القصف الإسرائيليّ على قطاع غزة سلوك إرهابيّ أم ردٌ طبيعيّ
هجوم إسرائيليّ شنّه سلاح الجو التابع للعدو صباح السبت الفائت، على موقعين فلسطينيَين في قطاع غزة المحاصر منذ عقد ونصف العقد، وذكر جيش الكيان الإسرائيلي أن الهجومين جاءا ردا على إطلاق صواريخ ونيران مدافع رشاشة من قطاع غزة باتجاه الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، رغم عدم إعلان أيّ جهة في القطاع مسؤوليتها عن الإطلاق، حيثُ فُسر الأمر على أنّه مرتبط بزيارة الرئيس الأمريكيّ جو بايدن للعدو الإسرائيليّ وحلفائه في المنطقة من أجل “مصلحة إسرائيل”، حيث تُعد هذه المرّة الأولى منذ أسابيع التي تعلن فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي عن رصد إطلاق صواريخ من قطاع غزة وذلك عقب ساعات من انتهاء زيارة بايدن من جولة شملت الأراضي الفلسطينيّة التي تحتلها “إسرائيل” والضفة الغربية، التقى خلالها مسؤولين إسرائيليين، كما عقد لقاء مع رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عباس، في بيت لحم، قبل أن يغادر إلى جدة ليلتقي الملك سلمان بن عبدالعزيز وابنه ولي العهد محمد بن سلمان.
توقيتٌ مهم
في ظل مزاعم الجيش الإسرائيليّ على حسابه في تويتر، وقوله إن طائرات العدو هاجمت في ساعة مبكرة من فجر السبت، موقعين عسكريَين يتبعان لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، بقطاع غزة، والادعاء أنّ الموقع الأول يحتوي على ورشة إنتاج لمواد صاروخية تحت الأرض تابعة لحركة حماس، وأنّه يعد من أهم وأكبر المواقع في قطاع غزة لإنتاج المواد الخام الصاروخية، إضافة لموقع ثانٍ تم استهدافه ويحتويّ أيضاً على “منشأة لإنتاج الأسلحة”، حسب قوات العدو التي أشارت إلى أنّ الهجومين جاءا ردا على إطلاق صواريخ ونيران مدافع رشاشة من قطاع غزة الذي يحاصره الصهاينة منذ نحو 15 عاماً باتجاه الأراضي التي تسيطر عليها العصابات الصهيونيّة.
وفي الوقت الذي لم يؤد قصف المقاتلات التابعة للعدو لمنطقة جنوب غزة ووسطها بثمانية صواريخ إلى وقوع أيّ إصابات، بيّن الناطق باسم حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس” فوزي برهوم، في تصريح صحفي، أنّ القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي جاء مباشرة بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للكيان الإسرائيليّ، يعكس حجم الدعم والتشجيع الأمريكي الذي تلقاه الاحتلال لاستمرار عدوانه وارتكاب جرائمه، حيث إنّ الفلسطينيين اعتادوا عند زيارة أي مسؤول أمريكي بارز للمنطقة أن تكون مصلحة مُحتل أرضهم ومهجر شعبهم وقاتل أطفالهم هي العليا، وقضية الشعب الفلسطينيّ مجرد “تحصيل حاصل” ولا وزن لها في حقائب الأمريكيين التي امتلأت بالتطبيع والتقسيم والسلاح وغير ذلك، ولم يبق مكان فيها لشعب سلب تاريخه وحاضره ومستقبله أمام أعين العالم.
ومؤخراً، أشار الفلسطينيون بوضوح تام إلى أنّ زيارة بايدن المشؤومة لن تكون خيراً أبداً على هذا الشعب المنكوب، بعد تأكيد سياسة الولايات المتحدة أنّ واشنطن لا يمكن أن تتخلى عن دعم الصهاينة المحتلين على حساب الحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ، رغم علمها اليقينيّ أنّ الاحتلال قائم على الإرهاب المنظم، في ظل حكم الإدارة الديمقراطيّة في أمريكا والتي لم تحمل أيّ بشائر بالنسبة للعرب بشكل عام والفلسطينيين على وجه الخصوص، واستمرت على السياسة الأمريكيّة المعهودة المتعلقة بتسليح الكيان الصهيونيّ المجرم والدفاع عن مصالحه ومحاولة إضفاء الشرعيّة عليه في المنطقة، وخيّبت الكثير من التوقعات التي علقت آمالاً عريضة على الإدارة الأمريكيّة ذات المنهج الثابت في دعم القتلة والمحتلين.
وبكل وضوح تحدثت حماس أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد يحاول بائساً أن يثبت للمجتمع الإسرائيلي أنه قادر على تحقيق واستعادة الردع المفقود الذي بددته ضربات المقاومة النوعية وحطمت كل معادلات العدو، فهي الضربة الصهيونيّة الأولى منذ استلامه منصبه أول الشهر الجاري، وقد شاهدنا في الفترة الماضية خشية الاحتلال الإسرائيليّ من صواريخ غزة التي تجسدت من خلال تعزيز منظومة القبة الحديديّة في الجنوب، وثانيّاً من احتواء حوادث إطلاق الصاروخ من قطاع غزة تجاه مستوطنات “غلاف غزة”، دون اللجوء لخيار التصعيد العسكريّ من قبل الإسرائيليين لتجنب سيناريو إطلاق الصواريخ من القطاع، وباعتبار أنّ الفصائل الفلسطينيّة لم تتبن الضربات الصاروخيّة الأخيرة ولم يتضح بعد وإن كان ظاهريّاً من يقف وراء إطلاق الصاروخ، لكن تل أبيب مازالت تتبع أسلوب الحفاظ على المعادلة المتمثلة بالرد على إطلاق الصواريخ لحفظ ماء الوجه أمام مجتمعها الذي تحطمت نفسيّته في الآونة الأخيرة.
سلوك إرهابيّ
لم تخفِ حماس في تعليقها على قصف الاحتلال الأخير لقطاع غزة أن قصف العدو لقطاع غزة وترويع الآمنين يأتي في إطار جرائمه وسلوكه الارهابي الذي لا يتوقف ضد الشعب الفلسطينيّ في كل أماكن وجوده، فلا شك في أنّ هذا الصراع بين أصحاب الأرض ومقاومتهم الباسلة، سيستمر مع الكيان الصهيونيّ الدمويّ والعنصريّ إلى أن ينتزعوا حريتهم من الاحتلال رغماً عنه وعلى كامل أرض فلسطين، وإنّ الفلسطينيين أصحاب حق ولا يهابون عدواً يعتبرون أنفسهم ولدوا لأجل مقاومته واقتلاع سرطانه، وإنّ تل أبيب وإن أطلقت صواريخاً ودمرت منازل إضافيّة لكنها لا تملك جرأة امرأة فلسطينيّة تشتم الإسرائيليين المحتلين رغم أفواه بنادقهم التي قتلت من الأبرياء لدرجة لا يمكن أن يتخيلها عاقل.
“لن يستطيع العدو الصهيونيّ بكل ادوات الارهاب والدعم الامريكي له، أن يكسر إرادة الشعب الفلسطينيّ الصامد ومقاومته الباسلة، وسنواصل مقاومتنا ونضالنا المشروع حتى طرد المحتل من كامل أرضنا الفلسطينية”، رسالة واضحة ومختصرة من حماس على الجرائم الإسرائيليّة، لأنّ التحرر من استعباد المحتل الأرعن لا يكون إلا بالمقاومة ولو بأبسط الوسائل، والحل الوحيد حاليّاً هو الدفاع عن فلسطين بكل ما أمكن وردع الاحتلال وعصاباته والمتآمرين معه، بالاستناد إلى أنّ التصدي لهجمات الصهاينة وعربدتهم المتصاعدة هو السبيل الوحيد لقطع يدهم المتطاولة وحماية فلسطين وشعبها من المكائد التي تتزايد يوماً بعد يوم، وقطع يد قوات الاحتلال ومنعها من العربدة والتغول في أراضي الفلسطينيين عبر المخطّطات الاستيطانيّة الرامية لإنهاء الوجود الفلسطينيّ السياسيّ والسكانيّ.
المصدر/ الوقت