التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

لماذا يخاف الصهاينة من رفع العلم الفلسطيني في الأراضي المحتلة 

بينما يسعى الكيان الصهيوني إلى منع تطوير القدرات العسكرية لمجموعات المقاومة في غزة وما تلاه من توسع في العمليات الاستشهادية لأبطال المقاومة في الضفة الغربية والقدس، فقد تبنى هذه المرة سياسات جديدة تهدف إلى مواجهة رموز الهوية الفلسطينية. وفي هذا الصدد، أبدى برلمان النظام الصهيوني (الكنيست) الأسبوع الماضي موافقته المبدئية على حظر رفع العلم الفلسطيني في مؤسسات الأراضي المحتلة، بما في ذلك الجامعات، التي تمولها حكومة النظام، بدعم من 63 نائبا و 16 معارضا. كما صوت رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت لمصلحة القانون المقترح، الذي قدمه حزب الليكود برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو.

ووصفت القائمة العربية المشتركة في الكنيست في بيان لها مشروع القانون بالعنصرية ويستهدف وجود الشعب الفلسطيني وعلمه. وشدد الجانب العربي على أن العلم الفلسطيني سيبقى أينما تواجد الشعب الفلسطيني وسيرفعه الشباب والطلاب. ومع إقرار هذا القانون، ستعمل قوات الأمن التابعة للنظام الصهيوني على قمع جميع الأنشطة التي تشهد رفع العلم الفلسطيني في مدينة القدس والضفة الغربية. ومن ناحية أخرى، سيقوم المستوطنون الصهاينة بمهاجمة الفلسطينيين في القرى والبلدات الفلسطينية باستمرار لرفع الأعلام الفلسطينية من الشوارع. وفي سبتمبر 2018، أقر النظام الصهيوني مشروع قانون يعتبر رفع العلم الفلسطيني في الأراضي المحتلة جريمة وسيسجن حاملوه.

الخوف من الرمز الوطني للفلسطينيين

رفع العلم الفلسطيني ليس بجديد على التظاهرات الطلابية العربية في الأراضي المحتلة، ولطالما استخدم العلم كرمز وطني في الحركات الشعبية، لكن قانون الكنيست الجديد سينفذ بعد أيام قليلة من مسيرة “رقصة العلم” للمستوطنين الصهاينة في القدس والمسجد الأقصى، حيث سار الفلسطينيون لأول مرة ضد المتطرفين الصهاينة حاملين العلم الفلسطيني. وفي الماضي، كانت الأعلام رمزًا للوحدة أو علامة على دين وثقافة وموقف سياسي وفلسفة أرض. وخلال الحرب بين البلدين، كان حمل هذا العلم رمزًا لانتصار ذلك البلد. وعادة ما تكون الأعلام رمزًا لبلد أو منظمة أو مجموعة أو شركة، والتي غالبًا ما تكون عبارة عن مزيج من الألوان والرموز. وهكذا فإن رفع العلم يدل على أن الفلسطينيين متحدون ومنتصرون على الصهاينة. وفي مسيرة العلم الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني، تجلت وحدة وتضامن الفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى. وعلم فلسطين يعبر عن الهوية الوطنية للفلسطينيين ورفعه يظهر جذورهم وأصالتهم ومقاومتهم للمحتلين.

إن النظام الصهيوني حساس بشكل خاص لرفع العلم الفلسطيني في القدس، ويصف رفعه في الأراضي المحتلة بأنه انتهاك لسيادته الزائفة، لأن الصهاينة يعتبرون قضية القدس قضية إسرائيلية داخلية، وبالتالي يريد أن ينتهي من إثارة القضية الفلسطينية. ومع القانون الجديد، تحاول إسرائيل تغيير هوية وأصالة الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة ومواءمتها مع سياسات الاحتلال.

لقد أدى تصعيد العمليات الاستشهادية الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلة وتوسيع القدرات العسكرية للمقاومة في غزة إلى خلق حالة من الخوف والذعر في الأراضي المحتلة، وزادت مسيرة العلم الفلسطيني الأخيرة من مخاوف الصهاينة. ولهذا فهم قلقون من توحد الفلسطينيين. ولقد حاول الصهاينة دائمًا منع الفلسطينيين من التوحد من خلال خلق شقاق بين الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة والضفة الغربية، ولكن هذه الجهود باءت بالفشل، وفي العامين الماضيين ازداد التماسك بين غزة والضفة الغربية والقدس بسبب تنامي نفوذ المقاومة، وقد رأينا بوضوح مثالاً واضحاً على ذلك في معركة سيف القدس التي تصاعدت فيها مقاومة غزة دعماً للقدس والضفة الغربية.

ويحاول النظام الصهيوني القضاء على قضية فلسطين والمثل الأعلى لتحرير القدس من المستوى الوطني كليًا، وتطبيع العلاقات مع الأنظمة العربية وزيادة نفوذها في الشرق الأوسط، والقضاء على قضية القدس وفلسطين على المستوى الدولي. لذلك فإن مواجهة العلم الفلسطيني مطروح أيضا على جدول الأعمال الصهيونية، لأن العلم هو الرمز الرئيسي لتطلعات الدولة الفلسطينية الكبرى، وطالما أنه يرفرف فسيكون كابوسا مروعا للصهاينة.

وتحاول إسرائيل تدمير العلم كرمز وطني للفلسطينيين، بينما في مسيرة العلم الفلسطيني الأخيرة، كان العديد من المشاركين من الشباب والمراهقين الفلسطينيين، ما يدل على أن القضية الفلسطينية لا تُنسى وأن الأجيال القادمة من الفلسطينيين ستكون رموزًا وسيلتزمون بهويتهم الوطنية. بمعنى أنه مع تزايد الضغوط الصهيونية والجرائم ضد الشعب الفلسطيني المظلوم، سيزداد تضامن الفلسطينيين في تحرير أرضهم من المحتلين. ولقد تجلّى خوف الصهاينة من العلم الفلسطيني في تشييع جنازة مراسل الجزيرة الذي قتله جنود الاحتلال، وأظهر الهجوم الصهيوني على تابوت الصحفي الذي كان يحمل العلم الفلسطيني مدى خوف الصهاينة وكرههم للفلسطينيين.

إن التلويح بالعلم الفلسطيني في المسيرات والنضالات ضد المحتلين قائم منذ عقود ويظهر أنه على الرغم من جهود النظام لا شيء يمكن أن يسلب هذا الرمز الوطني من الفلسطينيين، وهذا الرمز سوف يلوح به إلى الأبد في أيدي المقاتلين الفلسطينيين، وذلك لأنه يؤكد أن الأراضي المحتلة ملك للشعب الفلسطيني.

قطع علاقات فلسطينيين 1984 مع العالم الخارجي

إن إقرار قانون الكنيست الأخير ضد العلم الفلسطيني هو في الواقع جزء من جهود إسرائيل لمواجهة الأزمة المتزايدة للانتفاضة الفلسطينية عام 1948 ولقمع أي صلة بالقضية الفلسطينية. ويخاف الصهاينة من ارتباط الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة، والتي يبلغ عدد سكانها مليوناً ونصف المليون نسمة، بسكان غزة والضفة الغربية، لأنه إذا اتحد الطرفان، فسيُحاصر الصهاينة من كل الاتجاهات. وسيتعرض أمنهم لمزيد من الخطر. وهذا هو السبب في أنهم يحاولون منع توسيع الروابط القومية والهوية للفلسطينيين في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وغزة قدر الإمكان، وتقليل التهديدات ضد أمنهم المهتز.

ويعتقد بعض المراقبين السياسيين أن القانون الإسرائيلي الجديد الذي يحظر رفع العلم الفلسطيني يهدف إلى ترسيخ السيادة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة ودفع المؤسسات نحو الرقابة الذاتية مقابل تمويل حكومي، وإن كانت المنظمات الثقافية الفلسطينية في هذه الأراضي تحصل على جزء صغير فقط من ميزانيتها من مصادر حكومية. في النهاية، يمكن القول إن معركة العلم هي كفاح دام عقوداً من أجل حقوق الفلسطينيين في وطنهم، ولا يمكن لقيود النظام الصهوني الواسعة أن تحرمهم من هذه الحقوق. وكما أظهرت التجربة، كلما زاد الضغط على إسرائيل، زادت وحدة الفلسطينيين، وأن انطلاق مسيرة العلم الفلسطيني زادت الروابط الأمنية بين المقاومة في غزة والضفة الغربية.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق