التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 23, 2024

هيستيريا “إسرائيل” من وقف إطلاق النار.. حدث تاريخيّ يتكرر 

تزايدت الشائعات حول احتمال وقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام في حرب غزة، وقالت وسائل إعلام عبرية، إن “اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل سيكون لمدة 5 أيام، مع إطلاق سراح 50 أسيراً إسرائيلياً مقابل إطلاق سراح 100 امرأة وطفل فلسطيني”، وأعلنت القناة 13 التابعة للكيان الصهيوني أنه “في ضوء التقدم في مفاوضات تبادل الأسرى، تمت دعوة وزراء الحكومة لعقد اجتماع عاجل”، وقال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس: “لقد اقتربنا من اتفاق وقف إطلاق النار وسلمنا جوابنا للأخوة القطريين والوسطاء الآخرين”، وأبلغ عزت الرشق قيادات حركة حماس: أنه سيتم الإعلان عن تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار قريبا، وسيعلن القطريون تفاصيل هذا الاتفاق، وكتبت وكالة فرانس برس عن تفاصيل وقف إطلاق النار المحتمل: “من المحتمل أن يتضمن الاتفاق ما يلي: وقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام، بما في ذلك وقف إطلاق النار في المعارك البرية والحد من العمليات الجوية الإسرائيلية، مع إطلاق سراح ما بين 50 إلى 100 أسير مدني إسرائيلي أو جنسيات أخرى، مقابل إطلاق سراح 300 فلسطيني، بينهم نساء وأطفال.

هزيمة عالمية للكيان

إن عملية الحرب الحالية، سواء استمرت أو توقفت، في كلا الحالتين هي خسارة وهزيمة ل”إسرائيل”، ولم تقترب “إسرائيل” من أي من الأهداف المعلنة للهجوم، ناهيك عن تحقيقها، ولذلك فإن وقف الحرب في مثل هذا الوضع هو اعتراف بالهزيمة، وخاصة أن استئنافها سيكون له تكلفة مضاعفة على هذا الكيان، وإذا واصل الحرب فسوف يواجه تكثيف الاحتجاجات الدولية، وزيادة كبيرة في الخسائر العسكرية والخسائر الاقتصادية، والمزيد من الصراع على الجبهة الداخلية؛ كما تظهر الأدلة.

وبينما اعترف الكيان الصهيوني بمقتل 70 من جنوده فقط بعد بدء العمليات في غزة، أفادت بعض المصادر الصهيونية بالأمس: “في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة من القتال، قُتل 30 جنديًا وضابطًا وقادة إسرائيليًا، بمن فيهم تامير يدائي، وقتل قائد اللواء 298″، وأعلن أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام، أمس، أنه تم خلال الـ 72 ساعة الماضية تدمير 9 دبابات و60 مدرعة إسرائيلية، وقال مدير مكتب الجزيرة في فلسطين أمس: “إن الهجوم الصاروخي الذي شنته كتائب القسام على تل أبيب كان أكبر هجوم صاروخي منذ بداية الحرب، والذي غطى مساحة واسعة، وإذا لم نأخذ في الاعتبار القدس وحيفا، وقد قطعت صواريخ القسام مسافة 120 كيلومترا داخل الأراضي المحتلة»، ويبدو أنه خلال الشهر الماضي تم تدمير أكثر من 250 دبابة ونفس الكمية من المركبات العسكرية للجيش الإسرائيلي، وربما قُتل أكثر من 200 جندي من جنود الكيان الصهيوني في العمليات العسكرية، العشرات منهم من الضباط، وكبار القادة.

ولا شك أن الخسائر والإصابات الناجمة عن استمرار الحرب للكيان الصهيوني لا تقتصر على غزة، بل وجه أنصار الله رسالة أمس: “إن اعتقال السفينة الإسرائيلية هو بداية المعركة البحرية ضد الصهاينة”، في الوقت نفسه تتحدث التقارير عن تكثيف وتنوع هجمات حزب الله في الجبهة الشمالية، وكما قالت بعض وسائل الإعلام العبرية أمس، فإن “هجوم حزب الله اليوم على شمال فلسطين هو الهجوم الأشد خطورة منذ بداية الحرب”.

وفي حين أفادت دويتشه فيله الألمانية بأن الاقتصاد الإسرائيلي لا يستطيع الصمود في وجه حرب طويلة وعملته الوطنية مقابل الدولار انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ 11 عاما؛ وأعلن محلل القناة 13 الإسرائيلية: “لا نستطيع تحمل مواصلة الحرب، يجب أن ننهي الحرب في أسرع وقت ممكن، نحن لسنا دولة قوية لمواصلة حرب طويلة، «نحن حكومة صغيرة»، وفي المقابل، فإن ضغط الرأي العام العالمي مرتفع جداً؛ لدرجة أنه حتى جيمس لانديل، المراسل الدبلوماسي لهيئة الإذاعة البريطانية، قال قبل أربعة أيام: “يوماً بعد يوم تقريباً، أصبحت لهجة حلفاء “إسرائيل”، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا أكثر قسوة، وتقييم جيريمي بوين، محرر القسم الدولي في بي بي سي، هو: “سيكون ذلك بعد أيام قليلة من دخول القوات الإسرائيلية إلى مستشفى الشفاء، وستزداد الدعوة لوقف إطلاق النار دون وجود دليل على وجود مقرات حماس”، في المستشفى،” وحسب التحقيقات الأمنية للكيان الصهيوني، فإن 95% من التجمعات والمظاهرات في العالم تقام دعماً لغزة واحتجاجاً على “إسرائيل”.

وفي ظل هذا الوضع الهش الذي تعيشه “إسرائيل”، لا تزال مقاومة غزة قوية ويقظة، وكتبت وكالة الأنباء الإنجليزية رويترز مؤخرًا: “إن حماس مستعدة لحرب طويلة وتستطيع وقف تقدم القوات الإسرائيلية لفترة طويلة وفي النهاية فرض وقف إطلاق النار”، “يمكن للآلاف من أعضاء كتائب القسام البقاء داخل أنفاق غزة لعدة أشهر والقتال باستخدام تكتيكات حرب العصابات”، وعلى الصعيد الداخلي، نتنياهو هو المتهم الأول بالفشل أمام عملية اقتحام الأقصى، فقد أثبت عدم قدرته على احتلال غزة وتدمير حماس بعد شهر من تورطه في حرب استنزاف، كما أنه متهم بالفشل، والاستعداد لإنقاذ نفسه، و قتل عدة مئات من الأسرى الإسرائيليين؛ كما قتل الجيش الإسرائيلي بعض الصهاينة في اليوم الأول لعملية اقتحام الأقصى ثم نسب هذا العار إلى حماس وانكشف كذبها.

نتنياهو قال قبل 20 يوما وكرر عدة مرات أن “إسرائيل لن تقبل بالهدنة لأنها تعني الاستسلام لحماس والآن هو وقت الحرب وليس وقت الهدنة”، وبعد أيام قليلة، أفادت شبكة “كان” مرة أخرى بأن نتنياهو يعارض تبادل الأسرى مقابل وقف إطلاق النار لمدة 5 أيام، ويطالب بمواصلة العمليات العسكرية في قطاع غزة، واعترف نتنياهو قبل ثلاثة أيام في مؤتمر صحفي: “الضغوط الدولية تزايدت في الأسابيع الأخيرة، وطلب منا عدم الدخول إلى غزة أو مستشفى الشفاء وإعلان وقف إطلاق النار، وأضاف “لن نوقف الحرب إلا عندما نضمن أن غزة لم تعد تشكل خطرا”، لكنه قال بعد ظهر أمس: “لقد تم إحراز تقدم في المفاوضات وآمل أن يتم الإعلان عن أخبار جيدة قريبا”.

وبهذه الأوصاف فإن القبول القسري بوقف إطلاق النار سيشكل هزيمة كبيرة ل”إسرائيل” والأمريكيين الذين أداروا الحرب، وكان الأمين العام لحزب الله اللبناني أعلن قبل أسبوعين أن “أمريكا تعرقل وقف إطلاق النار في غزة”، إن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الكاملة عن الحرب الحالية في غزة، و”إسرائيل” ليست سوى أداة تنفيذها، وكان القائد العام للحرس الثوري أعلن أمس: “أن الصهاينة ينتظرون وقف إطلاق النار لأنهم في أزمة، لكن الأمريكيين لا يسمحون بذلك”، إن الالتهاب والقلق لدى الصهاينة أشد فتكا مما ترونه في غزة.

وقبل أسبوعين، نقلت صحيفة هآرتس عن بعض المصادر وكشفت أن: “البيت الأبيض ومسؤولي إدارة بايدن يشعرون بالقلق من عدم وجود استراتيجية للخروج من غزة لدى إسرائيل”، الحرب الحالية لن تنتهي بانتصار، وهذه المرة سيكون وقف إطلاق النار”، كما كتبت صحيفة هآرتس: “يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن نتنياهو مثل الرجل الميت الذي يمشي على قدمين فقط، وهو يخشى قبول الهدنة لأنه يشعر بالتهديد على مستقبله بعد هذه الكارثة، ويرى نتنياهو أن قبول وقف إطلاق النار سيترافق مع معارضة وزير الأمن الداخلي وقد يؤدي إلى انفصال بن جوير عن الائتلاف الحكومي وانهيار الحكومة.

وحسب ما ذكر، فإن الكيان الصهيوني كان في موقف مهزوم في الحالتين سواء استمرت الحرب أو توقفت؛ لكن، إذا كان لدى حكام هذا الكيان أي عقل متبقٍ، فإنهم يفضلون وقف سلسلة الفشل واسعة النطاق على الزيادة الهائلة في خسائر النظام والتورط بشكل أعمق في المستنقع، بالنسبة ل”إسرائيل”، فالأمر خيار بين السيئ والأسوأ، في غضون ذلك، إذا كانت الهزيمة في الحرب ضد غزة كارثية بالنسبة ل”إسرائيل” – وهي كذلك بالتأكيد – فإنها ستكون أكثر كارثية بالنسبة لصاحب العمل الأمريكي، قبل عشرة أيام كتب “ستيفن والت”، محرر مجلة “فورين بوليسي”، وهو يشرح بعض الحجج القوية: “الحرب في غزة هي كارثة واسعة النطاق بالنسبة لأمريكا”.

مدينة دريسدن وقطاع غزة

في الدول المسيحية، كان يوم 14 فبراير هو يوم الاحتفال بالحب تحت اسم القديس فالنتين، ولكن خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، لم تكن هناك مناسبة منتظمة، في 14 فبراير 1945، في عيد الحب الأخير في سنوات الحرب، بدأ سكان مدينة دريسدن في ألمانيا يومهم في بيئة لا تزال جهنمية حقًا، وكانت المملكة المتحدة والولايات المتحدة قد بدأتا قصف هذه المدينة في اليوم السابق، وفي الفترة من 13 إلى 15 فبراير، أسقطت أكثر من 1200 طائرة من البلدين 3900 طن من القنابل على المدينة خلال أربع جولات من الهجوم، استخدم الحلفاء القنابل الحارقة عمدا، ولم تكن الكثير من الأضرار والإصابات نتيجة مباشرة للقنابل ولكن من الحرائق الهائلة التي حولت مدينة دريسدن إلى كرة من النار، لم يكن لدى المدينة ملاجئ مناسبة للهجمات وكان الكثير منهم يختبئون في الأقبية وماتوا هناك بسبب نقص الأكسجين.

وقبل الحرب كانت مدينة دريسدن سابع أكبر مدينة في ألمانيا، حيث بلغ عدد سكانها 630 ألف نسمة، وقد تجاوز عدد سكان هذه المدينة المليون نسمة، كانت دريسدن الآن مدينة مليئة بمئات الآلاف من اللاجئين الألمان، وكثير منهم من النساء والأطفال، وعدة آلاف من أسرى الحرب؛ بمن في ذلك السجناء البريطانيون والأمريكيون الذين كانوا يواجهون الآن خطر الموت على أيدي القوات العسكرية لبلادهم، ولكن في خضم الحرب، لم يفكر سوى عدد قليل من الناس في حقيقة أن قصف دريسدن سيتحول إلى ما هو أكثر من فصل في الحرب ويصبح موضوع نقاش ليس فقط بين الجنود والمؤرخين ولكن أيضًا بين الفلاسفة وعلماء الأخلاق لسنوات عديدة.

ومع ذلك، بعد سنوات قليلة، ظهرت في أمريكا نسخة يسارية من دريسدن باعتبارها جريمة كبرى: كتب كورت فونيغوت، وهو مؤلف أمريكي مشهور وشهير، رواية بعنوان “المسلخ رقم 5″، والتي حتى اليوم، تعد واحدة من أكثر روايات القرن العشرين شهرة، كان فونيجت نفسه من بين السجناء الأمريكيين في دريسدن وشاهد هذا التفجير، تم القبض عليه ونقله إلى دريسدن في ديسمبر 1944 خلال معركة آردن في مناطق الغابات بين بلجيكا ولوكسمبورغ.

في الختام، والحقيقة المرة هنا أن غزة تحولت إلى دريدسن بادعاء أنه لم يكن من الممكن الالتزام بقوانين الحرب الدولية ومنع ارتكاب جرائم حرب مثل مهاجمة المدنيين في وضع لا يتوقف فيه الطرف الآخر عن ارتكاب أي جرائم، ودريسدن لم تعد مجرد مثال واحد على ذلك، هذا هو الواقع، وعند السماح لوسائل الإعلام من قبل العدو بالتغطية في غزة سيشاهد العالم “إسرائيل” على حقيقتها المطلقة، ومن منا لا ينتظر ذلك.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق