التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, نوفمبر 20, 2024

هل بدأت العلاقات السرية السعودية – الاسرائيلية تظهر للعلن تمهيداً لتطبيع رسمي 

في خطوة جريئة و جديدة في العلاقات السرية السعودية الاسرائيلية وصلت طائرة خاصة اسرائيلية صباح الثلاثاء المنصرم إلى العاصمة السعودية الرياض، قادمة من مطار “بن غوريون”.وبعد مكوثها نحو ثلاث ساعات في الرياض، توجهت الطائرة في رحلة إلى مدينة أثينا اليونانية. ولم يصدر عن الجانبين السعودي أو الإسرائيلي أي توضيح رسمي بخصوص سبب الرحلة. ويأتي ذلك، إثر تداول تقارير إعلامية بأن المملكة العربية السعودية تجري “محادثات جادة” مع إسرائيل حول إقامة علاقات تجارية وتعزيز التنسيق الأمني في خطوة جريئة نحو التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني. و من جهة أخرى كان قد كشف البيت الأبيض في بيان أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، سوف يتوجه في جولته المقررة في الشرق الأوسط إلى السعودية انطلاقا مباشرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، و للمرة الأولى لأي رئيس أميركي، ما يثير تساؤلات عما إذا كانت هذه الخطوة مقدمة للتطبيع بين المملكة والكيان الصهيوني بعد أشهر من الحديث عن هذه المسألة، حيث إن خطوة كهذه لا تعتبر أمراً رمزياً على الاطلاق. ومن ناحيته فقد ورحب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بزيارة “الرئيس إلى المنطقة، بما في ذلك زيارته المهمة للسعودية، وشكر جهود الرئيس بايدن لتعزيز المصالح المشتركة مع السعودية خلال زيارته المنتظرة”.

وكانت وسائل إعلام في الكيان الصهيوني قد كشفت أنّه سيتمّ إعلان منتدى أمني إسرائيلي سعودي خليجي خلال زيارة بايدن المرتقبة للأراضي الفلسطينية المحتلة وللسعودية، منتصف الشهر المقبل.

كما تطرقت وسائل إعلام في الكيان الصهيوني مؤخراً، بشكل كثيف، إلى الحديث عن تطور في العلاقات السعودية الإسرائيلية، وكشفت عن إعداد الأرضية لـ”حدثٍ دبلوماسي بين الطرفين مع أبعادٍ اقتصادية وأمنية غير عادية”، وعن “شيء كبير يحدث بين السعودية وأميركا وإسرائيل”.

من الجدير بالذكر أن الكيان الصهيوني لديه “رغبة عارمة” في دفع العلاقات مع السعودية. السبب الأساسي لذلك هو توثيق عُرى المحور المناهض لإيران ومَن ترعاهم في المنطقة، وكذلك إنتاج رافعة ضغط إضافية على الفلسطينيين. إضافة إلى الرغبة في دفع صفقات بين السعودية الغنية وشركات إسرائيلية.

تقارب مستمر

إشارات واضحة تشير إلى أن هناك تقاربا سعوديا- اسرائيليا سوف يتمخض في المستقبل القريب عن تطبيع كامل بين البلدين، فحسب صحيفة ” اسرائيل هيوم” زار مسؤولون إسرائيليون الرياض سراً على مدى أكثر من عقد، وبينهم غانتس عندما كان رئيساً للأركان، ورؤساء الموساد مئير دغان وتامير باردو ويوسي كوهِن، أحد الأهداف: تنسيق أمني، وخصوصاً ضدّ إيران. اتصالات تجارية أثمرت صفقات.

زيارات الإسرائيليين للرياض تُجرى منذ أكثر من عقد. إنها زيارات سرية، باستثناء واحدة لم تُمنح علنية أبداً. الزيارة الاستثنائية الوحيدة كانت زيارة رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2020، لمدينة نيوم على ساحل البحر الأحمر، حيث التقى بولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وشارك في اللقاء أيضاً وزير الخارجية الأميركي حينها مايك بومبيو. نتنياهو توجّه إلى هذه الزيارة بطائرة خاصة، استُؤجرت خصيصاً لذلك. كذلك أغلبية الرحلات الأخرى لمسؤولين إسرائيليين للمملكة تمّت بطائرات خاصة.

من جهة أخرى، على مدة العقد الأخير قام مسؤولون في الجيش الإسرائيلي وفي المؤسسة الأمنية بزيارة السعودية. أوّلهم وأبرزهم كان بيني غانتس الذي زار السعودية في الفترة التي كان فيها رئيساً للأركان. كما عُقدت لقاءات مع السعوديين بمستويات أخرى وفي أماكن أخرى، بمشاركة عدة ضباط برتبة لواء، وكذلك جهات مختلفة من وزارة الأمن. كما زار الرياض عدد من رؤساء مجلس الأمن القومي، بينهم كوهِن ومئير بن شابات. وعقد ممثلو مجلس الأمن القومي اجتماعات مع مسؤولين سعوديين في دول ثالثة أيضاً، وخصوصاً في الخليج وفي أوروبا.

وفي مجال التعاون التكنولوجي فتح كوهن رئيس الموساد الباب لشركة NSO لبيع السعودية برنامجها التجسسي ” بيغاسوس” كما قامت السعودية بشراء قدرات سايبر من شركات اسرائيلية أخرى بعضها بشكل مباشر والبعض الأخر عن طريق عقود فرعية مع شركات أجنبية.

و كانت مشاركة 9 متسابقين اسرائيليين في رالي داكار 2021 في السعودية صفعة قوية للشعوب المناهضة للكيان الصهيوني و رسالة واضحة لتطور العلاقات السعودية مع الكيان الصهيوني حتى أنها وصلت للمجال الرياضي. إضافة إلى قيام المملكة بالسماح و بشكل غير مسبوق للرحلات الجوية المباشرة بين الإمارات والبحرين وإسرائيل بعبور أجوائها.

ابن سلمان الداعم الأصلي لمشروع التطبيع

يسارع ابن سلمان الخطوات لتعزيز العلاقات والتطبيع مع إسرائيل، ويشجع الدول العربية على إبرام الاتفاقيات دون أي خجل من دماء الشعب الفلسطيني التي تراق يومياً على أرض فلسطين.

وأكدت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية أن ابن سلمان، لعب دورا كبيرا من خلال محادثات مع العاهل المغربي، وأثّر على القرار المغربي لجهة التطبيع مع إسرائيل حينها.

وقالت الصحيفة إن ابن سلمان يضع قائمة من الدول العربية والإسلامية الأخرى مثل إندونيسيا وجيبوتي ومالي وباكستان لإقامة علاقا تطبيع مع إسرائيل

وفي حديث لولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع مجلة ” ذي أتلانتيك” الأمريكية، قال: إن بلاده لا تنظر الى إسرائيل “كعدو” بل “كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معا، لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك”، من دون أن يوضح ما هي هذه القضايا.. وكان ولي العهد السعودي قد صرح في نيسان 2018 أن الإسرائيليين لهم “حق” في أن يكون لهم وطن!

نتائج التطبيع السعودي على الشارع العربي و الاسلامي

من الجدير بالذكر أن هناك معارضة شعبية واضحة في دول الخليج الفارسي للتطبيع مع الكيان الصهيوني حيث إن السعودية دولة دينية وليست علمانية؛ وبالتالي فإن الاعتراف بالکیان الإسرائيلی دون استعادة المقدسات في القدس الشرقية ينزع عن السعودية شرعيتها الدينية. من جهة أخرى، التطبيع بين السعودية واسرائيل سيخلق قطيعة بين الشعوب العربية والاسلامية والدولة السعودية حيث إنه سيفاقم من الهجمات الصهيونية الإجرامية و المتكررة على الشعب الفلسطيني الأمر الذي سوف يسقط “حل الدولتين”، وسيقود الى نهاية السلطة الفلسطينية في مقابل مزيد من اصطفاف الشعب الفلسطيني خلف حركات المقاومة الفلسطينية.

وقد أظهرت دراسة أجرتها وزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية بين منتصف أغسطس/ آب ومنتصف سبتمبر/ أيلول، لمضمون المنشورات في وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي، عن اتفاقيات التطبيع الموقعة مع دول عربية ، خيبة أمل كبيرة للآمال الإسرائيلية في هذا المجال.حسب موقع “تايمز أوف إسرائيل” الذي نشر نتائج الدراسة، فإن موقف 81% من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي العرب كان سلبيا تجاه اتفاقات التطبيع، و8% لديهم آراء “سلبية جدا” وفقط 5% رأوها إيجابية، أي أن 89% من المنشورات العربية كانت سلبية تجاه التطبيع، فيما اعتبرت 45% من التعليقات المنشورة في العالم العربي، اتفاق التطبيع الإسرائيلي العربي بأنه “خيانة”، كما بيّنت الدراسة أن المدافعين عن التطبيع، وهم الأقلية، ركّزوا على مزايا الصفقات الأمنية والاقتصادية مع إسرائيل، وهو موضوع تسوق له آلة الإعلام الرسمية لتسويغ التطبيع، وإلباسه لباس المصلحة “الوطنية”!

في الختام قطار التطبيع الرسمي يتسارع ولكنه شعبيا مرفوضٌ ومجرّم، وعلى الأرض في المجال الرسمي بدا أن قضية فلسطين تلفظ أنفاسها الأخيرة. ولكن في الوجه الآخر من الصورة، فلسطين تولد من جديد في الوجدان الشعبي العربي و الاسلامي و الصورة تصبح أكثر وضوح بعد أن أعلن عربٌ رسميا أنهم، كانوا، بعد نحو قرن من الوهم، مجرّد سماسرة، ووسطاء لبيع دم شعوبهم وثروات بلادهم للصهيونية العالمية ومن يدعمها، ويرعاها. و المقاومة كانت و ستبقى المشعل الوحيد الذي لم يزل ينير العتم. المقاومة لم ولن تكون إرهابا، مهما حاولوا شيطنتها.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق