التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

عشية انعقاد قمة التعاون الإسلامي.. حرب سياسية ودبلوماسية في كواليس لقاء الرياض 

أين أنتم أيها العرب؟ هذا هو السؤال الذي ظل الفلسطينيون يرددونه بصوت عالٍ منذ سنوات في وجه القمع والقصف والإبادة الجماعية والتهجير، وفي حين أن الكيان الصهيوني الذي يقتل الأطفال، والذي يتلقى دعماً مالياً وسياسياً وعسكرياً كاملاً من داعميه الغربيين، يشن حرباً غير متكافئة وجبانة ضد أهل غزة المحاصرين، وليس لديه أي حدود أخلاقية أو قانونية أو دولية لجرائمه مثل قصفه للمستشفيات ومخيمات اللاجئين التي لم تعد مكانا آمنا للمدنيين من نساء وأطفال غزة، ولهذا فإن أمل فلسطين معلق على دعم المسلمين للنزول إلى الميدان وعدم الاستسلام.

ومع ذلك، في الشهر الماضي، بغض النظر عن مدى الهدوء والسكينة الذي كانت عليه الدول الإسلامية التي لم تدخر جهدا في إعلان التضامن مع الأمة الفلسطينية، فمن المؤسف أن معظم الحكومات الإسلامية، وخاصة الحكومات العربية، لم تظهر أي شيء لمساعدة غزة بالقدر الذي كان متوقعا منهم، ولم يفعلوا شيئا حتى تحت ستار الوحدة الجماعية، واكتفوا فقط بإصدار بعض التصريحات المنددة التي كانت بمثابة وضع الملح على جراح الفلسطينيين.

وفي اجتماعين للجامعة العربية، أحدهما في المغرب والآخر في مصر، اتخذت الدول العربية موقفا لا يصدق وهو “إدانة قتل المدنيين من الجانبين”، وهو ما اعتبر طعنة في الظهر للفلسطينيين، وبينما يحكافح الفلسطينيون، من أجل التحرر من الظلم والحفاظ على أرضهم وبيوتهم ومساكنهم، وكما تشهد الإحصائيات الدولية ضد الإبادة الجماعية الممنهجة التي يمارسها المستوطنون وبدعم كامل من الجيش الصهيوني ضد سكان الضفة الغربية على مدى في العام الماضي، نفذوا عملية طوفان الأقصى التي أثارت الفخر والفرح، لكن إصدار بيان يتماشى مع الرواية الصهيونية الغربية الكاذبة في إدانة هذه العملية يمكن أن يعني أي شيء آخر من أعداء فلسطين؟.

والحقيقة هي أنه، خلافاً للمواقف الداعمة ظاهرياً للحكومات العربية، فإن نتائج الاجتماعين الاستثنائيين للجامعة العربية لم ترضِ شعب غزة، وحتى على حد تعبير المتحدث باسم حماس، لم تكن هناك أي فائدة من هذه الاجتماعات لشعب غزة، وهو ادعاء بالطبع لا يحتاج إلى إثبات، وأهم دليل على ذلك استهتار النظام الصهيوني في مواصلة قتل أهل غزة وتزايد غضب الفلسطينيين من الحكومات العربية، والآن، عشية انعقاد اجتماعين دوليين مهمين آخرين للدول الإسلامية، من المقرر عقدهما يومي السبت والأحد في العاصمة السعودية، لا يمكن تجاهل النظرة المتشائمة حول استمرار التقاعس المتعمد للحكومات العربية.

مشروع مخيب للآمال

طلبت السعودية عقد اجتماعين استثنائيين لقادة 57 دولة عربية وإسلامية أعضاء في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وتعهدت باستضافة هذين الاجتماعين، وفي هذا الصدد، أظهرت نتائج الاجتماع التمهيدي لوزراء خارجية جامعة الدول العربية، الذي عقد لتحديد جدول الأعمال والقرار النهائي للقمة يوم الجمعة الماضي، أن الباب لا يزال يدور في أعقاب الاجتماعات السابقة والوضع لم يتغير كثيرا.

وعليه قال حسام زكي الأمين العام المساعد للجامعة العربية في ختام الاجتماع التحضيري لوزراء خارجية الدول العربية: “في هذا الاجتماع سيتم عرض النسخة النهائية لمشروع القرار الذي سيعرض على القمة العربية بعد غد”، وفي نهاية اللقاء أكد زكي أن أهداف مشروع القرار هي تلبية مطالب الدول العربية، ورفض أي خطة إسرائيلية لفصل غزة عن الضفة الغربية، ووقف العدوان الإسرائيلي.

لكن مصادر مطلعة قالت، إن بعض الدول العربية، قامت باتخاذ إجراءات معينة، وسعت إلى إظهار قوة أعضاء هذه الجامعة في الضغط على “إسرائيل” من أجل وقف جرائمها في قطاع غزة، إلا أن جهودهم باءت بالفشل لان معارضة بعض الأعضاء الآخرين كانت بمثابة الطعنة بالظهر، وبالتالي فإن البيان الذي تمت الموافقة عليه سيكون خاليا من أي إجراء حاسم.

وحسب زكي، فإن المقترحات المكتوبة قدمت من عدة دول مثل قطر والكويت وعمان وليبيا وفلسطين واليمن والجزائر وتونس وسوريا والعراق ولبنان، وتشمل هذه المقترحات أفكارًا مثل حظر استخدام القواعد العسكرية الأمريكية والقواعد العسكرية الأخرى في الدول العربية لتزويد “إسرائيل” بالأسلحة والذخيرة، وتعليق العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية للدول العربية مع “إسرائيل”، والتهديد باستخدام النفط والقوة الاقتصادية للدول العربية في الضغط لوقف العدوان الإسرائيلي ومنع تحليق الطائرات المدنية الإسرائيلية في أجواء الدول العربية وتشكيل لجنة عربية على المستوى الوزاري تتوجه فوراً إلى نيويورك وواشنطن وبروكسل وجنيف ولندن وباريس ومطالبة ومسؤولي الدول الغربية وقف العدوان الإسرائيلي على غزة.

وما لا شك فيه أن قبول الدول العربية لهذه المقترحات يمكن أن يكون له دور فعال في تحقيق الهدف المعلن لاجتماع الرياض الطارئ لوقف الحرب، لانه بعد سنوات طويلة، تغير موقف الجامعة العربية والأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي في اتخاذ خطوة نحو الحل العادل للقضية الفلسطينية على أساس تعزيز المنظور والحل الإسلامي والفلسطيني، وهو بالفعل هدف تحرير القدس الشريف من الاحتلال.

وقد تم رفض اقتراح اتخاذ إجراءات عملية بينما طالب الفلسطينيون في الأيام الأخيرة بإجراءات حقيقية وعملية من الدول العربية والإسلامية. وفي هذا الصدد دعا ممثل الحكومة الفلسطينية في الجامعة العربية مهند العكلوك خلال مشاركته في الاجتماع التمهيدي لوزراء خارجية جامعة الدول العربية إلى اتخاذ إجراءات عملية وقوية على كل المستويات الدبلوماسية والسياسية والمستويات الاقتصادية للضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق السلام ووقف جرائم الصهاينة.

وقبل أيام، ساد القلق من تكرار الاجتماعات العقيمة للجامعة العربية ومجلس التعاون الإسلامي في الرياض، حيث قام قبل أيام خالد فلاح، وزير الاستثمار السعودي، بصب الماء على الزيت وتطرق إلى مواقف بلاده في لقاءات الرياض، وتابع حديثه عن افتتاح مفاوضات التطبيع مع النظام الصهيوني، وقال في مؤتمر بلومبرج: “لقد كان الأمر مطروحًا على الطاولة، ولا يزال مطروحًا على الطاولة، ومن الواضح أن التراجع خلال الشهر الماضي أوضح سبب إصرار المملكة العربية السعودية على أن حل الصراع الفلسطيني يجب أن يكون جزءًا من التطبيع”.

وردا على سؤال عما إذا كانت السعودية ستستخدم الاوراق الاقتصادية مثل أسعار النفط لتحقيق وقف لإطلاق النار، ضحك الوزير السعودي وقال: “هذا ليس مطروحا على الطاولة اليوم، وأضاف: “المملكة العربية السعودية تحاول تحقيق السلام من خلال الحوار السلمي”، وهنا لا بد من القول إن جذور هذا النوع من السلوك المزدوج للجامعة العربية يجب البحث عنها في ضوء أنها بعد أكثر من ثلاثة عقود، لا تزال تتبع الحل غير الفعال والمكلف المتمثل في تشكيل حكومتين صهيونية وفلسطينية، وتأمل أن تجني ثمار ايقاف الصراع من أرض المفاوضات المالحة.

ضرورة اتخاذ مواقف واضحة لقادة الدول العربية

ورغم أنه من الممكن ألا تتضمن القرارات النهائية إجراءات عملية بسبب إخفاقات بعض الدول العربية المطبعة، إلا أن العمل بالتأكيد لم ينته بعد، واتخاذ مواقف واضحة وحاسمة من قبل رؤساء الدول الإسلامية ضد جرائم النظام الصهيوني وضرورة تقديم الدعم العملي لمقاومة غزة يمكن أن يكون ضروريا، ولهذا يمكن القول إن اجتماع منظمة التعاون الإسلامي يمكن أن يتحول إلى فرصة للتعاون والتنسيق بين الدول المتحالفة مع المقاومة لاتخاذ قرارات مناسبة.

إن تقارب المواقف الحاسمة لرئيسي إيران وتركيا كقوتين إقليميتين مهمتين متحالفتين مع الدول التي قدمت مقترحاتها العملية إلى الجامعة العربية، يعطي وزنا ثقيلا لموقف الداعمين الحقيقيين لفلسطين في مؤتمر التعاون الإسلامي، وتجدر الإشارة إلى أنه في هذا الصدد، أكد رئيسي وأردوغان، اليوم الماضي، وقبل حضورهما اجتماع الرياض، على ضرورة اتخاذ قرارات “عملية وفعالة” في الاجتماع الاستثنائي لرؤساء منظمة التعاون الإسلامي من أجل إظهار أن طهران وأنقرة تسعيان إلى الدفع بلقاء الرياض، بهدف الحصول على نتائج مفيدة للفلسطينيين ومنع هدر فرصة هذا اللقاء لدعم مقاومة غزة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق