التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

مسؤول صهيونيّ يدعو لطرد الفلسطينيين من بلادهم.. ما الذي يمكن استنباطه 

بعد أن فشلت عمليات التطهير العرقيّ والتهجير القسريّ للسكان الأصليين الفلسطينيين من بلادهم مع بدء تأسيس الكيان الغاصب عام 1948، لا ينفّك المُستوطِن الصهيوني إيتمار بن غفير عن التحريض ضد فلسطينيي 48، ولا يُخفي عنصريته وفاشيته المقيتة، ويدعو لطرد العرب من بلادهم التاريخيّة، وإن العنصري الذي يبلغ (46 عامًا)، هو زعيم حزب “عوتسما يهوديت” (القوّة اليهوديّة)، وهو حزب يمينيّ-دينيّ متطرف، سيخوض الانتخابات المقبلة مع حزب “بتسلئيل سموتريتش” الصهيونيّ الدينيّ الذي لا يقل تطرفًا عن الآخر، حيث إن الوزير السابق والنائب الحالي سموتريتش، فتح نيران حقده على الإسلام واصفاً إياه بـ “دين الإرهاب” مطالباً بلفّ جثث الشهداء الفلسطينيين بجلد الخنزير، في تأكيد آخر على مدى قذارة ووحشيّة وعنصريّة هذا الاحتلال.

يُعد ابن غفير أحد تلاميذ مئير كهانا، الحاخام العنصريّ الأمريكيّ المولد والذي تمّ منع حزبه (كاخ) في نهاية المطاف من دخول الكنيست، وقد هدد ابن غفير بترحيل الإسرائيليين غير الموالين للكيان، بمن فيهم نائبان عربيان حاليان، وحتى قبل بضع سنوات فقط، كانت لديه صورة معلقة في منزله لـ “باروخ غولدشتاين”، الـ”طبيب المُستوطِن” الذي أجرم في 29 فلسطينيًا في ما تعرف بـ “مجزرة الحرم الإبراهيميّ الشريف” بمدينة الخليل عام 1994، ووفقًا لاستطلاعات الرأي في الكيان، يمكن أنْ تصبح الصهيونية الدينية ثالث أوْ رابع أكبر حزب في كيان الاحتلال، ويمكن أنْ يصبح ابن غفير وزيرًا، وهو يُطالِب بوزارة الأمن الداخليّ، إذا نجح زعيم (ليكود) بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة القادمة.

وإنّ المُستوطِن الصهيوني إيتمار بن غفير جُلب من المغرب، ولفت انتباه الجمهور لأولّ مرّةٍ في العام 1995، قبل وقت قصير من اغتيال يتسحاق رابين، عندما تمّ عرض تقرير على تلفزيون الاحتلال شوهِد فيه عندما كان يُلوّح بشعار (كاديلاك) ممزق من سيارة رئيس الوزراء وهدد: “وصلنا إلى سيارته، سنصل إليه أيضًا”، وقبل 15 عامًا من ذلك، أدين بالتحريض على العنصرية ودعمه منظمة إرهابية، وتُعزى الزيادة الأخيرة في تأييد بن غفير إلى جاذبيته المتزايدة بين الشباب اليهود في كيان الاحتلال، وخاصة الرجال الأرثوذكس المتشددين والناخبين الشرقيين التقليديين، وحسب صحيفة (هآرتس) العبريّة فإنّ حوالي 60 بالمئة من الصهاينة في الكيان يُعرفون اليوم بأنهم “يمينيون”، وبين الشباب الإسرائيليين (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً)، ترتفع النسبة لتصل إلى 70 بالمئة.

ووفقاً لباحث إسرائيليّ، فإنّ الارتفاع الأخير في استطلاعات بن غفير يعكس تزايد العنصرية في المجتمع اليهودي ككلّ، ففي السابق، كان اليهود الإسرائيليون يُعرّفون أنفسهم بأنهم يمين أوْ يسار بناءً على نظرتهم إلى حربهم على الفلسطينيين وحلّها، لكن حاليّاً لا أحد يتحدث عن الصراع الإسرائيليّ – الفلسطينيّ أو عن وضع هذه المناطق، فعلى نحو متزايد يعرّف اليهود الصهاينة أنفسهم على أنّهم يمين أوْ يسار بناءً على موقفهم من الأقلية العربية التي تعيش داخل الأراضي التي يحتلها العدو.

في هذا الشأن، خلصت تقارير دوليّة إلى أن الكيان الصهيوني هو “أبرتهايد” أيّ نظام فصل عنصريّ يرتكب جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدوليّ من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، وإن الأنباء الأخيرة تفضح الصهاينة بشكل أكبر على الساحة الدوليّة التي تتهم فيها تل أبيب من قبل منظمات حقوقية بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، الشيء الذي يضع العدو الغاشم أكثر فأكثر في دائرة العنصريّة المقيتة ويفضحه دوليّاً.

والدليل على صحة ذلك، ما قاله زئيف دجاني، وهو مدير مدرسة بمدينة (هرتسليا)، إحدى أشهر المدارس الثانوية في تل أبيب، وإنّه “يساري فخور”، قال للإعلام العبريّ: “الاستطلاعات أظهرت أنّ الشباب الإسرائيليّ أكثر عنصريةً بكثير من نظرائهم الأوروبيين، وأعتقد أنّ هذا ما يحدث عندما يكون هناك الكثير من التركيز على القومية في النظام التعليميّ، وكما نعلم، هناك مسافة صغيرة جدًا بين القومية والفاشية”، في ظل تسارع المخططات الاستيطانيّة الصهيونيّة في الضفة الغربيّة المحتلة والقدس من أجل محاولة وسم هوية مدينة القدس كعاصمة يهوديّة لكيان الاحتلال القاتل واغتيال أيّ مساعٍ فلسطينيّة أو دوليّة لإقامة دولة فلسطينيّة في الأراضي المحتلة عام 1967 من جهة أخرى، في الوقت الذي لا يكف فيه جنود الاحتلال المجرم عن استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم.

ويشار إلى أنّ مركز العمل الدينيّ الإسرائيليّ الذراع المناصرة لحركة الإصلاح في الكيان الغاصب قاد حملةً لاستبعاد بن غفير من الترشح للكنيست في عام 2019، لكنها فشلت، بقرارٍ من المحكمة العليا الإسرائيليّة لصالحه، وإن الأخير لم يُخفِ مشاركته في الاحتفالات التي أقامها اليهود المتطرفون عقب إصابة أريئيل شارون بسكتةٍ دماغيّةٍ، بزعم أنه مسّ بأرض الكيان عقب الانسحاب من قطاع غزة وبعض مستوطنات شمال الضفة الغربية، رغم أنّ شارون كان جنرالاً ومحاربًا من أجل الصهيونية، وأنقذ العدو في حرب الـ 1973، لكن بن غفير لم يخدم في الجيش أصلاً، وفي الوقت ذاته يرى في نتنياهو أكبر أداة له أمام الرأي العام الإسرائيليّ، الذي قد يمنحه حقيبة وزارية في حكومته المقبلة، في حال قام بتشكيلها.

ومن خلال تصريحات الصهاينة المستمرة، فضحت “إسرائيل” ساديّتها وعنصريّتها بنفسها من شدّة الجرائم التي ارتكبتها بحق الأبرياء، ومن الضروريّ أن تتكاتف جهود المنظمات الدوليّة الحقوقيّة والمجتمع الدوليّ والعربيّ لدعم الحقوق المشروعة للفلسطينيين على أراضيهم، لأنّ الجلاد الصهيونيّ الرافض لأدنى انتقاد لجناياته وللوجود الفلسطينيّ بشكل مطلق، لا يمكن أن يتغير دون فضح ممارساته الاستبدايّة ومقاطعته، باعتبار أنّ جرائم الصهاينة المُحتلين لا يمكن أن تتوقف بحق الفلسطينيين والعرب إلا بمحاربة واستئصال ذلك السرطان من الأراضي العربية المُحتلة منذ عقود.

ختاماً، أثبتت الوقائع أن السياسات الإقليمية للكيان الصهيوني ومنهجه وهندسته الديموغرافيّة والعرقيّة تهدف إلى إنشاء أغلبية يهوديّة عبر عمليات القتل المباشر، والقيود على الحركة، والتطهير العرقيّ وسياسات التهجير، والتمييز المؤسسي، والحرمان من الجنسية والوطنية، كجزء من نظام ممنهج للهيمنة والفصل العنصريّ، وإنّ الكيان الصهيونيّ لا يُخفي ذلك أساساً، بل يعترف بأنّه لايمكن بأيّ حال من الأحوال أن يتوقف عن إجرامه وقضمه لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، وخيرُ دليل على ذلك نص إعلان الدولة المزعومة، والذي يدعي أنّ أرض فلسطين هي مهد الشعب اليهوديّ، وفيها تكونت شخصيته الروحيّة والدينيّة والسياسيّة، وهناك أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيماً حضاريّة ذات مغزى قوميّ وإنسانيّ جامع، وأعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، ويزعم الإعلان أنّ اليهود نُفيوا عنوة من بلادهم، ويعتبرون أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في “إسرائيل” وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق