كاميرات التعرف على الوجه.. هل تتوقف العمليات الاستشهادية في الأراضي المحتلة
وسط معارضة شديدة من الجمعيات والحركات الحقوقية، قررت لجنة التشريع في الحكومة الإسرائيلية طرح مشروع قانون جديد يتيح للشرطة أن تنصب كاميرات حديثة في الشوارع والأماكن العام، قادرة على التوثيق من خلال عدسات دقيقة تمكن من التعرف على الوجوه في الحيز العام. وقد ادعت الحكومة أن القانون موجه بالأساس لأغراض “مكافحة الإرهاب”.
ويسمح القانون الجديد لأجهزة الأمن باستخراج معلومات من الكاميرات من دون استصدار أمر من المحكمة، ولذلك فإنه يثير انتقادات واسعة. وقالت الباحثة في «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية»، تهيلا شفارتس ألتشولر، إن استخدام كاميرات للتعرف على الوجوه في الحيز العام هو محور خلاف واسع في الدول الغربية، «ولا ينبغي أن تكون إسرائيل الساحة الخلفية لذلك، وينبغي أن يكون الإطار القانوني للتعرف على الوجوه أعمق وجذرياً أكثر. ويجب إزالة موضوع التعرف على الوجوه من النص الذي سيطرح على الكنيست، وخصوصاً الموافقة على استخدام الكاميرات ضد متظاهرين ليسوا مشتبهين بارتكاب أي مخالفة».
ويدعي مشروع القانون أن أهداف نصب هذه الكاميرات، هي منع أو كشف جرائم أو مخالفات يمكن أن تشكل خطراً على سلامة البشر أو الجمهور أو أمن الدولة، ومنع استهداف شديد لأمن شخص أو أملاك، والعثور على شخص مفقود، وإنفاذ القانون بشأن منع الدخول إلى أماكن عامة بموجب القانون، وتطبيق أوامر إبعاد. وحسب مشروع القانون، تحتفظ الشرطة بالمعلومات «بشكل يضمن الحماية من تسرب معلومات من المخزون أو اختراقه، وكذلك من نقل أو كشف أو شطب، أو تغيير الاستخدام أو نسخ دون إذن بموجب القانون»، وأن «تضمن الشرطة حماية خصوصية الشخص الذي تتعلق المعلومات به».
ينشط الكيان الصهيوني بشكل خاص في برامج وتقنيات التجسس، وأبرزها تقنية التعرف على الوجوه، لتكون الشركات الصهيونية في مقدمة سباق عالمي تتنافس فيه الشركات الخاصة لتزويد الحكومات القمعية بالأدوات لتعقب مواطنيها والتجسس عليهم بشكل غير قانوني.
ويعد التعرف على الوجوه باستخدام القياسات الحيوية أحد أكثر أشكال برامج التجسس التي نوقشت على نطاق واسع هذه الأيام، وقد اجتذبت هذه التكنولوجيا بالفعل انتقادات كثيرة، وفي 3 بلدان فقط تم حظرها تماما. حيث وحسب مراجعات تعود إلى آب/ أغسطس 2020،، كانت تقنية التعرف هذه، مستخدمة في 98 دولة، بينما تمت الموافقة عليها ولم يكن بدأ استخدامها بعد في 12 دولة أخرى، وأعلنت 13 دولة إنها وافقت على النظر في استخدام هذه التقنية، بينما حظرتها رسميا 3 دول فقط ولايوجد أدلة تتعلق بـ64 دولة أخرى.
في حين أن هذه التكنولوجيا لديها بالفعل العديد من المزايا المحتملة ، فإنها تثير أيضًا عددًا كبيرًا من المشاكل والمخاطر المتعلقة بالخصوصية والأمن وحقوق الإنسان وقمع المنشقين السياسيين والأقليات، بل سجن شعب كامل كما هي الحالة في فلسطين.
في الوضع العادي يقوم البرنامج بمسح مخزون الصور، بما في ذلك الصور من رخص القيادة وصور الشرطة، والتحقق منها مع لقطات من كاميرات الأمن وكاميرات الشوارع ومقاطع الفيديو من مصادر أخرى، ثم تحدد أنظمة البرامج هذه ميزات الوجه التي تسمح بالمطابقة والتعرف، و الميزة الرئيسية التي تلتقطها أنظمة البرامج هذه هي هندسة الوجه: المسافة بين العينين، بين الجبين والذقن، إلخ. هؤلاء ينشئون ما يسمى “تحديد التوقيع” – وهي صيغة رياضية يمكن مقارنتها بعد ذلك بمخزون الصور.
أهم استخدام لهذه الصناعة هو المراقبة ، والتي تثير القلق بين العامة و المنظمات الحقوقية في جميع أنحاء العالم – ليس أقلها فيما يتعلق بسيطرة “إسرائيل” على الفلسطينيين.
أصبح التحقيق الذي كشفت عنه الـ”واشنطن بوست” مؤخرا، مشهورا بما يكفي، حيث كشف أن الجيش “الإسرائيلي” يستخدم تقنية التعرف على الوجه في الضفة الغربية المحتلة. وباستخدام هذا النظام، تقوم “إسرائيل” ببناء قاعدة بيانات للسكان الفلسطينيين بناءً على الصور التي التقطها الجنود في الشارع وعند نقاط التفتيش وفي منازل الفلسطينيين، ووفقًا لتقرير “واشنطن بوست” يتنافس الجنود على التقاط معظم صور الفلسطينيين من أجل ملء قاعدة البيانات.
حتى قبل ذلك، كان معروفًا لبعض الوقت أن إسرائيل تستخدم تقنيات التعرف على الوجه في الأراضي المحتلة، ووفقًا لتقرير استقصائي صادر عن NBC لعام 2019، فإن شركة Oosto “الإسرائيلية” التي كانت تُعرف حتى وقت قريب باسم Anyvision ، زودت “الجيش الإسرائيلي” بتكنولوجيا تسمى Google Ayosh اختصاراً لـ “يهودا والسامرة” التي تستخدمها الحكومة “الإسرائيلية” للإشارة إلى الضفة الغربية، و تعتمد هذه التقنية على الكاميرات المنتشرة في جميع أنحاء الضفة الغربية بهدف التعرف على الأفراد من خلال تقنيات التعرف على الوجه.
وأفيد كذلك أن الشرطة “الإسرائيلية” استخدمت هذا النظام لتحديد هوية الفلسطينيين في شوارع شرقي القدس، و أثارت التقارير انتقادات دولية واسعة النطاق للشركة وتسببت في سحب مايكروسوفت منها.
يستخدم الجيش الإسرائيلي” الطائرات دون طيار بالفعل في قمع الفلسطينيين في الداخل والضفة الغربية وغزة، وخصوصا لأعراض المراقبة، وأحيانًا حتى لإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع وهي مسألة وقت فقط قبل أن يتم تجهيز هذه الطائرات دون طيار بتقنيات التعرف على الوجه أيضًا وستصبح خطيرة جدا إذا كانت هذه الطائرات مسلحة أيضا فستكون مثل قتلة آليين.
Anyvision / Oosto ليست اللاعب الوحيد في سوق تقنيات التعرف على الوجه، هناك شركة “إسرائيلية” أخرى ناجحة للغاية هي شركة Corsight AI، والتي تشترك في ملكيتها شركة Cortica “الإسرائيلية” والشركة الكندية AWZ. ومثل Anyvision / Oosto ، وتفتخر Corsight بحقيقة أن عمالها اكتسبوا خبراتهم أثناء العمل في المخابرات “الإسرائيلية” وقوات الأمن.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه التكنولوجيا نفسها تُستخدم ضد المواطنين “الإسرائيليين” – الفلسطينيين واليهود على حد سواء، و لم يتم الرد على الالتماسين المقدمين من جمعية حقوق المواطن في “إسرائيل” (ACRI) ، إلى الشرطة “الإسرائيلية” والجيش. ومع ذلك، يشير التشريع الذي روجته الشرطة “الإسرائيلية” العام الماضي إلى أنها تعتزم، على الأقل، نشر هذه التكنولوجيا داخل الخط الأخضر.
تسمح تقنيات التعرف على الوجوه لقوات الأمن بتخزين صور المدنيين، بينما تحرم هؤلاء المدنيين بشكل شبه كامل في الوقت نفسه من الحق في تجنب التصوير, و التقنيات المستخدمة من قبل المخابرات وقوات الشرطة ليست مكشوفة للجمهور، والخوارزميات المستخدمة لتشغيل هذه التقنيات مخفية عن الباحثين، و قد يكون الأمر بمثابة إدانة لشخص ما بناءً على أخذ عينات من الحمض النووي، دون أن يتمكن أحد باستثناء الشركة التي تقوم بأخذ العينات من الوصول إلى الطرق التي أجريت بها، أو حتى المعلومات المتعلقة بتسلسل الحمض النووي الذي يتم اختباره.
يأتي الحديث عن هذا القرار في وقت يواجه الاحتلال عمليات استشهادية بطولية متتالية وخسائر جسيمية خلال أقل من شهرين كانت آخرها الاسبوع الماضي، حيث أسفرت العملية الفلسطينية البطولية قرب مستوطنة “إلعاد “ شرقي تل أبيب، عن مقتل ثلاثة إسرائيليين على الأقل، وأصيب آخرون بجراح خطرة.
تؤكد الفصائل الفلسطينية عقب كل عملية أن مثل هذه العمليات هو رد على جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، وتشدد على ان العمليات تطبيق عملي لما تحذر منه المقاومة، من أن المقدسات خط أحمر.
وتؤكد ان مثل هذه العمليات هي تطور نوعي في مواجهة إجرام الاحتلال في القدس والضفة الغربية وهي جزء بسيط من الرد الطبيعي على الاستهداف الصهيوني للقدس والأقصى، وتشير إلى أنّ هذه الضربات يتهاوى أمامها أمن الكيان الصهيوني المؤقت.
ودون أدنى شك تثبت العمليات البطولية الأخيرة المنفردة التي نفذها مقاومون فلسطينيون أن المقاومة هي الخيار القادر على رفع تكلفة الاحتلال المستمر في عدوانه على الشعب الفلسطيني ومقدسات المسلمين.
بمعنى أن العمليات البطولية الاستشهادية ستتواصل طالما استمر تطاول كيان الاحتلال الاسرائيلي على المقدسات ومهما ابتكر من أدوات واستخدم تقنيات حديثة لتساعده على كبح عمليات المقاومة الفلسطينية والشباب الفلسطيني البطل الذي أثبت أنه قادر على التعامل مع أي وسيلة قمع جديدة يستخدمها الصهاينة وأنه هو فقط من يحمل زمام المبادرة والقادر على مفاجأة الكيان وإصابته بمقتل.
المصدر/ الوقت