العالم يهاجم “إسرائيل” ويرثي شيرين أبو عاقلة.. ماذا عن الإمارات
منذ اللحظة الأولى لإعدام قوات العدو الإسرائيليّ الصحفيّة الشهيرة التي تعمل مراسلة في قناة الجزية القطريّة شيرين أبو عاقلة في جنين بالضفة الغربيّة المحتلة، تتالت المواقف العربية والدولية المنددة باغتيالها أثناء تغطيتها اقتحام العصابات الصهيونيّة المدينة صباح الأربعاء الماضي، باعتبارها صحفية فلسطينية ومراسلة إخبارية ميدانية عملت مع مجموعة كبيرة من وكالات الأنباء العربية والدولية لتغطية الأحداث الكبرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتوثيق اعتداءات قوات الاحتلال وجرائمهم، إلا أنّ نائب رئيس شرطة دبي، ضاحي خلفان، نشر تغريدات ساخرة حول استشهاد ابو عاقلة، ما أثار الكثير من الانتقادات والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي.
جريمة شنيعة
أجمع العالم بالأمس على شناعة الجريمة التي ارتكبتها العصابات الصهيونيّة بحق الصحفيّة شيرين أبو عاقة، حيث حمّل الرئيس الفلسطيني محمود عباس القوات الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن استشها مراسلة الجزيرة التي قضت خلال قيامها بواجبها الصحفي لتوثيق الجرائم المروعة التي يرتكبها الاحتلال، ودعا رئيس الوزراء الفلسطينيّ إلى إجراء تحقيق دولي تشارك فيه الأمم المتحدة، وأكّدت وزارة الإعلام الفلسطينية على ضرورة محاسبة “إسرائيل”، وقد أجمعت الفصائل الفلسطينية على أنّ تلك الجريمة متعمدة ومدانة بأشد العبارات، ولن تحجب حقيقة إرهاب الاحتلال ووحشيته، وتؤكد مدى استهتار تل أبيب بالرأي العام العالميّ وبالقيم والأعراف الدولية.
أما عربيّاً، اعتبر الأمين العام لما تسمى “جامعة الدول العربية ” أحمد أبو الغيط مقتل أبو عاقلة جريمة بشعة ليست بمستغربة على الاحتلال ولا ينبغي أن تمر مرور الكرام، كما قطر بالإرهاب الإسرائيلي الذي ترعاه الدولة، وطالبت بوقف الدعم غير المشروط لها، مؤكّدة أنّ مثل هذه الجرائم المروعة التي تمارسها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني الأعزل يجب ألا يتم تجاوزها دون محاسبة، وينبغي ألا تخضع لازدواجية المعايير، فيما أدانت الكويت عملية الاغتيال وقالت إنه يتوجب على المجتمع الدولي فتح تحقيق لمساءلة مرتكبي هذه الجريمة البشعة وملاحقتهم أمام جهات العدالة الدولية.
أيضاً، استنكرت عمان واليمن العملية الاسرائيلية، كما أدانت مصر والأزهر بأشد العبارات جريمة اغتيال الصحفية في قناة الجزيرة وطالبت بالبدء الفوري في إجراء تحقيق شامل يفضي إلى تحقيق العدالة، ووصفت الأردن الجريمة بالاعتداء الصارخ على حرية الصحافة والتي يجب محاسبة مرتكبيها، كما قال لبنان إن الاحتلال يضيف بجريمته هذه إلى تاريخه الدموي فصلا جديدا من التعسف والاعتداء والاستهتار بالحقوق والحياة والعدالة، فيما أعربت الجزائر عن خالص عزائها ومواساتها لعائلة الزميلة شيرين أبو عاقلة ولشبكة الجزيرة، وأدانت تونس الاغتيال برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي الغادر ودعت المجموعة الدولية لتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية ولسياسة الإفلات من العقاب، بيد أنّ ليبيا أشارت إلى أنّ قتل شيرين على مرأى ومسمع العالم أجمع هو إخراس لصوت الحق، أما مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط فدعا إلى إجراء تحقيق فوري وشامل ومحاسبة المسؤولين.
دوليّاً، نددت أميركا –الداعم الأكبر للكيان الإسرائيليّ- بقتل مراسلة الجزيرة ودعت إلى إجراء تحقيق مستفيض للوقوف على ملابسات وفاتها زاعمة أنّ واشنطن تدعم الحريات الصحفية وحماية الصحفيين خلال تأديتهم واجباتهم، كما أدان المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي العملية مؤكدا أنه من الضروري عمل تحقيق “مستقل وشفاف” حول الحادث وتقديم المسؤولين للمحاكمة، ومكررا مزاعم وقوف الاتحاد بجوار كل الصحفيين والاستمرار في دعمهم لأداء عملهم بشكل كامل وآمن، وقد أعربت بريطانيا التي تحاول منع مقاطعة “إسرائيل” عن صدمتها لمقتل شيرين أبو عاقلة، مشددة على ضرورة احترام حرية وسائل الإعلام وسلامة الصحفيين، كما استنكرت ألمانيا العملية الاسرائيليّة موضحة أن التقارير الواردة حول مقتل الصحفية صادمة للغاية.
من ناحية أخرى، أدانت فرنسا مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، واعتبرته أمرا صادما للغاية مطالبة بتحقيق شفاف بملابسات عملية القتل، كذلك قالت بلجيكا مضيفة إنّ حرية الصحافة يجب حمايتهما دوما وفي كل مكان، داعية إلى تحقيق سريع وحازم في مقتلها، فيما عبّرت هولندا عن صدمتها من الوفاة المأساوية لصحفية الجزيرة، وقد أكدت الدنمارك على ضرورة حماية حرية الصحافة وسلامة الصحفيين على الدوام وإجراء تحقيق شامل في ملابسات مقتل أبو عاقلة، وأدانت إيران الاغتيال المتعمد لأبو عاقلة، ودعت المنظمات الدولية لفتح تحقيق مستقل ومحاسبة الكيان الصهيوني على الجريمة، مشيرة إلى أن “إسرائيل” تقتل الصحفيين خوفا من نشر الحقائق.
إضافة إلى ذلك، أدانت باكستان بشدة اغتيال الصحفية بشبكة الجزيرة على يد القوات الإسرائيلية، قائلة إنّه يهدف إلى طمس الحقيقة وإسكات صوت المظلومين، كما استنكرت أفغانستان القتل المتعمد لمراسلة الجزيرة، مشيرة إلى أن “إسرائيل” من خلال مهاجمتها حرية التعبير ستكشف للعالم فظائعها ضد الشعب الفلسطيني، كذلك أدانت جيبوتي قتل شيرين أبو عاقلة، قائلة إنها كانت من أبرز المتصدين لسياسة الاستيطان الإسرائيلية من خلال عملها الصحفي المهني المتقن.
أما الإمارات التي وقعت اتفاق التطبيع مع تل أبيب وعبّدت طريق الرضوخ والخنوع من جديد في المنطقة، باعتبار أنّها كانت الدولة العربيّة الأولى التي توقع اتفاقية للاستسلام مع العدو العنصريّ، منذ أن وقع الأردن في عام 1994 معاهدة مماثلة، فاختارت الصمت الرسميّ المُطبق على تلك الجريمة البشعة، حيث انحصرت الإدانة برئيس جمعية الصحفيين الإماراتية محمد الحمادي، خلال ندوة إعلامية نظمتها جمعية الصحفيين الإماراتية في أبوظبي.
ليتها صمتت بالكامل
بعد أن نشر نائب رئيس شرطة دبي، ضاحي خلفان عدة تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، تحمل السخرية والإذلال ونفي أنباء استشهاد شيرين أبو عاقلة، تمنى بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعيّ لو أنّ المسؤولين الإماراتيين صمتوا للأبد، بعد أن تحالفوا مع أشدّ الكيانات إجراماً واحتلالاً تحت ذرائع واهية اصطدمت مع كل القيم الإنسانيّة والأخلاقيّة والدينيّة، في ظل تعزيز العلاقات مع محتل الأرض العربيّة في كل المجالات الدبلوماسيّة والاقتصاديّة والعلميّة والتكنولوجيّة والطبيّة والثقافيّة والدينيّة والإعلاميّة والاستخباراتيّة والسياحيّة.
وإنّ تغريدات ضاحي خلفان الساخرة بشأن استشهاد شيرين ابو عاقلة أثارت الكثير من الانتقادات والغضب من رواد التواصل الاجتماعي، إضافة إلى تغريدة أخرى استهزأت بخبر الاستشهاد قائلة “أنا أعلم أيضا أن محمد الدرة على قيد الحياة، سيقولون غدا أن شيرين أبو عاقلة على قيد الحياة “، تلاها عدد من الأيقونات الضاحكة، وجاءت هذه التغريدات بعد انتشرت تغريدات غاضبة كثيرة حول استشهاد المذيعة الفلسطينيّة التي ظهرت في بعض المقاطع المصورة ضمن اللحظات التي سبقت وفاتها وتوثق محاولات إنقاذها التي لم تفلح.
ختاماً، في الوقت الذي أثار خبر استشهاد الإعلاميّة الفلسطينيّة الشهيرة برصاص العدو الإسرائيليّ الذي تعود على قتل واستهداف الصحفيين وتدمير المباني التي تحوي مكاتبهم، ردود فعل حزينة وغاضبة في جميع أنحاء العالم، استهزأ المسؤول الإماراتيّ من قضيّة هزت العالم بأسره، في موقف بعيد كل البعد عن الإنسانيّة لتبييض وجهه أمام حكامه الذين فضلوا التعاون مع الجلاد لمصالح ضيقة سترتد عليهم في يوم من الأيام.
المصدر/ الوقت