التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

باشاغا يوجه اتهامات للدبيبة.. هل بدأ الصراع السياسي في ليبيا يأخذ أشكالاً أكثر تعقيدا 

اتهم رئيس الحكومة، المكلفة من مجلس النواب الليبي، فتحي باشاغا، رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بتكريسحالة الانقسام السياسي والمؤسساتي، وبإفشال استحقاق الانتخابات.

جاء ذلك خلال كلمة ألقاها باشاغا أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، الثلاثاء، أكد خلالها أن “ليبيا عند مفترق طرق الآن، وتعاني الكثير من الفوضى”.

وفي معرض حديثه عن سيطرة حكومة الوحدة الوطنية على العاصمة والمؤسسات السيادية ورفضها تسليم السلطة، قال متحدثاً عن الدبيبة: “لدينا رئيس وزراء لا يملك سيطرة على الأرض، ومع ذلك تواصل الأمم المتحدة وبعض الجهات الدولية الأخرى الفاعلة دعمه، بما في ذلك الحكومة البريطانية للأسف”، حسب كلمته التي نقل نصها مكتبه الإعلامي.

وقال باشاغا إن الدبيبة “يجلس الآن في طرابلس محمياً من قبل عدد محدود من الميليشيات التي يعتقد أن بعضها على صلة بجماعات إرهابية دولية، مع عودة نشاط الجماعات الإرهابية، وخاصة في الجنوب الليبي، ووجود انفلات أمني، وعودة سطوة الميليشيات وابتزازها لمؤسسات الدولة واستحواذها على سلطة القرار وارتفاع مؤشر انتهاكات حقوق الإنسان”.

وتابع حديثه عن الدبيبة: “في ظل إدارته، شاهدنا الإيرادات التي تحصل عليها ليبيا مقابل مواردها الطبيعية تُستخدم بلا خجل لحماية مصالح شخصية، بدلاً من استخدامها لمصلحة الشعب الليبي؛ إذ شهدت فترته ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الغداء والدواء دون معالجات حكومية، وتفاقمت أزمة الكهرباء، رغم كل الأموال الكبيرة التي صرفت لها حسب بيانات الحكومة، وفي حادثة أولى من نوعها في ليبيا أمضى الطالب الليبي عامه الدراسي كاملاً دون كتب، بسبب الصراع والتسابق على العمولات والصفقات”.

واتهم الدبيبة بتكريس حالة الانقسام السياسي والمؤسساتي، وارتفاع خطاب الكراهية، والتحريض على العنف؛ وإفشال حلم 2.8 مليون ليبي كانوا يتطلعون إلى التغيير عبر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021 حسب خريطة الطريق في جنيف.

وألمح باشاغا إلى رفض الشعب لوضع البلاد الحالي، مستشهداً بالمظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها البلاد خلال الأسابيع القليلة الماضية.

واستعرض باشاغا كيفية وصوله إلى السلطة، موضحاً بقوله: “في فبراير من هذا العام، تمّ انتخابي لمنصب رئيس وزراء ليبيا من قبل مجلس النواب خلال جلسة تصويت مفتوحة، وتمّ بثها على الهواء في وسائل الإعلام المحلية، وبتزكية من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، وقد تمت إحاطة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بكل إجراءات التصويت. أما الدبيبة، فتم اختياره بعد تصويت مغلق في جنيف في مارس/آذار 2021 في عملية شابها الفساد باعتراف من الأمم المتحدة، ورفض بعد ذلك قبول نتيجة تصويت مجلس النواب بسحب الثقة منه، رغم أنه ذات البرلمان الذي منح حكومته الشرعية في جلسة رسمية بسرت”.

وأضاف مستدركاً: “عندما دخلت إلى طرابلس في مايو الماضي لممارسة مهامي وبطريقه سلمية، أمر الدبيبة ميليشياته بإطلاق النار عليَّ وعلى من يؤيدني في أحياء مكتظة بالسكان، وتفادياً لإراقة الدماء فقط، قمت بالانسحاب لأنني كنت مصمماً على تجنب فقدان المزيد من الأرواح الليبية”.

وأكد باشاغا قدرة حكومته على النهوض بالبلاد ودفعها نحو الانتخابات من خلال “خريطة الطريق نحو التعافي” التي أطلقها سابقاً، وكشف عن نيته معالجة المشاكل العديدة التي تواجه ليبيا اليوم، بما في ذلك وجود المقاتلين الأجانب والمرتزقة داخل البلاد بطرق غير قانونية.

ولفت باشاغا إلى “عدم قدرة ليبيا على القيام بكل هذا إلا بدعم ومساندة من المجتمع الدولي”، مبدياً تطلعه إلى أن يكون الدور الأبرز من قبل المملكة المتحدة، خاصة أن كل الدول لم تأخذ موقفاً رافضاً لحكومته، وأنه يحظى بقبول العديد من الدول العربية والأوروبية، وفق قوله.

وأفاد باشاغا بأن حكومته “ستعمل على توفير فرص الاستثمار وإعادة الإعمار، وهي مستعدة للتعاون والعمل مع بريطانيا في سبيل تحقيق ذلك، من خلال اتفاقية أمن الطاقة وتجارة العبور والمساعدة في التقليل من تدفق المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون إلى جنوب أوروبا عبر ليبيا، وكذلك من خلال العمل مع الحلفاء، لتكون ليبيا بمثابة الحصن الإقليمي ضد الإرهاب، ولإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية”.

وفي السياق، يقول المحلل السياسي السنوسي إسماعيل، في حال نجاح حكومة فتحي باشاغا من دخول العاصمة سلميا فإنها ستنال بالتأكيد فرصة كبيرة لكي تعمل على استعادة المقار الحكومية المشغولة من قِبل حكومة الدبيبة المنتهية ولايته، والتي ترفض حتى الآن إتمام عملية التسليم والاستلام على الرغم من عدم وجود أي أثر لعملها خارج مدينة طرابلس.

وتابع السنوسي، لا بد من الإشارة بوضوح إلى الفارق بين الحكومتين من حيث وجود مشروع سياسي من عدمه، لأن حكومة باشاغا تحمل مشروعا سياسيا واضحا وهو خريطة الطريق الليبية التي تم التوافق عليها بين مجلسي النواب والدولة بمسارين الأول هو المسار الدستوري، والذي يسير بشكل جيد ويكاد يصل منتهاه بالتوافق على شروط الترشح للرئاسة في الوثيقة الدستورية، التي تم التوافق على غالبية بنودها بين المجلسين.

ويرى أن المسار الثاني هو المسار التنفيذي الذي يتمثل في الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا ويتطلب دخول هذه الحكومة إلى العاصمة توافق الأطراف الأساسية الموجودة في العاصمة، وما حولها، وهذا ما يعمل عليه باشاغا لكي يتمكن من دخول العاصمة سلميا والعمل فيها بشكل اعتيادي.

ومن جهته صرح المحلل السياسي، الدكتور فوزي الحداد، أن الصراع السياسي القائم الآن بين الحكومتين وأنصار الحكومتين بدأ في أخذ أشكال أكثر تعقيدا، تمثلت في افتعال الأزمات المتلاحقة التي يعاني منها المواطن الليبي، منها أزمة الكهرباء والسيولة والمرتبات ونقص البنزين وغيرها.

ويؤكد الحداد أن كل هذه الأزمات مفتعلة ليشعر المواطن الليبي بفشل حكومة الدبيبة في قيادة المرحلة، ولابد أن تسلمها لحكومة أخرى، لأن النجاحات التي تشدق بها الدبيبة وحكومته في الفترة الماضية تحاول الآن عدة جهات أن تشكك فيها على أقل تقدير، وأهم سبيل للتشكيك هو التعويل على اختلاق هذه الأزمات وإلصاق الفشل بحكومة الدبيبة التي ما زالت مسيطرة على الجانب المالي والرسمي في الدولة.

أوضح الحداد أن باشاغا يحاول أن يعيد ولاء التشكيلات المسلحة له، أو ينزع ولاءها من الدبيبة بشكل أو بآخر بالتسابق مع اختلاق هذه الأزمات.

واعتبر الحداد أن أهم هذه الأزمات إغلاق النفط، والضغط السياسي على محافظ المصرف المركزي من خلال مجلس النواب الذي صدر في حقه خطاب استبعاد من قبل رئيس البرلمان وتكليف محافظ آخر بدلا عنه، وبيان دعوة عقيلة صالح رئيس البرلمان للنائب العام بضرورة التحقيق في الأزمات المتتالية التي يعاني منها المواطن الليبي كلها ضغوط سياسية لافتكاك الحكومة من عبد الحميد الدبيبة وتمكين فتحي باشاغا بدلا عنه.

ورغم ذلك يرى الحداد أن هناك تأييدا كبيرا من المجموعات المسلحة المؤثرة في العاصمة طرابلس لحكومة الدبيبة، والكل يعلم أن سبب ولاء هذه المجموعات للدبيبة هو البذخ المالي على هذه المجموعات، والحماية الرسمية التي يقدمها الدبيبة لهذه المجموعات في العاصمة طرابلس.

واختتم الحداد قوله، إن كل هذه الأمور محلية، ولكن هناك عوامل دولية يسعى إليها باشاغا ومن معه من قيادة الجيش ومجلس النواب للتأثير على الفاعلين الدوليين أهمها أمريكا وبريطانيا تتمثل في حرص باشاغا بالحديث في وسائل إعلام أجنبية أكثر من المحلية، كل هذه الضغوطات تهدف إلى تأمين دخول سلس لحكومة باشاغا للعاصمة طرابلس، ولكن النجاح لايزال غير مضمون تماما في ظل المعطيات المتوافرة حاليا في المشهد الأمني والسياسي أو حتى التحضير الدولي لهذا التغيير.

وأضاف المحلل السياسي إدريس عبد السلام إنه قد تكون تصريحات باشاغا بدخول العاصمة تأتي نتيجة تعويله على التغيير في المواقف الدولية تحديدا بعد زيارته لبريطانيا ودعوة البرلمان البريطاني له أمام لجنة شؤون الخارجية، لربما سيكون هناك دعم بريطاني لفتحي باشاغا، ولكن تظل الأمور مبهمة ونحن ننتظر مجريات الأمور السياسية.

واستبعد إدريس أن تكون هناك ضغوط دولية على التشكيلات المُسلحة، وإن كانت هناك ضغوط على التشكيلات المسلحة لماذا لم تكن منذ سنوات وهم يعرفون جيدا أن هذه التشكيلات المُسلحة هي التي تأخر استقرار البلاد حتى هذه اللحظة.

وأكد أن هناك مصالح متبادلة ربما ستكون وراء الموافقة على دخول باشاغا للعاصمة طرابلس بشكل سلمي، ولكن هذه الاتفاقيات لا تحل المُشكلة لأن الحكومة ستكون تحت رحمة هذه التشكيلات المُسلحة، ولابد من وجود حل حقيقي يحل الأزمة ويسمح بوجود مؤسسة أمنية حقيقية وجيش حقيقي في العاصمة يتعامل مع الحكومة أو تحت إمرة الحكومة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق