البوصلة العربية تتجه نحو سوريا… تعاون زراعي رباعي بين لبنان وسوريا والعراق والأردن
قال الرئيس السوري بشار الأسد أمام وزراء الزراعة اللبناني عباس الحاج حسن، والأردني خالد الحنيفات، والعراقي عباس العلياوي، والسوري محمد حسان قطنا، إن التّعاون بين الدول الأربع في حال العمل على توسيعه سيُؤمّن شبكة أمان زراعية وغذائية للمنطقة كلّها.
وخلال استقباله الوزراء الأربعة بعدما أنهوا أعمال اجتماع مشترك أمس في دمشق، أكد الأسد أن «الأزمات الاقتصادية والسياسية وغيرها من المشكلات التي تواجه شعوب العالم، أثبتت أن الدول لا يمكن أن تحقق الاكتفاء الذاتي من ناحية الغذاء منفردة، ولا يوجد حل إلا بالتكافل الزراعي وخاصة في المجتمعات الزراعية».
وقال الأسد إن «مذكرة التعاون الزراعي التي تمّ توقيعها بين الدول الأربع تخلق استراتيجية مشتركة للتعاون بين بلداننا العربية، وإذا تمّ العمل على توسيع هذا التعاون ومشاركته مع الدول المجاورة، فإنه ستصبح هناك شبكة أمان زراعية وغذائية تخدم شعوب المنطقة كلها».
مذكرة رباعية
وقّع وزراء الزراعة في كلّ من لبنان وسورية والأردن والعراق، المهندس محمد حسّان قطنا، خالد الحنيفات، عبّاس العلياوي وعبّاس الحاج حسن، مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الزراعي وتعزيز التبادل التجاري، بما يُحقق التكامل الزراعي بين الدول الأربع، وذلك في فندق الداماروز بدمشق.
وتهدف المذكّرة التي وُقِّعت ضمن فعاليّات الاجتماع الرباعي للوزراء المذكورين، الذي انطلق السبت الماضي واستمرّ يومين، تحت شعار “نحو تحقيق التكامل الاقتصادي الزراعي على المستوى الإقليمي” إلى تعزيز وتطوير التعاون في المجال الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وتبادل المعلومات والتجارب الزراعيّة الناجحة.
وتتضمّن المذكرة التعاون في مجال إدارة المحميّات والحدائق ومكافحة الحرائق وتغيّر المناخ والتنمية الريفيّة والإرشاد الزراعي والإنتاج والصحة والحيوانيّة والأدوية البيطريّة وتبادل الخبرات والتدريب والمعلومات، بما ينسجم مع القوانين والأنظمة النافذة في هذه الدول وعلى أساس المساواة وتحقيق المنفعة المشتركة لكلّ الأطراف.
ووفق المذكرة، تتعاون الأطراف في المجال الزراعي والأبحاث الزراعيّة العلميّة والإنتاج النباتي والحيواني والثروة الحيوانيّة وتبادل المعلومات في مجال الصيد البحري وتربية الأسماك، والتعاون في مجال الحجر البيطري، وتبادل الشهادات الصحيّة البيطريّة للحيوانات الحيّة والمنتجات الحيوانيّة، والإجراءات المتّبعة في مراكز الحجر البيطري الحدودي عند الدخول أو العبور بطريق الترانزيت ودراسة إمكان توحيد هذه الشهادات في الدول الأطراف.
ونصّت على تعاون الدول الأربع في مجال تبادل السلع والمنتجات الزراعيّة، ووضع خطّة للتنسيق والتعاون في المجال العلمي والتقني والتبادل التجاري بين الأطراف، وتسهيل انسياب السلع الزراعيّة بين الدول الأطراف مع المحافظة على المصالح الوطنيّة لكلّ دولة، تبادل الخارطة الاستثماريّة المعتمدة في كلّ طرف والتشاور حول إقامة شركة مشتركة للتسويق الزراعي.
وأشارت إلى أنّ الدول الأربع، تُنسّق المواقف والمشاريع المنفّذة مع مراكز البحوث العربيّة والدوليّة والمنظّمات العربيّة والدوليّة في المجالات المحدّدة في مذكّرة التفاهم.
البيان الختامي
وفي ختام الاجتماع صدر بيان عن الوزراء أكدوا فيه «ضرورة تشكيل مجموعة عمل لخلق شراكات بين وزارات الزراعة في الدول الأربع مع المنظّمات الدولية لإقامة مشاريع إقليميّة مشتركة لمواجهة التغيّرات المناخيّة وتحقيق الأمن الغذائي وإنشاء منصّة لتبادل البيانات الإحصائيّة وتسهيل انسياب السلع الزراعية ومعالجة الصعوبات التي تواجه الترانزيت».
واتفقوا «على إيجاد صيغة للتعاون والتنسيق والتكامل في المجالات الزراعيّة والخدمات المرتبطة بها، لتحقيق أفضل درجات التنسيق في مجال الزراعة والغذاء بين الدول الأربع»، مشيرين إلى «أنّ إنشاء المنصّة سيُساهم في تبادل البيانات الإحصائيّة الزراعيّة التي تُساعد على تحديد كميّة المنتجات ومستلزمات الإنتاج المتاحة للتداول ضمن الروزنامة الزراعيّة المتفق عليها، والتشريعات والخطط والبرامج الزراعيّة في الدول الأربع، إضافةً إلى الأطر الناظمة لعمليّة تسجيل وتداول تجارة المبيدات والأسمدة والأدوية واللقاحات البيطريّة والمواصفات القياسيّة للمنتجات الزراعيّة في كلّ بلد، وقوائم الروزنامة الزراعيّة بين الدول المشاركة للوصول إلى روزنامة زراعيّة متوافق عليها بما يحفظ حقوق المنتجين في كلّ بلد».
وأكّدوا «تطوير تبادل المنتجات الزراعيّة من خلال تأسيس شركات تسويقيّة من القطاع الخاص متخصِّصة بتسويق المنتجات الزراعيّة، وتفعيل الزراعة التعاقدية عبر الدول الأربع، والعمل على مواءمة أنظمة الحجر الصحي النباتي والبيطري لتسهيل التبادل التجاري، وتوحيد أسس وآليّات منح الشهادات الصحيّة النباتيّة والبيطريّة، والعمل على اعتماد قائمة مشتركة لمجموعة من مخابر التحليل المُرشّحة من قبل هذه الدول لاعتمادها على مستوى الدول الأربع، تسهيلاً لعمليّة تبادل المنتجات الزراعيّة والغذائيّة».
كما اتفقوا «على تشكيل لجنة تنسيق فنيّة مشتركة لمتابعة ما تم الاتفاق عليه ومناقشة أيّ معوقات واقتراح الحلول المناسبة وتحويل بنود مذكرة التفاهم الرباعيّة التي وقّعت إلى إجراءات توافقيّة تنفيذيّة على أرض الواقع».
وعرضوا سُبل تفعيل التعاون في مجال البحوث العلميّة الزراعيّة والإنتاج النباتي عبر تبادل المعلومات العلميّة والفنيّة ونتائج الأبحاث العلميّة، وتنفيذ برامج البحوث المشتركة في المجال الزراعي ومجالات البيئة والتغيّرات المناخيّة التي تواجه المنطقة، ومكافحة التصحُّر وتطوير وإدخال التقنيات في المجال الزراعي والممارسات الزراعيّة، وتطوير سلاسل القيمة للمنتجات الزراعيّة، وتبادل المعلومات حول التجارب الناجحة في مجال مكافحة الآفّات الزراعيّة، والكشف المُبكر عن الأمراض الفطريّة والفيروسيّة والبكتيريّة وإدارة المُبيدات المهجورة، وتوحيد قوائم المبيدات الممنوعة بين الدول ومواءمة أنظمة تسجيل المبيدات في الدول الأطراف وضوابط تصنيع الأسمدة الزراعيّة.
وفي مجال الإنتاج الحيواني والثروة الحيوانية، اتفق الوزراء على التعاون في مجال الحجر البيطري، وتبادل الشهادات الصحيّة البيطريّة وتوحيد هذه الشهادات في الدول الأطراف، وتبادل الخبرات في مجال الصحة الحيوانيّة والأدوية البيطريّة وتطبيق برامج التحسين الوراثي وتقنيّات نقل الأجنّة، وتطوير برامج تربية ورعاية الثروة الحيوانيّة والتعاون في مجال التلقيح الاصطناعي ومراقبة جودة الأعلاف.
وفي مجال تبادل السلع والمنتجات الزراعيّة، تم الاتفاق على وضع خطّة للتنسيق والتعاون في المجال العلمي والتقني والتبادل التجاري بين الدول الأطراف، وتسهيل انسياب السلع الزراعيّة فيما بينها مع المحافظة على المصالح الوطنيّة لكل دولة، والتشاور حول إقامة شركة مشتركة للتسويق الزراعي ومعالجة الصعوبات التي تواجه الترانزيت، ودراسة الرسوم والإجراءات بشأن عبور الشاحنات إلى أراضي الدول الأطراف بما يتناسب مع الأحكام والقوانين في الدول الأربع.
لقاء مع رئيسي المجلس والحكومة
وكان الوزراء الحاج حسن وقطنا والحنيفات والعلياوي، التقوا رئيس مجلس النوّاب السوري حمودة الصباغ، بحضور أعضاء لجنة الزراعة النيابيّة السوريّة في مقرّ رئاسة المجلس، وجرى البحث في الشؤون الزراعيّة والعلاقات الاقتصاديّة الزراعيّة بين الدول المشاركة في اللقاء الرباعي.
كما التقى رئيس مجلس الوزراء السوري حسين عرنوس وزراء الزراعة الأربعة في الأردن والعراق ولبنان، خالد الحنيفات، عباس العلياوي بحضور الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء الدكتور قيس محمد خضر، وأكد عرنوس “أهميّة تحقيق التكامل الزراعي وتعزيز التعاون والتبادل التجاري وتسهيل انسياب السلع والمنتجات الزراعيّة بين الدول العربيّة في ظلّ التغيّرات المناخيّة وارتفاع أسعار المواد الغذائيّة عالميّاً”.
ودعا إلى “العمل لإيجاد صِيَغ متقدّمة من التعاون والتنسيق المشترك لتطوير الإنتاج الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي على المدى الإستراتيجيّ”، مؤكّداً “أهميّة مثل هذه اللقاءات التي تُساهم بتمتين العلاقات البينيّة وخصوصاً في المجال الزراعي والتجاري وبما يصبّ في مصلحة الشعوب العربيّة الشقيقة”، مشدِّداً على “ضرورة الاستفادة من حقيقة التكامل بين الأسواق الزراعيّة العربيّة على النحّو الذي يُعزِّز الجدوى الاقتصاديّة والاجتماعيّة من الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي العربي، ولاسيّما في حالة عدم الاستقرار التي تشهدها أسواق الغذاء العالميّة”.
ورحّب بـ”انعقاد الاجتماع الرابع لوزراء الزراعة في كلٍّ من الأردن ولبنان والعراق وسورية في دمشق”، معرباً عن “الدعم الكبير الذي توليه الحكومة السوريّة لمُخرجات هذا الاجتماع مع الحرص على وضعها موضع التنفيذ”.
حسب بيان، شدّد وزراء الزراعة على “ضرورة اتخاذ كلّ الإجراءات لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل انسياب السلع، وإعداد قاعدة متينة للتعاون في القطاع الزراعي بما يُساهم في تحقيق التكامل والاستقرار في تأمين الاحتياجات من المنتجات الزراعيّة، إضافةً إلى إيجاد مشاريع وشركات مشتركة للاستثمار الزراعي والاستفادة من التجارب في الدول الأربع لتطوير القطاع الزراعي وتأمين مستلزماته”.
وجرى خلال اللقاء تأكيد “تعزيز التبادل التجاري والأمن الغذائي وتطوير التعاون الفني والعلمي في القطاعات الزراعيّة والحيوانيّة وتحسين الإنتاج الزراعي، إضافةً إلى مناقشة آليّات تطوير الزراعة وتنفيذ مشاريع تنمويّة ومواجهة التغيّرات المناخيّة وضرورة استخدام التكنولوجيا الحديثة ومعطيات التقنيّات الحيويّة لتطوير العمل والإنتاجيّة في القطاع الزراعي بشقيّه النباتي والحيواني، والحدّ من استنزاف المياه المتوافرة للريّ واستنباط أصناف زراعيّة تُحقّق الريعيّة الاقتصاديّة ومقاومة للظروف المناخيّة المختلفة”.
الدول الأربعة تمتاز بمقومات عالية لتحفيز الزراعة وتبادل السلع التجارية والزراعية فيما بينها وهي سوق كبيرة وبالطبع أكبر المستفيدين يبدو أنها سوريا لكونها صلة الوصل بين البلدان الأربعة كما أنها ستبدأ بمرحلة إعادة الإعمار وهذا يتطلب تكاتف الجهود. والتحركات الدبلوماسية التي تشهدها المنطقة ربما تساعد في تهيئة مناخ جيد للعمل في السوق السورية وهذا شجع الجيران العرب للتوجه بسرعة نحو سوريا وتوقيع مذكرات التعاون وفتح أسواق لهم في المنطقة.
المصدر/ الوقت