ماذا لو تسلم العنصريّ ابن غفير وزارة الداخليّة في حكومة نتنياهو
كعين الشمس، واضحة عنصريّة وزير الأمن الداخليّ القادِم في حكومة بنيامين نتنياهو السادسة، إيتمار بن غفير، ولا ينفّك المُستوطِن الصهيوني عن التحريض ضد الفلسطينيين، ولا يُخفي عنصريته وفاشيته المقيتة أبداً، حيث يسعى لاستهداف كلّ ما هو عربيّ وفلسطينيّ، ومن ضمن ذلك الأسرى السياسيون الذين يقبعون خلف زنازين كيان الاحتلال، فيما تّحذّر محافل إسرائيليّة وازنة من إمكانية اندلاع (انتفاضة السجون) إذا طبّق العنصريّ بن غفير خططه الفاشية، علمًا أنّ عدد الأسرى الفلسطينيين لدى الاحتلال وصل إلى نحو خمسة آلاف أسير.
تحذير شديد اللهجة أطلقته هيئة شؤون الأسرى والمحررين في فلسطين المحتلة، مؤخراً، من ناحية إعطاء المساحة والصلاحيات للمتطرف الإسرائيليّ ايتمار بن غفير، والذي يرغب بتسجيل حقبة دامية بحق الشعب الفلسطيني ومناضليه داخل السجون والمعتقلات، وإنّ الأخير الذي يدعو لطرد العرب من بلادهم التاريخيّة، يبلغ (46 عامًا)، هو زعيم حزب “عوتسما يهوديت” (القوّة اليهوديّة)، وهو حزب يمينيّ-دينيّ متطرف، ويُعد ابن غفير أحد تلاميذ مئير كهانا، الحاخام العنصريّ الأمريكيّ المولد والذي تمّ منع حزبه (كاخ) في نهاية المطاف من دخول الكنيست، وقد هدد بترحيل الإسرائيليين غير الموالين للكيان، بمن فيهم نائبان عربيان حاليان، وحتى قبل بضع سنوات فقط، كانت لديه صورة معلقة في منزله لـ “باروخ غولدشتاين”، الـ”طبيب المُستوطِن” الذي أجرم في 29 فلسطينيًا في ما تعرف بـ “مجزرة الحرم الإبراهيميّ الشريف” بمدينة الخليل عام 1994، ووفقًا لاستطلاعات الرأي في الكيان، يمكن أنْ تصبح الصهيونية الدينية ثالث أوْ رابع أكبر حزب في كيان الاحتلال، ويمكن أنْ يحصل ابن غفير على وزارة الأمن الداخليّ، عقب نجاح زعيم (ليكود) بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة القادمة.
ووفقاً للهيئة الحقوقيّة، يسعى المتطرف ابن غفير الذي التقى مؤخراً مع رئيس الوزراء القادِم بنيامين نتنياهو، للحصول على وزارة الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال القادمة، وهي الوزارة التي يقع ضمن اختصاصها الإشراف على إدارة السجون، ما يشكّل قلقًا وتهديدًا حقيقيًا على حياة الأسرى والأسيرات الفلسطينيات خلال الفترة القادمة، وقد بدأ العنصريّ المذكور بشكل فعلي هجمته وتحريضه على الأسرى والمعتقلين، حيث يطالب علنًا بإلغاء التمثيل الاعتقالي للفصائل والتنظيمات داخل السجون واستقلاليتهم وتوزيعهم، ومنعهم من إعداد الطعام في غرفهم، والاكتفاء فقط بما تقدمه إدارة السجون من وجبات، وتقليص كميات المياه وتشديد ظروف الأسر بشكل كامل.
وفي ظل مطالبة المجتمع الدولي التحرك الفوري لمواجهة وحشية ابن غفير، وعدم تركه حراً في مخططاته العنصرية الإجراميّة، ولا سيما أنّه من أبرز الداعين للتطرف الصهيوني، ويمارس الإرهاب بحق المقدسات والشعب الفلسطيني بشكل ممنهج، وهو الداعم الأبرز لعصابات وجماعات المستوطنين الحاقدين، أدين المُستوطِن الصهيوني إيتمار الذي جُلب من المغرب، ولفت انتباه الجمهور لأولّ مرّةٍ في العام 1995، قبل وقت قصير من اغتيال يتسحاق رابين، عندما تمّ عرض تقرير على تلفزيون الاحتلال شوهِد فيه عندما كان يُلوّح بشعار (كاديلاك) ممزق من سيارة رئيس الوزراء وهدد: “وصلنا إلى سيارته، سنصل إليه أيضًا”، أدين بالتحريض على العنصرية ودعمه منظمة إرهابية، وتُعزى الزيادة الأخيرة في تأييد بن غفير إلى جاذبيته المتزايدة بين الشباب اليهود في كيان الاحتلال، وخاصة الرجال الأرثوذكس المتشددين والناخبون الشرقيون التقليديون، وحسب صحيفة (هآرتس) العبريّة فإنّ نحو 60 بالمئة من الصهاينة في الكيان يُعرفون اليوم بأنهم “يمينيون”، وبين الشباب الإسرائيليين (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً)، ترتفع النسبة لتصل إلى 70 بالمئة.
وفي هذا الخصوص، قالت القناة الـ 13 بالتلفزيون العبريّ نقلاً عن مصادر مقربّةٍ من العنصريّ ابن غفير، أنّه سيبدأ حال تسلّمه حقيبة الأمن الداخليّ بتنفيذ خطّته القاضية بتشديد التعامل مع الأسرى الفلسطينيين السياسيين، ومصادرة الإنجازات التي حققوها على مدار سنواتٍ من النضال ضدّ سلطات السجن بالكيان، الأمر الذي من شأنه تفجير الأوضاع داخل السجون، وهو الذي سينعكِس على الشارع الفلسطينيّ برمّته، حسب التلفزيون العبريّ، وخاصة بعد أن خلصت تقارير دوليّة إلى أن الكيان الصهيوني هو “أبرتهايد” أيّ نظام فصل عنصريّ يرتكب جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدوليّ من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، وإن الأنباء الأخيرة تفضح الصهاينة بشكل أكبر على الساحة الدوليّة التي تتهم فيها تل أبيب من قبل منظمات حقوقية بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، الشيء الذي يضع العدو الغاشم أكثر فأكثر في دائرة العنصريّة المقيتة ويفضحه دوليّاً.
وما ينبغي ذكره، أنّ ما يسمى “مركز العمل الدينيّ الإسرائيليّ” الذراع المناصرة لحركة الإصلاح في الكيان الغاصب قاد حملةً لاستبعاد بن غفير من الترشح للكنيست في عام 2019، لكنها فشلت، بقرارٍ من المحكم العليا الإسرائيليّة لصالحه، وإن الأخير لم يُخفِ مشاركته في الاحتفالات التي أقامها اليهود المتطرفون عقب إصابة أريئيل شارون بسكتةٍ دماغيّةٍ، بزعم أنه مسّ بأرض الكيان عقب الانسحاب من قطاع غزة وبعض مستوطنات شمال الضفة الغربية، رغم أنّ شارون كان جنرالاً ومحاربًا من أجل الصهيونية، وأنقذ العدو في حرب الـ 1973، لكن ابن غفير لم يخدم في الجيش أصلاً، وفي الوقت ذاته يرى فيه نتنياهو أكبر أداة له أمام الرأي العام الإسرائيليّ، الذي سيمنحه حقيبة وزارية في حكومته التي سيتم تشكيلها.
ومن الجدير بالذكر أنّ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون كيان -وفقاً لمواقع إخباريّة- بلغ حتى نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) 2021 نحو (4600) أسير، منهم (34) أسيرة بينهم فتاة قاصر، كما بلغ عدد المعتقلين الأطفال والقاصرين في سجون الاحتلال نحو (160) طفلاً، وعدد المعتقلين الإداريين نحو (500) معتقل، ووصل عدد الأسرى المرضى إلى نحو (600) أسير، من بينهم (4) أسرى مصابون بالسرطان، و(14) أسيرًا على الأقل مصابون بأورام بدرجات متفاوتة، من بينهم الأسير فؤاد الشوبكي (82 عامًا)، وهو أكبر الأسرى سنًّا.
ووفقاً لمعلومات فلسطينيّة رسميّة، فقد وصل عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى (227) شهيدًا، ووصل عدد الأسرى المحكومين بالسجن المؤبد إلى (547) أسيرًا، وأعلاهم حكمًا الأسير عبد الله البرغوثي، المحكوم لـ(67) مؤبدًا، ومنهم أربعة أسرى صدرت بحقهم أحكام بالمؤبد خلال العام 2021، وهم: ياسر حطاب وقاسم عصافرة ونصير عصافرة ويوسف زهور، ويواصل الاحتلال وكجزء من سياساته الممنهجة، احتجاز جثامين (8) أسرى استشهدوا داخل السجون.
كذلك، بلغ عدد الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع اتفاقية أوسلو (25) أسيرًا، أقدمهم الأسيران كريم يونس وماهر يونس المعتقلان منذ كانون الثاني (يناير) عام 1983 بشكل متواصل، والأسير نائل البرغوثي الذي يقضي أطول فترة اعتقال في تاريخ الحركة الأسيرة، ودخل عامه الـ(42) في سجون الاحتلال، منها (34) عامًا بشكل متواصل، حيث تحرر عام 2011 في صفقة “شاليط”، إلى أنْ أعيد اعتقاله عام 2014.
خلاصة القول، ستعيش سجون الاحتلال أياماً عصيبة للغاية في حال استلم العنصريّ ابن غفير هذا الملف وربما تشهد انتفاضة عارمة تزلزل الساحة الفلسطينيّة، حيث توجد مؤشرات تدلل على وجود نوايا خبيثة له بالتعاون مع إدارة سجون الاحتلال واستخباراتها ضد الأسرى، ولا يخفى على أحد أنّ العدو الصهيونيّ يمارس سياسة “القتل البطيء” مع الأسرى ويماطل بشكل سافر في حلحلة تلك القضيّة، وبغض النظر عن جرائمه التي لا تُحصى بحق الأسرى الفلسطينيين إلا أنّ وصول ابن غفير للحكومة الإسرائيلية يعني كشف اللثام عن عنصرية العصابات الصهيونيّة أمام العالم، لمحو الوجود الفلسطينيّ لمصلحة “لمامة” الصهاينة الذين جُلبوا من أصقاع العالم.
المصدر/ الوقت