التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

جهود المملكة العربية السعودية لاستعادة نفوذها في لبنان 

على مدى الأسبوعين الماضيين، كثفت المملكة العربية السعودية بشكل كبير أعمالها المشبوهة والتدخلية في القضية السياسية اللبنانية، وتأتي معظم هذه الجهود في سياق توحيد ممثلي السنة اللبنانيين وأعضاء حركة 14 آذار للتأثير في قضية انتخاب رئيس جديد.. بعد اشمئزاز أهل السنة اللبنانيين من سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية، إثر استقالة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري من عالم السياسة، يبدو أن المملكة العربية السعودية تبحث حاليا عن طريقة أخرى لجذب رأي المكون السني اللبناني.

وفي هذا الصدد، اتخذ السفير السعودي في بيروت، “وليد بخاري”، تحركات خلال الأيام الماضية لعقد لقاء بين ممثلي السنة برئاسة الشيخ “عبد اللطيف دريان”، المفتي السني اللبناني، والذي عقد أمس بحضور 24 من ممثلي السنة في دار الفتو في لبنان. كما عقد هؤلاء الممثلون السنة اجتماعا في منزل السفير السعودي. ولم تسفر هذه اللقاءات عن نتائج محددة وكان الهدف من عقدها تقديم ممثلي السنة كورقة ضغط للسعودية على الغرب وتحديداً فرنسا في القضية السياسية اللبنانية.

اعلنت الاوساط السياسية اللبنانية، محللة لقاءات دار الفتوي ومقر اقامة السفير السعودي، انه إذا كان سعد الحريري حاضرا في الساحة السياسية اللبنانية في المرحلة الحالية، لم يكن هناك مجال لوجود أشخاص مثل عبد اللطيف دريان او اشخاص مثل فؤاد مخزومي وأشرف ريفي لكونوا في الساحة. لذا فإن عقد هذا الاجتماع يعني ختم الموافقة على نهاية الحياة السياسية لسعد الحريري وافتقاره إلى التأثير والنفوذ في الأحداث السياسية اللبنانية.

وحسب هذا التقرير، فإن المملكة العربية السعودية، التي أنهت بأيديها الحياة السياسية لسعد الحريري، الذي كان ذات يوم حليفًا مهمًا لهذا البلد في لبنان، تحاول الآن إيجاد بديل له بين السنة. جهود الرياض لتعزيز مكانة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة بين أهل السنة في البلاد خلال الانتخابات النيابية لم تسفر عن نتائج، وأدرك السعوديون أن اللبنانيين السنة لن يقبلوا بشخص مثل فؤاد السنيورة لخلافة سعد الحريري. من ناحية أخرى، تعلم السعودية أن زعيمًا مسيحيًا مثل سمير جعجع، الذي يكرهه أنصار الحريري أيضًا، ليس مؤهلاً بما يكفي لخلافته والتنفيذ الكامل لخطط المملكة العربية السعودية في لبنان.

لذلك، يبدو أن السعودية تحاول إدخال الشيخ عبد اللطيف دريان كسلطة سياسية رئيسية بين السنة بعد سعد الحريري. طبعا تجدر الإشارة إلى أن المراقبين يرون أن شخصية الشيخ عبد اللطيف دريان ليست بتلك الصفات التي يمتلكها للعب الدور المنشود للسعودية في لبنان، ورغم تاريخه الطويل في دار الفتو إلا أنه لا يملك نفوذاً كافياً بين السنة اللبنانيين.

لكن في الوقت الحالي، تعتبر المملكة العربية السعودية دريان شخصية مطيعة يمكنها على الأقل تنفيذ الأوامر الصادرة عن الرياض في المرحلة الحالية؛ لذا هدف الاجتماع الذي عقدته المملكة العربية السعودية بين ممثلي السنة هو إقناع جميع ممثلي السنة بالاتفاق على الاسم الذي اختارته السعودية لرئيس لبنان المستقبلي.

في الواقع، لا تسعى السعودية لحل القضية السياسية بلبنان، بل تريد وضع اللقاءات التي تعقد بين الشخصيات السنية في سياق لقاءات السعوديين مع الأمريكيين والفرنسيين حول القضية اللبنانية ومواءمة هذه الشخصيات مع مواقف السعودية في هذه الحالة. بمعنى آخر، تعتقد الرياض أن ترتيب اتحاد بين الممثلين السنة اللبنانيين وعلاقتهم مع سمير جعجع من قبل السفير السعودي في بيروت يمكن أن تجعل السعوديين شريكًا ميدانيًا للسعوديين في انتخاب رئيس جديد للبنان، أو على الأقل تعطيل عملية تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس هذا البلد حتى لا تنتهي هذه القضايا ضمن المهلة التي حددها الدستور.

لذلك يمكن القول إن اللقاء الذي عقد بين ممثلي السنة في دار الفتوي كان مجرد عمل خارجي للتظاهر بأن السعودية قادرة مرة أخرى على التأثير بين سنة لبنان. وعلى وجه الخصوص، لم يُذكر شيء مهم في هذا الاجتماع والاجتماع الذي عُقد في مقر إقامة وليد البخاري، رغم أن السفير السعودي سبق أن أكد في لقاء مع مسؤولين فرنسيين أن الرئيس الذي يدعم حزب الله لا ينبغي أن يتولى منصبه في لبنان. اجتماع الأمس مع شخصيات سنية لم يتطرق إلى حزب الله. وكانت معظم محادثات البخاري في هذا الاجتماع تهدف إلى شرح رؤية 2030 لمحمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، والخطط الداخلية لهذا البلد.

بعد استقالة تيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري من الساحة السياسية اللبنانية، تضاءل نفوذ الرياض في هذا البلد أكثر، وتوقف أنصار سعد الحريري، الذين اعتبروا السعودية السبب الرئيسي لعزلته السياسية، عن دعم الرياض. في هذا الموقف، تحاول السعودية توحيد ممثلين سنة آخرين وشخصيات أخرى مرتبطة بها في لبنان للتأثير في قضية انتخاب الرئيس المقبل لهذا البلد. وخاصة بعد أن ثبت أن الحكومة التي تريدها الرياض لا يمكن أن تتشكل في لبنان.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق