التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

ضغوطٌ خارجية على لبنان لمنع عودة اللاجئين السوريين.. الأسباب والدوافع 

بعد أن أشار في وقت سابق إلى أن السلطات السورية جادة بإعادة ​النازحين السوريين​ في لبنان إلى بلادهم، وهي على استعداد للتعاون من الأمن العام اللبناني لتنسيق عودتهم، حذّر وزير الهجرة وشؤون اللاجئين في الحكومة اللبنانية عصام شرف الدين، من ضغوط خارجية لمنع عودة اللاجئين السوريين، متحدثاً عن خطة لإعادة اللاجئين السوريين، والتي سيتم تنفيذ المرحلة الأولى منها خلال الأيام القليلة المقبلة، مضيفاً إنّ عودة هؤلاء اللاجئين تتم طواعية ومن ثم عبر المنظمات الدولية، وقد أكّد مراراً أنّ أمن العائدين إلى ​سوريا​ مضمون، والسلطات السورية تضمن أمنهم واستقرارهم، كما أن أي سوري يريد البقاء على الأراضي اللبنانية عليه الحصول على إقامة ورخصة عمل من وزارة الداخلية اللبنانيّة.

ضغوط خارجيّة على لبنان

ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها الوزير اللبنانيّ أنّ الهيئات الأممية و​مفوضية اللاجئين​ تضغط على رئيس حكومة تصريف الأعمال ​نجيب ميقاتي​ لعرقلة ملف النازحين السوريين، وأميركا وأوروبا تضغط عليه من أجل الاستثمار السياسي في هذا الملف، على الرغم من أنّ الوزير اللبناني كشف أن عددًا كبيرًا من اللاجئين السوريين داخل لبنان حريصون على العودة إلى بلادهم وحزموا حقائبهم، ما يعني أنهم واثقون من عودتهم إلى سوريا.

وإنّ عصام شرف الدين الذي عبّر عن أنّ أحلى شهادة كسبها في المرحلة الحالية أنه على خلاف مع ميقاتي، تحدث عن اصرار رئيس وزراء الحكومة اللبنانية المؤقتة نجيب ميقاتي (المكلف ايضا بتشكيل الحكومة الجديدة) على تغيير وزير الهجرة في الحكومة المقبلة، وقد أخبر شرف الدين مدير الأمن العام عباس إبراهيم، وحذر دائرة الأمن العام في لبنان من الوقوع في فخ تأجيل هذا الملف، حيث إنّه من المهم جدًا أن يقوم الوزير الذي يتولى المنصب بعده بنفس الشيء لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

وفي الوقت الذي أوضح فيه الوزير اللبنانيّ أن نجيب ميقاتي يتعرض لسلسلة من الضغوط من الخارج ويبدو أنه يريد وقف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، كشفت مصادر حكومية لبنانية، مؤخرًا، أنه إضافة إلى المعوقات الخارجية والمماطلة من قبل أطراف دولية في عملية عودة اللاجئين السوريين، هناك أيضًا تحديات داخلية في هذا المجال، وتشير الأدلة إلى أن نجيب ميقاتي ينوي استخدام سياسة الأمم المتحدة لتحقيق ذلك، وبالتالي منع عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم في الوقت الحاليّ.

ولم يخفِ عصام شرف الدين خلال الأحداث الأخيرة في شوارع لبنان واعتداء بعض الناس على بنوك هذا البلد لسحب ودائعهم، أنّ المستفيدين من هذا الوضع هم أعداء لبنان وقد يكونون أعداء لبنان الداخليين، وذلك باتباع خطة غربية لانهيار البلاد، فسبب هذه الأزمات سياسيّ والبعض منهم منخرط في سياسة إفقار لبنان، لكن لحلها يجب أن يتوصل اللبنانيون إلى حل وطنيّ.

وإنّ وزير المهجرين في لبنان حاز على تكليفٍ رسميٍ، بالتنسيق مع الجانب السوري، لإعادة النازحين إلى بلادهم، وقد اتهم رئيس الحكومة اللبنانيّ بعرقلة العودة المأمولة، نتيجة ضغوط خارجية عليه، فصاحب المصالح المرتبطة بالدول الخارجية، سيعرقل بلا شك إتمام العودة، خوفاً على مصالحه، واسترضاءً لدول الغرب التي نصّبته في الأساس رئيساً للحكومة، والتي تمنع بدورها هذه العودة، وتربطها بـ “الحل السياسي” للأزمة السورية، ناهيك عن الأرباح الطائلة التي تحققها بعض الجهات والأشخاص المستفيدين من أزمة النزوح السوري إلى لبنان.

ويشار إلى أنّه في عهد الرئيس العماد ميشال سليمان عام 2013، وخلال تولي ميقاتي رئاسة حكومته الثانية، طرح المجلس الأعلى اللبناني – السوري، بشخص أمينه العام نصري خوري، على الحكومتين اللبنانية والسورية، مبادرة لإعادة النازحين المنتشرين في لبنان إلى ديارهم السورية، على أن يصار بعدها إلى تسمية لجنة مشتركة لبنانية – سورية، للتنسيق بين الجانبين، لتسهيل العودة، غير أنه بعد موافقة سوريا على هذه المبادرة، انسحب منها الجانب اللبنانيّ، بذريعة ممارسة ضغوطٍ خارجيةٍ على الحكومة اللبنانية آنذاك، لثنيها عن تسهيل عودة النازحين المرتجاة، لتحويلهم إلى ورقة اقتصادية وسياسية رابحة للبعض ومدمرة للنازحين.

استعدادٌ سوريّ لاستقبال اللاجئين

منذ مدّة، بيّن وزير الدولة لشؤون اللاجئين عصام شرف الدين وفقاً للإعلام المحليّ استعداد الحكومة السورية لاستقبال اكثر من عشرين ألف نازح سوري يرغبون بالعودة ضمن مراكز الايواء المجهزة بكل الاحتياجات اضافة الى التعليم والتوظيف، وأشار الى ترحيب مفوضية اللاجئين بمشروع إنشاء لجنة ثلاثية ضمن المفوضية لتسوية شؤون العائدين، واليوم تفيد مصادر لبنانية أنه في غضون أيام قليلة، ستكون قافلة اللاجئين السوريين المكونة من 200 سيارة جاهزة للتوجه إلى سوريا، كما أن عددًا كبيرًا من اللاجئين السوريين في منطقتي عكار وطرابلس يريدون العودة طوعًا إلى بلادهم، ناهيك عن وجود أكثر من 100 ألف نازح من المسجلين لدى الأمم المتحدة، غادروا عبر مطار بيروت الدولي على دفعاتٍ منذ العام 2011 حتى آب/أغسطس الفائت، حسب تقارير إعلاميّة.

وبينما قام مسؤولون لبنانيون، بمن فيهم وزير الهجرة وشؤون اللاجئين في الحكومة، بتفعيل خطة عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، لا تزال العقبات الدولية في هذا الصدد مستمرة، الأمر الذي أثار استياء الجانب اللبناني، باعتبار أن ملف عودة النازحين، يشكل عبئاً كبيراً على الخزينة اللبنانية، في وقت يعاني لبنان أزمةً اقتصاديةً ومعيشيةً خطيرة للغاية، حيث أصبح 82% من اللبنانيين و91 % من النازحين السوريين تحت خط الفقر، وجلّ المهجرين من نيران الحرب السورية مقيمون في المخيمات والأكواخ في الظروف المناخية القاسية، ويبلغ مجمل عددهم المسجل رسمياً نحو 863 ألف نازح، حسب أرقام جهة رسميةٍ لبنانيةٍ معنيّة بملف النزوح، وتكشف أن حجم مجمل المساعدات المخصصة للنازحين إلى لبنان، لم يتعد 8 مليارات دولار منذ اندلاع الأزمة السورية في منتصف آذار/مارس 2011 حتى العام 2022، علماً بأن أعباء النزوح إلى لبنان، رتّبت على الخزينة نحو 45 مليار دولار، وفقاً لتقديرات جهات رسمية لبنانية معنيّة، من خلال استفادة هؤلاء النازحين من الخدمات التي تقدمها مؤسسات الدولة وفي طليعتها مصرف لبنان، وشركة الكهرباء والبلديات، كدعم المحروقات، والطحين، والدواء، والكهرباء من دون رسوم، ورفع النفايات عن الطرق، وفقاً لوسائل إعلام عربيّة.

من ناحية أُخرى، كشفت تحليلات كثيرة أن العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم تعني انتصاراً تاماً للرئيس السوري بشار الأسد من وجهة نظر أطراف دولية، ولهذا السبب يحاولون عرقلة عملية إعادة النازحين، في ظل حديث وسائل إعلام عن وجود مباركةً عربيةً لعودة الملف إلى عهدة اللواء إبراهيم، لما لديه من علاقات جيدة مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بهذا الملف، كما أنه يتمتع بمهارةٍ عاليةٍ في إدارة التفاوض، فقد حقق نجاحاتٍ عديدةٍ، كتحرير راهبات معلولا من الخطف، لدى “جبهة النصرة” الإرهابيّة في العام 2014.

ختاماً لكل ذلك، إنّ الدول التي حاربت سوريا لأكثر من عقد ودمرتها عن بكرة أبيها لا ترغب بالاعتراف بهزيمتها، رغم كل ما يعانيه الشعب السوريّ الرازح تحت خط الفقر في الداخل والذي يعيش جله على حدود الدول في الخارج، بالتزامن مع موقف رسميّ سوريّ واضح من تلك القضية، فالحكومة السورية أزالت كل العوائق أمام العائدين، كما قدمت جميع التسهيلات، وهذا ما أكده وزير الخارجية والمغتربين السوري فيصل المقداد، للمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، خلال لقائهما الأخير، لكن تدفق المساعدات الدولية على النازحين، لا يهدف بالفعل إلى دعمهم بل إلى حثهم على عدم الاستجابة لكل المبادرات الرامية إلى عودة اللاجئين إلى بلادهم قبل عقد تسويةٍ سياسيةٍ في المنطقة، فيما يجب على السلطات اللبنانية أن تأخذ دورها المطلوب لإنقاذ لبنان والنازحين من الأخطار المحدقة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق