الحشد الشعبي يصر على اجتثاث داعش
بينما تحاول الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية استغلال عدم الاستقرار السياسي والأزمة الاقتصادية في العراق لتقوية إرهابيي داعش مرة أخرى وإحداث الفوضى في هذا البلد. لكن مجموعات الحشد الشعبي لا تصمت ضد المؤامرات الأجنبية وعملياتها في جميع أنحاء العراق، فهي تدمر عش الإرهابيين الواحد تلو الآخر.
على الرغم من تدمير النواة الأساسية لتنظيم داعش في العراق منذ عدة سنوات، إلا أن المئات من الأعضاء المتبقين في هذه المجموعة يواصلون تنفيذ عمليات إرهابية في مناطق مختلفة من البلاد من وقت لآخر، حتى يتمكنوا مرة أخرى من جعل العراق غير آمن وخلق الرعب لتوفير الطريق لاستعادة قوتهم، لكنهم حتى الآن فشلوا في تنفيذ هذه الخطة. تواصل قوات الحشد الشعبي، التي لعبت دوراً مهماً في ضمان أمن واستقرار العراق ومواجهة التكفيريين منذ زمن احتلال داعش، أداء مهامها بعد تدمير خلافة داعش في مدينة الموصل، ولا يوجد يوم لا تُنشر فيه أخبار العملية الناجحة للحشد الشعبي ضد داعش. لهذا الغرض، تم التخطيط في الأسابيع الأخيرة لعمليات واسعة النطاق ضد الإرهابيين في جميع أنحاء العراق، وكلها كانت ناجحة، وقتل العشرات من التكفيريين واعتقل بعضهم.
تكثفت خلال هذا الأسبوع عملية الحشد الشعبي ضد تنظيم الدولة الإسلامية وتشهد العديد من المدن العراقية عمليات مكثفة لقوات المقاومة لملاحقة داعش الهارب وتدمير أعشاشهم الإرهابية. ولا يزال باقي عناصر داعش ينشطون في بغداد وصلاح الدين وديالى وكركوك ونينوى والأنبار. حتى أن عملية الحشد الشعبي قد امتدت إلى عمليات التفتيش من منزل إلى منزل في بعض مناطق العراق حيث توجد احتمالية لاختباء افراد داعش، وهي تظهر أن قوات المقاومة عازمة على تخليص العراق من التكفيريين إلى الأبد.
وفي هذا الصدد، انطلقت في الأيام الأخيرة عمليات أمنية لتفتيش قرى وبساتين حول مدينة خانقين في محافظة ديالى، تم خلالها تدمير عش مهم لداعش. وبحسب مسؤولي الحشد الشعبي، فإن الهدف من هذه العملية هو متابعة تحركات داعش وملاحقتها وضمان أمن المنطقة لمنع الانتهاكات الأمنية. وحسب المركز الإعلامي للحشد الشعبي، فقد تم اعتقال 5 إرهابيين في هذه العملية الأمنية الاستباقية التي نفذت للقضاء على خلية لتنظيم الدولة الإسلامية.
وحسب هذه المصادر فقد تم خلال هذه العملية ضبط 25 قطعة سلاح و9 عبوات ناسفة وعدد من قذائف الهاون و1 كغم من المتفجرات و7 قاذفات. كما قال المصدر في الحشد الشعبي إن الدوائر الأمنية ستستمر في مراقبة وتحليل المعلومات التفصيلية للقضاء على العناصر الإرهابية والقبض على المطلوبين من أجل إحلال الأمن التام في هذه المحافظة، في العامين الماضيين، عندما كثف الحشد الشعبي عملياته ضد تنظيم الدولة الإسلامية، لم تحدث أي أعمال إرهابية كبيرة في المدن العراقية، ولم تكن أعمال داعش سوى حرب ضد قوات الحشد الشعبي قُتل خلالها مئات الإرهابيين.
الإرهابيون، الذين يعتبرون دائمًا التجمعات العامة فرصة جيدة لعملياتهم الإرهابية، حاولوا في السنوات الأخيرة تنظيم عمليات وإظهار قوتهم مرة أخرى خلال زيارة أربعين الحسين (عليه السلام)، عندما يفد ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم إلى مدينة كربلاء المقدسة. لكن الحشد الشعبي بتكثيف الإجراءات الأمنية في مثل هذه الأيام لم يسمح حتى بعملية واحدة ضد الزوار وأحبط كل خطط وعمليات داعش، والعراقيون الآن مدينون بأمنهم النسبي لجهود هذه الجماعات التي، على الرغم من خلق جو اعلامي واسع النطاق ضد الحشد الشعبي، إلا أنها لم تتوقف عن إرساء الأمن داخل العراق ولم تهمل أداء واجباتها.
جزارو داعش في أيدي الحشد الشعبي
مع مرور الوقت، يكتسب الحشد الشعبي المزيد والمزيد من الخبرة في المجالين العسكري والاستخباراتي، وبطريقة ما، أصبحت هذه القوة الآن حامي أمن العراقيين. الحشد الشعبي، إضافة إلى أدائه القوي ضد التكفيريين في ساحة المعركة، وجه أيضًا ضربة لداعش في المجال الاستخباري وتمكن من اعتقال العديد من قادة هذه المجموعة، ويمكن رؤية ذروة سلطة استخبارات قوات الحشد الشعبي في اعتقال أحد كبار قادة داعش. مرت أكثر من ثماني سنوات على الجريمة المروعة التي ارتكبها الدواعش ضد طلاب الكلية العسكرية العراقية في حزيران / يونيو 2014، حيث أعلنت المديرية العامة لأمن الحشد الشعبي، الجمعة، عن اعتقال شخص يدعى “ضرغام أبو حيدر” الذي لعب دورًا مهمًا في هذه الجريمة. اعترف زعيم داعش المعروف بجزار جريمة سبايكر خلال الاستجوابات بأنه قتل 600 ضحية في جريمة سبايكر. كانت هناك حتى مقاطع فيديو لجريمة سبايكر على الهاتف الخلوي للإرهابي، والتي أثبتت دوره في جرائم القتل.
تعتبر جريمة سبايكر على يد داعش من أفظع المشاهد أثناء وجود هذه المجموعة الإرهابية في العراق، والتي من غير المرجح أن تمحى من ذاكرة ابناء هذا البلد لسنوات. في جريمة سبايكر التي نفذت مع بداية احتلال تنظيم الدولة الإسلامية لغرب العراق، قتل تنظيم الدولة الإسلامية 1700 طالب عسكري. وبعد القضاء على الإرهابيين، عثرت القوات العراقية على جثث العشرات منهم بعد اكتشاف مقابر جماعية من قبل القوات العراقية. لذلك، فإن اعتقال جزار هذه الجريمة المروعة من قبل الحشد الشعبي بعد ثماني سنوات، يظهر أن قوات المقاومة تراقب جميع تحركات باقي عناصر داعش وحصلت على الكثير من المعلومات من مخابئ هذه المجموعة الإرهابية. وحسب قادة الحشد الشعبي، فإن جهاز مخابرات الحشد حقق نتائج مهمة في اكتشاف وتحديد نوى وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية في عدة محافظات عراقية.
في عملية الحشد الشعبي الواسعة ضد تنظيم داعش في بغداد، والتي نفذت قبل أسبوعين، تمكنت قواته من اعتقال عدد من كبار قادة هذه الجماعة التكفيرية، مثل “أبو سفانة” و “أبو عمر” و “أبو مصعب”. كان إرهابيو داعش التكفيريون قد خططوا الشهر الماضي لتنفيذ عمليات إرهابية ضد المدنيين في جنوب محافظة صلاح الدين، لكن جهودهم باءت بالفشل بسبب تدخل قوات الحشد الشعبي في الوقت المناسب. تمكنت قوات الحشد الشعبي من اعتقال بعضهم خلال عملية تحييد المخطط الإرهابي لداعش، وكان بعض المعتقلين مطلوبين من قبل المخابرات العراقية. كما أعلنت مصادر أمنية في قيادة قوات الحشد الشعبي بمحافظة الأنبار، في الأسابيع الأخيرة، أن هذه القوات دمرت مخبأ ومستودع أسلحة للإرهابيين في عملية وقائية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة الرمادي. في عملية الحشد الشعبي هذه، تم اكتشاف وتدمير الأنفاق السرية لإرهابيي داعش. وتجدر الإشارة إلى أن إرهابيي داعش استخدموا هذه الأنفاق لأعمالهم الإرهابية وأيضاً لتخزين الأسلحة والمواد الغذائية. باعتقال قادة داعش، ستقل القوة العملياتية لهذه المجموعة في غياب قادتها، ومع العمليات المكثفة التي بدأها الحشد الشعبي لاجتثاث الإرهابيين، سيفقدون عمليا القدرة على الدفع داخل العراق. بالنظر إلى أن العراقيين مصممون على حل الأزمة السياسية من خلال تشكيل حكومة جديدة، فإن تدمير الخلايا السرية لداعش يمكن أن يزيد من أمن العراقيين وسيعود السلام إلى هذا البلد إلى حد ما. كما أن العملية المكثفة للحشد الشعبي ضد الإرهابيين، في وقت تحاول فيه أمريكا إضعاف فصائل المقاومة وتمهيد الطريق أمام تنفيذ مخططاتها التخريبية في العراق، تعتبر أيضًا استعراضًا للسلطة أمام واشنطن حيث لا تخطئ في حساباتها ضد هذه المجموعة، ويرسل هذه الرسالة للأمريكيين بأن الحشد الشعبي وصل إلى هذه القوة في الهيكل السياسي والأمني للعراق حيث أصبح من المستحيل عملياً التخلص منها.
المصدر/ الوقت