التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

أعمال الشغب في إيران والرهان الأعمى لـ “بايدن الخاسر” 

أصبح اندلاع أعمال شغب في بعض مدن إيران في الأسابيع الأخيرة، وسيلة ترفيه جيدة للغربيين لرکوب حالة انعدام الأمن لدفع خططهم الفاشلة لفرض العقوبات.

فبعد تدخلات مسؤولي واشنطن في الشؤون الداخلية الإيرانية، دخل الرئيس الأمريكي جو بايدن علی الخط مباشرةً، ودعم في تصريحاته الأخيرة مثيري الشغب الإيرانيين، الذين اعتبرهم محتجين مطالبين بالحق.

وشدد بايدن في خطابه على الدعم الأمريكي لمثيري الشغب، بالقول إن انتفاضة الإيرانيين لن تهدأ لفترة طويلة. وفي إشارة إلى وفاة “مهسا أميني” وخبرته الطويلة في السياسة الخارجية، زعم بايدن أن ما استيقظ في إيران فاجأه، وأنه لا يعتقد أنه سيهدأ لفترة طويلة جدًا.

لكن من وجهة نظر منتقدي بايدن المحليين، فإن الدعم المتأخر لأعمال الشغب يأتي في حين أنه تم ترسيخ الأمن في مدن إيران؛ ولا توجد أعمال شغب مثل الأيام الأولى.

وفي هذا الإطار، وصف ترامب، الذي ينتقد رئيس البيت الأبيض من حين لآخر، بايدن بـ “جو الخاسر”؛ وهو وصف يليق به.

بعد فضيحة الاندفاع إلى السعودية وتجاهل الانتقادات له بسبب لقاء “قاتل خاشقجي”، من أجل الحصول على بضع براميل نفط سعودية، ثم الطعنة السعودية الموجهة له في الظهر، أظهر رهان بايدن الآن على حصان أعمال الشغب في إيران الخاسر، أنه رجل قمار أعمى.

لقد فهم الصهاينة هذه الحقيقة في وقت أبكر بكثير من الغربيين، بأن القضية قد انتهت، وما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي بالفيديوهات المزيفة والأخبار الكاذبة والجيش الإعلامي لمنظمة “مجاهدي خلق” الإرهابية في ألبانيا وشبکة “إيران إنترناشيونال” السعودية، هو سيناريو يتبعه بعض المعارضين للنظام في إيران الذين يقيمون خارج البلاد، الذين يتاجرون بحقوق الإنسان لجعل التطورات داخل إيران تبدو رأساً على عقب وإظهار أن الاضطرابات لا تزال مستمرةً، لوضع قادة البيت الأبيض بهذه الطريقة في وضع يسمح لهم بتكثيف الضغوط على إيران.

وعلى الرغم من أن بايدن ومسؤولين آخرين في واشنطن يحاولون إبقاء نار أعمال الشغب في إيران دافئةً، من أجل استغلال وجود المشاغبين لدفع خططهم، إلا أن أبعاد هذه الأزمة قد انتهت ولا يوجد شيء عن ثورة ملونة أو الإطاحة بالنظام في إيران. ولذلك، فقد راهنت واشنطن على حصان خاسر مسبقاً، وليس له ما يحققه للأمريكيين.

من ناحية أخرى، نظرًا لأن بايدن يخطط لإنهاء الملف النووي الإيراني قبل الانتخابات الرئاسية عام 2024، واستخدامه كورقة رابحة ضد الجمهوريين وربما دونالد ترامب وإظهار أن لديه سياسة خارجية مشرفة، لكن دعم الاضطرابات الداخلية في إيران يمكن أن يكلف بايدن ويضرّ به.

لأن الإيرانيين قالوا مرارًا إنهم لن يوقعوا أي اتفاق تحت الضغط والقوة، وإذا أرادت واشنطن استخدام الاضطرابات كوسيلة ضغط ضد طهران، فمن المحتمل أن يتغير مسار المفاوضات. ذلك أن إيران قد تتبنى سياسةً مختلفةً، والتنازلات التي كان من المفترض أن يحصل عليها الغربيون من خلال الاتفاق النووي، قد لا تتحقق بعد الآن.

لذلك، قد تخسر إدارة بايدن الكثير في علاقاتها مع إيران بحجة دعم المشاغبين. لأن نظرة الغربيين إلی الاضطرابات في إيران ليست مبنيةً علی أسس صحيحة، حتى يتمكنوا من استخدامها لتنفيذ مخططاتهم الشريرة داخل إيران.

لذلك، يمكن القول إن بايدن، مثل أسلافه، لم يفهم الظروف الداخلية لإيران جيدًا، وقد أساء فهم الأحداث نتيجة الأخبار الخاطئة التي نشرتها بعض وسائل الإعلام المعادية للنظام في إيران.

لأنه في السنوات الماضية، كانت هناك أعمال شغب أكثر انتشارًا من هذا العام داخل إيران، والتي تم تحييدها من قبل الإيرانيين أنفسهم، ولم يفعل الدعم الشامل من واشنطن والسلطات الأوروبية لمثيري الشغب شيئًا.

بالنظر إلى التصريحات الأخيرة لباراك أوباما، الرئيس الأسبق للولايات المتحدة، الذي اعتبر نهج إدارته في التعامل مع الاحتجاجات في إيران في عام 2009 خطأً، وادعى أنه كان يجب أن يتخذ موقفًا أكثر صرامةً ضد الجمهورية الإسلامية، يظهر أن أوباما نصح بايدن هذه المرة بدعم مثيري الشغب بقوة حتى يتمكنوا هذه المرة من تحقيق ما يريده مسؤولو البيت الأبيض، أي تغيير النظام في إيران، لكن الشعب الإيراني أظهر أنه بغض النظر عن مدى تعرضه لضغوط اقتصادية ومعيشية، فلن يسمح للأجانب باتخاذ قرارات نيابةً عنه، وزعزعة استقرار البلاد بسبب طموحاتهم الاستعمارية.

محاولة كسب الرأي العام الأمريكي

إضافة إلى محاولة الضغط على الجمهورية الإسلامية، فإن دعم بايدن لأعمال الشغب والمشاغبين له أيضًا استهلاك محلي.

عشية انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، التي ستجرى خلال 20 يومًا، بينما يتعامل بايدن مع التحدي الكبير المتمثل في زيادة أسعار الوقود، يحاول إقناع الجمهور الأمريكي بالتصويت للديمقراطيين من خلال دعم الاضطرابات في إيران، لكن حسابات بايدن في هذا الاتجاه خاطئة أيضًا. لأن الجمهوريين واللوبي الصهيوني انتقدوا مواقفه من الاضطرابات الأخيرة في إيران.

يريد الجمهوريون دائمًا زيادة الضغط الأقصى بهدف إسقاط النظام الإسلامي في إيران، وفي رأيهم فإن الدعم الإعلامي لأعمال الشغب الإيرانية لا يجدي الأمريكيين نفعاً، ويعتقد كثير من الأمريكيين أن بايدن ليس جاداً في دعم المشاغبين الإيرانيين. لأن إدارة بايدن، حسب رأيهم، كانت تجلس على طاولة واحدة مع الوفد الإيراني قبل بدء أعمال الشغب، وكانت تخطط للتوصل إلى اتفاق بشأن إحياء الاتفاق النووي.

لذلك، فشل الرئيس الأمريكي في هذا البرنامج أيضًا، ومثل هذه المواقف هي فقط للتخلص من ضغوط الرأي العام ومن يسمون بالمدافعين عن حقوق الإنسان، لكن الشعب الأمريكي أدرك أيضًا نوايا بايدن الرئيسية.

يستخدم ترامب وأعضاء حزبه كل نقاط ضعف وعجز لدى بايدن لضرب الديمقراطيين، وبما أن لديهم أيضًا دعم اللوبي الصهيوني، فيمكنهم إظهار يأس بايدن كدليل على ضعفه ضد إيران وجذب الرأي العام إلى جانبهم، وحسب نتائج الاستطلاعات، فإن فوز المرشحين الجمهوريين ليس أمراً بعيد المنال. وبالتالي، يعيش بايدن حالياً وضعاً يرثی له.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق