التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

واشنطن تتراجع عن قرار فتح القنصلية الفلسطينية بالقدس.. ما السر 

في إطار السياسة الأمريكيّة المعهودة المتعلقة بدعم الكيان الصهيونيّ الإرهابيّ والدفاع عن مصالحه في المنطقة بشكل لا متناهٍ وتسليحه الكبير، على حساب الحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ، بما يخدم أهداف واشنطن ويفصل شرق الوطن العربيّ عن مغربه، كشف موقع “تايمز أوف إسرائيل” أنَّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قرَّرت التخلي عن إقامة قنصلية أميركية للفلسطينيين في القسم الشرقي من القدس المحتلة، والتي أغلقها الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2019، وأطلق كذبة “القدس عاصمة لإسرائيل”، حيث تنازلت واشنطن عن قرارها إرضاءً لابنها الصهيونيّ المدلل وأعلنت تل أبيب مراراً وتكراراً عن معارضتها فتح قنصلية للفلسطينيين، بزعم العاصمة الفلسطينية القدس هي عاصمة لكيان احتلالهم، وهي لا تقبل بوجود ممثليات دبلوماسية لأصحاب الأرض فيها.

في الوقت الذي اتخذت فيه الولايات المتّحدة موقفاً قذراً في التغاضي عن جرائم الكيان الصهيونيّ وعنصريّته المقيتة في العاصمة الفلسطينيّة بل ما زالت تدعمه بكل ما أوتيت من قوة، تتحدث الصحيفة العبريّة أنَّه “في أعقاب القرار الذي اتخذته الإدارة قبل بضعة أشهر بالعودة عن قرار ترامب، قررت إدارة بايدن مؤخرًا التخلي عن ذلك، وبدلًا من ذلك زعمت أنّها ستتخذ “سلسلة من الخطوات لتحسين العلاقات مع الفلسطينيين”، نعم الفلسطينيين الذين يُقتلون حتى وإن كانوا صحفيين فإراقة دمائهم تستحق من واشنطن رفع الدعم الذي تقدمه لسرطانها المُدلل باعتباره يمثل المعسكر الغربيّ والأمريكيّ والحامي لمصالحه في الشرق الأوسط، وما من أحد يجهل حجم الدعم العسكريّ والسياسيّ والاقتصاديّ الذي يتلقاه العدو المُستبد على كل المستويات من الإدارات الأمريكيّة منذ نشأة الدولة المزعومة على أنقاض فلسطين وأشلاء شعبها في 14 مايو/ أيار 1948 بعد انتهاء الانتداب البريطانيّ على فلسطين.

وكما عودتنا السياسة الأمريكيّة، لم تُعط الولايات المتحدة أي أهميّة لجرائم المستعمرين الصهاينة والتي تُظهر بما لا شك فيه حجم العربدة الصهيونيّة التي تُجرم بالفلسطينيين وتطردهم من منازلهم عبر مخططات الاستيطان والضم، ناهيك عن الحقد الكبير من الصهاينة على أهالي القدس العاصمة الفلسطينيّة التي تعد أكبر مدن فلسطين التاريخيّة المحتلّة، من حيث المساحةً وعدد السكان وأكثرها أهميّة دينيّاً واقتصاديّاً.

والمثير للسخريّة، هو أنّ التقرير العبريّ الذي استند على مصدريْن اثنين؛ أميركي وفلسطيني، ادعى أنَّ الولايات المتحدة تعتزم ترقية مكانة نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الفلسطينية و”الإسرائيلية” هادي عمرو، إلى منصب المبعوث الخاص للفلسطينيين، في وقت تدعم فيه بشكل مُطلق الكيان الصهيونيّ القاتل، وتساعده بشكل فاضح في تغييب كل القرارات الدوليّة بفرضه سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين واستباحته للدم الفلسطينيّ والعربيّ وخرقه المؤسف لكل القوانيّن والمواثيق الدوليّة المتعلقة بحقوق الإنسان، إضافة إلى مخطط الضم امتداداً لعملية التوسع على حساب الأرض والحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ الأعزل، في إصرار واضح من حكومة العدو على قتل آخر رمق للسلام الذي يتحدث عنه البعض وبالأخص الولايات المتحدة التي أدخلت العديد من الدول الخليجيّة والعربيّة في حظيرة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ رغماً عنها.

أيضاً، إنّ الولايات المتحدة تسعى بشكل واضح لإعلاء كلمة الكيان المستعمر في فلسطين المسلوبة، وتحاول بشكل سخيف للغاية تهدئة الفلسطينيين بالخداع وهي غير جادة أبدا في رفض ممارسات سلطات العدو وعنفها الهمجيّ، وإن الحديث عن أنَّ عمرو سيبقى في واشنطن لكنه سيعقد اجتماعات متكرّرة في المنطقة للعمل مباشرة مع وحدة الشؤون الفلسطينية التابعة للسفارة الأميركية في “إسرائيل”، يؤكّد بشكل جلي وواضح ذلك الشلل الكامل الذي يصيب تلك الإدارة عندما يتعلق الأمر بتل أبيب، لهذا يجب إدراك حقيقة أنّ اليد الأمريكيّة لا يمكن أن تمد يدها سوى للجلاد السفاح بأحدث وأقوى الأسلحة التي تُمطر الفلسطينيين بالرصاص وتحاول تهجيرهم من ديارهم، وسرقة عاصمتهم وتدمير آثارهم.

وتشير المعلومات التي نشرها الإعلام التابع للعدو، إلى أنَّ الوحدة كانت في السابق تابعة مباشرة لوزارة الخارجية، ما يعني أنَّها لم تكن جزءًا هرميًا من السفارة، لكن ترامب دمجها في السفارة، واليوم مع اقتراب موعد تعيين عمرو، ستقدم الوحدة تقاريرها للبيت الأبيض مباشرةً ولن تبقى جزءًا من السفارةـ أي إنها عمليًا ستكون ممثلية منفصلة للفلسطينيين بكل ما للكلمة من معنى، حتى أن “الوحدة” لا تزال تقدم تقاريرها إلى واشنطن، لكن خطوة تعيين عمرو ستجعلها رسمية، كما أن إدارة بايدن تنوي أن تستكمل بزيارته سلسلة الخطوات التي من شأنها أن تعوض عن عدم إنشاء القنصلية المنفصلة، وفقاً لزعمهم.

ومن الجدير بالذكر، أنّ دونالد ترامب ألصق اسم “القدس” كعاصمة موحدة للكيان الغاصب في 6 ديسمبر/ كانون أول عام 2017، فيما أعلنت إدارته قطع كل المساعدات لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في 3 آب من العام 2018، بعد أن كانت على مدى سنوات طويلة المانح الأكبر للوكالة، وقد حصلت تل أبيب، وفق ما تقوله المعطيات، على دعم كبير من أمريكا ترامب خلال 4 سنوات، من ضمنها مكاسب سياسية عديدة على حساب العرب والفلسطينيين تفوق ما حصلت عليه من أيّ رئيس آخر في تاريخ أمريكا، حيث أعلن ترامب في 28 كانون الثاني عام 2020، ما تعرف بـ”صفقة القرن”، وهي خطة أمريكيّة لتسوية سياسيّة تتضمن تصفية القضية الفلسطينيّة، ليأتي بايدن بعدها ويكمل مسيرة بلاده الداعمة للاحتلال تنفيذاً لأوامر اللوبي الصهيونيّ الحاكم هناك.

نهاية القول، من الغباء الشديد سياسيّاً النظر ولو للحظة إلى واشنطن بأنّها يمكن أن تكون يوماً في صف الشعب الفلسطينيّ المذبوح من الآلة العسكريّة الصهيونيّة في أرضه وخارجها، وإنّ الأهمية البالغة لـ “إسرائيل” بالنسبة للولايات تدفعها بقوّة لتسليح ودعم العدو المُستبد بكل ما تستطيع، والدليل أنّه مهما صعد الإسرائيليون بجناياتهم ومجازرهم واعتداءاتهم لا يمكن أن تأخذ أيّ موقف عمليّ أو تحرك مهم أو ضغط سياسيّ على العدو لوقف جرائمه بحق الأبرياء وكأنّها تعطي ضوءا أخضر لتل أبيب لارتكاب أشنع وأبشع الجنايات، وتقول للإسرائيلين “اقتلو وهجروا هذا الشعب وامحوا تاريخه ونحن معكم”.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق