تضارب الأنباء حول انسحاب الطواقم المصرية العاملة في إعادة إعمار غزة
شن الكيان الصهيوني في 10/5/2021 عدواناً هو الرابع على قطاع غزة، حيث خاضت قوى المقاومة ضده معركة “سيف القدس” على مدى 11 يوماً. وتسبب العدوان الصهيوني بتدمير 1335 منشأة سكنية بشكل كامل أو بليغ، فيما لحق الضرر المتوسط والجزئي بنحو 12 ألفاً و886 منزلاً، حسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة. ومن بين هؤلاء يوجد نحو 6 آلاف لاجئ فلسطيني تعرضت منازلهم لأضرار مختلفة خلال العدوان الصهيوني، بينهم 850 منزلاً تم تدميرها بشكل كامل، انتهى العدوان الصهيوني على قطاع غزة بوقف لإطلاق النار في 21 مايو (أيار) الماضي.
بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، طُرحت تساؤلات حول عملية إعادة إعمار القطاع، حينها أعلن عبد الفتاح السيسي، الرئيس المصري، عن تقديم منحة قيمتها 500 مليون دولار لإعادة الإعمار، حيث أكد بسام راضي، المتحدث باسم رئاسة جمهورية مصر، في 4 أيلول/سبتمبر 2021، أن “أعمال التشييد والبناء في قطاع غزة ستبدأ خلال أيام”، من جهةٍ اخرى أفاد ناجي سرحان، وكيل وزارة الأشغال العامة بغزة، في 25 آب/أغسطس 2021، بأن الوزارة تنتظر فتح المعابر، وإيفاء المانحين بتعهداتهم المالية، معلنًاً عن منحة قطرية قيمتها 500 مليون دولار وفي هذا السياق، صرح أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، أثناء جولته للمنطقة، في 24-25 أيار/مايو 2021، بالحاجة إلى إعادة الإعمار، شرط ألا تصل الأموال إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس
الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة خلفت دماراً كبيراً في البنية التحتية والمؤسسات
جاء العدوان الصهيوني وقطاع غزة يرزح تحت وطأة الحصار ، وحيث كان بمثابة صدمة جديدة للاقتصاد الفلسطيني وتحديداً للاقتصاد في قطاع غزة، حيث إن الاثار لهذا العدوان الصهيوني أضيفت إلى ما سبقها من صدمات تعرض لها القطاع والتي تمثلت في الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة منذ سنة 2007، والذي تمّ بموجبه منع حرية الحركة للأفراد والبضائع والسلع الأولية، حيث إن الحصار حمل في طياته تداعيات كارثية وخطيرة أصابت الضرر بكل القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى الاعتداءات الإسرائيلية الثلاث التي شنتها “إسرائيل” على القطاع في السنوات 2008، و2012، و2014، وما خلفته تلك الاعتداءات من دمار كبير وعميق في البنية التحتية والمؤسسات الإنتاجية والمرافق العامة والمساكن.وقد تسببت هذه الصدمات في تدهور وتذبذب واضح في النشاط والنمو الاقتصادي، وكذلك في ارتفاع معدلات البطالة واتساع دائرة الفقر، إضافة إلى تذبذب في حركة التجارة والاستثمار في قطاع غزة.
تتضارب الأنباء عن انسحاب الطواقم المصرية العاملة في مشاريع إعمار غزة
تتضارب الأنباء في قطاع غزة بعد تسريبات نشرتها وسائل إعلام مقربة من حركة المقاومة الإسلامية حماس، عن انسحاب الطواقم المصرية العاملة في مشاريع إعمار القطاع بشكل مفاجئ، في هذا السياق ذكرت منصتان إخباريتان، تتبعان لحركة المقاومة الإسلامية حماس ، أنّ “الطواقم المصرية العاملة في مشاريع الإعمار المصرية انسحبت بشكل كامل ومفاجئ “.
من جهةٍ اخرى وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان التابع للحكومة التي تديرها الحركة في القطاع ناجي سرحان نفى ذلك وقال إنّ الطواقم المصرية تواصل عملها بشكل طبيعي.، وهنا يمكن الإشارة إلى أن أعمال المرحلة الثانية من المنحة المصرية لإعادة إعمار غزة- انطلقت خلال شهر ديسمبر الماضي- وشملت ستة مشاريع خاصة بالطرق والمدن السكنية التي تحمل اسم «دار مصر» وتقام داخل 3 مناطق بالقطاع .سرحان قال ايضاً إنه لا صحة لما يقال حول انسحاب مفاجئ للطواقم المصري من مشاريع الإعمار، مؤكدًا أن العمل مستمر بشكل طبيعي، وأنه مع نهاية العام الجاري سيتم الانتهاء بالكامل من عدة مشروعات وخاصة بالمدن السكنية.
رفض إسرائيلي واعتراض على إعادة إعمار الأبراج السكنية
في وقتٍ سابق كشف وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في حكومة غزة التي تديرها حركة حماس، ناجي يوسف سرحان، عن وجود “فيتو” إسرائيلي بشأن إعادة إعمار الأبراج التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي خلال المواجهة الأخيرة مع غزة في مايو/ أيار حيث قال “نحن نشعر فيه من خلال ابتعاد المانحين وخصوصاً الأساسيين، مثل مصر وقطر، عن إعادة إعمارها، وبالتالي أصبحت هذه المنشآت بلا مانحين من أجل إعادة إعمارها، إضافة إلى “الفيتو” على عملية تسريع الإعمار، وبالتالي المانحون يتعرضون لضغط إسرائيلي واضح حتى لا تكون العملية سريعة وتحويل الملف إلى عملية سياسية.
وشدد سرحان على وجود ضغوط وتعليمات للوسطاء والمانحين بعدم الإسراع في عملية إعادة الإعمار من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يجعل هذا الملف خاضعا للتحكم الإسرائيلي ويحوله من ملف إنساني إلى سياسي.ولفت إلى وجود غياب حقيقي للمانحين العرب، مثل السعودية والكويت وسلطنة عمان والإمارات، مع اقتصار الحضور على قطر ومصر، في الوقت الذي يضع فيه الاحتلال عراقيل كثيرة من أجل إبطاء هذه العملية وتعطيلها.
التحديات “الإسرائيلية”
تعد عملية إعادة إعمار قطاع غزة عملية سياسية اقتصادية تنموية، تعمل على إعادة بناء القطاعات والمنشآت المدمرة في القطاع، ولكن هناك تباطؤاً في عملية إعادة الإعمار، فالشروط الإسرائيلية تعيق عملية الإعمار وتتحكم بها، حيث تضع إسرائيل شروطًا تعجيزية تعيق سير عملية إعادة الإعمار؛ أهمها تشديد الحصار، وفرض القيود على المعابر، وقضية الأسرى والمفقودين الإسرائيليين لدى حركة حماس. وفي هذا السياق، يتضح أن غزة تعاني من حربٍ اقتصادية تجاه القطاع حتى بعد وقف إطلاق النار الأخير، مع استمرار الكيان الصهيوني في شن هجمات محدودة ودائمة بين الفترة والأخرى.
في الختام يمكن القول إن ملف عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة أصبح معقداً ويخضع لعوامل سياسية بحتة وغير فنية حيث إن عملية الإعمار معقدة وهي مرتبطة بعوامل عدة في الإقليم والاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة، وكل هذه العملية مرتبطة بالهدوء في المنطقة، وبالتالي هناك تداخل كبير في هذه العملية، وهو ما يعني أن العملية ستأخذ وقتاً طويلاً لتنفيذها في ظل الواقع الراهن.
من جهةٍ أخرى سياسة الحصار والعدوان التي انتهجها الكيان الصهيوني على مدار 15 عاماً أثرت وما زالت توثر على كل الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأدت بطبيعة الحال إلى انهيار كبير في القدرات الإنتاجية في قطاع غزة، وأثرت بشكل كبير على تنفيذ مجمل الخطط والبرامج التنموية الفلسطينية في قطاع غزة، التي حال تنفيذها في قطاع غزة بسبب الحصار والانقسام والاعتداءات المتكررة على القطاع، كما تسببت هذه السياسة في وقف عشرات المشاريع الدولية والمحلية والتابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وخصوصاً ما يتعلق بمشاريع الإسكان ومشاريع البنية التحتية من كهرباء وصرف صحي ومياه وخدمات أخرى ما أصابها بالشلل التام.كما ترك العدوان الإسرائيلي الاخير دماراً واسع المدى أصاب كل القطاعات الاقتصادية وتسبب بخسائر اقتصادية فادحة، الأمر الذي يتطلب وبشكل فوري إعادة إعمار ما دمره الاحتلال خلال العدوان الأخير، وتنمية وتأهيل قطاع غزة، وحشد التمويل اللازم لعملية الإعمار، والتركيز على بعدها التنموي لإيجاد فرص عمل، وتعزيز قدرة الاقتصاد.
المصدر/ الوقت