التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

ماكرون يكرم جنودا حاربوا الجزائريين ويتنصل من مسؤولية فرنسا في جرائم الاستعمار 

وكالات ـ الرأي ـ
أثار بيان صادر عن قصر الرئاسة في فرنسا (الإيليزي)، الشكوك حول نوايا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في الالتزام بما وعد به، والخروج عما ألفه ممن سبقه من الرؤساء الفرنسيين، فيما يتعلق بالتعاطي في قضية الذاكرة مع الجزائر.

واشارت جريدة “الشروق” الجزائرية أن الرئيس الفرنسي، حاول في بيان عممه قصر الإيليزي الثلاثاء، تبرئة ذمة الدولة الفرنسية من الفظائع التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي بحق الجزائريين، وإلقائها على عاتق قلة قليلة من الجنود الفرنسيين المارقين، بشكل يتنافى وحالات سبق أن كانت فرنسا ذاتها طرفا فيها، كما في حالة مدغشقر، وبصورة معاكسة مع ألمانيا النازية.

وجاء في بيان الرئاسة الفرنسية: “نحن نعترف بوضوح بأنه في هذه الحرب كان هناك من وضعوا أنفسهم خارج الجمهورية، بتفويض من الحكومة لكسبها بأي ثمن. هذه الأقلية من المقاتلين نشرت الرعب وارتكبت عمليات تعذيب، تجاه وضد كل قيم جمهورية بنيت على أساس إعلان حقوق الإنسان والمواطن”.

ومعلوم أن السلطات الفرنسية كانت قد قدمت اعتذارها لمستعمرتها السابقة، مدغشقر، عن الجرائم التي ارتكبتها فيها، كما أجبرت ألمانيا النازية الخاسرة في الحرب العالمية الثانية، على الاعتذار عن جرائم النازية بحق الفرنسيين، وهو ما يجعل الموقف الفرنسي الجديد بإلقاء اللوم على فئة مارقة، دون الدولة الفرنسية، أمرا غير مبرر من الناحية السياسية.

وجاء هذا الاحتفال بمناسبة الذكرى السنوية لقانون 1999 الذي اعترف رسميا بوجود حرب في الجزائر، بعد نحو 37 سنة من الإنكار، إذ كانت الأدبيات السياسية والتاريخية في فرنسا الرسمية قبل ذلك التاريخ، تعتبر الثورة التحريرية تمردا على الدولة الفرنسية، بمعنى أنه كان شأنا داخليا فرنسيا صرفا.

البيان الذي صدر قبل التجمع العسكري في ساحة “ليزانفليد” في باريس، أكد أن “الاعتراف بهذه الحقيقة يجب ألا يجعلنا ننسى أن الغالبية العظمى من ضباطنا وجنودنا الذين رفضوا انتهاك مبادئ الجمهورية الفرنسية”، وقال إنهم “لم يشاركوا في هذه التجاوزات الإجرامية ولم يخضعوا لها، حتى إنهم أبعدوا أنفسهم عنها”.

ومنح ماكرون أوسمة لــ15 من قدامى المحاربين بينهم 11 من الذين استدعوا للتجنيد في الجزائر، وهي آخر حرب لجأت فيها فرنسا إلى استدعاء المجندين.

ويرجّح أن بيان الرئاسة الفرنسية كان يشير بـ”الأقلية التي نشرت الرعب وارتكبت عمليات تعذيب”، إلى عناصر منظمة الجيش السري الإرهابية(OAS)، بل تتضح الصورة أكثر عندما يقول البيان “إن هناك حفنة منهم انخرطوا سرا في الإرهاب”، بالإضافة إلى بعض القيادات في الشرطة والجيش الفرنسيين، على غرار المجرم بول أوساريس، الذي اعترف بجرائمه، ومؤسسو منظمة (OAS)، مثل الجنرال راؤول سالان، الضابط الأكثر دمويا خلال حرب السبع سنوات.

هذا التوصيف الذي قد يبدو مقبولا، غير أنه يعتبر تسطيحا لقضية لا يختلف اثنان في أنها مسؤولية دولة أكبر منها مسؤولية فئة عنصرية ارتكبت فظاعات بحق الجزائريين والفرنسيين معا، غداة إعلان توقيف وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962، والتي امتدت حتى إلى ما بعد ترسيم الاستقلال في 5 جويلية 1962.

بيان الرئاسة الفرنسية يأتي عكس التوجهات التي عبر عنها الرئيس الفرنسي قبل وبعد تربعه على قصر الإيليزي، والتي تنزع نحو طي ملف الذاكرة من أجل إقامة علاقات مستقرة مع الجزائر، الأمر الذي من شأنه أن يقلل من اندفاع الطرف الجزائري نحو الذهاب بعيدا في توطيد العلاقات الثنائية، التي قطعت أشواطا في المدة الأخيرة. انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق