التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

مصر تتحرك على ثلاثة محاور بعد جمود مفاوضات سد النهضة 

سياسة ـ الرأي ـ
تواجه مصر تحدياً جديداً في ما يتعلق بأزمة سد النهضة الإثيوبي، وهو محاولة احتواء ومحاصرة تحركات أديس أبابا لفرض واقع أفريقي جديد بين دول حوض النيل، من خلال تأجيج مواقف هذه الدول ضد مصر بشأن الانتفاع بمياه نهر النيل.

وحسب موقع “العربي الجديد”، تحاول إثيوبيا، من خلال ذلك، شرعنة موقفها والقفز فوق المواثيق والاتفاقيات القديمة المنظمة للاستفادة من النهر الذي يمر بين دول الحوض المشاطئة. ويأتي ذلك بالإضافة إلى محاولتها الاستقواء بعلاقتها الوطيدة بدول عربية، مثل الجزائر، التي تستضيف اجتماعات القمة العربية المقبلة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

تحركات مصرية مضادة بشأن سد النهضة

وفي إطار العلاقات العربية الإثيوبية، أعلن السفير الإثيوبي في الجزائر نبيات غيتاتشو، يوم الإثنين، عن انعقاد اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة الجزائرية الإثيوبية في شهر سبتمبر/ أيلول الحالي بأديس أبابا.

ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية عن غيتاتشو قوله إنه من المتوقع خلال الاجتماع أن توقع إثيوبيا والجزائر اتفاقية للعمل معاً في قطاع خدمات النقل الجوي، مضيفاً أن الاجتماع سيشمل مجالات الشراكة الاقتصادية وتنسيق المواقف والجهود في ما يخص قضايا الاتحاد الأفريقي.

يبحث اجتماع جزائري – إثيوبي مرتقب مجالات الشراكة الاقتصادية وتنسيق المواقف والجهود في ما يخص قضايا الاتحاد الأفريقي

وكانت الرئيسة الإثيوبية ساهلورق زودي قد لبّت دعوة نظيرها الجزائري عبد المجيد تبون لاحتفالات الذكرى الـ60 لاستقلال الجزائر في الخامس من يوليو/ تموز الماضي. وأكد الرئيسان التحضير لانعقاد اللجنة المشتركة الخامسة بين البلدين خلال شهر سبتمبر في العاصمة الإثيوبية. وحرصت وكالة الأنباء الرسمية الإثيوبية على الإشارة إلى أنه “إلى جانب العمل الثنائي، يؤكد البلدان في معظم المناسبات ضرورة تنسيق مواقفهما حيال الاتحاد الأفريقي ومسألة تمثيل أفريقيا الدائم في مجلس الأمن الدولي”.

وتعود العلاقات الإثيوبية الجزائرية إلى الستينيات، وتشهد تطوراً لافتاً خلال الفترة الماضية على مختلف الأصعدة.

دبلوماسي مصري سابق وخبير في الشؤون الأفريقية أكد أن “علاقة إثيوبيا مع الجزائر وطيدة جداً، بعيداً عن مصر، وذلك على الرغم من أن الجزائر ومصر كانتا أكبر دولتين دعمتا إريتريا بالسلاح والذخيرة والخبرة للانفصال عن إثيوبيا عام 1992″، ولفت إلى أن “الجزائر تعد أكبر دولة عربية تقف ضد أن تكون القاهرة مقراً أبدياً للجامعة العربية”.

وأوضح الدبلوماسي المصري السابق، في حديث خاص لـ”العربي الجديد”، أن “القاهرة تحاول الآن على الطرف الآخر، أن تحشد مواقف بعض الدول العربية الأخرى، وخصوصاً في الخليج الفارسي ، والذي حققت فيه خطوات إيجابية جديدة تمثلت في التقارب الأخير مع دولة قطر، وذلك في محاولة تقوية موقفها في قضية سد النهضة”.

3 محاور للتحرك المصري

التحركات المصرية الأخيرة بشأن مواجهة الجمود الذي فرضته الحكومة الإثيوبية على المفاوضات الخاصة بأزمة السد، تأتي على عدة محاور، بحسب سياسيين وفنيين مصريين معنيين بمتابعة هذه القضية.

المحور الأول، وفقاً لما أشار إليه دبلوماسي عربي في حديث لـ”العربي الجديد”، يتعلق “بتحرك على المستوى العربي، في المجال المؤثر على إثيوبيا”، لافتاً إلى أن “هناك تحركات مصرية لدى دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تملك نفوذاً في الحكومة الإثيوبية”.

وقال الدبلوماسي العربي إن “التقارب المصري الأخير مع قطر فتح باباً واسعاً أمام القاهرة، خصوصاً في الوقت الذي تكتفي فيه السعودية بالدعم المعنوي فقط لمصر، والمتمثل في البيانات، بينما يميل الموقف الإماراتي إلى تبني الرؤى الإثيوبية”.

وأوضح الدبلوماسي العربي أنه في أعقاب التقارب الأخير، فإن القاهرة تأمل بأن يكون موقف الدوحة داعماً لمصر في هذا الملف، من منطلق ما تملكه من علاقات مؤثرة في منطقة القرن الأفريقي وإثيوبيا، وأشار أيضاً إلى أن “هناك تكثيفاً لجهود القاهرة وتحركاتها لدى كل من الإمارات والسعودية من أجل موقف أكثر ميلاً لها، بما يعزز أيضاً التحركات القطرية في هذا الصدد”.

أما المحور الثاني، بحسب المصدر، فهو “إفشال التحركات الإثيوبية الهادفة إلى تضييق الخناق على مصر في القارة الأفريقية بشكل عام، ومجموعة حوض النيل بشكل خاص. وهو الأمر الذي تقوم به القاهرة على مستويات عدة، منها ما هو دبلوماسي، وما هو متعلق بالمشاركات والتعاون في المجالات الاستثمارية مع عدد من الدول المؤثرة في ملف النيل”.

ووفقاً لأحد رجال الأعمال المصريين البارزين والنشطين في مجالات استثمارية عدة في عدد من الدول الأفريقية، فإن مصر “وجهت أخيراً عدداً من رجال الأعمال المصريين، الذين يرتبطون بشراكات مع الجهات الحكومية، بالاستثمار في بعض القطاعات الهامة بعدد من الدول الأفريقية، مثل: أوغندا، وتنزانيا، وروندا، ومدّ علاقات قوية بمؤسسات الحكم في تلك الدول، بهدف خدمة المصالح المصرية، وهو الأمر الذي بات مثمراً”.

وأوضح رجل الأعمال المصري أنه من ضمن الشركات التي تعمل في مشروعات كبرى مع الحكومة المصرية، وتم توجيهها للاستثمار في رواندا وتانزانيا، تأتي “أوراسكوم” المملوكة لعائلة ساويرس، و”حسن علام” للمقاولات و”السويدي” التي يمتلكها رجل الأعمال المقرب من السلطة أحمد السويدي، إضافة إلى شركتي “سياج” و”غاما”.

القاهرة تأمل بأن يكون موقف الدوحة داعماً لها في ملف سد النهضة

المحور الثالث الذي تتحرك من خلاله مصر في إطار مواجهة التحركات الإثيوبية، يتعلق بمنطقة القرن الأفريقي، والعمل على إفقاد أديس أبابا حلفاءها في تلك المنطقة، ومن ثم إضعاف محاور قوتها، ما يسهل عملية خضوعها للضغوط في مرحلة لاحقة. ووفقاً لسياسي مصري مقرب من دوائر صناعة القرار، فإن “هنالك تحركات مصرية واسعة في كل من الصومال وجيبوتي، من أجل إعادة صياغة العلاقات المصرية مع الدولتين، بالشكل الذي يسمح بوجود مصري ضاغط في تلك المنطقة، يمكن استغلاله لاحقاً ضمن أوراق التفاوض مع أديس أبابا”.

إثيوبيا تروّج لخططها لدى دول الحوض

وضمن سباق دبلوماسي في مضمار أزمة سد النهضة وخلق أطر للنفوذ، نظّمت إثيوبيا أخيراً المؤتمر الإقليمي لدول أعالي حوض النيل، في الفترة من 5 إلى 7 سبتمبر الحالي. ودول حوض النيل عددها 11، هي: إريتريا، أوغندا، إثيوبيا، السودان، جنوب السودان، مصر، الكونغو الديمقراطية، بوروندي، تنزانيا، رواندا، كينيا.

وشارك في المؤتمر الذي اتخذ شعار “الانتفاع المنصف للمجاري المائية العابرة للحدود الدولية”، 150 مسؤولاً وخبيراً من دول حوض النيل، حيث استهدفت إثيوبيا توجيه رسائل عدة من خلاله، أبرزها اصطفاف أديس أبابا مع دول حوض النيل في كيان يستبعد مصر.

وباستثناء مصر ورواندا، حضرت دول الحوض المؤتمر بدعوة وجهتها إثيوبيا من أجل زيادة تعزيز أعمال اللجنة المخططة للتنمية المشتركة لدول الحوض، وكذا الإسراع في التصديق على الاتفاقية الإطارية لنهر النيل، التي ترفضها القاهرة.

ويمثل المؤتمر أداة لحصول إثيوبيا على الشرعية والدعم من جانب الدول الأفريقية، لخططها المتعلقة بتقاسم مياه نهر النيل، والحصول على حصة رسمية، طبقاً لمفهوم الاستخدام العادل والمنصف، والذي تروّج من خلاله روايتها حول إعادة تقسيم مياه النهر وتجاوز اتفاقيات أبرمتها دول استعمارية.

في غضون ذلك، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، أن هناك حرصاً من الأمم المتحدة على مساعدة الأطراف المشتركة في ملف سد النهضة من الناحية الفنية والسياسية للتوصل إلى اتفاق شامل يحقق المصلحة القومية للدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، ويحفظ لمصر حقها في المياه.

وأضاف المتحدث باسم الخارجية المصرية في تصريحات تلفزيونية، أن “توقف عملية التفاوض بشأن أزمة سد النهضة وحدوث حالة الجمود يقلق المجتمع الدولي”، لافتاً إلى أن “الملء الثالث لسد النهضة يعد خرقاً واضحاً لجميع الاتفاقيات الدولية”.

وكانت إثيوبيا قد أعلنت إكمال الملء الثالث لسد النهضة في أغسطس/ آب الماضي دون تنسيق مع دولتي المصب، وهي الخطوة التي رفضتها القاهرة والخرطوم باعتبارها “إصراراً واضحاً على الإضرار بالأمن المائي لشعبيهما”.انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق