التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 11, 2024

إقالة المحكمة الاتحادية للحلبوسي… هل هناك أزمة سياسية في المستقبل 

ضرب قرار المحكمة الاتحادية العراقية بإقالة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الذي أُعلن عنه منتصف الأسبوع الماضي، الأجواء السياسية في العراق كالتسونامي الكبير، وأثار موجة من ردود الفعل والمخاوف والتحليلات حول الوضع السياسي الذي تواجهه البلاد تحت تأثير هذا الحدث.

ما قصة إقالة الحلبوسي؟

أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، باعتبارها أعلى سلطة قضائية في البلاد، حكما نهائيا في قضية “تزوير وثائق” ضد الحلبوسي من قبل أحد النواب السابقين، وقضت بإعفاء محمد الحلبوسي من رئاسة البرلمان.

وجاء في البيان المنشور على الموقع الرسمي للمحكمة، أن “قرار إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد ريكان الحلبوسي، اتخذ اعتباراً من تاريخ صدور الحكم في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2023”.

وحسب هذا البيان، فقد أصدرت المحكمة أيضاً قراراً مماثلاً ضد ليث مصطفى حمود الدليمي، عضو البرلمان الذي قدم هذه الشكوى.

أكد رئيس المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، جاسم محمد عبود، الخميس، أن قرار إنهاء مسؤولية محمد الحلبوسي كرئيس لمجلس النواب، ملزم لجميع المسؤولين وهو لا يخضع للاعتراض القانوني.

جدير بالذكر أن هذه المحاكمة بدأت في فبراير 2023 أمام المحكمة الاتحادية العليا، بعد شكوى عضو مجلس النواب الدليمي الذي اتهم رئيس مجلس النواب بتزوير تاريخ طلب استقالته السابق.

ومن اللافت للنظر أن الدليمي هو أحد نواب أهل السنة وهو عضو في حزب “التقدم” الذي يتزعمه الحلبوسي وشارك في صفوف هذا الحزب عن مناطق شمال بغداد في الدورة البرلمانية الأخيرة عن الانتخابات التي أقيمت في أكتوبر 2021، لكن الحلبوسي أقال الدليمي بسبب “عدم الالتزام والانصياع لأوامر قيادة الحزب”، إلا أن الدليمي دخل البرلمان عضوا في البرلمان عن ائتلاف “السيادة” الذي يتزعمه خميس الخنجر، أهم منافسي ومعارضي الحلبوسي بين السياسيين السنة.

وبعد قبول إقالة الدليمي، وصف هذا القرار بـ “غير القانوني والتعسفي”، وطالب بمواجهة “ديكتاتورية الحلبوسي”، وتابع: إن “الدستور حدد الحالات التي تتطلب إسقاط العضوية في مجلس النواب، مثل الاستقالة أو الوفاة أو الجريمة أو المرض”، وأكد: “نحرص على توضيح الجانب القانوني لذلك الحدث وليس الجانب السياسي”.

لكن بالإضافة إلى شكوى الدليمي، أثيرت اتهامات أخرى ضد الحلبوسي في البيئة السياسية والإعلامية خلال هذه الفترة، وحسب السومرية نيوز، قدم باسم خشان، أحد أعضاء البرلمان، أدلة على تورط محمد الحلبوسي في عقد مع شركة أجنبية مديرها رئيس وزراء النظام الصهيوني السابق، ومن أهم أهداف هذه الشركة: تطبيع علاقات “إسرائيل” مع الدول الأخرى.

وإلى جانب هذه القضايا، ترددت اتهامات أخرى تتعلق بالفساد الاقتصادي وتكهنات حول ثروة الحلبوسي الأسطورية، على لسان شخصيات إعلامية وسياسية معارضة ومنتقدة لأدائه خلال هذه الفترة.

رد فعل الحلبوسي

ومنذ الإعلان عن النبأ الصادم وغير المتوقع بإقالة الحلبوسي من رئاسة البرلمان، استمر طوفان ردود الفعل الداخلية دون توقف، وفي هذه الأثناء، قال الحلبوسي في كلمة له أمام جلسة مجلس النواب ووصف هذا القرار بأنه سياسي، وقال: هناك من يسعى إلى تفتيت المكونات السياسية للمجتمع”.

من جهته، قال الحلبوسي -في مقطع فيديو نشره مجلس النواب على فيسبوك- إن قرار المحكمة بإنهاء رئاسته “غريب”، مضيفا إن “هناك من يسعى لزعزعة استقرار البلاد” وسيقوم بالكشف عنهم.

وتابع الحلبوسي: “نستغرب صدور هذه القرارات وعدم الالتزام بالدستور وسنلجأ إلى الإجراءات التي تحفظ الدستور”.

وتم انتخاب الحلبوسي، محافظ الأنبار السابق، للمرة الثانية رئيساً لمجلس النواب في كانون الثاني/يناير 2022 بعد الانتخابات النيابية المبكرة التي أجريت في تشرين الأول/أكتوبر 2021، وهو المنصب الذي فاز به لأول مرة في عام 2018.

وبالطبع بعد حكم المحكمة العليا مباشرة، انسحب نواب حزبه “تقدم” من البرلمان، كما استقال ثلاثة وزراء مقربين من الحلبوسي من الحكومة.

وقال حزب تقدم في بيان له، إن وزراء الثقافة والتخطيط والصناعة المنتهية ولايتهم اعتبروا قرار المحكمة الاتحادية العليا “انتهاكا واضحا للدستور وابتزازا سياسيا واضحا”.

ويتشكل البرلمان الذي يتكون حاليا من 329 نائبا، في ظل هيمنة ائتلاف السنة والأكراد والشيعة، ورحيل نواب حزب التقدم على يد الحلبوسي للضغط على الحكومة والائتلاف البرلماني والذي دعم تشكيلها بعد جمود دام نحو عامين، وتم تشكيلها مطلع عام 2023.

لكن رغم تحرك الحلبوسي وحزب “تقدم” للضغط على القضاء، أكد جاسم محمد عبود رئيس المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، الخميس، أن قرار إقالة محمد الحلبوسي ملزم للسلطة القضائية وجميع المسؤولين وهذا الحكم غير قابل للاحتجاج أو الاستئناف القانوني.

استبدال الحلبوسي.. الطريق السهل الصعب للخروج من الأزمة

كان اختيار المناصب السياسية الرئيسية في العراق في السنوات الأخيرة أمرا خطيرا وصعبا، وقد رافقت هذه المسألة تقديرات مختلفة، على اعتبار أن الحلبوسي لا مثيل له بين نواب السنة في الدورة البرلمانية الحالية.

وحسب النظام الداخلي للبرلمان العراقي، يتولى النائب الأول إدارة البرلمان لحين انتخاب شخص جديد لمنصب رئيس البرلمان.

وفي هذا الصدد، قال النائب السابق محسن السعدون: إن محسن المندلاوي النائب الأول لرئيس مجلس النواب سيتولى إدارة البرلمان لحين انتخاب رئيس جديد يرشحه أحد الفصائل السنية من البرلمان.

في الوقت نفسه، قالت جومانا الغلاي، المتحدث الرسمي باسم المفوضية العليا للانتخابات في العراق، إن المفوضية تنتظر كتاباً من مجلس النواب العراقي لمطالبة المفوضية بتقديم بديل للحلبوسي”.

وأشار في بيان: “حسب قانون انتخابات مجلس النواب فإن من حصل على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات الأخيرة في الدائرة المرغوبة سيحل محل الحلبوسي وعضو مجلس النواب”.

وتظهر القوائم التي نشرتها مفوضية الانتخابات أن المرشح عيسى ساير موزان العيساوي يحظى بأفضل حظوظ لدخول البرلمان بحصوله على 4728 صوتا عن الدائرة الأولى بمحافظة الأنبار وعن ائتلاف “عزم”.

لكن الآراء حول الشخصيات الرئيسية التي تتمتع بفرصة انتخابها لتحل محل رئيس مجلس النواب، والتي حسب الدستور العراقي يجب أن يتم اختيارها من بين أهل السنة، تشمل أسماء مختلفة مثل رئيس السن محمود المشهداني، خالد العبيدي وزياد الجنابي وسالم العيساوي ومثنى السامرائي.

ودعا ائتلاف السيادة بزعامة خميس الخنجر، في بيان له، مساء الثلاثاء، إلى اجتماع عاجل لممثلي القوى السياسية السنية لبحث الخطوات المقبلة.

وجاءت دعوة “السيادة” بعد إعلان حزب “الحل” بزعامة جمال الكربولي وائتلاف “العزم” بزعامة مثنى السامرائي تأييدهما لقرار المحكمة، كما أعلن ائتلاف “العزم”، الجمعة، ترشيح ثلاثة مرشحين لرئاسة البرلمان.

وأعلن هذا الائتلاف في بيان مقتضب أن المرشحين للتمثيل هم: طلال الزعبي، محمود المشهداني، وسالم العيساوي.

ويضم ائتلاف “حسم” كل القوى السنية في بغداد، باستثناء تحالف “التقدم” بزعامة محمد الحلبوسي، وتحالف “العزم” بزعامة خميس الخنجر.

ويقود هذا الائتلاف 4 شخصيات سنية بارزة، وهم أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب السابق، وجمال الكربولي رئيس حزب الحل، رافع العيساوي وزير المالية السابق، وثابت العباسي وزير الدفاع.

هل هناك أزمة سياسية في المستقبل؟

ويواجه العراق في السنوات الأخيرة أزمات سياسية متتالية بسبب ظهور السخط الاجتماعي وارتفاع حمى الخلافات السياسية بين النخب والأحزاب، ويمكن ملاحظة تجلي ذلك في الفراغ السياسي بعد عدة أشهر من الانتخابات البرلمانية في أكتوبر 2021.

وحتى الآن، فإن إقالة الحلبوسي عشية إجراء الانتخابات المحلية (مجلس المحافظة) في 18 كانون الأول/ديسمبر، أثارت شكوكاً حول إمكانية تأثير هذا الحدث على العملية الانتخابية، بل أكثر تعقيداً على المشهد السياسي العراقي، حيث الخلافات الداخلية. تؤدي دائما إلى تشكيل وانهيار التحالفات بين الأحزاب الرئيسية. في المقابل، هناك شخص اسمه مقتدى الصدر خارج حلبة المنافسة، والذي سبق أن سعى إلى مقاطعة الانتخابات والتقليل من شرعية نتائجها.

إلا أن قيادات الإطار التنسيقي الذي يشغل أغلبية مقاعد البرلمان، برفضها أي ادعاء سياسي في إصدار قرار المحكمة العليا، يرفضون أي طلب لتأجيل الانتخابات، وخاصة أن مفاوضات قيادات الإطار التنسيقي مع الأحزاب السنية المتنافسة التي يتزعمها الحلبوسي، بما في ذلك ائتلاف العزم والسيادة والحل قد بدأت.

من جانبه أكد سعد المطلبي عضو ائتلاف حكومة القانون بزعامة نوري المالكي أن إقالة محمد الحلبوسي من منصبه لن تؤجل أو تغير موعد الانتخابات لأن الموعد محدد، ولن يخضع لأي عوامل داخلية أو خارجية، وقال المطلبي: إن “إقالة الحلبوسي من رئاسة البرلمان لن تؤثر على سير العملية الانتخابية أو إجراء التصويت في موعده المقرر الشهر المقبل”، ومن المؤكد أن تشكيل المعارضة والمؤيدين لقرار المحكمة العليا وإقالة الحلبوسي سيستمر خلال الأيام والأسابيع المقبلة في التأثير على المشهد السياسي العراقي.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق