التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

أوضاع ليبيا في “إحاطة قاتمة”..هل الفترة الانتقالية ستعرض البلد للانقسام 

قدم المبعوث الخاص للأمم المتحدة في ليبيا عبدالله باتيلي مساء الثلاثاء الماضي “إحاطة قاتمة” لمجلس الأمن الدولي عن الأوضاع في ليبيا، بإعلانه عدم حدوث أي تقدم على مسار إجراء الانتخابات المأمولة، لكنه أكد اعتزامه على تيسير حوار بين المؤسسات الليبية لتخطي الخلافات والتقدم نحو إجراء هذه الانتخابات لحل الأزمة.

وتأتي الإحاطة التي قدمها رئيس البعثة الأممية في ليبيا إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في ليبيا، وهي الثانية له منذ أن باشر مهامه في الخامس عشر من أكتوبر الماضي، بطلب من روسيا.

وحذر باتيلي، من أن إطالة الفترة الانتقالية في ليبيا، يمكن أن تعرض البلاد لخطر الانقسام مشيرا إلى أن بعض الفرقاء السياسيين يعيقون إجراء الانتخابات في البلاد التي يتطلب تنظيمها تضافر جهود الجميع.

وتحدث باتيلي عن أول الأزمات الليبية الثلاث، وهي السياسية، محذرا من أن “مناورات تأجيل الانتخابات ستعمق الأزمة إلى حد بعيد”، في إشارة إلى الصراع على السلطة بين الحكومة المعينة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا والأخرى برئاسة عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة رغم انتهاء ولايته.

وفي حين تجري الأمم المتحدة وساطة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة للتوافق حول قاعدة دستورية تقود البلاد إلى انتخابات تحل أزمتها، قال باتيلي “لم يحصل أي تقدم في مسار الانتخابات الليبية وهو أمر مخيف بالنسبة لنا”.

وعن الحل أضاف إن البعثة الأممية لدى ليبيا التي يترأسها “ستسعى في الأسابيع والأشهر المقبلة لتيسير حوارات بين ‏المؤسسات الليبية الأساسية، كخطوة إلى الأمام لتخطي الخلافات ‏والتقدم نحو تنظيم انتخابات عادلة ونزيهة”.

وفي الرابع والعشرين من ديسمبر 2021، تعذر إجراء انتخابات جراء خلافات بين المؤسسات الليبية، ولاسيما بشأن قانوني الانتخاب.

وخلال إحاطته، قال باتيلي “سنعزز تواصلنا مع كل أطياف المجتمع والليبيين لسماع صوتهم، لأنه أساسي لتحديد مسار للخروج من الأزمة”.

وفي حين طالب باتيلي مجلس الأمن بدعوة “جميع الأطراف الليبية إلى عدم اللجوء إلى العنف والترهيب والتأكيد أن ذلك لن يمر دون حساب”، قال “يجب أن يكون ذلك بدعم مجلس الأمن خاصة والمجتمع الدولي عامة”، مؤكدا أن “الحديث بصوت موحد سيؤدي إلى نتائج إيجابية في ليبيا”.

وتحدث المبعوث الأممي أيضا عن أزمة ليبيا الأمنية، وأعرب عن قلقه “إزاء عدم التقدم في تبني خطة العمل المتعلقة بانسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب من ليبيا”، وهي أمور ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في أكتوبر 2020 في جنيف بين أطراف النزاع العسكري الليبي ضمن اللجنة العسكرية المشتركة 5+5.

وعن ذلك الاتفاق قال باتيلي “يستمر اتفاق وقف إطلاق النار على الرغم من استخدام الجانبين خطابا تصعيديا، ويجب على كل الأطراف اتخاذ خطوات عملية لتعزيز وقف إطلاق النار في البلاد”.

كما تطرق باتيلي إلى جهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الرامية إلى استئناف المحادثات الخاصة بالمسار العسكري بين أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، مشيرا إلى اجتماعها الأخير الذي عقد الأسبوع الماضي في مدينة سرت تحت إشرافه ورعايته.

وضمن الملف الأمني الليبي أيضا كشف أن “هناك العشرات من الموقوفين في سجن معيتيقة في طرابلس، بدؤوا إضرابا عن الطعام ‏اعتراضا على ظروف توقيفهم”، وهو سجن تديره إحدى الميليشيات المنتشرة في غرب ليبيا.

وواصل حديثه قائلا “وضع حقوق الإنسان في ليبيا مثار قلق بالغ، مع استمرار عمليات الإخفاء القسري وسوء المعاملة بمراكز الاحتجاز المختلفة، التي تعمل بعثة الأمم المتحدة على توثيقها”.

كما أكد استمرار “انتهاكات حقوق الإنسان بحق المهاجرين واللاجئين ‏دون أي عقاب”.

وكان للأزمة الاقتصادية التي تعيشها ليبيا نصيب من إحاطة باتيلي لمجلس الأمن، حيث اعتبر المبعوث الأممي أن “عدم المساواة وغياب الشفافية في تخصيص الموارد من أسباب زيادة التوتر في ليبيا”، داعيا إلى “ضرورة معالجة هذه القضية لتجنب أي تصعيد”.

ورحب باتيلي بتركيز مجلس الأمن الدولي على “أهمية اعتماد آلية لتحديد آليات الإنفاق ‏وضمان أن تدار عوائد النفط بشكل شفاف وعادل مع مراقبة ليبية ‏فعالة”.‏

وفي حين أن الأزمة الاقتصادية في ليبيا كانت بسبب انقسام مؤسسات الاقتصادية، وعلى رأسها البنك المركزي، قال باتيلي إن “الفريق الاقتصادي استأنف عمله في التاسع من نوفمبر الجاري، واتفق على دعم مبادرات المؤسسات الليبية المعنية، ومساعدتها على التوفيق بين مختلف المقترحات الخاصة بالآليات المؤقتة إلى حين تشكيل حكومة منتخبة أو الاتفاق على الميزانية”.

وحسب مراقبين فإنه على الرغم من هذه التحركات الأممية المتسارعة، فإن عودة الأطراف السياسية إلى طاولة الحوار، مرهونة بمدى توافق مجلسي النواب والدولة على نقاط الخلاف المتعلقة بالقاعدة الدستورية اللازمة لإجراء الانتخابات.

وتأتي هذه التحركات وسط سجال سياسي متصاعد لا سيما بعد اتهام المجلس الأعلى الدولة ميليشيات تابعة لحكومة الدبيبة بمنع أعضائه من عقد جلسة مخصصة لبحث المناصب السيادية والسلطة التنفيذية.

وقال الدكتور علي التكبالي، عضو مجلس النواب الليبي، عبر برنامج حصة مغاربية، إن باتيلي سيواجه أزمات كبرى، في ظل الفساد المنتشر في البلاد وسعي كل طرف إلى الحفاظ على منصبه ومكانته بعيدا عن مصالح الشعب الليبي.

وأشار التكبالي، إلى أنه ليس متفائل من تصرفات المجلس الأعلى للدولة، والعراقيل التي يضعها أمام تمرير القاعدة الدستورية والانتخابات الرئاسية وغيرها من العقبات التي تقف حائلا أمام تحقيق توافق.

ويرى إدريس أحميد، الكاتب والباحث السياسي الليبي، عبر برنامج حصة مغاربية، أن مهمة المبعوث الدولي في تحقيق التوافق بين الأطراف الليبية، أمر في غاية من الصعوبة والتعقيد، معتبرا أن هذا الخلاف، هو السبب وراء فشل إجراء الانتخابات الليبية التي كان مقرر لها في ديسمبر من العام الماضي.

وقال إحميد، إن غياب الثقة بين الأطراف الليبية يعد أحد أهم الأسباب وراء تعثر تحديد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية حتى الآن، معتبرا أن البعثة الأممية لا تزال عاجزة عن الوصول إلى حالة توافق بين هذه الأطراف.

ويأمل الليبيون في إجراء انتخابات تقود إلى نقل السلطة وإنهاء نزاعات مسلحة يعاني منها منذ سنوات بلدهم الغني بالنفط.

وتقود البعثة الأممية ثلاثة مسارات لحل الأزمة الليبية، أولها سياسي عبر عقد حوار بين مجلسي النواب والأعلى للدولة (نيابي استشاري)، لوضع قاعدة دستورية تقود إلى انتخابات برلمانية ورئاسية، لكن اللجنة لم تصل إلى هدفها.

ويهدف هذا المسار إلى إنهاء الأزمة بين حكومتين تتصارعان على السلطة منذ مارس الماضي، إحداهما برئاسة فتحي باشاغا وكلفها مجلس النواب بطبرق (شرق) والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة.

والمسار الثاني هو حوار عسكري يهدف إلى حل الأزمة الأمنية عبر لجنة عسكرية مشتركة 5+5، تعقد اجتماعات لتوحيد المؤسسة العسكرية المنقسمة.


أما المسار الثالث فهو اقتصادي، يتمثل في لجان مشتركة تهدف إلى توحيد المؤسسات الليبية المنقسمة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق