رهان العرب على أنقاض القبة الحديدية
في السنوات الأخيرة، بذلت السلطات الصهيونية جهودًا كبيرةً لإيجاد أسواق مناسبة في المنطقة والغرب لبيع نظام “القبة الحديدية”، لكن هذه الجهود باءت بالفشل وحتى حلفاء هذا الکيان لا يريدون شراء هذا النظام الصاروخي.
وفي حين أعلنت الحكومة الأوكرانية في وقت سابق عن استعدادها لشراء القبة الحديدية لمواجهة الصواريخ الروسية المتقدمة، إلا أنها تراجعت عن هذا القرار الآن.
حيث أعلن وزير الدفاع الأوكراني، الاثنين الماضي، أن هذا البلد لا يحتاج إلى هذا النظام بسبب عدم كفاءة القبة الحديدية الصهيونية، لأنها لا تستطيع الدفاع عن سماء أوكرانيا بنسبة 100٪.
ووفقًا للمسؤول الأوكراني، صُممت القبة الحديدية للحماية من الصواريخ منخفضة السرعة ومنخفضة الارتفاع، وهي غير فعالة ضد صواريخ كروز والصواريخ الباليستية. هذا بينما أمريكا التي كان من المفترض أن تشتري هذا النظام من تل أبيب، تخلت أخيرًا عن هذا القرار أيضًا.
هذا النظام الدفاعي، الذي أنفق الصهاينة المليارات على بنائه والدعاية له في العالم بضجة كبيرة، أثبت أنه غير فعال جداً من الناحية العملية.
لكن بينما يتخلی الغربيون عن شراء القبة الحديدية، هناك بعض المشيخات العربية في الشرق الأوسط الذين يعدون الدقائق والثواني لشراء هذا النظام الصاروخي، لإدراجه في أنظمة دفاعهم الجوي في أسرع وقت ممكن.
هذه المشيخات التي تتطلع إلى مساعدة الغرب والکيان الصهيوني مؤخرًا لضمان أمنها، تحاول شراء هذا النظام من خلال إنفاق الكثير من المال. حيث وضعت السعودية، التي لم تتمكن من التعامل مع الصواريخ والطائرات دون طيار اليمنية، شراء القبة الحديدية على جدول الأعمال منذ العام الماضي، وأعلنت سلطات تل أبيب مؤخرًا أنها مستعدة لتنفيذ هذه الصفقة.
ولكن إضافة إلى عرض بيع نظام القبة الحديدية لأي من الدول الخليجية، في الأسابيع الأخيرة وعشية زيارة جو بايدن إلى المنطقة، أعلنت وسائل الإعلام عن عقد اجتماع أمني في شرم الشيخ بمصر، حول موضوع تشكيل نظام دفاعي متكامل للتعامل مع الطائرات دون طيار والقوة الصاروخية لمحور المقاومة.
الرهان علی نظام فاشل
بالنظر إلى السوق الاستهلاكية للدول الخليجية في مجال المنتجات العسكرية، فمن المتوقع تمامًا أن خطة تشكيل نظام دفاعي متكامل تستند إلى اعتماد هذه الدول على أجهزة الکيان الصهيوني في مجال الرادار والدفاع الصاروخي، ونظام القبة الحديدية يأتي في المقدمة.
لكن ليس من السهل التفاؤل بالقوة الدفاعية للکيان الصهيوني، بينما ثبت عدم فعاليتها في الحروب المتكررة مع مقاومة غزة.
حسب التقارير، کانت القبة الحديدية عاجزةً أمام الأجيال القديمة لصواريخ مقاومة غزة، واعترضت 70٪ فقط من صواريخ الفلسطينيين، وستكون ضعيفةً للغاية إذا تم إطلاق عدد كبير من الصواريخ أو إطلاق صواريخ دقيقة ومتقدمة.
لذلك، تسببت تصريحات العملاء الغربيين أو سجلات أداء نظام القبة الحديدية بالکثير من الشکوك، بأنه هل سيكون الاتجاه نحو تشكيل منظومة دفاعية متكاملة مع الكيان الصهيوني خياراً لبناء الأمن لدى المشيخات العربية؟ أم إنه سيزيد من التكاليف الأمنية لهذه الدول، إضافة إلى إهدار أموال النفط؟
يمكن أن يكون وضع السعودية مثالًا جيدًا على مستقبل الرهان علی أنظمة دفاعية باهظة الثمن، لحماية أمن مراكزها الاقتصادية الحساسة من الصواريخ والمسيرات اليمنية.
کما حذرت طهران من أنه إذا اتخذت دول مجلس التعاون خطوات للمشاركة في خطة “الدفاع الجوي للشرق الأوسط” المناهضة لإيران، فلن تلتزم الصمت حيال ذلك.
لذلك، بشراء القبة الحديدية، لن يكون تأمين أمن السعودية أكثر من سراب، وقد عززت حرکة أنصار الله اليمنية، باعتبارها تهديدًا من الدرجة الأولى للرياض، قدراتها وستواصل هجماتها على الأراضي السعودية بكثافة أكبر، إذا فشلت اتفاقات وقف إطلاق النار.
وبالتالي، فإن القبة الحديدية، التي كان من المفترض أن تكون مظلةً أمنيةً فوق الخليج الفارسي، يمكن أن تتحول بالتأكيد إلى كابوس لهذه المشيخات.
تحاول سلطات الرياض مواجهة التهديدات المزعومة من قبل فصائل المقاومة، عبر الاختفاء خلف الأسوار الصهيونية لحماية أرواحهم وممتلكاتهم من الأخطار، لكن التجربة أثبتت أن أي مشروع في المنطقة دون مشاركة إيران ومصمَّم بهدف ضرب المقاومة، محكوم عليه بالفشل.
لذلك، فإن البيت السعودي الآمن الذي يفترض بناؤه على أعمدة القبة الزجاجية الصهيونية غير مستقر، ولن يكون له مستقبل آمن، لأنهم عهدوا بأمن حدودهم إلى الصهاينة الذين يستجْدون أمنهم من الغرب.
المصدر/ الوقت