التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 24, 2024

ما الذي دفع بطيار أمريكي لإضرام النار بنفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن 

تنديداً بالإبادة الجماعية وفي سبيل تسليط الضوء على مجازر التطهير العرقي التي يرتكبها كيان الاحتلال بحق الفلسطينيين في غزة مدعوماً من الولايات المتحدة الأمريكية أضرم الطيار العسكري الأمريكي النار بنفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن فيما تجنبت الصحافة الأمريكية ذكر السبب الذي دفع آرون بوشنل لإحراق نفسه.

يذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية قد استخدمت هذا الشهر حق النقض “الفيتو” ضد قرار تقدمت به الجزائر لمجلس الأمن الدولي، يطالب بوقف إطلاق النار وإنهاء الإبادة الجماعية في غزة، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هل تتسبب مشاهد قيام الجندي الأمريكي بإحراق نفسه بإيقاف دعم واشنطن لقرار كيان الاحتلال الإسرائيلي بالاستمرار في حربها العدوانية على قطاع غزة وأهله؟ في الوقت الذي تشير فيه تقارير إعلامية أمريكية إلى أن الاحتجاجات ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي في جميع أنحاء البلاد، باتت حدثا شبه يومي، منذ أن بدأت تل أبيب حملتها في غزة.

تفاصيل الحادثة

توجه ضابط الطيران العسكري بوشنيل الإثنين نحو السفارة الإسرائيلية في واشنطن، ولدى وصوله سكب وقودا على رأسه وأضرم النار في نفسه وهو يصرخ مرارا “الحرية لفلسطين” حتى توقف عن التنفس، وكان الضابط قد قام بوضع هاتفه جانباً ليصوّر وهو يسكب على نفسه سائلا شفافا، ثم أضرم النار في جسده وهو يصرخ “فلسطين حرة “، حتى سقط على الأرض.

وقبيل إضرامه النار بنفسه، قال بوشنل أمام السفارة: “سأنظم احتجاجا عنيفا للغاية الآن، لكن احتجاجي ليس كبيرا بالمقارنة مع ما يعيشه الفلسطينيون على أيدي محتليهم”.

كان هذا هو الفيديو الوحيد الذي تم نشره والذي كان يحمل العلم الفلسطيني كصورة رئيسية له، ويظهر الرجل في الفيديو وهو يرتدي الزي العسكري.

وأظهرت المشاهد أحد أفراد شرطة السفارة وهو يقول لبوشنل “هل يمكنني مساعدتك؟” و”استلق على الأرض”، فيما يقول الشرطي الآخر “نحتاج إلى مطفأة حريق وليس مسدسا”، ونقلاً عن متحدث باسم إدارة الإطفاء أن أفرادا من جهاز الخدمة السرية الأمريكية تمكنوا من إخماد النيران وتم نقل الرجل إلى المستشفى مصابا بحروق خطيرة حيث فارق الحياة فيما بعد، وبدوره أكد متحدث باسم القوات الجوية الأمريكية أن الواقعة تتعلق بطيار في الخدمة الفعلية.

وكانت السفارة الإسرائيلية هدفا للاحتجاجات المستمرة ضد الحرب على غزة التي أدت إلى اندلاع مظاهرات حاشدة مؤيدة للفلسطينيين بالولايات المتحدة وأنحاء كثيرة من العالم.

تعتيم إعلامي أمريكي

مع انتشار مشاهد بوشنل وهو يضرم النار في نفسه عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان “الاحتجاج من أجل غزة”، صدرت تصريحات من شخصيات عديدة عبر مختلف المنصات بشأن الحادثة، ومع ذلك، فضلت الصحافة الأمريكية في عناوين أخبارها المتعلقة بالعسكري في القوات الجوية آرون بوشنل (25 عاما)، عدم ذكر السبب الذي دفعه لإحراق نفسه، وتجنبت المؤسسات الإعلامية الأمريكية الرائدة استخدام رسائل بوشنل حول غزة وفلسطين والإبادة الجماعية في عناوينها الرئيسية أثناء تغطيتها للحدث. فلم تدرج صحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست وسي إن إن وفوكس وفوربس وأسوشيتد برس وهافينغتون بوست في عناوينها الرئيسية، ما قاله بوشنل بشأن “الإبادة الجماعية” ودعوته إلى حرية فلسطين، واكتفت رويترز وذي ميرور وتيليغراف والغارديان وبي بي سي البريطانية بالعناوين الرئيسية حول حادثة بوشنل بعبارة “طيار أمريكي أضرم النار في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية”.

فيما ذكرت صحيفة ذي إندبندنت، في العنوان أن إضرام بوشنل النار في نفسه جاء “احتجاجا على الإبادة الجماعية”.

ونشرت لو فيجارو وفرانس 24 ولو باريزيان وفرانس تي في إنفو الفرنسية، خبر حرق بوشنل نفسه تحت عنوان “الحرب بين إسرائيل وحماس وغزة”.

الدوافع والتوقعات

عندما يضرم طيار عسكري أمريكي النار بنفسه هاتفاً الحرية لفلسطين تصبح الرسالة واضحة ولا تحتاج لتحليل عميق فهو تعبير جلي عن حالة الغضب المتنامي بين صفوف الشعب الأمريكي المناهض لسياسة حكامه التي تساهم في قتل وإبادة أطفال وشعب فلسطين، والرافض لتعدي حكومة بلاده على القيم الإنسانية العالمية عبر تقديم الغطاء للكيان الغاصب في الاستمرار في انتهاكه القوانين الدولية ولضمان إفلاته وقادته النازيين من الحساب والعقاب، حيث حاول الطيار العسكري تسليط الضوء على الطفولة المسلوبة في أنحاء فلسطين وأن يظهر للعالم بأسره أنه لا يزال هناك أحرار في عالم تطغى عليه المصالح حيث تأتي هذه الحادثة في وقت تشهد فيه أمريكا انقساما داخليا حول الحرب على غزة، انقساما ليس على المستوى القادة وأصحاب القرار السياسي، بل بين هؤلاء (زعماء البلاد)، وبين فئة جديدة من الشباب وقادة الرأي العام الذين يعارضون دعم واشنطن لحرب كيان الاحتلال الاسرائيلي في غزة، بالإضافة إلى ذلك، تشهد البلاد انقساما على المستوى السياسي، وخصوصا في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب العودة إلى البيت الأبيض اعتمادا على أخطاء إدارة الرئيس الحالي جو بايدن.

وقد يظن البعض أن هذه الأحداث الفردية لا تؤثر في القرارات السياسية الأمريكية، لكن يكفي أن نذكر بحادثة قيام شرطي أمريكي بقتل الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد خنقاً تحت أقدامه، ما تسبب باحتجاجات كبيرة في البلاد، أو صورة “طفلة النابالم العارية”، التي تمثل فظائع الحرب التي خاضتها واشنطن في فيتنام، وما تبعها من ضغط شعبي تسبب بإيقاف الحرب.

تغيرات عالمية

في استطلاع للرأي أجراه موقع “هاريس” التابع لجامعة هارفرد الأمريكية، عبر الإنترنت في الفترة من 13 إلى 14كانون الثاني/ديسمبر بين 2034 ناخبا مسجلا، وكان السؤال الأساسي: “هل تعتقد أن الحل طويل المدى للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني هو أن تستوعب الدول العربية الفلسطينيين؟ أم تكون هناك دولتان، إسرائيل وفلسطين، أو أن تنتهي إسرائيل وتسلم لحماس والفلسطينيين؟ والنتيجة الصادمة التي ترعب الكيان والمؤيدين له جاءت كالتالي: يفضل 51% من المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما “زوال إسرائيل”.

وقد أثار هذا الاستطلاع ردود فعل كبرى، واحتل عناوين الصحف والأخبار، لأنه يعبر عن تحول جذري لدى الأجيال الشابة، التي ستشكل أغلبية السكان في العقدين المقبلين.

وأظهر الاستطلاع زيادة في التأييد الشعبي الواسع لقرار “حماس” بشن هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، لكن الأغلبية الساحقة تنكر قيام مقاتلي الحركة بارتكاب فظائع ضد مدنيين إسرائيليين.

ويظهر الاستطلاع زيادة شعبية “حماس” وتراجع مكانة السلطة الفلسطينية وقيادتها، لكن الأغلبية تبقى غير مؤيدة لـ”حماس”.

كما يمكن أن يستدل على التحول في الرأي العام الغربي من خلال المظاهرات الشعبية التي اجتاحت العالم شرقًا وغربًا، فوفقًا لمركز أبحاث إسرائيلي يرصد الاحتجاجات الشعبية حول العالم في الفترة من 7 إلى13 تشرين الأول/أكتوبر، فإن 69% من المظاهرات جاءت مؤيِّدة لفلسطين، مقابل 31% لكيان الاحتلال الاسرائيلي وبعد 13 تشرين الأول/أكتوبر ارتفعت النسبة لتصل إلى 95% لفلسطين مقابل 5% للكيان الغاصب.

والخلاصة أن حرب الإبادة على غزة كشفت مقدار انفصام الطبقات السياسة والسلطات والحكومات عن مشاعر وهموم وآراء الشعوب.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق