التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

كيف يستغل الصهاينة كأس العالم للتطبيع 

إن الکیان الصهيوني، الذي يعتبر تطبيع العلاقات مع الدول العربية بوابة للخليج الفارسي، يستغل كل فرصة ثقافية واقتصادية لتحقيق هذا الهدف. ومن المشاركة في المعارض الدولية إلى الاستثمار في مشاريع الاقتصاد الكلي والتبادل الآن في الساحات الرياضية، هذه كلها حركات زاحفة للکیان الصهيوني لاختراق الدول العربية. وفي الأسبوع المقبل ستقام بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر، وهذه البطولة لها العديد من عوامل الجذب للدفع بالخطة الصهيونية لتطبيع العلاقات من خلال التعاون غير الرسمي في مجال الأنشطة الرياضية والفنية، ولهذا السبب بذلت سلطات تل أبيب جهودًا كبيرة، لبناء جسر جوي مباشر من الأراضي المحتلة إلى الدوحة لإرسال المستوطنين لمشاهدة هذه المسابقات.

وحسب الاتفاقية التي تم إبرامها في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) بين الکیان الصهيوني وقطر، فإن الرحلات اليومية بين الدوحة وتل أبيب ستنقل آلاف الإسرائيليين إلى قطر ثم تعيدهم إلى الأراضي المحتلة. ولقد أبلغت إسرائيل مواطنيها، الذين يمكنهم دخول قطر في ظل ظروف طبيعية، أنهم سيكونون قادرين على السفر بحرية إلى البلاد والمشاركة في المباريات خلال المباريات المقبلة. وعلى الرغم من أن هذا الکیان لن يشارك في المونديال ، إلا أن بعض مواطنيه سيسافرون إلى قطر لمشاهدة هذه المباريات عن كثب. وحسب تقارير إعلامية صهيونية، من المتوقع أن يسافر ما يقرب من 25 ألفا إلى 30 ألف شخص من الأراضي المحتلة إلى قطر خلال المونديال. وحتى الآن، لم يسافر هذا العدد من المواطنين الإسرائيليين أبدًا إلى دولة لا تربطها علاقات مع تل أبيب.

وبالنظر إلى عدم وجود علاقات دبلوماسية بين قطر وإسرائيل، إلا أنهم في السابق كان يمكنهم السفر إلى هذه الدولة عبر دولة أجنبية وبطائرة غير مباشرة، ولكن حاليا سيحصلون على تأشيرة مباشرة من الدوحة وسيكون لديهم رحلات مباشرة إلى قطر، وهو ما يمكن أن يكون إنجازًا كبيرًا لسلطات تل أبيب التي تتخذ أي اتصال دبلوماسي واقتصادي وثقافي مع العرب فأل خير وتستخدمه لإضفاء الشرعية لها في العالم العربي.

إن الموقع الرسمي لحجز تذاكر مباريات كأس العالم قطر 2022 وباقات الضيافة أدرج فلسطين على أنها الدولة بدلاً من إسرائيل. ويجب على سكان الأراضي المحتلة الراغبين في حجز تذاكر السفر إلى الدوحة للمشاركة في كأس العالم اختيار فلسطين كبلدهم الأصلي بدلاً من إسرائيل. ووفقًا لوسائل الإعلام، وحسب بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الفيفا والهيئة الدولية لكرة القدم، يتعين على الإسرائيليين الذين يرغبون في المشاركة أولاً شراء تذكرة لإحدى المباريات، ثم التقدم بطلب للحصول على “بطاقة مشجع”، وإذا تم قبولها، سيحمل البطاقة ويسمح له بدخول قطر وبعد ذلك يمكنه حجز مكان للإقامة.

وعلى الرغم من ادعاء سلطات تل أبيب أنها تمكنت من إرسال مواطنيها إلى قطر من خلال هذه المنظمة من خلال المشاورات مع الفيفا، إلا أنه لا يبدو أن الفيفا قد تدخلت في هذا الأمر وهذه المسألة تتعلق بالحكومة القطرية للتحضير للاستعدادات.

مقدمة للتطبيع

على الرغم من أن السلطات القطرية عبرت مرارًا عن معارضتها لأي تطبيع للعلاقات مع الکیان الصهيوني، فإن بعض الحركات المشبوهة، وخاصة فيما يتعلق بقضايا المونديال، تثير الشكوك في أن مثل هذه العلاقات يمكن أن تكون مقدمة لتطبيع العلاقات مع تل أبيب. في المستقبل وعلى الرغم من أن هذه الاتفاقية تتعلق على ما يبدو فقط بفترة المونديال، إلا أن موقع “إسرائيل تايمز” وصف هذا الإجراء بأنه استمرار لجهود إسرائيل في أن يكون لها وجود إقليمي وقبول هذا البلد في الخليج الفارسي. ووصف رئيس الوزراء الأسبق يائير لبيد، الذي كان وزيرا لخارجية النظام الصهيوني في يونيو الماضي، الاتفاق مع قطر بشأن مشاركة مواطني إسرائيل في المونديال بإنجاز دولي وقال: “مباريات المونديال التي ستنطلق في نوفمبر المقبل، سيفتح لنا ابواب علاقات جديدة”.

وكانت بعض وسائل الإعلام العربية قد أعلنت قبل أشهر عن هبوط طائرة تابعة لـ “الموساد” في الدوحة. وعلى الرغم من أن السلطات القطرية لم تؤكد أو تنفي حقيقة هذا الخبر، إلا أنه يبدو أن الاستعدادات للتطبيع تمت برحلات مباشرة، ولقد استغل الصهاينة هذه الموجة للمشاركة في كأس العالم لترسيخ مسار التطبيع. ولقد جعلت قطر أي تطبيع للعلاقات مع تل أبيب خاضعًا لتطبيق حل الدولتين، لكن كل الأدلة تشير إلى أن الصهاينة استخدموا ممر المونديال كجسر لإدخال قطر إلى معسكرهم.

ولقد أدى منح تأشيرات لآلاف الإسرائيليين للمشاركة في كأس العالم إلى رد فعل حاد من النشطاء القطريين، الذين عبروا عن معارضتهم لعملية التطبيع مع هذا الکیان. ومع ذلك، قال مسؤول قطري إنه لتهدئة الغضب الشعبي من أن اتفاق الطيران لن يغير موقف بلاده تجاه تل أبيب. وقال المسؤول إن اتفاقية الطيران جزء من التزام قطر بمتطلبات الفيفا لاستضافة البطولة ولا ينبغي تسييس القضية. إن موقف الشعب القطري العنيد تجاه السماح للصهاينة بالسفر إلى بلادهم دفع مكتب مكافحة الإرهاب في الأراضي المحتلة إلى نصح الصهاينة بتجنب السفر غير الضروري إلى قطر بسبب عداء القطريين لإسرائيل ووجود العناصر الإرهابية في هذا البلد.

في الواقع، تتبع قطر مسار محمد بن سلمان و قبل بضعة أشهر، أصدرت المملكة العربية السعودية إذنًا للطائرات الإسرائيلية بالتحليق من أجوائها حتى يتمكن الصهاينة من التوقف لفترة قصيرة في المطارات السعودية أثناء طريقهم إلى شرق آسيا. وحتى أثناء مناسك الحج، سافر العشرات من الصهاينة إلى مكة والمدينة للتعرف على ثقافة وعادات السعوديين ونشروا أفلامهم من تجوالهم في شوارع المملكة العربية السعودية. إن المملكة العربية السعودية ليس لديها علاقات سياسية مع الكيان الصهيوني، ولكن مع الإجراءات التي تتخذها، فإنها تقترب من التطبيع كل يوم. ويبدو أن مثل هذا السيناريو يتبلور في قطر أيضًا، وربما في المستقبل القريب ستنضم سلطات الدوحة إلى قطار التطبيع.

ويأمل الکیان الصهيوني في إنشاء مكتب مصالح له في قطر، لكن يبدو أن الدوحة رفضت هذا الاقتراح. وكانت قطر أول دولة عربية في الخليج الفارسي تقيم علاقات مع المحتلين الفلسطينيين منذ عام 1996، وكان لهذا الکیان مكتب تجاري في الدوحة، لكن هذا المكتب أغلق عام 2000، ومع ذلك، لم تخيب سلطات تل أبيب أملها وتواصل المحادثات الدبلوماسية مع القطريين من أجل تحقيق هدفهم. إن الهدف الأول للصهاينة في لقاء المسؤولين العرب في المنطقة هو محاولة إقناعهم بالانضمام إلى عملية التطبيع، وقد حظيت قطر بالأولوية في خطط النظام الصهيوني لدورها في التطورات في المنطقة والحقيقة أنها تعتبر من أكبر الداعمين لفلسطين. وتظهر محاولة تل أبيب إعادة فتح المكتب القنصلي في قطر بعد عقدين من الزمان.

إن هذا الکیان يعتبر نهج الدوحة جزءًا من مشروعه في الشرق الأوسط، والذي سيعزز فيه أمن الأراضي المحتلة بإقامة علاقات مع العرب. ويمكن أن تكون مباريات كأس العالم خطوة أساسية لتحقيق حلم الصهاينة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق