يصفها الصهاينة- التي أقدم عليها رئيس المكتب السياسيّ وقائد حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، في عملية “سيف القدس”، والتي غيرت “قواعد اللعبة” في مواجهة “إسرائيل”، وقيام “حماس” بشنّ معركة مضادة ضد الكيان الصهيونيّ لأوّل مرّةٍ في تاريخها، وذلك بسبب الاعتداءات على الفلسطينيين ومنازلهم في القدس، ومن دون أيّ احتكاك سابق في قطاع غزة، وقد تُركت تل أبيب في صدمة إلى الآن من نتائج الحرب الأخيرة التي شنّتها الآلة العسكريّة للكيان على غزة قبل مدة، وعلى مختلف المستويات بعد الرد الحازم لفصائل المقاومة الفلسطينيّة، يطالب السنوار كل فصائل المقاومة في قطاع غزة أن تكون على أهبة الاستعداد والجهوزية، بعد التأكيد على أنّ “المعركة لم تنته بانتهاء رمضان بل ستبدأ بانتهائه”.
إضافة إلى ذلك، كشف رئيس حركة حماس بغزة عن تفاصيل جديدة حول الرقم 1111 الذي أعلنه العام المنصرم بعد معركة “سيف القدس”، قائلاً إنّ الرقم يحمل اسم رشقة الشهيد الراحل ياسر عرفات وستكون البداية في الحرب المقبلة، فيما قررت المقاومة أن تكون الضربة الأولى في حال استدعى الأمر الدفاع عن الأقصى، هو إطلاق 1111 صاروخا، وهذا الرقم يرمز لذكرى استشهاد قائد الثورة الفلسطينية ياسر عرفات، وسيكون اسم الرشقة رشقة الشهيد أبو عمار”، وخاصة في ظل ما تشهده العاصمة الفلسطينيّة القدس من التصعيد والإصرار على مواصلة المحاولات لكسر روح الشعب الفلسطينيّ وتثبيت الاحتلال العسكريّ الإسرائيليّ من خلال اقتحام جنود الاحتلال الأقصى وإلقاء القنابل الغازية والصوتية داخله، والاعتداء على المصلين من مسنين ونساء وصحفيين.
وبالتزامن مع المنهج الصهيونيّ المتطاول على حقوق ومقدسات الشعب الفلسطينيّ، أوضح السنوار أن مدينة القدس ستفضح كل المطبعين، وستخزي كل المنسقين، وستكشف حقيقة كل المفرطين والمتنازلين، مؤكداً على أن سيف معركة “سيف القدس” الذي استلوه في رمضان العام الفائت لن يغمد أبدا حتى التحرير والعودة، مبيناً أنّ فصائل المقاومة ستبدأ خلال الفترة القريبة القادمة بالتنسيق مع محور القدس لتشغيل الخط البحريّ لقطاع غزة، لكسر الحصار كسراً كاملًا والمشاورات والاستعدادات والتجهيزات على قدم وساق، وسنخرج من غزة ونعود إليها رغماً عن أنف الإسرائيليين.
وفي الوقت الذي يغيب فيه الكيان الصهيوني القاتل كل القرارات الدولية بفرضه سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين واستباحته للدم الفلسطيني والعربي وخرقه الفاضح لكل القوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، إضافة إلى مخطط الضم امتداداً لعملية التوسع على حساب الأرض والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني الأعزل، في إصرار واضح من حكومة العدو على قتل آخر رمق للسلام الذي يتحدث عنه البعض، أكد السنوار أن العمليات البطولية الأخيرة في الداخل المحتل أثبتت أن الكيان الصهيونيّ “أوهن من بيت العنكبوت”.
” خطة الاحتلال التي رسمتها استخباراته لقطع رأس المقاومة في غزة ذهبت هباء منثوراً”، هذا ما أضافه السنوار الذي يؤكّد رجاله على أنّ مدينة القدس المقدسة ستظل تقاتل حتى تطرد المحتل الغريب، ولن تستسلم لواقع الاحتلال البغيض، وأن الشباب الثائر الذي تصفه تل أبيب بـ “المشاغب” سيواصل نضاله المشروع حتى انتزاع حريته وتحرير أرضه واسترداد مقدساته، وأنّ إرهاب الكيان المنظم وفائض القوة العمياء، لن يفلح في ثني الفلسطينيين عن مواصلة نضالهم لتحرير أرضهم ونيل حريتهم.
المصدر/ الوقت