هل باتت السلطة الفلسطينيّة أداة أميركية للتستر على جريمة شيرين أبو عاقلة
أدانت حركة المقاومة الإسلاميّة في فلسطين “حماس” مؤخراً تسليم السلطة الفلسطينيّة الرصاصة التي قتلت الصحفية شيرين أبو عاقلة للإدارة الأمريكية، وأوضح المتحدث باسم الحركة حازم قاسم أنّ موقف الولايات المتحدة الأمريكيّة من التحقيقات في استشهاد الصحفية شيرين أبوعاقلة، ومحاولتها تبرئة جيش الاحتلال، يفضح الموقف الأمريكيّ المتواطئ على الدوام مع الاحتلال وجرائمه، حيث إنّ الصحفيّة الففلسطينيّة أُعدمت بنيران جنديّ إسرائيليّ من مسافة حوالي 180 متراً وفقاً لتحقيق نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الشهر المنصرم، في تأكيد على قذارة الموقف الأمريكيّ تجاه فلسطين السليبة وبالأخص حول الجريمة التي نفذتها قوات العدو الإسرائيليّ بحق الصحفيّة الشهيرة التي كانت تعمل مراسلة في قناة الجزيرة القطريّة في جنين بالضفة الغربيّة المحتلة أثناء تغطيتها اقتحام العصابات الصهيونيّة لجنين قبل أشهر، والتي دفعت العالم بأسره للتنديد بالتصرفات الوحشيّة التي قامت بها قوات العدو الإسرائيليّ، والتي استمرت خلال تشييع جثمان أبو عاقلة إلى مثواها الأخير، ناهيك عن اعتداء الشرطة بالضرب على مشيعي الجنازة في القدس، باعتبار أنّ أبو عاقلة عملت مع مجموعة كبيرة من وكالات الأنباء العربية والدولية لتغطية الأحداث الكبرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة ووثقت لسنوات طويلة اعتداءات قوات الاحتلال وجرائمهم.
“خطوات السلطة الفلسطينيّة جريمة وطنية وخطيئة كبرى وتواطؤ تام مع الاحتلال المجرم”، وتأتي المساعي الأمريكيّة للتستر على الجريمة الإسرائيليّة الشنيعة التي هزت العالم، على الرغم من أنّ الإعلام الأمريكيّ والغربيّ أكّد أن جنديًا تابعاً لقوات العدو الإسرائيليّ أطلق الرصاص عمداً على أبو عاقلة، وهذا واضح من مقاطع الفيديو التي انتشرت عقب مقتل الصحفية، حيث أجمع العالم على شناعة الجريمة التي ارتكبتها العصابات الصهيونيّة بحق الصحفيّة الشهيرة، وحملوا القوات الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن الجريمة بحق أبو عاقلة التي قضت خلال قيامها بواجبها الصحفي لتوثيق الجرائم المروعة التي يرتكبها الاحتلال، كما أثار الاعتداء الإسرائيليّ على جثمان الصحفية ومشيعيها حفيظة العالم، تماماً كخبر مقتلها برصاص العدو الذي تعود على قتل واستهداف الصحفيين وتدمير المباني التي تحوي مكاتبهم.
وباعتبار أنّ تلك القضية أظهرت حقيقة إرهاب الاحتلال الإسرائيليّ الغاشم ووحشيته، وبينت كعين الشمس مدى استهتار تل أبيب بالإنسانيّة وبالرأي العام العالميّ وبالقيم والأعراف الدوليّة، أشار المتحدث باسم الحركة عبد اللطيف القانوع في تصريح صحفي إلى أنّه بات واضحاً حجم هذه الفضيحة وما تسببت به من إهانة للكرامة الوطنية للشعب الفلسطينيّ ومساعدة السلطة الفلسطينيّة بالتآمر مع الأمريكيين المؤكدة في محاولاته المستميتة للتملص من المسؤولية والتنصل من جريمته البشعة والافشال المتعمد لجهود محاكمة العدو ومحاسبته على جريمته.
وترى حماس كما هو بالفعل في هذه الخطوة من السلطة إدارة جديدة للظهر لكل المواقف العالمية الرسميّة وغير الرسميّة التي عبرت عن إدانتها للاحتلال وجريمته وتعاطفها مع الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت نير الإرهاب المنظم وعدواناً صريحاً على كفاحه للعيش في وطنه المسلوب وروحه المهددة، وخاصة أنّ واشنطن غضّت الطرف عن تحقيقات الصحافة الأمريكية التي أجرت تحليلات لأكثر من 60 مقطع فيديو ومنشورًا على وسائل التواصل الاجتماعي وصورًا لجريمة الاغتيال، كما أجرت فحصين ميدانيين للمنطقة، ناهيك عن التحليلات الصوتية المستقلة لأصوات إطلاق النار، وجميعها التقت عند حقيقة أن التحليل الصوتي لإطلاق النار الذي أدى إلى مقتل الصحفية المعروفة يشير إلى أن شخصاً أطلق عليها الرصاص من مسافة تقريبيّة تكاد تطابق المسافة بين الصحفيين ودورية قوات الاحتلال الإسرائيلي التي كانت في المكان، مبينة أن تحليل الصور المتوافرة ولقطات الفيديو وبيانات شهود العيان، تبرهن بما لاشك فيه أن جنديا إسرائيلياً هو من أطلق رصاصة الإعدام الميداني.
وفي ظل البراهين والأدلة الكثيرة التي تدين تل أبيب وجنودها القتلة وتحمل المسؤوليّة لـ “إسرائيل” وعصاباتها الصهيونيّة في قضية إطلاق النار العمد وقتل أبو عاقلة التي كانت ترتدي زيّ الصحافة ودرعه، تشدّد حركة المقاومة على أنّ استمرار رهان سُلطة محمود عباس على الموقف الأمريكيّ المنحاز للعدو المعلوم سلفًا لأصغر طفل فلسطينيّ، يمثل “عبثًا وصبيانيّة سياسية” على حد تعبيرها، منوهاً بأنّ السلطة وما أسمته الفريق المتنفذ فيها يجب أن يديروا صفقاتهم الخاصة بعيداً عن الاستهتار بالحقوق الوطنية واستخدام الدم الفلسطيني ثمنًا للمقايضة، بالتزامن مع محاولات جيش العدو الغاصب تبرئة نفسه من دم أبو عاقلة من خلال قوله إن جندياً من جنوده ربما أطلق الرصاص، لكن رصاصة الجريمة جاءت من “مسلح فلسطيني”، ولم تظهر تل أبيب أي أدلة عن وجود مسلح، ولا تدعم أشرطة الفيديو مزاعم الاحتلال عن مواجهات مسلحة في الدقائق التي سبقت العملية الإجرامية، فيما تظهر كل الأدلة والروايات وشهود العيان أنه لم يكن هناك إطلاق النار أثناء عملية القتل أبداً.
خلاصة القول، من الضروريّ مواصلة العمل من أجل تقديم العدو الإسرائيليّ الجاني إلى العدالة وعدم الالتفات الى سلوك السلطة الفلسطينيّة المتوقع مسبقاً كما تؤكّد المقاومة الفلسطينيّة، حيث إن موقف البيت الأبيض بالفعل من التحقيقات في استشهاد الصحفية شيرين أبوعاقلة ومحاولتها تبرئة الجناة، يفضح الموقف الأمريكي المتواطئ على الدوام مع الاحتلال وجرائمه، ويجعل من الولايات المتحدة شريكاً حقيقيّاً في تلك الجريمة الشنيعة، وخاصة أنّ التاريخ الدمويّ للاحتلال الإسرائيليّ ضد الشعب الفلسطيني كُتب بدم الأبرياء وبمساعدة لا متناهية من أميركا، هذا إذا ما تغاضينا عن غطاء واشنطن السياسيّ الذي توفره للاستعمار الصهيونيّ في المؤسسات الدولية ومنع أيّ لجنة تحقيق من فضح جرائم الاحتلال، وتعطيل القرارات الدولية التي تدينها.
كذلك، لن تستطيع واشنطن حجب الشمس بغربال، على الرغم من أن “إسرائيل” الدمويّة تتستر على جناياتها من خلال وسائل الإعلام العالميّة التي يدير اليهود الكثير منها، إلا أن العالم بدأ يشعر بالفعل بحقيقة ذلك السرطان المقيت في منطقتنا، في ظل الاتهامات الدولية والحقوقيّة الكثيرة والمُثبتة للصهاينة بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين، والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، والتي توصف بأنها “جرائم ضد الإنسانيّة”، وإن جريمة الصهاينة الواضحة بنظر العالم بحق أبو عاقلة هي شهادة دولية قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة بمساندة من بعض العواصم ذات التاريخ الدموي ضد هذا الشعب الذي يطرد من أرضه بشتى الوسائل وبمختلف الأساليب والأسلحة دون تحريك أيّ ساكن رغم شعارات حقوق الإنسان والحرية والديمقراطيّة، وذلك لمحاولة دعم الإسرائيليين في محاولاتهم المستميتة للهيمنة على فلسطين وشعبها بالسيطرة على الأرض والتركيبة السكانيّة لمصلحة الإسرائيليين الصهاينة.
المصدر/ الوقت