التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

ما الذي كشفته تصريحات الأمين العام لحركة الجهاد الأخيرة 

في تصريحات جريئة للغاية وتُعبر عن الحال في الأراضي الفلسطينيّة التي سلبتها العصابات الصهيونيّة منذ عام 1948، بيّن الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة في حديث الجزء الثاني من الحوار عبر قناة “الجزيرة” مع الإعلامي علي الظفيري، “أن المجتمع الصهيوني مجتمع قاتل ومجرم”، ولذلك يجب على الفلسطينيين أن يستمروا في القتال ومقارعة العدو حتى لو استمر الصراع 1000 عام لأنّ هذا الشعب يدافع عن كل القيم الإنسانيّة، في ظل مواصلة سياسة الاستيطان والقتل المروعين التي تنتهجهما الحكومة الإسرائيليّة بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، ناهيك عن التمادي الإسرائيليّ الذي بات ملموساً على كافة المستويات الفلسطينيّة والعربيّة والدوليّة.

في عبارات مؤلمة وصادمة، تحدث الأمين العام لحركة الجهاد عن مشاهد مروعة شاهدها أمام عينه في مجزرة “خان يونس”، التي استشهد فيها والده الحاج رشدي النخالة، قائلاً -بحسب مواقع إخباريّة-: “إن مشهد اعدام والدي برصاص الصهاينة عالق في ذهني، وإن كل فلسطيني لديه قصة وحادثة إثر الجرائم الإسرائيلية”، مؤكداً أن مشهد إعدام والده يشعره بالقرب من الشهداء و عوائلهم، بصورة شخصية، حيث إن مشهد استشهاد والده ترك فيه كل هذا الإرث الذي يعيشه، وهو يساعدنه في التعامل مع من حوله وعوائل الشهداء، فباعتقاده إنّ الروح الوطنية والقتالية تشكلت معه في وقت مبكر، حيث تعلم الالتزام والانضباط من معهد أبناء الشهداء.

“كل فلسطيني هو رواية بحد ذاته بفعل العدوان الصهيونيّ”، هذا ما شدّد عليه زياد النخالة الذي تحدث عن مشواره الجهادي، قائلاً: “انضممت لقوات التحرير الشعبية، الذي كان قائده المناضل زياد الحسيني، وهو من أقرباء والدتي”، منوهاً إلى أنّه تعرض للاعتقال في سجون كيان الاحتلال مؤبداً، لافتاً إلى أنّه كان يشعر أن ذلك وساماً، كما تنقل من سجن غزة إلى سجن بيت ليد الذي نفذ فيها مجاهدو الجهاد الإسلامي صلاح شاكر وأنور سكر عملية “بيت ليد” البطولية، مضيفاً أنّه خلال إضراب 1973 قرأ كل مجموعة “سيد قطب” بما فيها الظلال، مشيراً الى أن كتابات المذكور كانت تحريضية وشعر أنّه صار يملك الحقيقة، و أن تلك القراءة جعلتنه يرى العالم بطريقة مختلفة.

وبالتزامن مع الدعم اللامتناهي الذي تقدمه الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة التي تشكل جزءاً هاماً من “محور المقاومة” للفصائل الفلسطينيّة التي تهدف لتحرير الشعب الفلسطينيّ من ظلم وإجرام الاحتلال الإسرائيليّ الغاصب، أشار النخالة إلى أن انتصار الثورة الإسلامية في إيران كان حدثاً ذا دلالة كبيرة بالنسبة له، و أن الدكتور فتحي الشقاقي كان ينظر للثورة الإسلامية في إيران أنها نقطة خلاص، بغض النظر عن البعد العقائدي، وقد جاء الأخير –باعتقاده- جاء برؤية إسلامية حاملة للقضية الفلسطينية، حيث تشكلت عام 1981 مجموعة من الطلبة الذين يؤيدون التيار الإسلامي، و كان هذا التيار مندمجاً مع حالة المقاومة، وكانت تلك المجموعة تضم الشقاقي وعبد العزيز عودة ورمضان شلح، و قد تم تمييز حركة الجهاد الإسلامي، بإضافة في فلسطين إلى هذا الاسم.

وفي ظل العلاقة المتميزة مع طهران، والتي تأتي في إطار الدعم الذي توجهه للمقاومة الفلسطينيّة، أوضح قائد حركة الجهاد أنّهم متأثرون بالثورة الإسلامية الإيرانية من الجانب السياسيّ ولم يتأثروا بالصبغة الدينية، ولا يخفى على أحد أنّ العلاقة بين الفصائل الفلسطينية وإيران انتقلت إلى مرحلة تاريخيّة في العقد الأخير، وصولاً لتشكيل تحالفات استراتيجيّة عسكريّة، وتقديم الخبرات الإيرانيّة بمختلف تخصّصاتها، وتزويد المقاومة بمختلف التقنيات التي تحتاجها لتطوير قُدراتها العسكرية وتحديداً منظومتيها الصاروخية والتقنية، دعم لم تألو الجمهورية الإسلامية جهداً في تقديمه رغم الحرب الشعواء على المقاومة، وقد فُتحت قنوات الدعم كافة من طهران وزودت فصائل المقاومة بكل ماتحتاجه، خاصة التجارب الاستخباراتية والأمنيّة والتزوّد بالمنظومة التقنيّة لمحور المقاومة، ما ساهم بشكل كبير في تغيير قواعد اللعبة لصالح الفصائل الفلسطينيّة، وشكَّل تحدياً بارزاً وخطيراً في مسار المواجهة بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيليّ العنصريّ.

من ناحية أُخرى، رعت إيران العديد من المؤتمرات التي تُعنى بانتفاضة القدس وفلسطين، وأولت اهتماماً فريداً في دعم هذه القضايا رغم انشغالها بمشاكلها الداخلية والأوضاع الخطيرة في المنطقة، وأبقت قنوات التواصُل مفتوحة بشكل مستمر مع فصائل المقاومة الفلسطينيّة بمختلف مكوِّناتها، انطلاقاً مما تسميه إيران “المبادئ الإيمانية والعقائدية”، وكعناوين فاعِلة في إطار مشروع المواجهة مع المشروع الأميركي – الصهيونيّ في المنطقة، حيث تعلم الفصائل الفلسطينيّة من خلال تجاربها الواقعيّة المريرة، أن الدعم الإيرانيّ على مختلف المستويات لا يمكن الاستعاضة عنه بأيّ طرف إقليميّ، انطلاقاً من فهمها للأثمان السياسيّة المطلوبة من بعض الأطراف لقاء ذلك الدعم، ومن ضمنها التخلّي عن المواجهة العسكرية المباشرة مع العدو المجرم، لهذا فإن حاجة فصائل المقاومة الفلسطينية تزداد بشكل أكبر للدور الإيرانيّ الذي أثبت فاعليته الكبيرة، والسنتين الأخيرتين أكبر دليل على ذلك.

ومع انتهاك الكيان الصهيوني القانون الدولي وغضّه الطرف عن تنفيذ مطالب الفلسطينيين المحقة، وبالأخص وضع العصي في عجلات قضية الأسرى وعرقلة حل ملفهم، أردف الأمين العام لحركة الجهاد: “نشعر بالمسؤولية على مدار الوقت تجاه أسرانا، و نعمل كل جهودنا، وقد يكون هناك تقصير”، حيث ترفض القيادة الصهيونيّة منذ سنوات حل تلك المسألة رغم مزاعهما المتناقضة، ويستمر أسلوب الخداع الإسرائيليّ حتى اللحظة رغم المعاناة الكبيرة التي يعيشها آلاف من الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال، بدءاً من ظروف الاعتقال الصعبة والحياة المقيتة داخل الزنازين المكتظة بالأسرى، بالإضافة إلى الانتهاكات الجسيمة بحقهم.

وعلى أساس إقدام الكيان الباغي على خطوات تصعيديّة كثيرة بدءاً من عمليات الضم، وليس انتهاءً بارتكاب أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الفلسطينيين، أكّد النخالة على عبارة “معركتنا مع إسرائيل طويلة وفيها تضحيات هائلة ويجب ان نكافح من أجل التحرير”، بعد أن شعر الفلسطينيون بأنّ العقلية الإجراميّة والإرهابيّة للمحتل الأرعن لا يمكن أن تتغير، خاصة وصول الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين لحد لا يمكن السكوت عنه أبداً، حيث إنّ التاريخ والواقع يثبتان بأنّ الصهاينة يتمادون أكثر فأكثر في عدوانهم الذي لا يمكن أن يوقفه إلا القوة والوحدة والمقاومة، والدليل على ذلك هو قتل الفلسطينيين بشكل مباشر وبمختلف الطرق دون أيّ رادع قانونيّ أو إنسانيّ أو أخلاقيّ، فالكيان الصهيونيّ الذي بات يوصف بـ “العنصريّ” دوليّاً، قام منذ ولادته غير الشرعيّة على العنف المفرط والإجرام غير المعهود، حتى الصهاينة أنفسهم لا ينكرون ذلك، لأنّهم أسّسوا كيانهم الإرهابيّ وفق ما يُعرف بمنهج “القبضة الحديديّة” وهم يؤكّدون ذلك بكل فخر في أيّ مكان ومع كل مناسبة، حتى وصلت تل أبيب إلى قمة الإجرام والإرهاب، والتاريخ الحديث والجديد أكبر شاهد على الوحشيّة والدمويّة الصهيونيّة في فلسطين والمنطقة.

و تطرق القياديّ النخالة في سياق حديثه إلى عملية “انتزاع الحرية” من سجن جلبوع التي أسفرت عن فرار مجموعة من الأسرى الفلسطينيين من سجن إسرائيليّ شهير، وتمكّنوا من انتزاع حريّتهم والفرار من زنازين العدو التي تحتجز 400 أسير فلسطينيّ ومن بينهم عدد كبير من المحكومين بالمؤبد، قائلاً: ”إن العملية أديرت من الداخل، كأننا اعتقلنا جميعاً عندما تم إعادة اعتقال أسرى نفق “جلبوع” الأبطال”، ولفت الى أن أعضاء عملية “انتزاع الحرية” من سجن جلبوع خرجوا قبل يوم من اليوم المفترض، لأن الأعضاء قدروا أن العدو قد كشف خطة هروبهم، وبين أن الهروب الكبير من سجن غزة المركزي كان الشرارة الأولى للانتفاضة الأولى، و في العام ذاته 1985 بدأ تشكيل أوائل المجموعات العسكرية لحركة الجهاد الإسلاميّ في فلسطين، مؤكّداً أن حركة الجهاد الإسلامي كانت على رأس الفصائل التي أشعلت الانتفاضة وكتب في ذلك كبار الصحفيين الإسرائيليين.

ختاماً، ، تؤكّد الفصائل الفلسطينيّة وعلى رأسها حركة الجهاد الإسلاميّة أنّ ظروفهم مع العدو لا تزيدهم إلا إصراراً في الدفاع عن فلسطين، حتى زوال الاحتلال عن آخر شبر من أرضهم، وهي رسالة واضحة ومختصرة ودائمة للكيان الإسرائيليّ وعصاباته، وكلما حاول العدو إخفاء هزائمه في فلسطين أكّد الفلسطينيون بشكل أكبر حجم قوتهم وإيمانهم بالتحرير، لأنّهم أصحاب منهج مقاوم لا يمكن أن يميل قد أنملة عن أهدافه في القضاء على الاحتلال البغيض والعنصريّ، وإنّ المقاومة كما تقول الحقائق لن تأبه أبداً من أيّ مواجهة مع العدو الإسرائيليّة لأنّها صاحبة الأرض وباتت تملك مفاتيح اللعبة وأصبحت في قوة رادعة للغاية، وستشهد الأيام القادمة كما قبلها.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق