التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, أكتوبر 22, 2024

الإعلان عن اغتيال القائد العسكري لحركة حماس بالتزامن مع عمليتي الاغتيال في بيروت وطهران… ما دلالة ذلك؟ 

في عصر يوم الثلاثاء الماضي، جنوب مدينة بيروت، عاصمة لبنان، في حي الضاحية، وبعد قليل من غروب الشمس، تفاجأت وسائل الإعلام الدولية بخبر مثير كقنبلة، يتعلق بقصف واغتيال شخصية بارزة: اغتيال “فؤاد شكر”، القائد الكبير لحزب الله في الضاحية.

لكن هذا الاغتيال لم يكن الحادثة الوحيدة في تلك الليلة. فبعد ساعات، في منتصف الليل، وقع اغتيال مشبوه في طهران، حيث التحق “إسماعيل هنية”، الزعيم السياسي لحركة المقاومة الفلسطينية “حماس”، إلى رفاقه والشهداء الفلسطينيين الآخرين.

المتهم الرئيسي في كلتا العمليتين الإرهابيتين، كان الجيش الصهيوني. فقد أعلن الصهاينة رسمياً عن قصف الضاحية، وفي الحادثة الإرهابية ضد إسماعيل هنية في طهران، كانت جميع الأدلة وحتى اعترافات بعض المسؤولين الصهاينة، تشير إلى أن العملية كانت من تنفيذ الکيان الإسرائيلي.

بعد يوم واحد من عمليات الاغتيال في بيروت وطهران، أكد الحساب الرسمي للجيش الإسرائيلي، إلی جانب وزير الحرب “غالانت”، تنفيذ عملية إرهابية مرتبطة بأحداث وقعت قبل أسبوعين في خان يونس بغزة.

حيث زعموا أنهم اغتالوا “محمد الضيف”، قائد الجناح العسكري لحماس، في جنوب غزة خلال الأسابيع القليلة الماضية. ورغم أن اغتيال الضيف يعود إلى فترة سابقة، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا يؤكد الکيان الإسرائيلي الآن اغتياله، بالتزامن مع العمليات الإرهابية في طهران وبيروت؟

سلسلة الاغتيالات بعد العودة من واشنطن

تظهر نظرة سريعة على عمليات الاغتيال التي نفذها الکيان الصهيوني في الأيام القليلة الماضية، أن هذه العمليات جاءت بعد عودة “بنيامين نتنياهو” من زيارته إلى الولايات المتحدة، وكأن نتنياهو قد حصل على ضوء أخضر من واشنطن لفتح فصل جديد من العمليات الإرهابية.

فبعد عودته، لم يكتفِ نتنياهو بتنفيذ عمليتي اغتيال مکلفتين في بيروت وطهران، بل أكد أيضاً أنه نفّذ اغتيالاً مهماً آخر، وهو اغتيال محمد الضيف في جنوب غزة، قبل عدة أسابيع.

لذا، لماذا لم يعلن نتنياهو بشكل رسمي عن اغتيال محمد الضيف قبل أسبوعين، وقبل سفره إلى أمريكا؟ ولماذا أكد في الوقت نفسه، بجانب عمليات الاغتيال في طهران وبيروت، على اغتيال قائد حماس العسكري في غزة؟

في الحقيقة، يرتبط اغتيال الضيف في جنوب غزة، بحدثين وقعا قبل أسبوعين من اغتيال إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في بيروت. ومع ذلك، أعلن نتنياهو عن اغتيال هنية وشكر إلى جانب الضيف.

يبدو أن هذا التزامن في الإعلان يحمل دلالةً خاصةً، حيث يبدو أن نتنياهو كان يشعر بالقلق حيال إعلان اغتيال القائد العسكري لحماس قبل سفره إلى أمريكا. لكن بعد عودته من أمريكا، نفّذ عمليات إرهابية في طهران وبيروت، وأكد أيضاً على عملياته ضد قائد حماس العسكري في غزة.

عملية متزامنة لأمريكا

من المسائل المهمة الأخرى، أن نتنياهو لم يكن وحده في عملياته الإرهابية ضد إسماعيل هنية في طهران وفواد شكر في بيروت، بل كانت الولايات المتحدة أيضًا تشن عمليات اغتيال ضد قادة المقاومة في العراق.

وفي هذا السياق، أفادت وكالة رويترز أنه في اليومين الماضيين، تزامنًا مع العمليات الإرهابية في بيروت وطهران ضد قادة المقاومة من حزب الله وحماس، استشهد قائد كبير من كتائب حزب الله يُدعى “أحمد نجم عبد الزهرة” المعروف بـ “أبو حسن المالكي”، في أعقاب غارة جوية شنتها القوات الأمريكية على قاعدة الحشد الشعبي في محافظة بابل بالعراق.

کما استشهد ثلاثة أعضاء آخرون من كتائب حزب الله العراق، وهم “حسين كريم كاظم الدراجی، حيدر حسن حسين السعدي، علي صادق عمران الموسوي”، خلال هذه الضربة الجوية.

ومن المهم أن نلاحظ أن هذه العمليات الجوية الأمريكية ضد قادة المقاومة في العراق، تزامنت مع الهجمات الإرهابية الإسرائيلية في بيروت وطهران. فهذا التزامن ليس مجرد صدفة، بل يشير بوضوح إلى وجود تنسيق سري بين تل أبيب وواشنطن.

اغتيال لإنقاذ نتنياهو

حاليًا، يقوم بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بمقامرة كبيرة من خلال تنفيذ عمليتين إرهابيتين في طهران وبيروت. حيث تجاوز بذلك خطوطًا حمراء حساسةً، وبدأ مخاطر جديدة.

يعتقد نتنياهو أنه قد يتمكن من توسيع الحرب من جبهة غزة إلى جبهات جديدة خارج فلسطين. إن توسيع نطاق الحرب من غزة إلى ما وراء حدود فلسطين، بما في ذلك لبنان وحتى العمليات في إيران، قد يخفف من الضغط الذي يواجهه الرأي العام العالمي بسبب الأحداث في غزة، وربما يرى نتنياهو أن أنظار المراقبين ستتحول من غزة نحو غرب آسيا ولبنان.

وهناك أيضًا أسباب أخرى وراء سعي نتنياهو لتوسيع نطاق الحرب إلى خارج غزة.

تخفيف الضغوط العالمية بشأن غزة: إن توسيع جبهة الصراع إلى خارج غزة، سيؤدي إلى تقليل الضغط الذي يمارسه الرأي العام العالمي على نتنياهو لوقف الحرب في غزة. وهذه هي فكرة المقامرة لدى نتنياهو هذه الأيام، بتنفيذ عمليات إرهابية في طهران وبيروت.

في الوقت الحالي، يطالب الكثيرون بتخفيف التوتر المرتبط بالرد المحتمل من إيران على الکيان الإسرائيلي، ويبدو أن المطالب العالمية تركزت على التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، مع دعوة طهران وحزب الله اللبناني إلى ضبط النفس في ردودهم على “إسرائيل”.

السعي لاستمرار الحرب: يُعتبر استمرار الحرب في غزة بالنسبة لنتنياهو كدماء تجري في جسم إنسان حي. فوقف الحرب يعني موت نتنياهو، لأن إنهاء النزاع في غزة، سيؤدي إلى استقالة وزراء اليمين المتطرف في حكومته، مما سيؤدي بدوره إلى انهيار حكومته.

يسعى نتنياهو من خلال مواصلة الحرب في غزة، إلى منع استقالة الوزراء المتطرفين والحريديم في حكومته، حتى تظل الحكومة السياسية قائمةً. إن انهيار حكومة نتنياهو ونهاية فترة رئاسته، تعني بداية محاكمته، وربما تنفيذ حكم السجن ضده.

وبالتالي، فهو غير مستعد لوقف الحرب تحت أي ظرف، خوفًا من انهيار حكومة اليمين المتطرف الحريدي. والمرحلة التالية بعد انهيار حكومته، قد تكون تنفيذ حكم السجن ضده بتهم فساد ورشوة خلال فترة رئاسته. وبلا شك، نتنياهو يواجه خيارين: الذهاب إلى السجن أو مواصلة الحرب، وقد اختار الخيار الثاني.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق